لوفيجارو: واشنطن تعطي الشرعية لحفتر وموسكو تفوز بالجائزة

12

طباعة

مشاركة

تسعى الحكومة الألمانية إلى استضافة مؤتمر بشأن ليبيا بالتعاون مع الأمم المتحدة، في محاولة لتوحيد القوى الأجنبية؛ بهدف إرساء الاستقرار في هذه الدولة المنتجة للنفط والتي تشهد قتالا بين فصائل متناحرة من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس.

وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في مقال لها: إن مؤتمر برلين الذي يأتي بمبادرة من غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يعد  مهمة صعبة في ظل انقسام المجتمع الدولي حول الوضع الحالي في هذا البلد.

آخر فرصة

وبحسب دبلوماسي مقيم في تونس، هذا المؤتمر يعد "آخر فرصة سانحة" من أجل وضع حد للنزاع الذي تحول على نحو متزايد إلى حرب بالوكالة منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة عام 2011.

وأوضحت كاتبة المقال ماريلين دوما، أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا (أونسميل) تأمل في فرض حظر الأسلحة الذي بدأ عام 2011 وانتهكته عدة دول، وفقا لتقرير صدر في أكتوبر/تشرين الأول عن خبراء من المنظمة الدولية.

كما سيسعى المؤتمر إلى وقف إطلاق النار، في حين أن قوات المشير خليفة حفتر باتت على أبواب طرابلس، بعد هجوم شنته في 4 أبريل/نيسان الماضي، على حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ومقرها في العاصمة الليبية.

وأشارت ماريلين دوما إلى أنه من المقرر دعوة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والدول التي تلعب دورا في النزاع، لحضور مؤتمر برلين، مؤكدة أن هذا الاجتماع يتسم بالحساسية في ضوء المناقشات التحضيرية النشطة بالفعل.

كاتبة المقال سلطت الضوء بشكل خاص على دور المرتزقة الروس في النزاع الدائر في ليبيا، مشيرة إلى أن هذه المسألة هي إحدى النقاط الحساسة التي قد تناقش خلال مؤتمر برلين بداية العام المقبل. 

وقالت: إنه وفقا لمصدر دبلوماسي، يوجد ما بين 1100 و1400 من المرتزقة ذوي أصول آسيوية تدفع لهم شركات روسية خاصة مقابل القتال مع قوات خليفة حفتر التي تدعم الحكومة غير المعترف بها في شرق ليبيا.

نشر الرعب

وبين المصدر أن هؤلاء المرتزقة يعملون بشكل رئيسي كقناصة، ويوجهون المدفعية أو الطائرات بدون طيار التي تقدمها دولة الإمارات إلى حفتر، مشيرا إلى أن هناك رجالا آخرين في الشرق يعملون في الدعم اللوجستي وصيانة المعدات. 

ووفقا للمراقبين، هذا الوجود للمرتزقة الروس تكثف بشكل كبير منذ شهر سبتمبر/أيلول، وقد يغير الوضع في حين أن خليفة حفتر أصبح على أبواب طرابلس.

ونقلت لوفيجارو عن جلال حرشاوي الباحث في معهد كلينجندايل في لاهاي القول: "هدف الروس هو فرض الرعب، إنهم يتجهون أكثر فأكثر منذ سبتمبر/أيلول الماضي إلى التدمير وعدم الاكتراث بالقتلى من المدنيين". 

حرشاوي رأى في الأمر "تصميما على كسر معنويات الحكومة المعترف بها دوليا، يعرف القناصة كيف يستهدفون قادة المستوى المتوسط. هناك إرادة لكسر الروح المعنوية ويتم العمل على هذا الأمر منذ 4 إلى 6 أسابيع".

ماريلين دوما نبهت إلى أن هذا النفوذ المتزايد لروسيا يقلق الولايات المتحدة، ففي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وبعد اجتماع مع خليفة حفتر، أعلن وفد من المسؤولين الأمريكيين "عن بالغ قلقه إزاء استغلال روسيا للنزاع".

ففي مقابلة مع وكالة "فرانس برس" تحدث غسان سلامة عن هذا التوتر الروسي الأمريكي باعتباره تعقيدا للوضع المستمر في ليبيا.

لكنه أشار أيضا إلى "اهتمام أمريكي متزايد" في ليبيا، "ربما لأنهم يعتقدون أن هناك وجودا روسيا"، بينما حصر الأمريكيون حتى الآن اهتمامهم (...) على مكافحة الإرهاب وتدفق إنتاج النفط بشكل طبيعي".

المصدر الدبلوماسي ذكر كذلك أن هذا الاهتمام الأمريكي الجديد قد يكون إيجابيا، "إنهم وحدهم لديهم القدرة الكافية للضغط على الإمارات. فخليفة حفتر يقف على قدميه في ظل المعركة الحالية بفضل دعمهم، ولا سيما الدعم الجوي"، لكن المحللين ليسوا متفائلين.

تنافس دولي

ويوضح جلال حرشاوي "الدبلوماسيون الأمريكيون يتعاملون على فكرة أن روسيا عدو. الإماراتيون يتحدثون مباشرة إلى البيت الأبيض".

ولذلك، فيمكن لدونالد ترامب تكرار ما حدث في أبريل/ نيسان تجاه حفتر، في إشارة إلى ما صرح به 3 دبلوماسيين أمريكيين مطلعين لوكالة "بلومبرج"، بأن الرئيس الأمريكي دعم هجوم حفتر على طرابلس.

ورغم أن البيت الأبيض لم يتطرق إلى هذه المعلومات، ألمحت إدارة الرئيس الأمريكي إلى موقف ترامب الداعم لحفتر، حيث أشارت إلى مخاطبة ساكن البيت الأبيض قائد ما يسمى "الجيش الوطني الليبي" باعتباره مشيرا.

وأفاد بيان لواشنطن بأن ترامب "اعترف بالدور المهم لحفتر في محاربة الإرهاب وتأمين الموارد النفطية لليبيا".

ويلاحظ يوسف ريف، مدير مركز كولومبيا في تونس، أن الوفد الأمريكي الذي قابل خليفة حفتر "أعطاه بعض الشرعية. وقد استخدمت ماكينات الدعاية الداعمة له هذه الزيارة، لإظهار مدى أهميته في الخارج".

ولفتت لوفيجارو، إلى أنه على الجانب الآخر، وقعت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس اتفاقا جديدا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني حول "التعاون العسكري والأمني" مع أنقرة، وهو اتفاق أدى إلى قلق مصر وقبرص واليونان - التي طردت السفير الليبي - مما زاد من تعقيد المحادثات الدولية.

ويحذر الدبلوماسي "كلما استفحلت الفوضى، كلما زاد إمكانية عودة تنظيم  الدولة (الذي فقد الأراضي التي كان يسيطر عليها في ليبيا نهاية عام 2016)، لأن القوات المسؤولة عن قيادة الحرب ضد الإرهاب تقاتل بعضها البعض في ظل تدفق الأسلحة المتطورة".

ونوهت لوفيجارو إلى أنه على سبيل المثال، فإن مدينة غريان، التي استولت عليها حكومة الوفاق نهاية يونيو/ حزيران من القوات الموالية لخليفة حفتر، أثار القلق، حيث ظلت المستودعات العسكرية دون مراقبة لعدة أيام حتى استقر الوضع. 

وأكد أحد الدبلوماسيين "من الواضح أن هذه الأسلحة حصلت عليها جماعات غير معروفة"، ومن بين الأسلحة التي كانت في الموقع أربعة صواريخ فرنسية على الأقل.