قمة العشرين.. هل تنقلب إلى نقطة ضعف ضد ابن سلمان؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لابريس" الكندية، الضوء على قمة العشرين المقرر انعقادها في المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تحتفل فيه الرياض برئاستها للقمة في21 و22 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإنها قد تكون نقطة ضعف لولي العهد محمد بن سلمان.

وقالت الصحيفة في مقال للكاتبة لورا جولي بيرولت، إن القمة التي يراهن عليها محمد بن سلمان، لطمس تورطه في جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 بسفارة الرياض في إسطنبول، ربما تكون بمثابة "كعب أخيل".

وذلك في إشارة إلى الأسطورة اليونانية التي تتحدث عن الطفل أخيل الذي جرى التنبؤ له بأنه سيموت عندما يكبر قتيلا في معركة، ولتفادي هذا المصير قامت أمه بتغطيسه في النهر المعروف باسم ستيكس، والذي تقول الأسطورة، إن ماءه ينجّي من الموت كل من يُغَّطس فيه وهو طفل.

لكن الأم وهي تغطّس ابنها في ماء النهر أمسكت به من كعب إحدى قدميه، لذا لم يبلغ ماء النهر السحري ذلك الكعب، الذي أصبح نقطة الضعف التي عرف الأعداء بها، واستهدفوا كعبه بسهم مسموم في إحدى المعارك أوقعه أرضا، ليتم الإجهاز عليه فيما بعد.

وتابعت الكاتبة : "ولي العهد البالغ من العمر 34 عاما، وصف بشغف هذه الرئاسة التي تعد الأولى لبلد عربي، بأنها فرصة للتوصل إلى إجماع دولي حول القضايا الدولية"، معتبرة أنها صلاحية كبيرة لولي العهد الذي لا يقبل أي معارضة في بلده.

وأضافت: "هذا لا يهم، إذ يأمل محمد بن سلمان في استخدام منصة مجموعة العشرين لاستعادة شعار إصلاح النظام الذي يمثل حجر الزاوية فيه، فهو بحاجة إلى هذه القمة لتأمين المستقبل الاقتصادي لبلاده، والذي يحاول من خلاله عدم الاعتماد على النفط، وهي دجاجته التي تبيض ألماسا لكن لن تعيش إلى الأبد".

وذكرت الكاتبة أن "ولي العهد يسعى للاستفادة من نحو 100 حدث سيتم تنظيمها في المملكة خلال العام المقبل لإظهار للغرب كيف تغيرت المملكة العربية السعودية في ظل حكمه وأنه يستحق استثماراتهم"، موضحة أن "قمة رؤساء الدول الكبرى، التي ستعقد في الرياض عام 2020، هي الجوهرة البراقة التي ستتوج حملة علاقات عامة هائلة تقوم بها السعودية منذ فترة".

فرصة مثالية

لكن الكاتبة رأت أن "هذا السيناريو فيما هو حلم لمحمد بن سلمان، ففي نفس الوقت فرصة مثالية لكندا وحلفاء آخرين لإبراز سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، لأنه ليس هناك وقت أفضل من هذا للضغط على ولي العهد الذي يرغب في تحسين صورته دوليا".

ونوهت لورا جولي بيرولت إلى قيام ولي العهد في عام 2017 وفي عام 2018 باحتجاز حوالي أربعين شخصا في فندق "ريتز كارلتون" الفخم بدعوى الفساد، وكذلك سجنه لناشطات بعد ذلك في فندق أيضا، وبغض النظر عن الرفاهية الظاهرة لهذه السجون، فقد أكد المعتقلون في كلتا الحالتين تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.

ولفتت إلى أنه "منذ ذلك الحين، لم تتوقف الاعتقالات التعسفية للصحفيين والكتّاب والمثقفين وخصوم النظام، فخلال الأسبوع الماضي، ألقي القبض على ما لا يقل عن تسعة أشخاص في حملة قمع جديدة".

وفي أغسطس / آب 2018، حاولت كندا إدانة اعتقال نشطاء حقوق الإنسان، بمن فيهم سمر بدوي، شقيقة المدون رائف بدوي، المسجون في الرياض أيضا، وذلك من خلال تغريدة لوزيرة الخارجية كريستيا فريلاند على موقع "تويتر".

وأعقب ذلك أزمة دبلوماسية كبيرة بين أوتاوا والرياض، وجدت فيها كندا نفسها بمفردها، حيث تخلت عنها بروكسل كما فعلت واشنطن. ونجحت المملكة السعودية، ثاني أكبر مشترٍ للأسلحة في العالم وعميل رئيسي لحلفاء كندا الغربيين، في تثبيت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفقا للورا جولي بيرولت.

ورأت الكاتبة أن الإصلاحات التي تدعيها السعودية تحطمت بعد شهرين عندما قُتل جمال خاشقجي، وهو صحفي ينتقد ابن سلمان صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، حيث قُطعت جثته داخل السفارة السعودية بإسطنبول، في جريمة مروعة أثبتتها تسجيلات صوتية كشفت عنها السلطات التركية.

وأكدت أنه بعد هذه الجريمة، كانت الإدانة سريعة وموسعة، إذ قاطع العشرات من رجال الأعمال منتدى استثماريا كبيرا بعد اغتيال هذا المعارض السياسي. كما أصدر الاتحاد الأوروبي نفسه، الذي رفض دعم كندا، قرارا يدعو إلى إطلاق سراح جميع سجناء الرأي في المملكة العربية السعودية، وأظهر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أسلحته، وأصبح دونالد ترامب، الذي لم يرغب قط في إدانة الرياض، هذه المرة بمفرده.

"الرجل التفلون"

وأشارت الكاتبة إلى أنه في الأشهر التالية لمقتل خاشقجي، خففت المملكة العربية السعودية، التي تعرضت للانتقاد لتورطها العسكري في الصراع الدائر باليمن والحصار المفروض على قطر، لهجتها في منطقة الخليج، في محاولة لإرضاء جيرانها المباشرين.

وفي محاولة لها جديدة إظهار النية الحسنة، وسعت الدولة نطاق حقوق المرأة رسميا، بما في ذلك السماح لها بقيادة السيارة واستخراج جواز سفر والسفر إلى الخارج دون موافقة ولي الأمر الذكر.

وأكدت الكاتبة أن المغزى من هذه القصة هو أن الضغط على ولي العهد يأتي بنتائج، حيث أنه لا يستطيع لعب دور "الرجل التيفلون"، (لقب يطلق على الأشخاص خاصة في مجال السياسة الذين لا يمكن للانتقادات السلبية أن تشوه سمعتهم)، إذا وقف المجتمع الدولي متحدا.

وخلصت لورا جولي بيرولت إلى أن قمة مجموعة العشرين يريد محمد بن سلمان استثمارها لتحسين صورته دوليا، لكن يجب على أعضاء المجموعة الذين ما زالوا يتمتعون بالديمقراطية وحقوق الإنسان أن يجعلوه يفهم أنه لن يحصل على ذلك بأي ثمن، حيث لديهم القدرة على إفساد الحفل القادم عليه.