بعد استقالة عبدالمهدي.. أبرز السيناريوهات التي تنتظر العراق

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أدخلت استقالة رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، الكتل السياسية في نفق مظلم ربما لا يمكن الخروج منه إلا بإقالة رئاستي الجمهورية والبرلمان، وإعادة بناء العملية السياسية من جديد، التي جاءت عقب الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003.

عبدالمهدي الذي وافق البرلمان على تنحيته، في الأول من ديسمبر/كانون الأول، قدم استقالته تلبية للمرجعية الدينة الشيعية في النجف، رغم مرور شهرين على خروج تظاهرات عارمة في مدن عدة وسقوط مئات القتلى وآلاف المصابين، وآخرها في موطن ولادته مدينة الناصرية.

وبعد موافقته على الاستقالة، طالب البرلمان، رئيس الجمهورية برهم صالح بترشيح شخصية بديلة، فيما يخول الدستور العراقي الأخير إدارة الحكومة مع منصبه لحين اختيار رئيس جديد لمجلس الوزراء.

شخصية بديلة

عقب تنحي رئيس الحكومة العراقية، طرحت العديد من الشخصيات السياسية والبرلمانية سيناريوهات عدة للخروج من الأزمة، وتهدئة الشارع الذي تصاعدت وتيرته مع الاستقالة ولم يلتفت إليها.

أولى تلك السيناريوهات، التي طرحتها الكتل السياسية الكبيرة التي تمسك بزمام السلطة منذ 16 عاما، هو المجيء بشخصية بديلة تحل مكان عادل عبد المهدي تقدمها القوى السياسية لرئيس الجمهورية بهدف تكليفه بتشكيل الحكومة.

وكشفت النائبة عن تحالف القوى العراقية (سنة) وحدة الجميلي في تصريحات صحفية، أن "الكتل السياسية الكبرى ومنها تحالف القوى، تفضل ترشيح شخصية بديلة عن عبدالمهدي على أي سيناريو آخر".

وعلمت "الاستقلال" من مصادر سياسية طلبت عدم الكشف عن هويتها أن "كتلا برلمانية كبيرة تجري تفاهمات في محاولة للتوصل إلى الكتلة الأكبر في البرلمان، لترشيح رئيس الحكومة الجديد".

وأفادت المصادر بأن "التفاهمات تجري على قدم وساق بين كتل: "البناء والحكمة والأكراد وجزء من السنة"، على أمل التوصل في كتلهم إلى ١٧٧ نائبا في البرلمان، ومن ثم طرح وزير النفط الأسبق محمد إبراهيم بحر العلوم لرئاسة الحكومة المقبلة".

لكن هذا السيناريو المطروح التي تعمل عليه غالبية الكتل السياسية في البرلمان، مرفوض من قبل المتظاهرين، إذ يصر المحتجون على حصر منصب رئيس الحكومة بشخصية سياسية لم تتسلم أي منصب في الحكومات السابقة وألا يكون نائبا في البرلمان بعد 2003.

وحذر زعيم "جبهة الإنقاذ والتنمية" أسامة النجيفي في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر" من اختيار رئيس حكومة جديد من داخل الأحزاب السياسية الحالية.

وشدد على ضرورة الاتفاق على شخصية مستقلة مقبولة وطنيا لتشكيل حكومة طوارئ لتحضير الانتخابات بقانون انتخابي عادل ومفوضية خارج إرادة الأحزاب وبإشراف أممي.

إقالة الرئاسات

في المقابل، دعت قوى سياسية في البرلمان العراقي إلى "ضرورة المجيء، بشخصية مستقلة قادرة على إدارة البلد خلفا لعبدالمهدي، والذهاب بالوقت نفسه إلى انتخابات مبكرة وحل البرلمان حتى نأتي بشخصيات بعيدة عما هو موجود اليوم في السلطة".

وبخصوص من يحل مكان عبدالمهدي في حال الذهاب لانتخابات مبكرة، قالت النائبة الجميلي في تصريحاتها: إن "رئيس الجمهورية سيكون رئيسا للحكومة خلال هذه الفترة لإدارة حكومة تصريف أعمال".

ومن أبرز الكتل المؤيدة لهذا الخيار، كان تحالف "المحور العراقي" بزعامة السياسي خميس الخنجر، الذي طالب باستقالة كل من رئيسي الدولة والبرلمان. وقال التحالف: إن "على رئيسي الجمهورية والبرلمان تقديم استقالتهما أسوة برئيس الحكومة".

واعتبر "المحور" (السني) في بيانه أن "الجميع كان شريكا في ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، مما يتطلب تحلّي باقي الرئاسات بالشجاعة لتقديم الاستقالة".

من جهته، رأى الباحث السياسي الدكتور وليد خالد أن "عبدالمهدي قدم استقالته دون استشارة أحد، كما أن تقديمها للبرلمان من شأنه أن يبقيه في حكومة تصريف أعمال لمدة شهر حتى اختيار وتكليف رئيس وزراء جديد، وربما سيبقى حتى إجراء انتخابات مبكرة".

وبين في حديث لـ"الاستقلال" أن الأوضاع لن تنتهي عند رئيس الوزراء، لأن من يقف وراء التظاهرات لم يحددوا موقفهم بعد.

وأضاف: "الآن رئيس الجمهورية برهم صالح غير ملزم بالكتلة الأكبر، وربما نرجع لظروف تشكيل الحكومة والانتظار من جديد".

وأكد الباحث وليد خالد، أن "هناك طرح من الكتل السياسية بأن عبد المهدي يجب ألا يتحمل وزر ما حصل، ويجب إقالة الرئاسات الثلاثة"، لافتا إلى أنه "سيكون من الصعب الترويج لشخصية سياسية، وهذا معناه توسيع دائرة البحث، وفي الحقيقة لا توجد شخصية بارزة ومناسبة لذلك".

استفتاء شعبي

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي تمتلك كتلته "سائرون" أكبر عدد مقاعد في البرلمان، فقد طالب باختيار رئيس جديد للحكومة في العراق، عن طريق الاستفتاء الشعبي.

وقال الصدر، في بيان نشر على حسابه في "تويتر": إن "استقالته (عبد المهدي) لا تعني نهاية الفساد"، مقترحا "أن يكون ترشيح رئيس الوزراء من خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين".

كما اقترح أن "يختار رئيس الوزراء الجديد أعضاء حكومته بعيدا كل البعد عن الأحزاب والتكتلات والمليشيات"، وأن يتم "العمل على تأسيس مجلس مكافحة الفساد".

وطالب بـ"تفعيل دور القضاء"، و"الاستمرار بالتظاهر السلمي وعدم التراجع"، وأن تعطي الدول الصديقة وغيرها "الفرصة للعراقيين لتقرير مصيرهم"، في إشارة منه إلى التدخل الإيراني والأمريكي في اختيار رئيس الحكومة.

وتعليقا على مطلب الصدر، قال القيادي السابق في تحالف "سائرون" علي مهدي في تصريح صحفي: إن "مطلب الصدر غير قانوني ولا يمكن اللجوء إليه، لكن من الممكن أن يتواصل الرئيس العراقي مع المتظاهرين لتشكيل لجنة تخرج باتفاق على شخصية مستقلة لقيادة الحكومة المقبلة".

وأوضح علي مهدي: أن "أن الكرة حاليا في ملعب الرئيس العراقي، ولا سيما أن كتلة سائرون التي تمتلك أكثر عدد من المقاعد في البرلمان أبدت عدم رغبتها في ترشيح أي شخصية لرئاسة الحكومة، وذلك يسهل مهمة رئيس الجمهورية".

تغيير كامل

على ما يبدو، فإن السيناريوهات المطروحة حتى الآن بعيدة عما يطالب به المتظاهرون،  إذ يسعون إلى تغيير العملية السياسية الحالية بالكامل.

وبحسب تصريحات للسياسي العراقي حامد المطلك، فإن "استقالة عبدالمهدي وحكومته لن تكون كافية، لأن الجمهور يريد تغيير العملية السياسية الحالية"، لافتا إلى "كل من يرد اسمه مرشحا لرئاسة الحكومة أو لتبوء مركز وزاري من هذه العملية سيرفضه المتظاهرون".

وأضاف أن المتظاهرين "يبحثون عن شخصية سياسية تتحلى بالكفاءة والنزاهة والعدالة الاجتماعية، وبالقدرة على القيام بواجباته بكفاءة عالية، وهذه لم تتوفر في القوى السياسية التي جربت حظها طيلة 15 عاما، وأثبتت فشلها بنظر الشعب العراقي الذي خرج متظاهرا يواجه الرصاص الحي".

وبخصوص تدخل أطراف دولية وإقليمية في اختيار رئيس الحكومة، قال المطلك: "اليوم إرادة الشعب العراقي هي أقوى من الإرادة الإقليمية والدولية التي تملي شروطها في العادة لاختيار رئيس الحكومة، لأن الشعب الذي قدم نحو 500 قتيل وقرابة 20 ألف جريح، لن يتأثر بالإرادة الدولية أو القوى السياسية الحالية".

تحالف الفتح كشف عن تفاهمات لحل البرلمان بعد تشكيل الحكومة

لكن تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري زعيم مليشيا "بدر" المقرب من إيران، كشف عن وجود مباحثات سياسية من أجل حل مجلس النواب بعد تشكيل الحكومة الجديدة، مبينا أن "إلغاء عمل الرئاسات الثلاث جاء ضمن المطاليب الأساسية للمتظاهرين".

وقال النائب عن التحالف محمد البلداوي في تصريح صحفي: إن "المطلب الأساس للمتظاهرين إقالة جميع أعضاء الرئاسات الثلاث دون استثناء شخص وإنهاء عمل الوزراء والكابينة الحكومية، وعلى القوى السياسية تنفيذها".

ولفت إلى أن "الكتل السياسية منشغلة في ترتيب أوضاع الحكومة المقبلة والتباحث في حل البرلمان بعد إقرار قانوني الانتخابات ومفوضية الانتخابات من أجل تلبية مطالب المتظاهرين".

واتهم البلداوي "الجانب الأمريكي بالسعي إلى بث الخراب في العراق وتشجيع أي عمل تخريبي في البلاد وركوب موجة التظاهرات الشعبية السلمية بذريعة التغيير".