صحيفة تركية: الاحتجاجات ليست كافية لتغيير الأنظمة العربية

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية، الضوء على الدروس المستفادة من العملية الديمقراطية الأخيرة في الجزائر، مبينة أنه على الرغم من المعارضة الواسعة للانتخابات، فإن هناك فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة بين الرئيس والشعب.

وشدد إسماعيل ياشا الكاتب في صحيفة ديرليش بوستاسي على أن الفائز في الانتخابات الأخيرة بالجزائر؛ هي البلاد نفسها. 

وفاز في الانتخابات عبد المجيد تبون، وأدى اليمين الدستورية، ليبدأ مهامه لولاية مدتها 5 سنوات، بحسب ما أفادت رئاسة الجمهورية، فيما تتواصل المظاهرات الرافضة لحكمه. 

ويخلف تبون، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي دفعته الحركة الاحتجاجية إلى الاستقالة في 2 نيسان/أبريل بعد أن قضى 20 عاما في الحكم. وتولى عبد القادر بن صالح الرئاسة المؤقتة وفقا للدستور لكنه تجاوز المهلة القانونية المحددة بثلاثة أشهر.

نظام الوصاية

رأى الكاتب التركي أنه "لم تكن الانتخابات الرئاسية في الجزائر كافية لتهدئة النقاش والاحتجاجات في البلاد، والسبب هو أن عبد المجيد تبون، الذي فاز في الانتخابات، شغل منصب رئيس الوزراء خلال فترة بوتفليقة".

يقال إن الرئيس الجديد اسم قريب من رئيس الأركان العامة أحمد قايد صالح، الذي يقود البلاد وراء الكواليس. وصالح من أبرز قيادات الجيش الجزائري خلال فترة العشرية السوداء التي شهدت تمردا في التسعينيات حين قتل أكثر من مائتي ألف شخص في حرب أهلية.

عندما اتخذ قرار الانتخابات وأُعلن عن المرشحين في الجزائر، كان جميعهم بطريقة أو بأخرى رجال نظام الوصاية العسكرية الحالي ولم يمثل المرشحين أي من التيار الذي يمثل المتظاهرين في الشارع.

وكان أولئك الذين دعوا إلى عدم الذهاب لصناديق الاقتراع يقولون إن الانتخابات لم تغير أي شيء اليوم، وأنها ليست شفافة وأن الاحتجاجات يجب أن تستمر حتى يتخذ الشعب الجزائري خياره بحرية تامة.

قد تعزى مشاركة 40 في المائة في الانتخابات إلى عدم اهتمام الشعب الجزائري عموما، وهذا فيه نجاح الدعوات للمقاطعة وقد بلغت نسبة المشاركة 36 % في الانتخابات البرلمانية لعام 2017، و52 % في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.

ولفت الكاتب إلى أنه وفي أنظمة الوصاية التي لا يتم فيها تطبيق القواعد الديمقراطية بشكل صحيح، فإن السبب الرئيسي لعدم الاهتمام بالانتخابات هو أن النتيجة معروفة بالفعل ولكن هذا الأمر قد لا يتطابق كثيرا مع الانتخابات الأخيرة.

وبين أن عز الدين ميهوبي، الأمين العام لحزب الوحدة الوطنية الديمقراطية، كان يعتبر مرشحا لنظام بوتفليقة، بينما لم يتمكن أي شخص من ضمان انتخاب المرشح المستقل عبد المجيد تبون.

غير مرحب بها

واستدرك الكاتب في مقاله أنه ومع ذلك "قد لا تكون الانتخابات في الجزائر والنتائج القادمة من صناديق الاقتراح مرحبا بها كثيرا في هذه البلاد، ولكن لا ينبغي تجاهل نقطة مهمة وهي؛ أنه رأينا في عملية الربيع العربي أن حركات الشوارع السلمية ليست كافية لتغيير الأنظمة القائمة في وقت قصير".

ويتابع: "أما الثورة المسلحة فتؤدي إلى تدمير البلدان؛ وذلك لأن القوة العسكرية للأنظمة القائمة أكثر من الثوار، وقبل كل شيء، لديهم دعم خارجي خطير للغاية، وهو ما يتقاطع مع الرأي الذي يرى أن فوز تبون شكل انتصارا لوجهة النظر الساعية لحماية واستدامة مؤسسات الدولة، والتي كادت أن تعصف بها تبعات ترشيح الرئيس السابق العاجز بوتفليقة واستقالته فيما بعد".

وشدد الكاتب على أن المجتمع الدولي يؤيد الأنظمة الديكتاتورية، وليس الشعوب التي تسعى إلى الديمقراطية والحرية وترى أن النظام الديكتاتوري الحالي، بصرف النظر عن الإطاحة به، يمكن أن يصبح أسوأ بكثير كما هو الحال في مصر. 

ولفت إلى أنه ورغم مئات الآلاف الذين ملؤوا الشوارع في الجزائر، لم تقع حوادث عنف، ولم نشهد حوادث مشابهة كالتي حدثت في العراق.

وبات المرشح تبون رئيسا للجزائر بعد أن حصد 58 % من أصوات الناخبين ومن الجولة الأولى للانتخابات، وإذا ما أردنا أن نلخص القول هنا فالجزائر هي التي فازت. 

فكما هو معروف، التغيير والإصلاح عملية طويلة ومؤلمة تتطلب الصبر، ويبدو أن الفرصة الأكثر عقلانية في هذه المرحلة هي إعطاء الرئيس المنتخب فرصة للحوار وممارسة مهامه، ومن ناحية أخرى، يمكن للمظاهرات السلمية أن تدفع الرئيس الجديد للشعور بأنه مراقب وتحت أعين الناس.

 ووعد الرئيس المنتخب بأن أول الإجراءات التي سيتخذها هي "تعديل الدستور" وتقديم النص الجديد إلى الاستفتاء الشعبي.

وقد رأى مراقبون أن "أمام الجزائر مَهمَّات كبيرة وحاسمة لتفعيل ما تراكم من منجزات، فلعل ما حدث خلال الأشهر الأخيرة لم يحصل منذ الاستقلال، ولعلنا بعد اليوم لن نرى مسؤولا مفرِّطا بالمال العام ولن نسجل تسيُّبا في الثروات والمشاريع بعد الآن، فلقد أصبح من غير المسموح به تكرار الفساد". 

وختم الكاتب مقاله "كلنا يعرف أن الجزائر، المعروفة بالمليون شهيد عانت من الألم الشديد في التسعينيات بعد الانقلاب الذي أعقب فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية بالانتخابات وبالتالي إذا ما استغل تبون الفرصة الممنوحة له، من الممكن مداواة جروح الناس بل والعمل على فتح صفحة جديدة معهم".