السيارة التركية.. لماذا تقف المعارضة بوجه المشاريع الوطنية العملاقة؟

12

طباعة

مشاركة

شهدت تركيا، الإعلان رسميا عن ميلاد سيارتها الوطنية الأولى في حفل كبير أقامته مجموعة مشروع السيارة التركية "TOGG"، الجمعة 27 ديسمبر/كانون الثاني 2019، حضره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعدد كبير من الشخصيات السياسية والاقتصادية في البلاد.

الرئيس أردوغان، تحدث خلال الفعالية مؤكدا أن السيارة والإعلان عنها تعد حدثا تاريخيا وحلما تحقق بعد 60 عاما. وأشار إلى أن أكثر من 100 مهندس تركي واصلوا ليلهم مع نهارهم لإنجاز مشروع السيارة المحلية، مبينا أن السيارة ستكون صديقة للبيئة وليس لها أي انبعاثات مضرة.

وذكر أنه عند الانتقال إلى مرحلة خط الإنتاج التسلسلي للسيارة عام 2022، ستنتج تركيا سيارة كهربائية محضة رياضية متعددة الأغراض (SUV) غير كلاسيكية هي الأولى في أوروبا؛ فيما البنية التحتية لشحن السيارة المحلية في تركيا ستكون جاهزة بالكامل بحلول عام 2022. وأكد إمكانية افتتاح باب البيع الأول للسيارة قبل طرحها في الأسواق بحلول عام 2022، قائلا: "وأنا رجب طيب أردوغان أقدم أول طلب مسبق لشرائها".

خطة الانتاج

السلطات التركية تخطط لإنتاج ما يصل إلى 175 ألف سيارة سنويا بموجب مشروعها لتصنيع سيارات كهربائية محليا، وأن يستقطب استثمارات بقيمة 22 مليار ليرة (3.7 مليارات دولار) على مدى 13 عاما، وسيتلقى المشروع الجديد، الذي دُشن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعما حكوميا مثل الإعفاءات الضريبية، وإنشاء منشأة للإنتاج في مركز للسيارات في بورصة، شمال غرب تركيا، وفقا لقرار رئاسي نُشر في الجريدة الرسمية للبلاد.

ومشروع إنتاج سيارة مُصنعة محليا بالكامل، هدف منذ أمد طويل لأردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، كما أن تركيا مُصدِّر كبير بالفعل للسيارات لأوروبا، والتي تصنعها محليا شركات مثل "فورد" و"فيات كرايسلر" و"رينو" و"تويوتا" و"هيونداي".

وكشف أردوغان، للمرة الأولى، عن خطط في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، لتدشين سيارة مُصنعة بالكامل في تركيا بحلول 2021. وفي 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، تم توقيع بروتوكول تعاون لتشكيل مجموعة مشتركة لمبادرة إنتاج السيارة المحلية، بمشاركة شركات مجموعة "الأناضول"، و"بي إم سي"، و"كوك" القابضة، ومجموعة "توركسيل"، و"زورلو" القابضة، واتحاد الغرف والبورصات التركية.

ويتكون المشروع من ثلاث مراحل، وتمتلك تركيا كافة حقوق الملكية الفكرية به، ومن المتوقع أن يساهم في اقتصاد البلاد بـ50 مليار يورو خلال 15عاما، وتقليص عجز الحساب الجاري بمقدار 7 مليارات يورو، إضافة إلى توفير 4 آلاف فرصة عمل بصورة مباشرة، و20 ألفا أخرى بطريقة غير مباشرة.

قصة السيارة

تعود قصة صناعة السيارات التركية إلى العام 1961، حين رأت السيارة التركية الأولى "ديفريم" النور وأنتج منها 4 نسخ فقط، وفي عام 1966 أنتج وهبي كوتش أول نموذج ناجح للسيارة التركية المحلية الصنع في مصانع شركة "أوتوسان" العملاقة، واعتبرت السيارة التي حملت اسم "الأناضول" القفزة الأهم في مساعي تركيا لامتلاك سيارتها الوطنية في تلك الآونة. هذه السيارة استمرت في الإنتاج حتى عام 1984 حيث توقف إنتاجها تماما.

وبعد مجيء الرئيس أردوغان للسلطة كان من ضمن طموحاته إنتاج سيارة محلية الصنع، وكانت ذلك في عام 2011، لكن المشروع وئد قبل أن يولد إذ تعرض لانتقادات كثيرة؛ في وقت تزخر فيه تركيا بالكثير من مصانع تجميع السيارات في البلاد وعلى رأسها، رينو الفرنسية التي تصنع في ولاية بورصة وتعد من أكثر السيارات المحلية انتشارا بتركيا، إضافة لسيارات هوندا وهونداي وفورد "تورينو كونيكت" وفيات ومرسيدس؛ ووفي مطلع العام 2019، افتتحت عملاقة السيارات الألمانية فولكس فاغن مصنعا لإنتاج سياراتها في مدينة مانيسا التركية أيضا.

موقف المعارضة

من جانبه، قال الكاتب أوكان مدرس أوغلو في مقاله له بصحيفة "يني شفق": إن المشاريع العملاقة، دوما يبتهج بها البلاد قيادة وشعبا، لكن الظروف في تركيا استثنائية، إذ أن المعارضة هي التي تقف في وجه كل مشروع عملاق  ينفع تركيا اقتصاديا وخدماتيا.

وتطرق الكاتب إلى ما وصفه بـ"هزات" أصابت حزب الشعب الجمهوري المعارض بدءا من واقعة الشخصية القيادية التي زارت المجمع الرئاسي في أنقرة وقابلت الرئيس رجب طيب أردوغان، في محاولات لزرع بذور الشقاق في الحزب، لتتضح أن تلك الواقعة من البداية ليس لها أي أساس من الصحة، وصولا إلى الفضيحة والاتهامات المتبادلة بين أحد نواب الحزب ورئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور ياواش حيث اتهم الأول الثاني بأنه، طالبه برشوة قدرها 25 مليون ليرة تركية نظير تقديم خدمات تقدمها البلدية له.

مدرس أوغلو، ربط بين ذلك وبين حملة الحزب الرافضة لمشروع قناة إسطنبول وهو المشروع الأضخم الذي يزمع أردوغان البدء به العام المقبل بتكلفة تزيد عن 150 مليار ليرة تركية؛ بقوله: "حين شدد حزب الشعب الجمهوري على أنه لن يسمح لقناة إسطنبول أن ترى النور، يخطر على البال تماما مشروع قبل نحو 58 عاما حين حاولت تركيا بالفعل تصنيع محركها الخاص محلي الصنع".

وتابع: لقد وقف حزب الشعب الجمهوري أمام كل المشاريع الكبيرة التي عمدت القيادة التركية على تدشينها في البلاد، بدءا من الجسور، حيث عملت المعارضة على إشاعة أن هذه الجسور مخصخصة هدفها الربح، ولن تعود بالنفع على المواطنين، وصولا إلى الأنفاق وحتى المطارات، وحاليا قناة إسطنبول.

يتصدر رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو رفض هذا المشروع وهو يتحرك على أنه زعيم المعارضة وليس رئيس بلدية هي الأكبر في البلاد، ويخرج بتصريحات يوميا ضد القناة كما لو كان في عجلة من أمره للقضاء على المشروع بشكل عجيب.

لكن – وبحسب الكاتب مدرس أوغلو – ليقم إمام أوغلو "بكل ما يشاء ويقدر، فالرئيس أردوغان وبقيادته الوطنية لديه القدرة على إفساد كل لعبة ومخطط، والوصول إلى تركيا 2023 يجري على قدم وساق، وصناعة سيارة محلية من ضمن البشائر".

قتل المحاولات 

من جانبه، أعرب الكاتب أوكان كليتشار أسلان في مقاله له بصحيفة "صباح"، عن فخره بما تنتجه بلاده من منتوجات سواء كانت طائرة أو منتجات عسكرية أو سيارة أو محرك، بل تركيا مجبرة على أن يكون لديها الأفضل من ذلك كله ومن صناعة يديها.

وأضاف الكاتب، قائلا: طالما نظرت بعين الريبة إلى الإحباط على إفشال المحاولات الأولى لصناعة السيارة "ديفيرم" في عهد الراحل نجم الدين أربكان وذلك على يد مهندسين أتراك.

وتابع: تلك المحاولات كانت يصاحبها الكثير من السخرية والتهكم حول إمكانية أن تصنع تركيا أي إنجاز مشابه وكانت المعارضة تسأل "هل يمكننا القيام بذلك؟  لا يمكن النجاح أبدا" لقد عمد هؤلاء من زعماء الإعلام والمعارضة وهلم جرا، على تقويض قدرة تركيا من إنتاج السيارات منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، وها هم يكررون ذات الموقف، حيث يعمدون إلى قتل محاولات تركيا إنتاج الموتور محلي الصنع وذلك في نهاية ديسمبر/كانون الأول من العام المقبل 2020.

وشدد الكاتب على أن "الموتور" محلي الصنع، بدأ بالفعل مراحل إنتاجه، وبشكل قوي، وباتت عمليات إيقافه أو تأجيله من الماضي، حيث كان القيادات السابقة في تركيا، تريد أن تبقى العربات العسكرية دوما مستوردة من الخارج، سواء كان المحرك أو الهيكل. "لقد كانوا دوما يريدون شراء السيارات من فرنسا أو إيطاليا؛ لقد كانوا عبيدا وهم في منازلهم".

واختتم كليتشار أسلان في مقاله يقول: لقد تأخرت هذه المرحلة كثيرا، لكن مسيرة أربكان عادت من جديد، وانطلقت مرة أخرى يدعمها جيل تركي تربى على رفض محاولات الخضوع والإخضاع للغرب وللخارج، "فاجلسوا وعبّروا عن دهشتكم بكل راحة، وأخرجوا ما تريدون من أفواهكم، لكن سيارتنا لن يصيبها أي أذى منكم بعد الآن".