سلاح وتكنولوجيا وخبراء.. كيف تدير إيران ميلشياتها في اليمن؟

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

دعم إيران للحوثيين في اليمن لا يقتصر على إرسال السلاح ونقل التكنولوجيا فقط، بل يتجاوزه لإرسال خبراء من الحرس الثوري وحزب الله، للتدريب والإشراف المباشر على العمليات، حسبما تؤكد تقارير غربية.

صحيفة إنتلجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية، كشفت مؤخرا أن الجنرال الإيراني رضا شاهلاي يترأس في اليمن وحدة تابعة للحرس الثوري مكونة من نحو 500 مقاتل، ومعززة بخبراء من حزب الله وصلوا إلى صنعاء قادمين من لبنان.

وفي تقريرها عددها الصادر 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري تحت عنوان (رضا شاهلاي.. سليماني صنعاء)، أضافت الصحيفة الفرنسية أن "شاهلاي هو من قاد الهجوم الذي تم تنفيذه بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة واستهدف شركة النفط السعودية أرامكو، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي".

وقالت الصحيفة: إن شاهلاي الذي ولد في شيراز، وتدرب في كوريا الشمالية والصين يتمتع بنفوذ سياسي في اليمن، ويتزعم فرقة حزب الله اللبنانية المنتشرة في البلاد، في إشارة إلى ارتباطه بجماعة الحوثي التي تسيطر على عدد من المدن اليمنية.

هجوم أرامكو

تعرضت أرامكو مؤخرا لهجوم هو الأعنف منذ اندلاع الحرب في اليمن، توقف على إثره ضخ نحو 5 مليون برميل نفط، بمعدل نصف إنتاج الشركة اليومي. وعقب الهجوم على المنشآت النفطية بصواريخ كروز وطائرات دون طيار، وجهت الرياض اتهامات مباشرة إلى طهران بالضلوع فيه.

ونقلت "سي إن إن" الأمريكية عن محققين أمريكيين وسعوديين أن الهجمات كان مصدرها قاعدة إيرانية تقع على الحدود الجنوبية، غير أن تقريرا صدر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال: "المحققون الدوليون لم يتمكنوا من التأكيد بأن الطائرات والصواريخ التي استخدمت في الغارات مصدرها إيران".

في حين نفت إيران عن نفسها تهمة التورط في الغارات، وأشارت إلى إعلان حوثيي اليمن عن مسؤوليتهم، في ظل تشكيك واسع، من قبل مراقبين، بقدرة الحوثي على تنفيذ مثل تلك الغارات بتلك الدقة.

وكان الحوثيون قد أعلنوا مسؤوليتهم عن الحادثة وقال المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي العميد يحيى سريع أن الجماعة نفذت الغارات التي استهدفت شركة أرامكو النفطية، ردا على الغارات التي تنفذها السعودية في اليمن.

رصدت الخارجية الأمريكية 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إليه

فيلق القدس

في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت الخارجية الأمريكية عن مكافأة مالية قدرها 15 مليون دولار لمن يزودها بمعلومات عن رضا شاهلاي "القيادي في الحرس الثوري الإيراني في اليمن"، وهو ذات الرجل الذي تناولته صحيفة إنتليجنس أونلاين الاستخباراتية.

الإعلان جاء على لسان مبعوث الخارجية الأمريكية الخاص لشؤون إيران براين هوك، الذي قال للصحفيين: "واشنطن ستخصص المكافأة ضمن برنامج (المكافآت مقابل العدالة)، مقابل حصولها على معلومات عن شاهلاي ونشاطه المالي ومعاونيه"، مضيفا أنه "قائد قوة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في اليمن".

وأضاف هوك: أن "شاهلاي لديه سجل طويل من تنظيم الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها حول العالم، متهما إياه بالتورط في قتل عسكريين من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة ونقل الأسلحة والمتفجرات للمليشيات الإيرانية، ومحاولة اغتيال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير عام 2011 الذي شغل وقتذاك منصب سفير الرياض لدى واشنطن".

وغرد برنامج "المكافآت مقابل العدالة" على تويتر معلنا: "عبدالرضا شاهلاي رجل الحرس الثوري في صنعاء، مطلوب للعدالة، تقدم وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى شاهلاي أو تعطل الآليات المالية للحرس الثوري الإيراني في اليمن والمنطقة".

وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت في أبريل/نيسان الماضي الحرس الثوري الإيراني في قائمتها للمنظمات الأجنبية المصنفة كتنظيمات إرهابية.

إشراف مباشر

حسب تقرير إنتلجنس أونلانين فإن رضا شاهلاي هو المسؤول عن تنفيذ العملية التي استهدفت أرامكو، وكان المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، قد صرح في حديث سابق أن "إيران مستمرة بإرسال خبراء من الحرس الثوري وحزب الله إلى اليمن".

وأضاف: أن "الحوثيين ذراع إيران في اليمن، يقومون بنفس الدور الذي يقوم به حزب الله الذراع العسكرية للحرس الثوري الإيراني في إيران، ويتلقى الدعم على عدة مستويات، بالسلاح والتكنولوجيا والتدريب".

ومنذ انقلاب الحوثيين على الدولة، كثفت إيران من نقل خبراء من الحرس الثوري وحزب الله، لتدريب الحوثيين، ونقلت خبرات وتكنولوجيا إيرانية إلى اليمن، وكان مقطع فيديو مسرب قد أظهر عناصر لبنانية، يرجح أنها من حزب الله، تقوم بتدريب أفراد من جماعة الحوثي على تنفيذ عمليات عسكرية.

وعقب اندلاع الحرب والحصار وشن التحالف للعملية العسكرية في اليمن، تقلصت خيارات الحوثيين، فبدأت إيران بالبحث عن خيارات أكثر فاعلية لدعم الحوثيين، فأجرت اجتماعات ومباحثات لإعادة النظر في طرق دعمها للحوثيين.

ونقلت وكالة رويترز أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس اجتمع مؤخرا بكبار القادة العسكريين في العاصمة الإيرانية طهران في محاولة لاستكشاف طرق جديدة لمساعدة الحوثيين بشكل أفضل.

نقل التكنولوجيا

إلى جانب إرسال الخبراء تقوم إيران بتهريب الأسلحة والطائرات المسيرة، فبحسب مركز البحوث التابع للفورين بوليسي، فإن إيران تقوم بتهريب الوحدات الإلكترونية للحوثيين، حيث يتم تمريرها من المعابر كقطع إلكترونية لأجهزة منزلية، ثم يتم تجميعها في معامل بعدة مناطق من بينها صنعاء.

وفي مارس/آذار 2017، أصدر مركز البحوث والتسلح البريطاني CAR تقريرا مدعّما بالصور بعنوان "نقل التكنولوجيا الإيرانية إلى اليمن"، قال فيه: إن طائرة قاصف 1، التي ادعى الحوثيون تصنيعها، تتطابق مع طائرة أبابيل الإيرانية.

وأضاف التقرير أنه تم دراسة وفحص 7 طائرات "درون" تم اعتراضها في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وفبراير/شباط 2017 من قبل قوات الجيش اليمني في مدينة مأرب (غربا)، كانت في طريقها لجماعة الحوثيين، بالإضافة إلى طائرة تم إسقاطها في عدن إثر هجوم شنته جماعة الحوثي على أهداف عسكرية تابعة للتحالف، وطائرة أخرى تم إسقاطها في محافظة مأرب، استهدفت بطاريات الباتريوت التابعة للتحالف، وكشفت النتائج أن كل تلك الطائرات كانت إيرانية الصنع.

 أما بالنسبة لهيكل الطائرة، فتحدثت مصادر عسكرية تابعة للحوثيين، عن استهداف معامل للألياف يتم تجهيزها لصناعة هياكل للطائرات المسيرة، وهو ما أكده المتحدث الرسمي باسم التحالف العقيد تركي المالكي، في مؤتمر صحفي عقده في 20 يناير/كانون الثاني 2019 متحدثا عن العملية التي استهدفت عدة مواقع في صنعاء، من بينها 7 أماكن لتصنيع الطائرات المسيّرة وصيانتها، وبرج للاتصالات وتسيير الطائرات بدون طيار، حسب قوله.

وفي تقرير أعده فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، ورفعه إلى مجلس الأمن في 26 يناير/كانون الثاني 2018، تحدثت لجنة الخبراء أن نتائج التحقيق كشفت أن طائرات من دون طيار إيرانية الصنع تم إدخالها إلى اليمن، بعد صدور قرار مجلس الأمن بحظر توريد الأسلحة في 14 أبريل/نيسان 2015.

ورأى الفريق أن إيران لم تمتثل للفقرة 14 من القرار الأممي 2216 والتي قضت بحظر توريد السلاح لمعرقلي التسوية في اليمن (الحوثي ـ صالح).

وسبق أن قال نيك جين جونز، خبير الأسلحة ومدير خدمات أبحاث الأسلحة في البحرية الأمريكية: إن "طائرات أبابيل الإيرانية المجهزة برؤوس حربية شديدة الانفجار قد استخدمها الحوثيون في استهداف بطاريات الباتريوت السعودية".

توزيع الألغام

بالإضافة إلى نشاط خبراء الحرس الثوري في التدريب فإنهم يقومون بالإشراف على تصنيع ألغام محلية الصنع، في عدة مصانع يمنية، من بينها مصنع في صعدة معقل الحوثيين.

في دراسة  نشرها مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية لمكافحة الإرهاب والصراع الداخلي بنيويورك، يقول مايكل نايتس في دراسته التي عنونها بـ (آلة الحرب الحوثية: من حرب العصابات إلى الاستيلاء على الدولة): "تم بناء منشأة لإنتاج الألغام الأرضية في مدينة صعدة اليمنية معقل الحوثيين، بقدرة إنتاجية تصل لعشرين طنا من الألغام يوميا، ليتم إرسالها إلى مراكز التوزيع في صنعاء والحديدة وذمار، ومنشأة أخرى في صنعاء لإنتاج العبوات الناسفة". 

وامتد ذلك النشاط ليشمل الصواريخ والألغام والقوارب التي يتم التحكم بها عن بعد، وحسب الواشنطن بوست، فإن قاربا يعمل بالتحكم عن بعد هاجم في 30 يناير/كانون الثاني 2017 فرقاطة سعودية بالقرب من ميناء الحديدة، ونقلت الديفنز نيوز عن البحرية الأمريكية أنها قالت: إن القارب الذي هاجم الفرقاطة السعودية استخدم تكنولوجيا إيرانية.

الدعم الإيراني للحوثيين بدأ في وقت مبكر قبل انقلابهم على الحكومة الشرعية، وفق متابعين، وكانت الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس صالح اعتقلت عدة سفن إيرانية محملة بأسلحة لدعم الحوثيين، من بينها سفينة جيهان 1.

واعتقلت الطاقم المرافق للسفينة، وكان من بينهم عناصر من الحرس الثوري، تم احتجازهم لعدة سنوات، حتى قامت جماعة الحوثي بالإفراج عنهم بعد سيطرتها على مبنى الأمن القومي في صنعاء.

ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء إثر الانقلاب قاموا بإنشاء جسر جوي بين صنعاء وطهران لأول مرة منذ عام 1990، بمعدل 14 رحلة أسبوعيا، عبر طيران ماهان الإيرانية  وطيران اليمنية، وهو الرقم الأكبر في تاريخ الرحلات اليمنية.