مستلزمات المشروع العربي لمواجهة التحديات

12

طباعة

مشاركة

يواجه عالمنا العربي والإسلامي اليوم تحديات خطيرة تهدد كيانه ووجوده وقد بلغت ذروتها في هذه السنين الأخيرة، ومن أبرز هذه التحديات هما التحدي الإيراني والتحدي الصهيوني (إسرائيل)، حيث أن إيران تتبجح بسيطرتها على أربع عواصم عربية والصهاينة محتلين لفلسطين ويخططون للتوسع نحو دول الطوق وخاصة نحو الأردن ومصر تحت شعار (من النيل إلى الفرات دولة إسرائيل)، إضافة لسيطرتهم على القرار العربي سواء في مصر أو دول الخليج العربي بحيث لم يعد التطبيع مع الصهاينة خيانة!

أما إيران فلا يخفى على أحد الدور الذي يقوم به قاسم سليماني قائد ما يسمى فيلق القدس في الدول التي تهيمن عليها إيران مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث أصبح هو صاحب القرار الأول فيها ولا يمكن أن تتشكل حكومة في هذه الدول بدون إرادته ووجود بصمته فيها ولا تستطيع أي حكومة أن تتخذ أي قرار سياسي يتعارض مع المصالح الإيرانية وبهذا قد هيمنت إيران على المؤسسات السيادية لهذه الدول ومن أبرزها القرار السياسي والأمني والاقتصادي والإعلامي، كما لهم من الاتباع في هذه الحكومات ما يقدمون مصلحة إيران على مصالح بلدانهم!

وأمام هذه التحديات التي تواجهها المنطقة نجد أن هذه الأنظمة تريد أن تجر الشعوب معها لتوريطها في وحل الخيانة والتبعية فالدول التي يسيطر الصهاينة على قرارها يريدون جر الشعوب للتطبيع بحجة مواجهة إيران، أما الدول التي تسيطر عليها إيران تريد جر الشعوب بالموالاة لإيران بحجة مواجهة الصهاينة وبما يسمى مشروع الممانعة!

وإننا نعلم أن القوم في السر غير القوم في العلن فمنذ مجيء النظام الإيراني سنة ١٩٧٩ وهو لم يدخل أي معركة إلا مع العرب والمسلمين وإشعال الحرائق فيها، ومنذ نشوء الكيان الصهيوني سنة ١٩٤٨ وهو أيضا لم يدخل في أي مواجهة مباشرة مع إيران، بل على العكس هناك تخادم سري بينهما كشفته الوثائق التاريخية سواء في خمسينيات أو في ثمانينيات القرن الماضي مثل إيران كونترا أنموذجا.

وما سيطرت إيران و(إسرائيل) على المنطقة إلا بالتخطيط الدقيق لمشروعهم العدواني، إذا لا بد لهذا المشروع من مشروع يواجهه وليس بردات فعل عشوائية وفوضوية أو تبعية لأمريكا وبدون أي ضمانات.

ومن أهم مستلزمات هذا المشروع هي ما يلي:

  1.  علينا أن ندرك بأنه لا يمكن أن يكتب النجاح لأي مشروع عربي في ظل هذه الأنظمة العربية، فأول المشاريع هو الخلاص من الأنظمة الوظيفية سواء لإيران أو للصهاينة.
  2. أن يكون هذا المشروع تطوعي وفيه عبادة لله تعالى أي نتعبد الله بالانتماء إليه وليس انتماء وظيفيا (لأن الانتماء للمشروع بنية العبادة يكون أقل تكلفة وأقل رقابة وبدون مطالب دنيوية وهذه المهمة يتولاها العلماء والدعاة في الأمة).
  3. لا مكان للمتطرفين في هذا المشروع سواء كانوا قوميين، علمانيين، إسلاميين (بمعنى لا مكان لداعش وأخواتها في هذا المشروع وليس خوفا من تهم الآخرين كما يظن البعض، بل لأن التطرف سرطان يفسد أي مشروع تكاملي).
  4. لا يمكن أن يكون هذا المشروع قومي أو عرقي أو إثني بل هو مشروع عالمي منفتح على الجميع وهذا يكون على مستوى القيادة والقاعدة.
  5. أن تستثمر قيادة هذا المشروع كل الفرص بما فيها الدعم الدولي، خصوصا أن المصلحة في السياسة الغربية والدولية مقدمة على المبادئ وأن أغلب هذه الدول لها مصالح في المنطقة فإذا ما وجدت إصرارا من قيادة المشروع على رفض الهيمنة الإيرانية  والصهيونية على دولهم فسوف تضطر هذه الدول لتغيير مواقفها لصالحهم.
  6. أن تحذر القيادة من الدعم المشروط الذي يفسد الأهداف الرئيسية للمشروع، ولنا في تجربة سوريا واليمن مع المال الخليجي عبرة.

بهذه النقاط الست أعلاه مع وفرة الموارد البشرية والمالية في منطقتنا، أعتقد سوف نتخلص من الاحتلالين ونعيد السيادة لأوطاننا وتحفظ كرامة شعوبنا ونتمتع بالحرية، في ظل حكومات رشيدة تحترم المواطن وتحمل من القيم والمبادئ ما لم تسمح لنفسها أن تكون تابعة لأحد إلا لله تعالى ثم لشعوبها وليس ذلك على الله بعزيز.

وأعتقد أن بوادر هذا المشروع قد بدأت بعد دعوة رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد لكل من تركيا وإندونيسيا وباكستان وقطر لبداية تكوين تحالف إسلامي كبير يسعى لضم الجميع إليه، بعيدا عن الهيمنة الدولية التي عانينا منها كثيرا.

ولا يسعنا نحن كعرب إلا بالانضمام إلى هذا التحالف للحفاظ على أوطاننا من التحدي الإيراني والصهيوني، وإلا فولات حين مندم خصوصا أننا كأمة عربية نمتلك من الموارد المالية والبشرية الكثير، إضافة لما تمتلكه أمتنا من مصادر الطاقة الرئيسية مثل النفط والغاز... الذي يحتاجه هذا التحالف الجديد بدل أن تدفع للقوى الدولية المعادية لنا بحجة الحماية أو تصرف على ملذات الأنظمة القمعية وعلى أسرهم المترفة.

وبهذا يكون التكامل لهذا التحالف المنشود بدل التآمر عليه، نتمنى على أصحاب القرار وعلى أهل الحل والعقد في دولنا التفكير مليا بمصلحة شعوبهم والإسراع في الانضمام إلى هذا التحالف الذي سيكون له شأن كبير في المجتمع الدولي ويحسب له مائة حساب.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.