صحف فرنسية ترصد ثلاثة تحديات تواجه رئيس الجزائر الجديد  

12

طباعة

مشاركة

تناولت العديد من الصحف الفرنسية، الأوضاع في الجزائر عقب انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا للجمهورية، وتعيين سعيد شنقريحة قائد أركان للجيش، إضافة إلى تسمية عبدالعزيز جراد رئيسا للوزراء، في ظل استمرار الحراك الذي انطلق في 22 فبراير/ شباط الماضي.

وتحت عنوان "الجزائر: رجال النظام يحتفظون بسيطرتهم"، سلطت صحفية "لاكروا" الفرنسية، الضوء على تعيين سعيد شنقريحة قائدا لأركان الجيش، وعبدالعزيز جراد رئيسا للحكومة في 23 و28 ديسمبر/ كانون أول على التوالي، وهما شخصيتان تجسدان "النظام" الذي ترفضه حركة الاحتجاج.

"يناهض بوتفليقة"

وقالت الصحيفة: إن "جراد، البالغ من العمر 65 عاما، عُيّن رئيسا للوزراء في 28 ديسمبر/كانون الأول 2019 من الرئيس عبدالمجيد تبون، حيث من الواضح أنه يتمتع بالقدرة على قيادة الجزائر في الأوقات العصيبة".

ورأت أن تعيين جراد يقصد به مد اليد إلى الحركة الاحتجاجية التي تهز الجزائر منذ فبراير/ شباط الماضي، لأنه يُعتبر "مناهضا لبوتفليقة" منذ عام 2004، ولم يدعم بعد ذلك ولاياته الرئاسية، ولأنه اتخذ موقفا في الأشهر الأخيرة لصالح حوار و"جمهورية جديدة" وعد بها الرئيس.

وأكدت "لاكروا" أن عبدالعزيز جراد، أستاذ العلاقات الدولية والخبير السياسي بجامعتي الجزائر و"باريس-نانتير"، يعتبر تكنوقراط، رغم أنه كان عضوا في المكتب السياسي واللجنة المركزية لـ"جبهة التحرير الوطني".

ووفقا للصحيفة، فقد أدار جراد المدرسة الوطنية للإدارة قبل أن يصبح في عام 1992 وحتى 2003 مستشارا دبلوماسيا وأمينا عاما لرئاسة الجمهورية والمدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، ثم أمينا عاما لوزارة الخارجية.

السلطة بيد الجيش

لكن الصحيفة رأت أن "هذا المسار يجعل جراد، أيضا رجل نظام احتل مناصب رئيسية خلال العقد المظلم، في الوقت الذي كان فيه من الأهمية بمكان أن تدافع الجزائر عن صورتها وجيشها على الساحة الدولية أثناء وقوع الأعمال الوحشية على أراضيها".

من ناحية أخرى، أكدت "لاكروا" أنه في بلد توجد فيه السلطة بحكم الأمر الواقع في يد الجيش، فإنه على ما يبدو أن رئيس الأركان الجديد، الذي تم تعيينه بعيد وفاة أحمد قايد صالح في 23 ديسمبر/ كانون الأول، أكثر "حارس مثالي" للنظام الذي سيحرص على إلقاء الضوء على هذا الماضي المظلم.

 ولفتت إلى أن "اللواء سعيد شنقريحة، 74 عاما، هو بالفعل أحد كبار الضباط الذين من المحتمل أن تكون أيديهم ملطخة بالدماء"، وفقا لما ذكره حبيب سويدية ضابط سابق يعيش في فرنسا.

وأوضحت الصحيفة أن الثلاثي الجديد سعيد شنقريحة، وعبدالعزيز جراد، والرئيس عبدالمجيد تبون – الذي انتخب في اقتراع متنازع عليه – بمثابة درع واق ضد التغيير العميق الذي طالب به الحراك.

ونوهت إلى إطلاق نداء في 28 ديسمبر/كانون الأول 2019، دعي بموجبه نحو 50 أكاديميا ونقابيا وناشطا إلى مؤتمر موحد من أجل خريطة طريق وطالبوا بالإفراج "غير المشروط" عن محتجزي الرأي، لكن الجمعة (27 ديسمبر/كانون الأول 2019)، كان لا يزال هناك عشرات الآلاف في الشوارع يأملون في صفقة جديدة للجزائر.

ضغط الحراك

أما صحيفة "لوموند" فرأت أن "موت أحمد قايد صالح، لم ينه الحراك الذي واصل للجمعة الخامسة والأربعين على التوالي، مظاهراته في وسط العاصمة للمطالبة برحيل النظام".

وأوضحت أنه "كان هناك شيء مميز للمظاهرة في الجمعة 27 ديسمبر/كانون الأول 2019، وهي أنها كانت الأولى منذ وفاة قايد صالح الرجل القوي في البلاد منذ سقوط عبدالعزيز بوتفليقة في 2 أبريل/ نيسان 2019".

وأشارت الصحيفة إلى أن المتظاهرين يبدو أنهم مصممون على تحقيق مطالبهم، ونقلت عن جمال، 32 عاما، قوله: "من المسلم به أن العدد قليل اليوم (الجمعة) لأن الكثير من الناس ربطوا الثورة بالشخصية العامة، لكنه ليس رجلا يجب محاربته، إنه نظام"، مشيرا إلى أنه "بموت قايد صالح الحراك لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد".

أما الطالب أنيس، (20 عاما)، فقد رأى في حديث للصحيفة أن "الأمر سيستغرق وقتا طويلا للتخلص من ديكتاتورية سبعة وخمسون عاما، فهناك الكثير ممن يؤكدون أنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى يحصلوا على دولة القانون".

ثلاثة تحديات

من جهتها، وتحت عنوان "ثلاثة تحديات في انتظار عبدالمجيد تبون"، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: إنه "سيتعين على رئيس الدولة الجديد، الذي عين عبدالعزيز جراد رئيسا للوزراء، الحوار مع المعارضة".

وأوضحت أنه بعد الموت المفاجئ لقائد الأركان، فإن الهدوء والطمأنينة يخيمان على قصر المرادية عندما يتعلق الأمر بالمشاريع المعقدة والتحديات التي تنتظر الرئيس الجديد، مشيرة إلى أنه على عبدالمجيد تبون معالجة القضايا العاجلة في الأيام القليلة المقبلة.

ورأت الصحيفة أن التحدي الأول للرئيس الجديد هو تشكيل حكومة جديدة وعد في السابق بأن تكون شابة، وقد اتخذ الخطوة الأولى بتعيين عبدالعزيز جراد رئيسا لها وهو رجل من خريجي المدرسة العليا للإدارة وتولى مناصب عليا منذ تسعينيات القرن الماضي.

 وبينت "لوفيجارو" أنه بعد أن تعهد رئيس الدولة بتلبية "المطالب الأساسية" للحراك الشعبي، ستعطى الأولوية الآن للمراجعة الدستورية بتخفيض صلاحيات الرئيس وتعديل قانون الانتخابات وفصل المال العام عن السياسة.

وأوضحت إنه في بلد يعاني من شتى أنواع الفساد على جميع المستويات، من الطبيعي أن يواصل عملية مكافحة الفساد، فكما يؤكد واحد في فريق الرئيس "ما زال هناك الكثير يجب عمله".

واعتبرت الصحيفة أن التحدي الثاني هو الحوار مع المعارضة والحراك فالرئيس الجديد يواجه اتهامات المعارضين للانتخابات بأن انتخابه ووصوله لقصر المرادية غير شرعي، أما بعض الأحزاب المعارضة فلمّحت في الأيام الأخيرة إلى تقبلها للحوار مع السلطة.

وبحسب "لوفيجارو" فقد أثيرت مسألة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل إعادة تشكيل المشهد السياسي بعد سقوط أحزاب السلطة التي تتمتع بالأغلبية في البرلمان (جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي) وصعود المجتمع المدني إلى الساحة السياسية.

لكن الصحيفة تشير إلى أن "التحدي الأصعب الذي ينتظر المستأجر الجديد في قصر المرادية، مرتبط بالاقتصاد وكيفية الخروج من الأزمة المالية، فبعد الصدمة التي شهدها مجال الأعمال والاستثمارات عقب حبس رجال أعمال وأصحاب المال في الأشهر السابقة بسبب قضايا الفساد، أضعف الاقتصاد المتعثر بالفعل، والمعتمد بشكل مفرط على النفط".

ونقلت "لوفيجارو" عن أحد المقربين من الرئيس، أن تبون يواجه أسوأ المعادلات، وهي: "الحفاظ على إعادة التوزيع الاجتماعي مع إيجاد تمويل جديد"، مؤكدا أن "الحل مستحيل تقريبا، حتى يتم إجراء إصلاحات هيكلية عميقة".