كلاكيت رابع مرة.. ماذا يخفي حفتر وراء الإعلان عن هجوم طرابلس؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

للمرة الرابعة على التوالي، أعلن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في كلمة مسجلة في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن أوامره لمسلحيه بالتقدم نحو وسط طرابلس فيما سماها "عملية التقدم الحاسمة والكاسحة"، زاعما أن قواته جاءت إلى العاصمة لتحرير أهلها ممن سماهم "الخونة والمفسدين والإرهابيين".

وكان أول إعلان عن انطلاق حملة حفتر العسكرية للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي. وأمام الفشل الذي مني به في مواجهة قوات حكومة الوفاق، توالت إعلاناته المتكررة عن "بدء ساعة الصفر".

وقال حفتر في الكلمة الأخيرة: "اليوم نعلن المعركة الحاسمة والتقدم نحو قلب العاصمة لتكسروا قيدها وتفكوا أسرها.. تقدموا الآن، تقدموا الآن، كل إلى هدفه المعلوم لتحطم القيود وتنصروا المظلوم وأوصيكم باحترام حرمات البيوت والممتلكات الخاصة والعامة ومراعاة قواعد الاشتباك ومبادئ القانون الدولي الإنساني".

كرر اللواء المتقاعد الخطاب يوم 25 يوليو/تموز الماضي، حين أعلن في خطاب متلفز أن قواته ستدخل قريبا إلى طرابلس وترفع "راية النصر" فيها.

ويأتي الخطاب بعد أيام من فشل محاولة لقواته التي حددت "ساعة صفر" جديدة لاقتحام العاصمة، حيث أحبطت قوات الوفاق هجوما من محاور عدة بالضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية. 

وفي 6 سبتمبر/أيلول الماضي أعلن الناطق الرسمي باسم قوات حفتر أحمد المسماري تحديد ساعة الصفر للهجوم على طرابلس والسيطرة عليها.

كذب وهزائم

وقبل تصريحات حفتر الأخيرة بأيام، أعلنت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا عن حالة طوارئ واستنفار في قواتها المرابطة في العاصمة، في وقت نشرت تقارير صحفية عن معلومات من المخابرات الإيطالية أن حفتر "أصبح قادرا تماما على الفوز في المعركة العسكرية التي قد تكون غير حاسمة".

إلا أن الشواهد على الأرض في طرابلس تظهر معطيات مختلفة عما يجري الترويج له، حيث حققت قوات الوفاق إنجازات ميدانية كان آخرها إسقاط طائرة مقاتلة وأسر قائدها.

وأكد الصحفي الليبي عبد الرحمان مرغم أن لا شيء مختلف في طرابلس ومحيطها بعد كلمة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وأن ما يجري هو مجرد مواجهات عادية بين المهاجمين وقوات حكومة الوفاق في طرابلس.

وأضاف مرغم في حديث لـ"الاستقلال" كلمة حفتر ليست الأولى التي يتوعد فيها بالسيطرة على طرابلس، ويبدو أنها تحولت إلى مسألة عادية اعتاد عليها الليبيون منذ انطلاق العملية العسكرية في شهر أبريل ولا يتوقع أن يتغير شيء على الأرض بعدها".

في المقابل دعا رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج لعدم تصديق أكاذيب الواهمين وإشاعاتهم، "فلا ساعة صفر إلا صفر الأوهام"، مؤكدا صد قوات الجيش الليبي وثوار 17 فبراير العدوان وتلقينهم "الغزاة والمرتزقة والانقلابيين دروسا قاسية".

وقال السراج: إن "على الدول الداعمة لحفتر ترك ليبيا وشأنها، فهي لن تكون قاعدة ولا مزرعة لهم بل واحة للحرية والديمقراطية"، داعيا إلى الالتفاف حول مشروع الدولة المدنية والتخلي عن المشاريع الوهمية التي قدمت مئات الشباب قرابين لحكم الفرد.

وهو ما أكده رئيس غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية اللواء أسامة جويلي حين قال في تصريحات صحفية: إن "خطاب حفتر جاء للتغطية على فشل هجومه وتلقي مسلحيه ضربات موجعة منذ أكثر من 9 أشهر"، وأكد في وقت سابق أن قوات حفتر تعرضت لضربات قوية وخسائر فادحة في صفوفه خاصة في المحور الجنوبي للعاصمة.

وقالت عملية "بركان الغضب"، التي أطلقتها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، في بيان على حسابها الرسمي على "فيسبوك": إنه "جرى إسقاط مقاتلة من نوع ميغ 23، وتمت إصابتها في سماء محور اليرموك جنوبي طرابلس"، وأكدت قيادة العملية أنه تم أسر قائد الطائرة التي كانت تشارك في الغارات الجوية على العاصمة ونشر صوره. 

وأكد الخبير في الشأن الليبي عصام الزبير أن حالة من الخوف والرعب اجتاحت قوات حفتر بعد إسقاط عدد من طائراته فوق سماء طرابلس ومحيطها، وهنالك معطيات تثبت رفض الطيارين بالمشاركة في الغارات على طرابلس.

وأضاف الزبير في حديث لـ"الاستقلال": "قبل أشهر، نزل طيار تابع لقوات حفتر بطائرته في تونس والمرجح أنه فر من المعارك وتجنب الدخول للمجال الجوي لطرابلس، والغريب أن الطيار هو قائد القاعدة العسكرية وهو ما يثبت رفض الضباط تنفيذ هجمات عسكرية".

أزمات معسكر حفتر

أما بالنسبة لتوقيت إعلان حفتر ساعة صفر جديدة للسيطرة على طرابلس، يقول الخبير في الشأن الليبي عصام الزبير: "لا شيء بالميدان يدل على تغير في موازين القوى لصالح حفتر على الرغم من الحديث عن دعم روسي له بالإضافة إلى الدعم الإماراتي والمصري المستمر منذ سنوات".

وأضاف: "يبدو أن هناك أزمات عميقة يعيشها معسكر حفتر مما دفعه للخروج من أجل رفع معنويات قواته التي استنزفت على أسوار العاصمة طرابلس دون تحقيق إنجاز على الأرض بعد 9 أشهر من القتال، والساعات القادمة ستكشف زيف ادعاءات حفتر وستزيد من تعميق الأزمة في صفوف قواته".

وأثارت تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، لصحيفة روبيبليكا الإيطالية، يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لغطا بشأن حقيقة الوضع جنوبي طرابلس، ومدى قدرة قوات الوفاق على الصمود أمام حفتر، المدعوم بالمرتزقة الروس، خصوصا عقب سيطرته على معسكر اليرموك بعد معارك كر وفر.

كما ذكرت نفس الصحيفة في تقرير لها نقلا عن مسؤولين كبار بوكالات المخابرات الإيطالية الذين يتابعون الملف الليبي قولهم: إن حفتر أصبح قادرا تماما على الفوز في المعركة العسكرية التي قد تكون غير حاسمة. وتضيف أن المعركة قد "تطيح بحكومة فائز السراج حتى دون السيطرة على طرابلس".

إلا أنه في المقابل تمكنت حكومة الوفاق من صد هجوم كبير لقوات حفتر يوم 6 ديسمبر/كانون الأول، وتنفيذ هجوم معاكس مستعينة بسلاح المدفعية، بالإضافة إلى إسقاط طائرة الميغ 23، وأسر طيارها بمدينة الزاوية غرب طرابلس، ما تسبب في انتكاسة لهجومه، الذي كان يراد منه اقتحام طرابلس، قبل الجولة الرابعة التمهيدية لمؤتمر برلين، 10 ديسمبر/كانون الأول بحضور 10 دول.

وتسعى الحكومة الألمانية عبر مبادرة "عملية برلين" إلى دعم مساعي السلام لمبعوث الأمم المتحدة الخاص، غسان سلامة. وتتعلق المبادرة بتنظيم مؤتمر دولي حتى يمكن من خلاله وضع الأطر اللازمة لعملية سياسية ليبية داخلية بوساطة الأمم المتحدة.

كما لوحظ خلال الأيام الأخيرة، توقف الطائرات الإماراتية المسيرة عن القصف منذ 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ما أدى بقوات حفتر للجوء إلى طائراته القديمة للمشاركة في الإسناد.

وذكرت تقارير أن ضغوطا أمريكية سلّطت على الإمارات، عقب لقاء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حول وقف إمدادها العسكري لحفتر.