احتجاز قوارب واعتقال صيادين.. هكذا نهبت أبوظبي ثروة اليمن السمكية

شدوى الصلاح | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قبل أربعة أعوام وتحديدا في 2015، دقت الجهات المختصة بالثروة السمكية في الإمارات ناقوس الخطر، محذرة من نضوبها خلال عشرة أعوام، ونبهت من خطورة مؤشرات إنتاج الأسماك، إضافة إلى ترك نصف الصيادين للمهنة بسبب ارتفاع تكاليف الصيد وتدني العائد، وعدم توفر الأيدي الوطنية العاملة في المجال.

ولم تهتم الإمارات بتنمية الثروة السمكية لديها وتطويرها، وإنما لجأت إلى نهبها من جميع سواحل اليمن منذ سنوات لتغطية سوقها المحلي، ونقلتها على متن سفنها، ومنعت الصيادين من الاصطياد في المياه الإقليمية.

كما اعتقلت الصيادين المعترضين ونقلتهم لميناء "عصب الإريتري" الذي تستأجره، ومنه إلى معتقلات السلطات الإريترية، غير مكتفية بعرقلة التنمية في اليمن وارتكاب جرائم حرب وقتل الأطفال والنساء، على مدار سنوات الحرب التي تخوضها ضمن التحالف العربي في اليمن منذ مارس/آذار 2019، فبعد أن عاثت في البر فسادا انتقلت إلى البحر.

ونهبت الإمارات الشعب المرجانية والأحجار والطيور النادرة والآثار ونقلها للنباتات إلى حدائق في أبوظبي باعتراف مواقع إماراتية، كما ألقت بعشرات الأطنان من السموم في المياة الإقليمية اليمنية في بحر العرب، بحسب ما أكده الصيادون.

وعرضت أبوظبي القطاع السمكي باليمن لتدمير في البنية التحتية وتوقف لأعمال الصيد، وتضرر في القطاع الذي يعتمد عليه أكثر من مليوني نسمة من إجمال سكان اليمن، بحسب وزير الثروة السمكية فهد كفاين.

طرد الإمارات

هذه الانتهاكات، دفعت الصيادين اليمنيين لمطالبة الحكومة الشرعية قبل شهرين بسرعة إنقاذ الثروة السمكية من النفوق، فيما يطالبون الآن بطرد الإمارات من سواحلهم، ويعددون جرائمها، عبر تفاعلهم على هاشتاج #طرد_الإمارات_من_سواحلنا.

وقالت لبنى نعمان -الناشطة اليمنية العدنية: إن المناطق التي توجد بها مليشيات الإمارات تعيش حالة خوف وعدم استقرار، حتى الصيادين وهم في البحر لم يسلموا من بطش تلك المليشيات بعد الاستحواذ على السواحل اليمنية المحررة.

وقال المغرد الجراح: "الصيادون اليمنيون يمنعون من الصيد في سواحل بلادهم بينما دولة ساحل عمان تنهب الأسماك وتفجر الشعب المرجانية اليمنية".

وقال عبد الله الشرابي: إن منع الصيادين اليمنيين من الصيد في سواحلهم في المكلا وعدن والمخا والخوخة، يبرره وجود ثمان شركات إماراتية للصيد الجائر وشحن سفينة أسماك يوميا إلى الإمارات، مؤكدا أن الإمارات أخذت أضعاف مما أعطت وهذا هو مفهوم الفزعة لديها.

وجزم أكرم المتوفي بأن "الإمارات منذ أن دخلت اليمن وهي تمارس أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني برا وبحرا، فقد قامت بقتل واغتيال المناضلين من أبناء عدن، وفي سقطرى عملت على نهبها، وفي البحر عمدت على اصطياد الأسمك من مياهها الإقليمية ومنعت الصيادين اليمنيين من الاصطياد".

وكتب عبد الرحمن الصامت أن "التحالف لم يأت إلى اليمن من أجل سواد عيوننا وإنما للسيطرة على موانئنا وجزرنا ونهب ثرواتنا النفطية والمعدنية والسمكية".

ولفت أبو بكر السكندري إلى أن الإمارات سخرت كل إمكانياتها للسيطرة على سواحل اليمن ومنعت الصيادين اليمنيين من الاصطياد في البحر اليمني، وأنشأت شركات خاصة بها لتصدير الأسماك واستقدمت عمالا هنودا للعمل فيها وجلبت سفنا عملاقة تقوم بجرف الأسماك والنباتات البحريه بطريقة غيرشرعية، مستطردا بأن "ما خفي أعظم".

وأقسم إبراهيم قاسم، قائلا: "لا تعتقدوا أن محمد بن زايد وشلته هم من يخططون ويخربوا دول الجيران لأن معهم إستراتيجية معينة، لا قسما ما هم إلا أداة بيد منظمات وشركات عالمية كبرى وما عليهم إلا السمع والطاعة".

وقفات احتجاجية

وإلى جانب أصوات اليمنيبن التي تعالت بالنداء عبر تويتر، كانت فعاليات الصيادين على الأرض أكثر تنديدا بجرائم الإمارات.

ونفذ صيادون في منطقة شحير شرق مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (شرق اليمن) الخاضعة لسيطرة القوات الإماراتية، الأحد 9 ديسمبر/كانون الثاني الجاري، وقفة احتجاجية للمرة الثانية نددوا خلالها باستمرار منعهم من الصيد في سواحل "شحير" القريبة من مركز قيادة التحالف العربي بساحل حضرموت.

وطالب المحتجون في وقفتهم بالقرب من مطار الريان الدولي وميناء ضبة النفطي، بفتح مجال الاصطياد بسواحل منطقة شحير المحظورة منذ خمس سنوات، رافعين لافتات كتب عليها "افتحوا بحرنا مصدر رزقنا"، مرددين هتافات منددة بمنعهم من كسب العيش.

وكان الصيادون اليمنيون في العاصمة المؤقتة عدن، قد طالبوا عبر وقفة احتجاجية نظموها في أكتوبر/تشرين أول الماضي، الحكومة الشرعية بسرعة إنقاذ الثروة السمكية في بحر العرب من النفوق نتيجة لعشرات الأطنان من السموم التي ألقتها الإمارات في البحر.

وأفادوا بأنهم شاهدوا أعدادا كبيرة من الأسماك المختلفة ميتة في أماكن الصيد وفي أماكن أخرى داخل البحر، بصورة لم يسبق لها مثيل، مؤكدين إلقاء الإمارات 50 ألف طن من السموم في المياه الإقليمية اليمنية.

كما ناشد الصيادون منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإغاثية الدولية، بالضغط على السلطات الإريترية وقوات التحالف العربي، للتوقف عن استهدافهم وتعويضهم عن قواربهم المنهوبة ليتمكنوا من ممارسة مهنة الصيد، بحسب صحيفة العربي الجديد.

ونقلت الصحيفة عن الصياد عبد الملك الزبيدي، قوله: إن "المنظمات الدولية تتجاهل معاناة الصيادين في اليمن"، مطالبا إياها "بالضغط على السلطات الإريترية وقوات التحالف بعدم مضايقتهم والسماح لهم بالصيد في المياه التابعة لليمن".

فيما توعد عضو مجلس الشورى اليمني علي حسين البجيري، بمحاكمة الإمارات على كل ما فعلته في اليمن، داعيا مجلس النواب إلى أن يكونوا مشرّعين لليمن وليس مشرّعين لاحتلال البلاد.

وأكد خلال لقاء تلفزيون له مع قناة بلقيس اليمنية بث في أبريل/نيسان الماضي، أن أربع شركات إماراتية تنهب الثروات السمكية في جميع سواحل اليمن منذ أربع سنوات، مؤكدا أن الإمارات تغطي سوقها المحلي من الثروة السمكية اليمنية وتمنع الصيادين اليمنيين من ممارسة الصيد.

قتل واعتقال

وسبق أن تعرض عشرات الصيادين اليمنيين للاعتقال من قبل السلطات الإماراتية بعد أن حاصرتهم بزوارق حربية تابعة لها في يوليو/تموز من العام الماضي، بسبب اعتراضهم على قرار أصدره مسؤول إماراتي بمنع الأصطياد في أغلب سواحل حضرموت.

واستنكر حينها ناشطون وإعلاميون يمنييون منع أبو ظبي الصيادين في الشواطئ التي تسيطر عليها الإمارات من الاصطياد في أرضهم بالمخا وشبوة وحضرموت، في ظل صمت الحكومة الشرعية وغيابها أمام ما يتعرضون له من انتهاكات طالت لقمة عيشهم.

وأشاروا إلى قطع  أرزاق الصيادين اليمنيين على أيدي ضباط الإمارات التي تحتكر مهنة الصيد وتنهب أسماك اليمن ومن ثم تعلبها داخل مصانعها لتبيعها بعد ذلك في الأسواق اليمنية على أنها منتجات إماراتية.

وبدورها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية "غير الحكومية"، التحالف السعودي الإماراتي، في تقرير أصدرته أغسطس/آب الماضي، بقتل 47 صيادا يمنيا، واحتجاز 100 آخرين، منذ بداية 2018 وحتى الآن.

وذكرت أن قوات بحرية تابعة للتحالف، نفذت على الأقل 5 هجمات قاتلة على قوارب صيد يمنية منذ مطلع 2018، مشيرا إلى أن سفنا حربية ومروحيات تابعة للتحالف، شاركت في هجمات أسفرت عن مقتل 47 صيادا يمنيا على الأقل، منهم 7 أطفال، واحتجاز أكثر من 100 آخرين.

وأشارت إلى أن هجمات التحالف على الصيادين ومراكب الصيد كانت متعمدة، واستهدفت مدنيين وأعيانا مدنية، في انتهاك لقوانين الحرب".

وبعد أن تكشف مصادرة الإمارات للثروة السمكية باليمن ونقلها إلى أبو ظبي، اتهمت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات، السلطات الإماراتية ومليشياتها في اليمن، في أكتوبر/تشرين أول 2018، بسرقة ونهب الثروة السمكية ونقلها عن طريق سفن الصيد الضخمة ووسائل النقل العسكرية.

واتهم صيادو "المخا" الإمارات بمنعهم من ممارسة الصيد في المياه الإقليمية في الساحل الغربي من دون مبرر وسمحت للسفن الحديثة بالصيد في تلك السواحل، إذ تصل سفينة صيد للإمارات يوميا قادمة من شواطئ اليمن محملة بجميع أنواع الأسماك لبيعها لصالح قيادات عسكرية إماراتية.

خسائر اليمن

وقد أفاد تقرير اقتصادي أن اليمن خسر ما يزيد عن 5 مليار دولار، كان من الممكن أن تضخ إلى خزينة الدولة خلال السنوات الخمس الماضية جراء سيطرة الإمارات على المناطق والمنشآت الاقتصادية والحيوية هناك ومنع تصدير النفط والغاز.

وأشار التقرير إلى أن اليمن يدفع فاتورة ضخمة بسبب بقاء مواقع اقتصادية سيادية خارج سيطرة الدولة وتحت يد الإمارات، ما أدى إلى توقف شبه تام لإنتاج وتصدير النفط والغاز وخروج ميناء بلحاف الإستراتيجي عن الخدمة، بالإضافة إلى تعطيل الموانئ واستمرار عمل مطارات خارج الإطار الرسمي.

وبدوره، قال عاتق جار الله -الباحث في الشأن الخليجي اليمني: إن ما يدفع الإمارات لهذه الممارسات في اليمن وغيرها، هو شعورها بأن المياه اليمنية لو جرى استثمارها سيكون على حساب اقتصاد الإمارات سواء في الثروات المائية أو في الموانئ. 

وأضاف في حديثه مع "الاستقلال" أن هذه الندية هي التي دفعت الإمارات للتدخل بهذه الشراسة رغم أنها شوهت وأصبحت دولة معتدية، سواء من ناحية الحوثيين أو أمام السلطة الشرعية التي يرفض رئيسها مقابلة محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، إلا إذا ضغطت عليه الحكومة السعودية.

وأكد "جارالله" أن أبو ظبي تعلم تماما أن ضريبة ترك اليمن ينهض سيكون مكلف لها من الناحية الاقتصادية، مشيرا إلى أن الإمارات كانت تهدف إلى تكثيف استثمارها المائي.

وبين أنها ترى أن ميناء علي في أبو ظبي سيتأثر بشكل كبير إذا كان هناك ميناء قوي في عدن، وبالتالي من البداية وهي تنظر إلى ميناء عدن على أنه مهدد إستراتيجي وتعمل على هدمه أو تجميده.

ياسين التميمي، الكاتب والباحث السياسي اليمني، قال: إن الإمارات كشفت منذ وقت مبكر عن أولوياتها في اليمن، فهي جاءت لاستكمال الثورة المضادة وإسقاط النظام الانتقالي وفرض هيمنة مباشرة على المزايا الإستراتيجية لليمن (مضائق وموانئ وغيرها).

وأضاف في حديثه مع "الاستقلال" إلى أن الإمارت عملت على تعطيل الأنشطة الاقتصادية للحيلولة دون تمكن السلطة الشرعية من القيام بدورها في المناطق التي استعادت السيطرة عليها بعد دحر الحوثيين باستقلالية كاملة عن أجندة الإمارات والتحالف.

وأوضح أن نشاط الصيد في السواحل اليمنية يواجه منذ 2015 تحديات خطيرة في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، مشيرا إلى اختلاق الإمارات لذرائع أمنية وعسكرية عطلت بموجبها هذا النشاط، بعد أن كان قد تعرض قطاع الاصطياد نفسه لخسائر كبيرة بسبب دمار القوارب ومراكز الإنزال السمكي في السواحل جراء الحرب.

ولفت "التميمي" إلى أن الجهات الرسمية والاتحاد السمكي يشكون من عمليات نهب واسعة للثروة السمكية في السواحل اليمنية، لكنهم لا يشيرون بوضوح إلى الجهة التي تقف خلف هذه السفن.

واستطرد: "الكل يعلم أن السفن الأجنبية لا يمكن أن تجازف في الاصطياد بمناطق تمثل مسرحا مفترضا للنشاط العسكري ما لم تكن تعمل تحت غطاء من البحرية الإماراتية".