هكذا يبرهن الاتفاق الليبي التركي على قوة أردوغان السياسية

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "آسيا تايمز" الصيني، الضوء على الاتفاق الذي وقعته تركيا مع ليبيا مؤخرا لترسيم الحدود البحرية، مشيرا إلى أن الاتفاق يوسع نفوذ أنقرة إقليميا إلى حد بعيد ويبرهن على مدى القوة السياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الداخل والخارج.

وقال الموقع في مقال هنري جيه باركي: إن تركيا وقعت مع وحكومة الوفاق الوطني الليبية، (المعترف بها دوليا)، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، مذكرة تفاهم مثيرة للجدل تحدد حدودهما الأمنية والبحرية.

أهمية الاتفاق

وأوضح: أن "مذكرة التفاهم أزعجت الدول المجاورة، بدءا من عضوين في الاتحاد الأوروبي، اليونان وقبرص، وكذلك مصر. إنهم يعتبرون الاتفاقية خطوة تركية لزيادة تأثيرها الاقتصادي والإستراتيجي في المنطقة على حسابهم. وردت الحكومة اليونانية على الفور بطرد سفير حكومة الوفاق الوطني في أثينا".

ومضى الكاتب يقول: "يرى اليونانيون والقبارصة أن مذكرة التفاهم تشكل تحديا فوريا لمناطقهم الاقتصادية الخالصة. أولا، يشكو اليونانيون من أن مذكرة التفاهم وما تلاها من ترسيم الحدود الاقتصادية تتجاهل تماما وجود جزيرة كريت اليونانية الكبيرة ومناطقها الاقتصادية الخالصة الواقعة بين ليبيا وتركيا. أما التصريحات التركية بأن أنقرة ستبدأ جهود الاستكشاف في تلك المنطقة، فقد وتّرت الموقف".

ولفت إلى أن "توقيع مذكرة التفاهم جاء وسط تطورين ليس لهما صلة لكنما مهمان: أولا، تصاعد الحرب الأهلية بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر. يحظى الأخير بدعم مجموعة من الدول، بما في ذلك دولة الإمارات. وقد حاولت قواته اجتياح العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها حكومة الوفاق. ثانيا، قدم الدعم الروسي الأخير لحفتر ميزة كبيرة على أرض الواقع".

وبحسب الكاتب، فإنه "في ظل هذه التطورات، عقدت مذكرة التفاهم جهود الأمم المتحدة لحل الحرب الأهلية الليبية"، لافتا إلى أن "الأمر المحير هو أن الأتراك سوف ينخرطون في مثل هذه الخطوة، بالنظر إلى أن حكومة الوفاق الوطني لا تسيطر إلا على جزء صغير من ليبيا ومن الواضح أنها في موقف دفاعي. إجابة واحدة تكمن في الخلافات القائمة بين تركيا وقبرص حول المياه المحيطة بالجزيرة".

وتابع: "يبدو أن الاكتشافات الحديثة لحقول الغاز الكبيرة في المياه الإقليمية القبرصية والمصرية والإسرائيلية والتعاون الناشئ بين هذه الدول الثلاث لتصدير هذا الغاز إلى أوروبا قد أثار قلق القيادة التركية".

وأردف قائلا: "تتمتع تركيا أيضا بعلاقة اقتصادية طويلة الأمد وعميقة مع ليبيا، والتي بنيت خلال حكم معمر القذافي. حصلت الشركات التركية  المتخصصة في البناء، على عدد كبير من العقود لبناء البنية التحتية، وبالتالي فإن تركيا ملتزمة بدعم الحكومة المعترف بها دوليا، بما في ذلك من خلال بيع مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية".

وأشار الكاتب إلى أن "الأهم من ذلك، يرتبط السلوك التركي ارتباطا وثيقا بالتقسيم الحالي لقبرص بين حكومة قبرص الجنوبية والمعترف بها دوليا في قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية. لقد أكد الأتراك أن القبارصة اليونانيين يجب ألا يشرعوا في استكشاف وتصدير المواد الهيدروكربونية دون قبول من القبارصة الأتراك".

"الوطن الأزرق"

وأردف: مع ذلك، يجب أن ينظر التحركات التركية في سياق أكبر، إذ يقول آيهان أكتر، وهو أكاديمي تركي: إن هذا هو نتاج المذهب الجديد أو عقيدة "الوطن الأزرق"، الذي يطالب بالولاية البحرية الواسعة في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، ويطالب بشرائح كبيرة من الجرف القاري شرق البحر المتوسط ​​لصالح تركيا.

ورأى الكاتب أنه "على نطاق أوسع، فهو يعكس طموحات أردوغان في جعل تركيا دولة لها تابعون، إن لم تكن رائدة في المنطقة الأوسع وخارجها. قامت تركيا الآن ببناء وتوسيع قاعدة عسكرية في قطر. وبالمثل، في عام 2017، بنت قاعدة عسكرية في الصومال".

واستطرد: "يمكن رؤية ثقة أردوغان المتنامية في نفسه في تدخله ضد المسلحين الأكراد السوريين. لكنه بقيامه بذلك، أغضب أردوغان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المؤيد للجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر".

وتابع الكاتب: "ربما يحاول أردوغان الاستفادة من علاقته الحالية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لقد نجح في تحييد الأخير، الذي رفض حتى الآن الموافقة على مطالب الكونجرس الأمريكي بفرض عقوبات على تركيا، التي هي في النهاية عضو في منظمة حلف شمال الأطلنطي".

وأكد أن "الرئيس التركي يستفيد أيضا من الفوضى التي سادت واشنطن وموقف ترامب الإيجابي تجاهه لتوضيح ما يبدو أنه سياسة خارجية أكثر استقلالية وترهيبا. في الواقع، تم توقيع هذا الاتفاق مع حكومة طرابلس في أعقاب زيارته لواشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني وقبل قمة الناتو الأخيرة".

وخلص الكاتب إلى أن "سياسة أردوغان الأكثر قوة كانت في الداخل؛ حيث صادق البرلمان على الفور تقريبا على الاتفاق الليبي. ومع ذلك، فإن رغبته في تحدي عضوين من الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي كان فيه الاتحاد الأوروبي نفسه قد هدد بالفعل بفرض عقوبات على تركيا بسبب التحركات الاستكشافية الأخيرة في المياه القبرصية، أمر محير. قد تكون أنقرة تحسب أنها بحاجة إلى وضع علامة قبل حل الحرب الأهلية الليبية".