"خط هوف".. أسباب فشل لبنان وإسرائيل بترسيم الحدود البحرية

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت دراسة نشرها "معهد بحوث السياسة الخارجية" الأمريكي، للباحثة ليا بيدور، تحدثت فيها عن التعقيدات التي تعرقل توصل لبنان وإسرائيل إلى ترسيم الحدود البحرية بينهما، رغم ثورة الغاز التي يشهدها شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقالت الباحثة بالمعهد: إن الاكتشافات الكبيرة لرواسب الغاز البحرية أمام بعض الدول الساحلية - ولا سيما إسرائيل ومصر وربما قبرص – جعل من هذه الدول لاعبين محتملين مهمين في سوق الغاز الطبيعي الأوروبي.

أرباح طائلة

وأضافت: "لقد أدى ذلك إلى إنشاء منتدى شرق البحر المتوسط ​​للغاز (EMGF)، الذي أنشئ في القاهرة هذا العام، لتسهيل التعاون بين الأعضاء - قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين- بدعم من الولايات المتحدة".

وبحسب الكاتبة، فإنه رغم ذلك تأخر لبنان عن الانضمام إلى سوق الغاز ولم يتمكن بعد من الانضمام إلى المنتدى، وتم استبعاد تركيا بسبب العلاقات الثنائية المثيرة للجدل بين الأعضاء.

وتابعت: "بينما يبدو أن هناك فرصة لوجود مزيد من رواسب الغاز في المياه اللبنانية، لا يمكن إجراء مزيد من التنقيب والاستغلال بالقرب من الحدود البحرية الإسرائيلية واللبنانية حتى يتم ترسيم المنطقة المتنازع عليها".

ولفتت الكاتبة إلى أنه يمكن أن تحقق الأرباح المحتملة من التنقيب عن النفط في المنطقة المتنازع عليها ما يصل إلى 600 مليار دولار أمريكي على مدى العقود القليلة القادمة.

ومضت تقول: "قد تبدو الإمكانات الاقتصادية والسياسية جذابة بما يكفي لتحفيز كلا الجانبين نحو إيجاد أرضية مشتركة. ومع ذلك، فإن المفاوضات الرامية إلى ترسيم الحدود البحرية، التي كان من المقرر أن تبدأ في أواخر صيف 2019، لم تؤتِ ثمارها أبدا، ولا يبدو من المحتمل أن تبدأ في أي وقت قريب".

وبحسب الكاتبة، يختلف ترسيم الحدود البحرية قليلا بين المجتمع الدولي، موضحة أنه في الوقت الذي يعد فيه لبنان من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) والتي تستخدم في تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة، إلا أن إسرائيل ليست من الدول الموقعة على الاتفاقية وبالتالي فإن طريقتها لترسيم الحدود البحرية مختلفة.

وبينت أن "قبرص ولبنان أبرمتا اتفاقا ثنائيا يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لترسيم حدودهما البحرية في عام 2007. لم يتم التصديق على اتفاقهما أبدا، إلى حد كبير لأن تركيا نددت بجميع الاتفاقات مع جمهورية قبرص والدول المجاورة لها، بما أدى إلى انسحاب لبنان".

وأردفت الكاتبة تقول: "منذ أن اختار لبنان عدم التصديق لأسباب سياسية، لم يكن الاتفاق ملزما على الإطلاق"، مشيرة إلى أنه "في عام 2009، اكتشفت شركة نوبل إنيرجي الأمريكية حقل تمار قبالة ساحل إسرائيل، الذي به احتياطيات مؤكدة ومحتملة من الغاز الطبيعي تبلغ 320 مليار متر مكعب".

وزادت: "بعد فترة وجيزة، تم اكتشاف حقل ليفياتان ووجد أنه يحتوي على حوالي 600 مليار متر مكعب من الاحتياطيات. تقع منطقة ليفياثان على مساحة 860 كيلومترا مربعا من الأراضي المحيطية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، حيث قد تكون هناك احتياطيات إضافية لم يتم اكتشافها بعد".

ترسيم الحدود

ونوهت الكاتبة إلى أنه "بعد عام من اكتشاف الغاز، قدم لبنان حدوده أحادية الجانب إلى الأمم المتحدة. وكانت أقصى نقطة جنوبية على بعد 17 كم جنوب الخط المشمول في الاتفاق القبرصي اللبناني غير المصدق عليه".

وتابعت: "بعد فترة وجيزة من تقديم الحدود من جانب واحد من لبنان، في عام 2011، توصلت إسرائيل وقبرص إلى اتفاق بشأن حدودهما البحرية، وهو ما يتعارض أيضا مع الاتفاق الثنائي غير المعتمد بين قبرص ولبنان".

ولفتت الكاتبة إلى أنه "في يوليو/تموز 2011، قدمت إسرائيل إلى الأمم المتحدة إحداثياتها البحرية الأحادية الجانب، على الحدود مع لبنان. منذ ذلك الحين، كانت التطورات نحو التفاوض في الحد الأدنى في أحسن الأحوال حتى العام الماضي، عندما انتشرت الشائعات حول المحادثات".

ومضت تقول: "يقع حقل ليفياثان الإسرائيلي جزئيا داخل المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، وإلى أن يتم التوصل إلى اتفاق، ستواجه إسرائيل تهديدات أمنية من حزب الله بالإضافة إلى تعقيدات تجارية ناشئة عن الخطر الذي ينطوي عليه تسويق الغاز من المصادر المتنازع عليها".

وبحسب الكاتبة، فإن الفرص الاقتصادية الناجمة عن أنشطة الاستكشاف يمكن أن تجلب بعض الارتياح للبنان المضطرب. من المرجح أن يوفر الاختراق في صناعة الغاز الطبيعي للبنانيين عددا من الفوائد: الحصول على مصدر دخل جديد وهام، والشراكة مع الشركات الدولية الأخرى، وتعزيز العلاقات الثنائية، وتعميق المشاركة في السوق العالمية، وزيادة الشرعية الحكومية.

وأشارت إلى أنه رغم الحوافز الاقتصادية التي يجب أن تشجع لبنان على التفاوض لترسيم الحدود مع إسرائيل، إلا أنها لا تفوق التكاليف السياسية للتوصل إلى أرضية مشتركة ضرورية لبدء المحادثات.

واستطردت الكاتبة، قائلة: "لقد كان التحرك نحو اتفاق بطيئا لأكثر من عقد من الزمان. تحدد المصادر ذات المعرفة المباشرة بالمفاوضات بعض التحديات التي تعوق المفاوضات، لعل أهمها عمل الولايات المتحدة كوسيط يراه اللبنانيون وسيطا منحازا لإسرائيل، إضافة إلى إصرار لبنان على استكمال المفاوضات بشأن الحدود البرية (خاصة مزارع شبعا المتنازع عليها)".

وذكرت أن "من بين مبررات التأخير حزب الله، لأنه بدون موافقة رئيس البرلمان نبيه بري -رئيس حركة أمل الشيعية وحليف حزب الله الرئيسي- على الشروط، لا يمكن لبيروت المضي قدما". 

"خط هوف"

وأوضحت الكاتبة أن "الولايات المتحدة عملت كطرف الوساطة الرئيسي في جميع المحاولات السابقة للمفاوضات. الأول كان فريدريك هوف، الوسيط الأولي الذي بدأ في مايو/أيار 2012 عندما بدأت محاولات المحادثات لأول مرة، قد ابتكر ما يعرف باسم (خط هوف) كحل وسط مقترح، باستخدام تكتيكات تعيين اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار".

ورأت الكاتبة أن "الاقتراح الذي قدمه هوف كان من شأنه أن يمنح لبنان حوالي 500 كيلومتر مربع من المنطقة المتنازع عليها، وهو خط دعمته إسرائيل، لكن حزب الله رفضه بسبب الهدف السياسي للجماعة في نهاية المطاف وهو طرد الإسرائيليين من مزارع شبعا".

وبحسب قولها، فإن الجمع بين ترسيم الحدود البرية والبحرية هو موقف حزب الله الذي أصر عليه، بينما إسرائيل كانت ترى أن مصلحتها الحالية تكمن فقط في التفاوض على الحدود البحرية.

وأردفت الكاتبة: "استقال هوف في سبتمبر/أيلول 2012 وتلاه نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لدبلوماسية الطاقة آموس ج. هوتشستين الذي عزز جهوده لإقناع الطرفين باستخدام خط هوف، لكنه فشل".

ومضت تقول: "كان ديفيد ساترفيلد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي بالإنابة السابق لشؤون الشرق الأدنى، الوسيط البارز الذي تولى القيادة خلال إدارة ترامب. هناك القليل من المعلومات فيما يتعلق بجهود ساترفيلد في المفاوضات قبل مارس/آذار 2019. وقد يرجع ذلك إلى أن دبلوماسية المكوك تتم على انفراد. والآن بعد أن أصبح ساترفيلد هو سفير تركيا، فإن مساعد وزير الخارجية الأمريكي الجديد لشؤون الشرق الأدنى هو ديفيد شينكر، الذي تولى مهام الوسيط".

وبحسب الكاتبة، فقد عبر لبنان عن مخاوفه من عدم ثقته في الولايات المتحدة كوسيط، مستشهدا بموقفها من "حزب الله" الذي تصنفه واشنطن على أنه "منظمة إرهابية"، فضلا عن علاقتها القوية مع إسرائيل.

ولفتت إلى أن اجتماع مارس/آذار، بين ساترفيلد ورئيس البرلمان نبيه بري أظهر تقدما نحو موقف موحد من لبنان ، وبعد أسابيع من المقرر إجراء محادثات تحت رعاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

وخلصت الكاتبة إلى أنه برغم الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان، الذي يجب أن يقود إلى اتفاق بشأن النزاع البحري ويسهل التنقيب عن الغاز لدى الجانبين، إلا أن الأمور تزداد سوءا قبل أن تتحسن وتضيع الفرص.