الرياض تتبادل الأسرى مع الحوثيين.. لماذا تجاهلت مقاتلي الشرعية؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في وقت سابق، أعلنت السعودية أنها ستطلق 200 أسير حوثي من جانب واحد، كبادرة حسن نية تمهيدا لإنهاء الحرب المستمرة في اليمن منذ 5 سنوات، بعدها أطلقت الرياض بالفعل سراح 128 أسيرا.

وقال المتحدث باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي: إن "موضوع إطلاق الأسرى يأتي انطلاقا من حرص قيادة التحالف على مواصلة دعم جهود حل الأزمة في اليمن والدفع باتفاق ستوكهولم، بما في ذلك الاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى، وتهيئة الأجواء لتجاوز أي نقاط خلافية في موضوع تبادل الأسرى".

اللجنة الدولية للصليب الأحمر كتبت على حسابها بتويتر "نعيد اليوم 128 محتجزا يمنيا من السعودية إلى صنعاء. نرحب بهذه المبادرة ويسرنا أن تؤخذ الاعتبارات الإنسانية في الحسبان من أجل العائلات التي تنتظر عودة ذويها إلى ديارهم".

ورحبت جماعة الحوثي بهذه الخطوة، وكتب القيادي بالجماعة محمد علي الحوثي تغريدة عبر تويتر، رحب فيها بهذه الخطوة، ودعا أنصاره إلى "ترتيب استقبال جماهيري" للمفرج عنهم لدى وصولهم اليمن.

وفور وصول الأسرى الحوثيين إلى مطار صنعاء، رددوا شعار الجماعة أو ما تسمى بـ"الصرخة" وشعار النصر، حيث تم الإفراج عنهم بدون مقابل، وخارج اتفاقية تبادل الأسرى بين الشرعية والحوثيين.

اتفاقات سرية

معتقلات الحوثيين امتلأت بجنود من الشرعية كانوا يقاتلون في الخطوط الأولى في الحد الجنوبي للمملكة، من بينهم نحو 1800 جندي كانوا يقاتلون لدى السعودية في محور كتاف على الحدود مع صعدة، ونجحت جماعة الحوثي باستدراجهم وأسرهم مع ضباط سعوديين، في عملية التفاف تم الإعلان عنها في سبتمبر/أيلول الماضي.

حسب متابعين، فإن هؤلاء الأسرى لم يتم إطلاق سراحهم مع المفرج عنهم مؤخرا، كما أن عملية الإفراج لم تتم ضمن صفقة تبادل للأسرى، كما هو منصوص عليه في اتفاق ستوكهولم.

الإفراج تم من جانب واحد، وهو ما دفع كثيرين للتساؤل ما إذا كانت هناك اتفاقات سرية بين السعودية والحوثيين تجاهلت أسرى الشرعية، وتجاوزت اتفاقات ستوكهولم.

الطريف في الأمر حسب مراقبين، أن معظم الحوثيين الذين تم إطلاقهم كان قد  تم أسرهم على يد الشرعية التي تقاتل في الصفوف الأولى في الحد الجنوبي للمملكة.

ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي، تجري السعودية مع الحوثيين محادثات سرية مكثفة ومباشرة في مسقط، حسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

القيادي في المقاومة الجنوبية وأحد المعتقلين السابقين في سجون الإمارات السرية بعدن، عادل الحسني قال لـ"الاستقلال": "بالطبع، هناك حوار سعودي حوثي تحت الطاولة يجري دون الرجوع للشرعية، وطُلب من السعودية أن تبدأ بمبادرات لإثبات حسن النوايا، فأعلنت عن وقف طلعات الطيران على عدد من المحافظات اليمنية، وأعلنت عن إطلاق أسرى حوثيين، في مقابل أن يوقف الحوثيون استهداف شركات النفط والمطارات السعودية".

يضيف الحسني: "رغم المحادثات والاتفاقات بين الطرفين على بعض المسائل، إلا أنني أرى أنهم سيفشلون كما فشلوا في الماضي، وأن الحوثي سيأخذ منهم ما يريد ولن يعطيهم شيئا، كالعادة".

جنود الشرعية

أبدى كثيرون سخطهم واستغرابهم من التحالف الذي يدعي دعمه للشرعية ويفرج عن مقاتلين حوثيين، في نفس الوقت الذي يستمر في اعتقال جنود من الشرعية بعدن، منذ أكثر من 4 سنوات.

تقول أم مجد العودي، وهي أم لأحد المعتقلين في سجون الإمارات السرية بعدن، لـ"الاستقلال": "لم نعد نطالب التحالف بدعمنا وإجراء صفقة تبادل مع الحوثيين، بل نطالبه بالإفراج عن أبنائنا الذين تعتقلهم في سجون سرية أنشأتها الإمارات، شريك التحالف في عدن".

تضيف العودي: "أبناؤنا دافعوا عن عدن وقاوموا الحوثي وطردوه، لكن الإمارات قامت باعتقالهم، في سجنها في بير أحمد، ونقلتهم إلى معتقل سري آخر لا نعرفه، نحن متنازلون عن مطالبنا من التحالف بإجراء صفقة تبادل، وتنفيذ اتفاقية ستوكهولم، يفرج عن أبنائنا وحسب، وهذا يكفينا".

كانت تقارير صحفية ودولية قد كشفت أن الإمارات تخفي قسريا معتقلين كانت قد اختطفتهم في وقت سابق من عدن، وتقوم بتعذيبهم، عبر قوات الحزام الأمني التي قامت بإنشائها، عقب دخولها عدن.

وفي تقرير لوكالة أسوشيتد برس بعنوان: "من داخل السجون السرية: استطعنا سماع الصراخ" كشف عن وجود 18 سجنا سريا تديرها قوات تابعة للإمارات في جنوب اليمن، تقوم بتعذيب سجناء بوسائل وحشية دون محاكمات". 

وصدر تقرير أممي عن لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة في أغسطس/آب من العام 2018 أكد تورط "الحزام الأمني بارتكاب جرائم حرب محتملة، وانتهاكات جسيمة، وانتهاكات بحق القانون الدولي الإنساني، وأعمال عنف تراوحت بين اختطاف وتعذيب واغتصاب، نفذتها قوات الحزام الأمني التي ترعاها الإمارات"، حسب نص التقرير.

ونفذت رابطة أمهات المختطفين بعدن عشرات الوقفات الاحتجاجية وطالبت بالإفراج عن أبنائها المختطفين في السجون الإماراتية بعدن، والكشف عن مصيرهم.

اللافت في الأمر أن الحوثيين كانوا قد أعلنوا أسرهم لعشرات الجنود والضباط السعوديين، في محور كتاف التابع لمحافظة صعدة، إلا أنه لم يتم الكشف حتى الآن عن مصير الضباط السعوديين الذين تم أسرهم.

وحسب الكاتب والباحث فهد سلطان، في حديث لـ"لاستقلال"، فإن "الأسرى من الجنود والضباط السعوديين، لا يتم إدراجهم ضمن صفقة تبادل مع المعتقلين الحوثيين الذين تم أسرهم في المعركة".

ورجح الكاتب اليمني أن "الأسرى من الجنود والضباط السعوديين يتم إطلاقهم مقابل الإفراج عن قيادات حوثية مهمة، أو مقابل فدية مالية كبيرة".

اتفاق ستوكهولم

ونصت اتفاقية ستوكهولم التي تم توقيعها بين الشرعية والحوثيين، برعاية أممية، ودعم من قبل تحالف الرياض أبوظبي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على إجراء تبادل الأسرى لدى الطرفين (الشرعية ـ الحوثيين) غير أن هذا الملف شهد تعثرا، رغم مرور أكثر من عام على توقيعه، حيث تراجع الحديث من تبادل الأسرى إلى تبادل جثث الأسرى، ومع هذا لم تنجح حتى الجهود المتعلقة بتبادل جثث الأسرى.

تجدر الإشارة إلى أن الأسرى لدى الحوثيين يختلفون عن الأسرى لدى الجيش الوطني، فالأسرى لدى الجيش هم مقاتلون حوثيون تم أسرهم من أرض المعركة، بينما الأسرى لدى الحوثيين، معظمهم من المدنيين تم أسرهم في المدن والأرياف اليمنية.

وكان الحوثيون قد شنوا حملات اختطاف واسعة عقب انقلابهم على الحكومة الشرعية في 21 سبتمبر/أيلول 2014، اعتقلوا خلالها المعارضين السياسيين، ثم قاموا بحملات فردية عقب السنوات التي تلت الانقلاب، اختطفوا واعتقلوا فيها صحفيين ومحامين وأطباء ومدرسين، وذلك بحجة أنهم من الخلايا النائمة، وأدرجوهم في قائمة تبادل الأسرى كأسرى حرب، لمبادلتهم بمعتقلين حوثيين أسروا في المعارك.