مقال بنيويورك تايمز: "سلمان العودة" يواجه الإعدام.. هذه عدالة السعودية

12

طباعة

مشاركة

قال عبد الله العودة، الباحث القانوني في جامعة جورج تاون الأمريكية، ونجل الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة: إنّ "سلطات بلاده تدفع النظام القضائي في المملكة بعيدا عن أي شكل من مظاهر سيادة القانون ومراعاة الأصول القانونية".

وأضاف العودة، في مقال له بموقع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: إنه "على الرغم من ادّعاءات محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي) وداعميه، بأن السعودية لا تجهض المؤسسة الدينية المتشددة. فإنّ المملكة تقلص أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف تاريخياً".

سجن بتهمة التغريد

ومضى يقول، في المقال الذي ترجمته صحيفة "الاستقلال": "جرى اعتقال العديد من الناشطين السعوديين والعلماء والمفكرين الذين سعوا للإصلاح وعارضوا قوى التطرف ونظام السلطة الأبوي، والعديد منهم يواجهون عقوبة الإعدام".

وأردف العودة،: "والدي سلمان العودة، الباحث في القانون الإسلامي، والبالغ من العمر 61 عاماً في السعودية، إصلاحي سعى من أجل مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية".

وتابع "في 10 سبتمبر/ أيلول 2017، تحدث والدي، الذي أزعجته التوترات الإقليمية بعد أن فرضت السعودية والبحرين والإمارات ومصر الحصار على قطر، بشكل غير مباشر عن الصراع وأعرب عن رغبته في المصالحة، قائلا: [اللهم ألّف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم]".

وتابع الكاتب: "بعد ساعات قليلة من تغريدته، داهم فريق من الأجهزة الأمنية السعودية منزلنا في الرياض، وفتش المنزل، وصادر عددا من أجهزة الكمبيوتر المحمولة وألقى القبض على أبي".

وأضاف: "يبدو أن الحكومة السعودية غضبت واعتبرت تغريدته مخالفة جنائية. وقال المحققون لوالدي: إنّ تبنيه لموقف محايد بشأن الأزمة السعودية-القطرية وعدم وقوفه في صف الحكومة السعودية جريمة".

"لقد استغلت السعودية اللامبالاة العامة للغرب"

وعن وضع والده الحالي، قال العودة: "هو الآن محتجز في الحبس الانفرادي في سجن ذهبان في جدة. وقد تم تقييده وتكبيل يديه لأشهر داخل زنزانته، وحُرم من النوم والمساعدة الطبية، وتم استجوابه مراراً طوال النهار والليل. كما تم تجاهل تدهور حالته الصحية، حتى اضطر إلى دخول المستشفى. كما حُرم من مقابلة محاميه".

وقال ابن المعتقل على صفحات "نيويورك تايمز"، "في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، عقدت المحكمة الجنائية المتخصصة في الرياض جلستها بعيدا عن الكاميرات للنظر في اتهامات عديدة ضد والدي، من بينها: إثارة الفتنة بين الناس وتحريضهم ضد الحاكم، والدعوة إلى تغيير نظام الحكم، ودعم الثورات العربية، وامتلاك كتب محظورة. وطالب المدعي العام في المملكة بعقوبة الإعدام له".

وأضاف الكاتب: "لقد استغلت السعودية اللامبالاة العامة للغرب تجاه سياساتها الداخلية، وشنت حملة قمع ضد الشخصيات الإصلاحية، مثل والدي". وزاد قائلا: "والدي محبوب من قبل الشعب السعودي؛ لأن سلطته وشرعيته كعالم مسلم مستقل جعلته بعيدا عن العلماء المعينين من قبل الدولة. باستخدام المبادئ الإسلامية لدعم حججه، دافع عن الحريات المدنية، والسياسات التشاركية، وفصل السلطات واستقلال القضاء".

"الإصلاحيون في السجون، والمتشددون تحتضنهم الدولة"

وتابع: "على مدار عقدين تقريباً، قاد والدي الحملة ضد الإرهاب في السعودية. ودعا إلى تجديد الخطاب الديني وجادل بالإسلام المعتدل. أتساءل عما إذا كان قد ألقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية؛ لأنه منذ صعود الأمير محمد بن سلمان، لا يُسمح لأي شخص آخر أن يُنظر إليه على أنه مصلح".

وأردف: "بينما يجلس الإصلاحيون مثل والدي في السجون، احتضنت السعودية المتشددين مثل صالح الفوزان، وهو رجل دين ذو نفوذ ترعاه الدولة وعضو في مجلس كبار العلماء. في عام 2013، استنكر الفوزان مستقبلًا تقوم النساء فيه بقيادة السيارة، وادعى أن الشيعة وغيرهم من المسلمين الذين لا يتبعون المعتقدات الوهابية هم كفار، وأن أي شخص لا يتفق مع هذا التفسير هو كافر. وقد أعلن أيضا أن مطاعم البوفيه المفتوح محرمة؛ لأنها تشبه المقامرة، التي تعتبر أمرا محظورا في الإسلام".

وتابع العودة مؤكدا: "في شهر أغسطس/ آب، كان الفوزان يجلس بين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد في الديوان الملكي. وقبل بضعة أشهر، خلال اجتماع، قال ولي العهد للفوزان: أنت مثل والدي".

وقال الكاتب: إن "الفوزان أصدر فتوى، في سبتمبر/ أيلول، تحث الدولة على قتل المعارضين السياسيين الذين يشجعون الفتنة ضد الحاكم. وبعد شهر، قُتل صديقي جمال خاشقجي".

ورأى العودة، أنه "في ظل ثقافة الخوف هذه، ليس هناك سوى أمل ضئيل في تحقيق العدالة. يتم دفع السلطة القضائية بعيدا عن أي مظهر من مظاهر سيادة القانون ومراعاة الأصول القانونية".

"حتى بعض القضاة من المحكمة الجنائية المتخصصة، التي تحاكم والدي، تم احتجازهم بعد أن رفضوا فرض عقوبات صارمة أوصى بها المدعي العام في حالات معينة. قال لي قاضٍ إن القضاة المعينين مؤخراً في المحكمة الجنائية المتخصصة يعيشون في خوف"، بحسب مقال نيويورك تايمز.

وأضاف العودة في مقاله: "مع ذلك، هناك بعض القضاة في السعودية ممن لم يخضعوا للسيطرة الكاملة التي يسعى إليها النظام الملكي"، مشيرا إلى أنه "في عام 2013، وقّع حوالي 200 قاضٍ على عريضة عامة تدعو إلى إجراء إصلاحات قانونية وقضائية حقيقية، وأدانت الحملة الساحقة لقمع الأصوات الحقيقية والوطنية".

وتابع: "لقد تعرض هؤلاء القضاة للترهيب، وتم إحالة بعضهم للتحقيق من قبل وزارة العدل السعودية".

كل الأسرة تدفع الثمن

وأكد ابن المعتقل في سجون السعودية أنه "في 3 فبراير/ شباط المنقضي، قامت الحكومة السعودية بتأجيل محاكمة والده للمرة الثالثة دون تفسير، واستمر إبقاؤه في السجن. كما تعرضت عائلته لمضايقات مستمرة منذ اعتقاله. يُمنع 17 فرداً من عائلته من السفر، بمن فيهم الأطفال؛ وتم تفتيش المنزل ومكتبته الشخصية دون مذكرة. وتم القبض على عمه بعد تغريدة عن الحادث، وتم تجميد أموال عبدالله العودة دون مبرر".

واختتم بقوله: "لقد هدم مقتل جمال خاشقجي أسطورة ولي العهد الإصلاحي الذي يدير السعودية. لكن العالم بحاجة إلى رفع صوته لدعم السعوديين الذين يكافحون بالفعل من أجل الإصلاح – ومنهم والدي سلمان العودة؛ الذي يسعى المدعي العام السعودي إلى فرض عقوبة الإعدام عليه".