العربي زيتوت: إجراء الانتخابات يعني "سيسي" جديد في الجزائر (حوار)

لندن - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 11 ديسمبر/كانون الأول 1960، خرج مئات الآلاف من الشعب الجزائري للتظاهر في الميادين والشوارع في انتفاضة كبيرة ضد الجنرال الفرنسي شارل ديجول والذي أراد أن تظل الجزائر جزءا من فرنسا.

بعد نحو 60 عاما، يرى الدبلوماسي الجزائري السابق والناطق الرسمي لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان في العالم العربي، محمد العربي زيتوت، أن تظاهرات وإضرابات هذا الأسبوع في الجزائر ما هي إلا امتداد لمسيرة طويلة من نضال الشعب من أجل الاستقلال والحصول على حرية كاملة ودولة مدنية لا يحكمها عسكر ولا توجهها قوى أجنبية.

"الاستقلال" حاورت العربي زيتوت الناشط الحقوقي والسياسي المعارض والدبلوماسي السابق، حول رؤيته للوضع الراهن في الجزائر، وتوقعاته للمرحلة المقبلة، وكيف سيتعامل الحراك والجيش مع انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

  • كيف قرأت تصريحات وزير الداخلية الجزائري ضد الحراك والمشاركين فيه من أنهم خونة ومثليين وعملاء للاستعمار؟

في الحقيقة لم أستغرب هذه التصريحات البذيئة من مسؤول في تلك العصابة لأنني أعلم يقينا أن هذه مصطلحاتهم وهذه طريقتهم في التعامل مع الشعب الجزائري وهذا ما فعلوه منذ عام 1992، فهؤلاء لا يريدون إلا تعزيز نظام حكم يعتمد على العنف اللفظي والجسدي ضد أي معارض لأن إستراتيجيتهم كانت هي الصدمة، هذا الوزير تدرج في مناصب مرموقة كبيرة داخل العصابة وهو يحاول أن يتملق رئيس الأركان قايد صالح حتى يمنحه مكانا جديدا في الحكومة الجديدة إذا ما مرروا الانتخابات الرئاسية.

  • ردود الأفعال الشعبية والرسمية على تصريحات الوزير.. هل تراها مناسبة وكافية لما حدث؟

ردة الفعل الشعبية الغاضبة كانت مخيفة للعصابة وصادمة لهم، فقد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الشعب الجزائري واع لما يريد أن تفعله تلك العصابة، الحراك قال للوزير رسالة مفادها أن القذافي لم يتهم المتظاهرين في ليبيا بمثل ما اتهمهم هو، ومع ذلك فليعتبر بمصير القذافي.

أما ردة الفعل الرسمية من استدعائه فهي محاولة لامتصاص غضب الشعب، خاصة وأن التوقيت حرج للغاية فنحن مقدمون على أخطر أسبوع في مسيرة الحراك والثورة بل والدولة الجزائرية لأنها تصريحات يراد بها الاستفزاز للناس.

نصيحتي للحراك ألا ننجر للاستفزاز اللفظي حتى، لأنهم يريدون في لحظة بعينها أن يحدث عنف من طرف الشعب فيبررون استخدام العنف من قبل الجيش، نحن أمام رئيس أركان يعطي تعليمات لأول مرة للجيش بأن يمنع أو يتعامل مع أي أحد يعترض أو يمنع هذه الانتخابات.

  • الجمعة الثانية والأربعين من الحراك كانت حاشدة للغاية، هل يكتفي الشعب بالمظاهرات الحاشدة فقط؟ 

الأعداد كانت كبيرة للغاية، وسنستمر في هذه الضغوط الشعبية حتى نمنع هذه المهزلة التي يطلقون عليها الانتخابات الرئاسية، سيكون هناك إضراب عام في كل المدن الجزائرية في الأيام التي تسبق الانتخابات، ثم ستكون التظاهرات الأكبر في الجزائر يوم الخميس صباح يوم الانتخابات ثم سنصل إلى الجمعة الثالثة والأربعين لنعلن فيها سقوط الرئيس القادم الذي لا نعترف به قبل أن يأتي. 

  • قائد الجيش يقول إن الانتخابات لا رجعة فيها، والحراك يقول لن نعترف بها.. فما توقعاتك إذا لما سيحدث؟

عناصر الجيش لن تقابل الشعب بالعنف وإنما قد يأتون بقوات خاصة ومدربة خصيصا لقمع الشعب، لكنهم لو فعلوا هذا سيفتحون باب الجحيم لأن احتمالات الانشقاقات داخل الجيش ستكون كبيرة جدا فما أعلمه أن قطاعا واسعا داخل الجيش الجزائري يرفض استخدام العنف تجاه المتظاهرين ولا يريدون أن يكونوا في مواجهة الشعب، ما أقوله بأن مواجهة كهذه وانشقاق داخل الجيش سيكون كارثة كبيرة على الجيش والشعب والدولة بأكملها.

  • إن كنت تقرأ المشهد بهذه الطريقة وأنه ذاهب لا محالة إلى مواجهة بين الجيش والشعب، فلماذا لا تنصحون الحراك بالتراجع وعدم مواجهة مصير كهذا؟

لأن المصير سيكون أبشع، ولدينا في النموذج المصري خير دليل، فإذا ما مرت هذه الانتخابات سيأتينا ما هو أبشع مما نعانيه الآن، فهم يخيرونا بين الطاعون والكوليرا ونحن نرفض كلا الأمرين، نحن يا سيدي لا نريد سيسي جديد في الجزائر، أقول لك سيحدث محاكمات هزلية كالتي حدثت في مصر لمبارك وأعوانه وسنعيش أمورا أسوأ بكثير مما نعيشه الآن ومما عشناه أيام بوتفليقة. 

"النموذج المصري"

  • طالما ضربت المثل بمصر، فلكم في مذبحة رابعة مثال وعبرة لما يمكن أن يحدث للشعب إذا ما واجه الجيش في الشوارع، لماذا لا تحقنون دماء الجزائريين؟ 

الشعوب تدفع الثمن ونحن دفعنا مليون ونصف المليون شهيد إبان الثورة الجزائرية، نحن منذ اليوم الأول نعلم أن الكرامة والعزة والعدالة تحتاج لثمن لا بد أن ندفعه جميعا، في الداخل والخارج نضحي من أجل أن تحيا الجزائر، ونحن نواجه عصابات تريد أن تضعنا أمام خيارات صعبة لن نقبل بأي منها.

لن ننجر إلى العنف والمواجهة وستظل هذه الثورة سلمية لنهاية المطاف وسينتصر الشعب الجزائري في النهاية، وشعارنا سيظل الآية الكريمة "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك"، أقول هذه المرة لن يمر الأمر هكذا وسيظل هذا الحراك صادما ثابتا ولن نقبل بالخضوع والذل للظالمين مرة أخرى.

  • لماذا لا يتراجع الحراك خطوة إلى الوراء لترتيب الأوضاع مرة أخرى؟

التراجع يكون جيدا عندما تستطيع القفز أفضل للأمام ولكننا الآن إذا تراجعنا سيؤدي إلى توحش غير مسبوق لدى عناصر الحكم لأنهم لا زالوا خائفين من هذا الحراك ولأنهم يعرفون أن القضية وجودية، وأؤكد لك مرة أخرى أننا لا نرفع سلاح ولن نتصادم مع الجيش وأنا أقول إن تهديدات قايد صالح بمواجهة من يرفض الانتخابات لن تنقذه من غضب قطاع واسع من الضباط داخل الجيش وأنا على علم بهذا.

  • هل تعولون على قيادات داخل الجيش الجزائري ممن تقول إنهم سينقلبون على قايد صالح إذا لجأ للعنف؟

نحن لا نعول على أحد، وإنما نتواصل نعم مع الشرفاء والعقلاء داخل المؤسسة العسكرية ونطالبهم بعدم الصدام مع الشعب وجاءتنا منهم رسائل إيجابية بأنهم يوافقوننا على هذا المسار وسيتحركون ضد قايد صالح إذا ما تم وضع الجيش في مواجهة الشعب، لكني أريد التأكيد أننا طالبناهم إذا ما قاموا بهذا التحرك أن يتم الإعلان مباشرة في بيان وتصريحات رسمية العودة للمادة السابعة والثامنة من الدستور والإقرار بدولة مدنية وعودة الجيش إلى ثكناته.

  • ماذا لو تراجع قايد صالح أمام تصاعد التظاهرات وأجل الانتخابات الرئاسية وطالب الحراك بتقديم بديل حقيقي؟ هي لديكم بديل؟

قايد صالح والعسكر لا يتراجعون لأنهم عاشوا حياتهم يتلقون وينفذون الأوامر وهو يعلم يقينا أن أي تراجع سيؤدي إلى الإطاحة به من زملائه كما أطاح هو بعبدالعزيز بوتفليقة، هناك 4500 جنرال يحكمون ويديرون المشهد العسكري في البلاد وهم يراقبون بشدة أداء قايد صالح ويعتبرون هذه الانتخابات الرئاسية هي الفرصة الأخيرة له قبل أن يطيحون به، لذلك قايد صالح يعتبر هذه الانتخابات مسألة حياة أو موت.

أما فيما يتعلق بامتلاك الحراك للبديل، نعم بالتأكيد وهو العودة لاحترام المادة السابعة والثامنة والتي تنص على أن الشعب هو مصدر السلطات وهو من يؤسس أي سلطة، ثم إن الجزائر مليئة بالعناصر المؤهلة التي يمكن لها أن تتحدث وتتفاوض باسم الشعب والحراك لتطبيق الدستور واستعادة الدولة المدنية وتحديد دور الجيش في الدفاع عن حدود البلاد من أي خطر خارجي. 

  • إذا هل رفعتم شعار "يسقط الرئيس القادم" قبل انتخابه؟

بالتأكيد يسقط هذا الرئيس وليس هو فقط وإنما كل المنظومة والرموز التي تنتمي إلى العصابة الحاكمة، لا يمكن القبول بهذه الوجوه التي نعلم أنها ستكون مجرد ديكور ونموذج جديد من بوتفليقة يحكم من ورائها قايد صالح والقيادات العسكرية وهو ما نرفضه بالتأكيد.

  • هل أنت متفائل أم قلق على مستقبل الجزائر؟

هو شعور مزدوج لأني على المدى القريب قلق للغاية بالتأكيد لأننا سنمر بستة أشهر صعبة للغاية ويجب أن تمر الأمور بشكل جيد وهادئ دون مواجهة، لكن على المدى البعيد متفائل جدا أننا سنمر من هذه المحنة بشكل قوي وسنخرج إلى مرحلة انتقالية نستطيع أن نصل فيها إلى الجزائر المدنية الحرة التي يحلم بها كل مواطن حر.

فقط أريد أن أحذر من أنه إذا ما أصيب قايد صالح بالجنون وقرر نزول الدبابات إلى الشوارع ستدخل الجزائر في فوضى عارمة ولكنها لن تضر بالجزائر فقط وإنما ستضر بأوروبا أيضا التي تبعد حدودها عن الجزائر 200 كيلو متر فقط.

الكلمات المفتاحية