بعد تأميم الإعلام.. هل يلجأ السيسي لشراء "تطبيقات الهاتف" الشهيرة؟

القاهرة- الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية في مصر، بدأ بعض الشباب خاصة خريجو أقسام البرمجيات بكليات الهندسة التفكير خارج الصندوق باستغلال مواهبهم وخبراتهم الدراسية في خلق فرص عمل وابتكار مشاريع جديدة ومتنوعة، وإن كانت بأفكار بسيطة، لكنها خدماتية بالدرجة الأولى ومربحة في الوقت نفسه.

من بين هذه المشاريع تطبيقات الهاتف "أبلكيشنز" التي تسهل على الملايين من المواطنين باختلاف مستوياتهم الاجتماعية قضاء حوائجهم في ظل توافر وسائل التواصل الذكية وأجهزة المحمول وتطورها يوما بعد يوم.

تخوفات تنتاب أصحاب هذه التطبيقات، كما تنتاب أيضا مستخدميها في ظل الوضع البوليسي القمعي الذي تحياه مصر حاليا مع نظام عبدالفتاح السيسي الذي يرسخ لحكم الفرد الواحد.

ما يزيد من هذه التخوفات، حسب مراقبين، هو سيطرة السلطة المطلقة على كل وسائل الإعلام والاتصال ووضعها تحت المراقبة، ولم يعد مستبعدا أن تسعى الدولة عبر أجهزتها الأمنية والاستخباراتية لشراء هذه التطبيقات من أصحابها أو التجسس عليها خاصة وأن مستخدميها أصبحوا بالملايين.

"التوك توك"

استغربت نجوى، وهي مصرية مقيمة بالخارج، خلال آخر زيارة لها إلى مصر كم التطبيقات المستحدثة، والتي تتعلق كلها بالحياة اليومية. تحكي الشابة لصحيفة "الاستقلال" وجود تطبيق لطلب "التوكتوك" وهو وسيلة نقل توجد في الحارات الشعبية التي لا تتمكن السيارات من دخولها.

وصل صيت الخدمة الجديدة المسماة "حالا" إلى شركة "أوبر" وجعلها تستحدث خدمة الدراجة النارية خصيصا لسكان هذه المناطق.

تشارك مجموعة من ربات البيوت أو حتى السيدات العاملات في تطبيق لإعداد الأكل "تحت الطلب"، حتى يتمكن غير القادرين على الطبخ من تناول أكل منزلي تصنف لذته وجودته عبر علامات يضعها زبائن التطبيق لكل مشاركة. وتنتشر المشاركات في مختلف مناطق القاهرة حتى يتمكن الراغب من الطلب من أقرب المشاركات إليه، والتي توصل الطعام إلى باب منزله. 

أما "أفوكاتو" فهو تطبيق للمحامين طوره مجموعة من الشباب الذين يشتغلون في المجال، ويخول لمستخدميه استدعاء المحامي الأقرب إلى مكان وجوده فور وقوعه في مأزق قانوني يستلزم ذلك. التطبيق الذي انطلق عام 2018 ويضم حاليا 500 محام وأزيد من 400 عميل، يسمح أيضا لمستخدميه بالاستفسار أو الاستشارة السريعة.

أما "فيكساوي" فهو تطبيق للحرفيين في مجالات مختلفة، يوصلك بأقرب حرفي أو صنايعي إلى مكان سكنك، ويقدم لك تقييمات وآراء العملاء السابقين مع تحديد قيمة مصاريف المعاينة.

"ركنة" هو أيضا تطبيق ابتكره شباب مصري يحدد لك مكان وجود أقرب مكان فارغ يمكنك أن تصف فيه سيارته، وذلك بعد أن تحدد مكان وجودك عبر تطبيق "جي بي إس"، وفي مدينة مثل القاهرة قد يكون هذا هو التطبيق الأكثر استخداما نظرا لكثرة سكانها وعدد السيارات المهول بها.

أما تطبيق "بيقولك Bey2ollak" فأصبح مهما وضروريا في ظل مشكلة التكدس المروري الكارثية في مصر، حيث يساعدك على تحديد إذا كانت الطرق ستكون جيدة من عدمه في أوقات الذروة.

لكن لو كنت تريد التسوق عبر الإنترنت فلا ملجأ لك سوى التنقل من موقع إلى آخر للبحث عن السلعة التي تريدها، وبالتأكيد هناك مواقع جديدة تبدأ في الظهور وبالتالي ستفقد فرصة الحصول على أفضل سعر منافس، برنامج بكام BKam هو أحد التطبيقات التي توفر لك حلا وكذلك توفر لك الوقت والمال، حسب مشتركين.

استثمار الموهبة

وعن تغطية هذه التطبيقات لكل مجالات الحياة اليومية، قال المتخصص في الإعلام الجديد هيثم سعد: إن قطاعا كبيرا جدا من الشباب المصري مجال دراستهم وشغفهم هو البرمجة والتطوير.

وفسر ذلك بالترويج لفكرة أنه من الممكن أن يصبح الشاب رائد أعمال بشكل سريع وبسيط، عبر استغلال التكنولوجيا الجديدة والاستفادة منها وتطويعها في خدمة المجتمع وعمل بيزنس خاص، وهذا سبب لجوء الشباب لهذا التخصص. 

لم ينف المتخصص في حديثه مع "الاستقلال" وجود موهوبين في مصر في هذا المجال، ويظهر ذلك من خلال ابتكارات الشباب الجيدة والمفيدة، لكن هؤلاء الشباب يهدفون بالأساس إلى الاعتماد على أنفسهم والخروج من حيز وظائف الحكومة ذات المرتبات المتدنية والكفاءات والإمكانيات الضعيفة.

وأوضح هيثم سعد وجود "فقر شديد في فرص العمل" بالنسبة لخريجي تخصصات حسابات ومعلومات وهندسة الكمبيوتر وأي تخصص له علاقة بالبرمجة، لذا يضطر الشاب للبحث عن مشروعه الخاص وابتكار تطبيقات خدمية يمكنها أن تحل عدة مشاكل، في ظل تطور تكنولوجي يتيح للجميع امتلاك هواتف ذكية.

يعمل هؤلاء الشباب باحترافية لتطوير التطبيقات، وقبل الإقبال على أي مشروع يدرسون مدى حاجية السوق إليه، وتسهل عليهم ذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي تمكنهم من التواصل مع أكبر شريحة ممكنة من الزبائن.

وهو ما يظهره استطلاع للرأي قام به أحد الشباب لمعرفة مدى الحاجة إلى خلق تطبيق لرعاية الحيوانات، ومعرفة أماكن وجود العيادات والصيدليات البيطرية، وتذكيرهم بأهم التطعيمات وأوقاتها، ويوفر التطبيق دكتورا بيطريا لحالات الطوارئ ولمعرفة الإسعافات الأولية.

نصائح تقنية

لا شك أن هذه التطبيقات تُسهل الحياة في مدينة مزدحمة بملايين البشر ويصعب التنقل فيها مثل القاهرة، ومن الواضح أن مطوريها لا يستهدفون الطبقات الغنية فقط، بل والمتوسطة أيضا.

خبراء ينصحون العملاء والزبائن بالتحقق دائما من الجهة التي يجري التواصل معها سواء عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو خدمات التواصل الفوري وغيرها، خصوصا في دولة استخباراتية مثل مصر أثبتت التقارير الدولية أكثر من مرة تجسسها على المواطنين.

ومن الطبيعي طلب المعلوماته الكاملة من الجهة أو طلب الاتصال من رقم هاتف رسمي يمكن التحقق منه، لكن من الأفضل ـ حسب متابعين ـ عدم فتح مرفقات البريد الإلكتروني من أشخاص غير معروفين، فحتى الآن يتم استخدام هذه الطريقة على نطاق واسع لنشر البرمجيات الخبيثة والحصول على المعلومات الشخصية، وذلك من خلال انتحال هوية شركات كبرى وإرفاق بعض الملفات في البريد.

الخبراء يؤكدون أنه يمكن تأمين الهاتف الذكي والحاسوب المحمول عبر فلترة البريد المزعج بالاعتماد على أدوات خاصة، واعتماد برامج قوية لمكافحة الفيروسات تتضمن أدوات لمكافحة رسائل وصفحات التصيد.

صناعة البرمجيات

قبل 20 سنة كان ترتيب مصر في صناعة البرمجيات في المرتبة الأخيرة لكن عناصر القوة التي اتسمت بها هي: انخفاض تكلفة العمالة، والموقع الجغرافي المميز، واتقان لغات أجنبية خاصة الإنجليزية، توافر المهارات الفنية، والقدرة على اجتذاب الشركات الأجنبية وخاصة العالمية منها.

أما عناصر الضعف التي تكمن في صناعة البرمجيات المصرية، فإنها تتمثل في: محدودية وقصور القدرة التنافسية، عدم مصادر تمويلية كافية، محدودية السوق المحلية، وارتفاع معدل القرصنة. 

وتشير البيانات عن صناعة البرمجيات المصرية إلى أن قيمة إيرادات صناعة البرمجيات بلغت حوالي (49) مليون دولار في عام 1997، ارتفعت إلى 129 مليون دولار عام 2001، التي ارتفعت إلى 148 مليون دولار في عام 2002، ثم إلى 174 مليون دولار في عام 2003. 

ووصل عدد الشركات العاملة في صناعة البرمجيات (296) شركة يعمل بها حوالي (700) فني تقدر نسبة الشركات التي تقوم بالتصدير منه حوالي 1% من الحجم الكلي للشركات، وفي عام 2003 قدرت صناعة البرمجيات من 5 إلى 100 مليون دولار وفقا لأكثر التقديرات تفاؤلا. 

دراسة هارفارد الاستشارية أشارت إلى أن القدرة التنافسية لقطاع تكنولوجيا المعلومات المصرية تقدر بحوالي 45 مليون دولار لعام 2002، بينما قدرت نفس الدراسة أن إيرادات قطاع تكنولوجيا المعلومات وصلت إلى (470) مليون دولار ومتوسط الإيراد المشغل في هذا القطاع يقدر بحوالي 3700 دولار الذي يعتبر مرتفعا بالمقارنة بكثير من الدول مثل الهند.

وتستقطب مصر شركات ضخمة في مجال التعهيد (توفير خدمات من مصر إلى العملاء الدوليين)، وحسب التوقعات سيظل المجال بصحة جيدة في السنوات المقبلة إذ قُدرت أرباحه بنحو 1.3 مليار دولار في عام 2016، لترتفع إلى حوالي 2 مليار دولار بنهاية عام 2019 بمعدل سنوي نسبته 13.4٪. 

وتعد البرمجيات من أكثر المجالات التي يُعهد فيها لموظفين مصريين تقديم خدمات لشركات بالخارج، ففي عام 2016 صنفت كأفضل وجهة للتعهيد في مجال البرمجيات والتواصل.

"حاضنات الأعمال"

تزعم دولة السيسي أنها تساعد الشباب عبر احتضان مشاريعهم الريادية الوليدة بهدف تنميتها وتطويرها عبر مركز "حاضنات الأعمال" التي توصل الشركات الناشئة بمثيلاتها العاملة في المجال نفسه، إضافة إلى خلق فرص عمل جيدة.

المركز الذي يقع مقره في مدينة القرية الذكية بالقاهرة تم افتتاحه رسميا في سبتمبر/أيلول عام 2010، ويهدف إلى تعزيز الإبداع وريادة الأعمال بغرض دعم الاقتصاد الوطني، إلا أن الأمر لم يتخط حاجز الشعارات البراقة دون أي مردود فعلي أو عملي على أرض الواقع.

تدوم فترة الاحتضان عاما واحدا في مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال "TIEC"، وهو مركز حكومي يوفر حاضنات لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع والشركات الناشئة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

يقدم المركز خدمات عينية واستشارية وتسويقية مقابل 180 ألف جنيه مصري (حوالي 10 آلاف دولار) مع توفير البرامج الأساسية وأدوات وأجهزة الحاسب الآلي التي يحتاجها المشروع خلال فترة الاحتضان، وتتمحور هذه المشاريع حول مجالات الطاقة الشمسية والاتصال الدولي.