بعد انتخاب تبون رئيسا.. هذه السيناريوهات تنتظر الجزائر

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "ذي جلوب بوست" الأمريكي، مقالا للدبلوماسي الأمريكي السابق ميزستاو بودسزنيسكي، والأكاديمية بجامعة سيواني جيسيكا ميسيلام، تساءلا فيه عما إذا كان رئيس الجزائر عبدالمجيد تبون سيستأنف العمل بالسياسات القديمة، أم سيقوم بإحداث تغيير حقيقي؟

وبحسب مقال الكاتبين، فإن الجزائريين الذين يطالبون بتغيير حقيقي في نظامهم السياسي الذي يسيطر عليه الجيش والاستبداد والفساد، خرجوا إلى الشوارع كل يوم جمعة لأكثر من 9 أشهر، ويواصلون التظاهر اليوم رغم انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وتابع: "في أبريل/نيسان الماضي، حققت حركة المعارضة انتصارا كبيرا عندما تمكنت من إبعاد الزعيم الجزائري القديم عبد العزيز بوتفليقة البالغ من العمر 82 عاما من السلطة".

انعدام الثقة

وأضاف المقال، أنه "بعد رحيل بوتفليقة، تولت حكومة مؤقتة بقيادة القائد العسكري الراحل قايد صالح السيطرة، لكن المحتجين استمروا في الضغط". وأردف: "تسعى حركة المعارضة الواسعة والمعروفة باسم حراك إلى إسقاط الأفراد المرتبطين بالنظام العسكري الاستبدادي القائم منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962".

وأشار إلى أن "المتظاهرين ليس لديهم ثقة تذكر في المشاركين مباشرة في النظام السابق وأولئك الذين عملوا مع الأحزاب السياسية الموالية في عهد بوتفليقة".

أكد المقال، أن "هذا هو السبب في أن الانتخابات الرئاسية الجديدة التي أجريت يومي 12 و 13 ديسمبر/ كانون الثاني الجاري، قد فشلت في تهدئة المعارضة. بعد 5 أيام من ولايته، واجه الرئيس الجديد، عبدالمجيد تبون - الذي تم انتخابه ضمن قائمة من المرشحين المرتبطين بالنظام - احتجاجات متجددة".

وتابع الكاتبان: "تنبع ثقة المتظاهرين جزئيا من الإقبال المنخفض تاريخيا. وزعمت المعارضة أن أرقام المشاركة كانت مبالغ فيها. وبالتالي كان من الصعب على تبون أن يحصل على تفويض قوي عبر دعم 20 بالمئة فقط من إجمالي السكان في سباق اعتبره الكثيرون غير شرعي في المقام الأول".

وبحسب المقال، فإنه كما فعلوا بعد رحيل بوتفليقة في أبريل/نيسان، عاد الجزائريون إلى الشوارع لإظهار أنهم لن يستسلموا حتى يتم استبدال الطبقة السياسية الحاكمة. لقد أظهروا إبداعا ومثابرة وشعورا كبيرا من الفكاهة، حيث استعادت مسيراتهم واعتصاماتهم السلمية بالكامل الشارع، وأوجدوا مساحات وممارسات مدنية وديمقراطية جديدة".

واستطرد الكاتبان: "ينظر المتظاهرون إلى تبون على أنه جزء من تلك النخبة الحاكمة وليس خطوة نحو التغيير الديمقراطي. وشهدت الاحتجاجات دعما واسع النطاق من جميع الأطياف السياسية والإيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك مشاركة المنظمات النسائية وحقوق الإنسان والثقافية والطلاب".

استمرار الاحتجاجات

وأشار المقال إلى أن حركة الاحتجاج أوجدت أيضا مساحات جديدة للمواطنين لمناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بالماضي، مثل المساءلة عن العنف خلال التسعينيات (بما في ذلك المختفين)، وحقوق المرأة، والعلاقة بين الهوية العرقية والدينية والوطنية.

ونوه إلى أنه "ربما تكون النخب العسكرية وقوى الأعمال والسياسة في الجزائر - ما يسمى بلوفوار - قد حسبت أن سلسلة من التنازلات مقترنة بالتراجع الاحتجاجي من شأنها أن تقود الحراك إلى الانهيار. لكن بدلا من ذلك، استمرت الاحتجاجات، مع إقبال كبير باستمرار".

ووفق الكاتبين، تشير إحدى الدراسات التي أجريت مؤخرا إلى أن الدعم لإجراء إصلاح كامل للنظام السياسي موجود ضمن مجموعة واسعة من السكان، بمن فيهم الأفراد الأصغر سنا في الجيش.

وأكدا أنه "مع ذلك، أظهرت بيانات دراسة الباروميتر العربي أنه عشية حركة الاحتجاج تظل أجزاء كبيرة من السكان قلقة بشأن أوجه القصور المحتملة للنظام الديمقراطي". وحول اتجاه الحكومة الجديدة، قال الكاتبان: إن ثمة أدلة على أن الحكومة مستعدة لاتخاذ إجراءات صارمة.

وتابعا: "لقد سجنت نشطاء معارضين بارزين واستخدمت القوة ضد المتظاهرين ، ولا سيما في وهران ، المدينة الثانية بالجزائر. وقُبض على ما يصل إلى 400 متظاهر أثناء قيام الشرطة بضرب المتظاهرين بالهراوات وهاجمتهم بالغاز المسيل للدموع. على الرغم من إطلاق سراح البعض في اليوم التالي ، فقد تم رفع دعاوى قضائية ضد المتظاهرين في جميع أنحاء المدينة، حيث أصدر القضاة أحكاما بسنوات عدة في بعض الحالات".

ومضى الكاتبان بالقول: "هكذا يمكن أن نكون على حافة سيناريو شبيه بمصر، مع تزايد الاستعداد للقمع مما يشير إلى انقلاب عسكري محتمل لتوطيد السيطرة. يمكن للجيش، والنخب التي تدعمه، استخدام الوحدة الوطنية ومخاوف الإرهاب لإضفاء الشرعية على أعمالهم".

ما دور الإسلاميين؟

ولفت المقال إلى أنه "على عكس مصر، حيث لعب الإسلاميون دورا بارزا في سياسات ما بعد الربيع العربي، كان الحراك الجزائري يفتقد بشكل ملحوظ للشعارات الإسلامية"، مشيرا إلى وجود سيناريو آخر يمكن أن يعكس ما حدث في السودان في وقت سابق من هذا العام ، حيث تم التوصل إلى اتفاق بين الجيش والمعارضة.

وزاد الكاتبان بالقول: "منذ بدء الاحتجاجات الجزائرية، تم إلقاء القبض على بعض أعضاء النخبة الفاسدة في مجال الأعمال، وتم الحكم على العسكريين السابقين رفيعي المستوى (والسياسيين المعارضين). كما أصدرت الحكومة مذكرة اعتقال دولية بحق المسؤول العسكري السابق رفيع المستوى خالد نزار وابنه (رجل أعمال ثري) بتهمة التآمر لمهاجمة سلطة الجيش والدولة".

وبحسب المقال، فإنه "على الرغم من أن هذا يمكن أن يكون دليلا على إرادة الجيش في التسوية مع المحتجين من خلال تقديم تنازلات، يمكن أيضا فهم الاعتقالات على أنها تطهير نخبة المافيا التي تهدد نفوذ الجنرال قايد صالح المستمر قبل وفاته، الاثنين، بصفته كان صانع الملوك الفعلي والرئيس الاستبدادي".

وتابع: "مع وصول تبون إلى منصبه، يمكن للجيش الاستفادة من الفرصة للعودة إلى الثكنات. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيعني استئناف السياسة كالمعتاد - حيث يلعب الجنرالات العسكريون دورا رئيسيا ولكن وراء الكواليس في صنع القرار السياسي،  أو ما إذا كان تبون سيتحرك نحو سيطرة مدنية حقيقية، وإرساء الديمقراطية، ومكافحة الفساد كالمعتاد، وهو ما طالب به المتظاهرون".