في ظل أزماته.. ما الذي يدفع نتنياهو للاتصال بمواطن سعودي؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في فيديو حديث، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يجري اتصالا مع المواطن السعودي محمد بن سعود، من مقر حملته الانتخابية، وتمنى لو كان سعود ممن يحق له التصويت، لكان سيصبح ليكوديا رائعا، أي من أعضاء حزب الليكود الإسرائيلي.

وأضاف نتنياهو خلال الاتصال أن كثيرا من المجتمعات العربية صوتت له، "لأنهم يعلمون أن إسرائيل تسعى للسلام، ولشرق أوسط أفضل للجميع باستثناء إيران، طبعا".

توظيف انتخابي

ورأى متابعون أن ذلك الاتصال الذي أجراه رئيس وزراء بمواطن سعودي، يأتي في سياق الحملة الدعائية التي يسوّقها نتنياهو في إسرائيل لنفسه، وهو حدث أراد أن يوظفه نتنياهو لصالحه سواء في الحزب أو الانتخابات البرلمانية.

وأعلن نتنياهو في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي فوزه في الانتخابات التمهيدية لزعامة حزب الليكود اليميني ليقوده في الانتخابات العامة المقبلة في مارس/ آذار المقبل.

وتأتي محاولات نتنياهو لإظهار تحقيقه نجاحات على مستوى التطبيع مع الدول العربية، في وقت يواجه صعوبات كثيرة، فهو مقبل على محاكمة بتهم الرشوة والفساد، كما يقف على أعتاب ثالث انتخابات عامة في عام واحد بعد نتائج غير حاسمة في المرتين السابقتين.

وللمرة الأولى، تجرى انتخابات عامة ثالثة في إسرائيل في أقل من عام، وذلك بعد الفشل في تشكيل حكومة إثر الانتخابات الأولى التي أُجريت في أبريل/نيسان 2019، والثانية التي أُجريت في سبتمبر/أيلول من نفس العام، لتذهب إسرائيل إلى انتخابات ثالثة سعيا لتشكيل الحكومة الـ35.

ويروج نتنياهو إلى نجاحه بإزالة مصدر التهديد العربي، ويلعب على وتر القبول الشعبي لدى العرب الذين يرفضون التطبيع مع الاحتلال ويتهمون من يتعاون معه بـ"الخيانة".

يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي أليف صباغ: إن "نتنياهو يروج للمجتمع الإسرائيلي على أنه الرجل الأقوى في إسرائيل، وأنه الوحيد الذي استطاع تركيع الأنظمة العربية لصالحها".

وأضاف صباغ في تصريح لعربي 21 أن "هذه الدعاية التي يقدمها نتنياهو تفيده جدا لدى الناخب الإسرائيلي"، ويؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي على ذلك بالقول: إن ملف "التطبيع" من الملفات المهمة التي يستخدمها  نتنياهو في دعايته الانتخابية لكسب مزيد من الناخبين.

وقال مجلي في تصريحات سابقة: "إن نتنياهو يستغل وجود تقدم حقيقي غير مكلف في العلاقات مع العالم العربي، مقابل انقسام وتشرذم فلسطيني غير مسبوق، بالإضافة إلى توسع استيطاني، وذلك بهدف إرضاء الجمهور الاسرائيلي".

وبحيب القيادي في حركة "حماس"، فتحي القرعاوي، فإن "ورقة التطبيع والعلاقات مع الدول العربية والإسلامية باتت الأقوى التي في يد نتنياهو، حيث أصبح يتحدث بلغة الأرقام والإنجازات بكونه حقق سابقة تاريخية في علاقاته مع الدول التي فتحت ذراعيها له خلال الشهور الماضية، وتجاوزت القضية الفلسطينية وضربتها في مقتل".

واعتبر القرعاوي في تصريحات سابقة أن الدول العربية والإسلامية قد تكون المُنقذ لنتنياهو وحزبه الحاكم الذي يترنح في معركة الانتخابات الداخلية المقبلة، وأنه بدأ يتغنى بها خلال كل جولاته وصولاته الانتخابية، الأمر الذي قد يرجح كفته ويُقنع الإسرائيليين بأنه "في عهد نتنياهو ستكون إسرائيل في قلب الدول العربية والمتحكمة بها". 

يواجه نتنياهو تهما بالفساد والرشوة

وكان نتنياهو قد أعاد نشر تغريدة لعبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، قائلا: "أرحب بالتقارب الذي يحدث بين إسرائيل والكثير من الدول العربية".

وأضاف قائلا: لقد آن الأوان لتحقيق التطبيع والسلام"، وذلك عقب تغريدة نشرها ابن زايد لمقال لصحيفة ذا سبيكتور البريطانية تتحدث عن تشكل تحالف عربي إسرائيلي في الشرق الأوسط.

وقد عمل نتنياهو في الفترات الأخيرة على محاولة خلق تصور في الشارع الإسرائيلي بأنه تمكن من القيام باختراق في جدار العلاقات العربية الإسرائيلية، وأصبحت إسرائيل أفضل من أي وقت مضى، وقد كثف هذه الحملة، سواء من خلال حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر فتح قنوات تواصل مع مواطنين عرب.

واستخدم نتنياهو لتحقيق ذلك، المنصات الإلكترونية الناطقة بالعربية التي كلف بإنشائها، كصفحة إسرائيل بالعربية، التي كانت قد نشرت مؤخرا، مقطعا لإسرائيليين وهم يعزفون ويؤدون النشيد الوطني السعودي، في إحدى الأماكن العامة في إسرائيل.

إخفاقات إستراتيجية

وإلى جانب الاتهامات بالفساد يواجه نتنياهو اتهامات بتعريض دولة الاحتلال لإخفاقات إستراتيجية، عرض فيها أمن إسرائيل للخطر.

ولعل الاتهامات الجنائية مع السمعة السيئة التي لحقت به دفعته للقيام بحملة دعائية عن إنجازاته في سبيل إزالة التهديد عن إسرائيل وكسر عزلتها، في محاولة منه لترميم صورته في الشارع اليهودي والداخل الإسرائيلي.

وكان الكاتب الإسرائيلي عكيفا ألدار، الرئيس السابق لمكتب صحيفة هآرتس بواشنطن، قد كتب مقالا على موقع المونيتور قال فيه: إن "بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية ارتكب جملة أخطاء إستراتيجية، قد تكون أكثر خطورة من قضايا الفساد المتهم بها".

وأوضح أن من بين الإخفاقات القضاء على الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعت عليه القوى العظمى، بتوظيف الجاليات اليهودية والروابط الأنجليكانية بضغطها على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعلان انسحابه من الاتفاق، وزيادة حدة العقوبات على طهران.

ويرى ألدار أن هذا التوجه الذي قاده نتنياهو معاكس لمواقف المنظومة الأمنية التي اعتبرت الاتفاق تسوية مريحة نسبيا لإسرائيل، لأن البدائل التي حذروا منها عن الاتفاق بدأت بالتحقق أمام نواظر الإسرائيليين.

وأردف أن "من بين الإخفاقات إيصال العلاقات مع عمان لمستوى غير مسبوق من التدهور، وفق اعتراف ملك الأردن، الذي اضطر لعدم تمديد استئجار إسرائيل للأراضي الزراعية، والإعلانات المستفزة من نتنياهو بضم غور الأردن، وعدم الحرص على تهدئة القلق الأردني مما يحصل للأماكن المقدسة الإسلامية في القدس".

كما رأى أن نتنياهو شوه "صورة الديمقراطية الإسرائيلية في المجتمع الدولي، ودفع بعلاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي نحو الهاوية، كما أضر بعلاقتها مع الحزب الديمقراطي الأمريكي، والمحور الأساسي في الجالية اليهودية الأمريكية".

واعتبر ألدار أن "تماهي نتنياهو المطلق مع الحزب الجمهوري جعل من دعم إسرائيل مسألة خلافية داخل الساحة السياسية الأمريكية، بعد أن كان موضوعا توافقيا إستراتيجيا خارج أي خلافات أمريكية داخلية". 

وأكد أن "جميع بنود لائحة الاتهام السياسية والأمنية التي ارتكبها نتنياهو لا تقل خطورة عن لائحة الاتهامات الجنائية، ما يجعل كل يوم يمر على إسرائيل وهو رئيس حكومتها يوما أسود للدولة".