بعد الجنود والمرتزقة.. أسباب تنظيم روسيا رحلات سياحية إلى سوريا

12

طباعة

مشاركة

أعلنت شركتان روسيتان للسفر عن جولات سياحية في سوريا التي دمرتها ثماني سنوات من الحرب، شاركت فيها موسكو بجانب رئيس النظام بشار الأسد، إما عن طريق الجنود أو المرتزقة.

وتقول مجلة "لوبوان" الفرنسية: "منظمو الرحلات الروسية لا يضيعون الوقت، فسوريا الآن أصبحت موجودة على قائمتهم، من خلال رحلة أسبوعية في البلد الذي خلفت الحرب فيه حوالي 370 ألف قتيل و3 ملايين من النازحين أو اللاجئين، فيما القتال مستمر في أماكن أخرى من المقاطعات الشمالية".

وأوضحت أن وكالتي السفر ميراكل وكيليمانجارو، تدرج ضمن برامجهما رحلة مقابل 1500 يورو، تشمل زيارة دمشق وحلب وتدمر وصيدنايا، فمنذ يوليو/تموز، هناك رحلة مباشرة تربط بين موسكو والعاصمة السورية.

وذكرت أن كيليمانجارو أرسلت بالفعل حوالي 50 سائحا هذا العام لسوريا، أما بالنسبة لميراكل، فهي تنوي تدشين رحلة أولى تضم 15 شخصا في مارس/آذار 2020.  

ويؤكد المسؤول في وكالة السفر الروسية فيكتور كومين لوكالة "ريا نوفوستي": "نحاول إقناعهم، حتى لو كان الطلب منخفضا والفوضى لا تزال موجودة".

ما الهدف؟

الهدف هو إعادة وصول عدد السياح الروس لـ 3000 سائح سنويا كما كان الحال قبل اندلاع الثورة السورية 2011، ووفقا للسفير السوري في موسكو الذي يقول مطمئنا: "يمكنهم زيارة المعالم الأثرية والشواطئ التاريخية في اللاذقية بهدوء".

وبحسب خدمات الحدود الروسية فقد زار سوريا في عام 2019 نحو 334 سائحا روسيا، وهذا الرقم يشكل ثلاثة أضعاف عدد السياح الروس عام 2018.

ويتوقع الخبير في شؤون الشرق الأوسط، جريجوري ليونتييف، أن تصل أعداد السياح إلى عشرات الآلاف خلال فترة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات.

إلا أن المواقع المعدة للزيارة، تبدو وكأنها ساحات القتال، كحلب على سبيل المثال، حيث لدى الوكالات ضمانات بإعادة فتح المتحف، في هذه المدينة القديمة التي شوهتها الحرب، وفق المجلة.

ويصف دليل "لونلي بلانت" السياحي سوريا بأنها أحد أكثر الأماكن خطورة على الكوكب، وينصح الناس بالعبارة التالية "لا يمكنك الذهاب، وإذا استطعت فلا ينبغي عليك ذلك". 

ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، فإن 30٪ من المدينة القديمة قد دُمرت بالكامل بسبب حملة القصف التي شنها النظام ضد مواقع الثوار، بينما تعرض البقية لأضرار جسيمة.

أما بالنسبة لتدمر، الملقبة بجوهرة الصحراء، وأحد المواقع الموضوعة على قائمة التراث العالمي، فهي لا تبدو في وضع أفضل، توضح "لوبوان"، التي أكدت أنه منذ أن دمر تنظيم الدولة قوس النصر الذي يعود إلى 2000 عام ومعبد بل، فشلت أعمال الترميم في تحقيق أي تقدم.  

والأمر الأكثر إحراجا هو أن المتطرفين ما زالوا ينشرون الرعب في المنطقة، ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، اشتبك النظام السوري مع العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الذين لجؤوا إلى كهوف طبيعية تقع شرق المدينة.

من ناحية أخرى، فإن صيدنايا، التي تقع على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من دمشق، لم تعد تشتهر بسمعتها المتميزة حيث الأثار الدينية، ولكن بوجود سجن عسكري تحول إلى معسكر للإبادة.  

طمس الإجرام

فبحسب منظمة العفو الدولية، جرى إعدام 13 ألف شخص هناك بين عامي 2011 و2015. والقضاء على الثوار على نطاق واسع سرا في الطوابق السفلية، غالبا يومي الاثنين والأربعاء من أكل أسبوع، وفي منتصف الليل.

وتضيف: السياح "بالتأكيد لن يعرفوا هذا، ولن يذكر رجال الأمن السوريون، المسؤولون عن الإشراف عليهم، عمليات الإعدام الجارية هناك، بل سيتم دعوتهم للتأمل على ارتفاعات دير أرثوذكسي أسسه الإمبراطور جاورجيوس".

وقال ممثل ميراكل: "لا يوجد خطر حقيقي على الروس"، وهذه وجهة نظر صحيحة. ووفقا للمجلة فإن روسيا حاضرة في سوريا، حيث تنشر 63000 جندي أنقذوا نظام بشار الأسد، كما ينظر إلى الرئيس فلاديمير بوتين الآن على أنه عراب المنطقة.  

ونوهت كذلك إلى أن المرتزقة الذين يعملون لدى شركة فاجنر، وهي شركة يديرها مقربون من الكرملين، يفرضون قوانينهم في سوريا.

ففي مقطع فيديو نشر مؤخرا ، قطع ستة من المرتزقة رأس "هارب سوري من الجيش" قبل تعليقه من قدميه وإشعال النار في جسده، وهو الحادث الذي علق عليه المتحدث باسم بوتين بالقول: "هذا ليس من شأن الكرملين". 

يشار إلى أنه في عام 2011 قالت موسكو: إنها غير معنية بمصير الأسد، لكن في الثلاثين من سبتمبر/ كانون أول 2015 وافق مجلس الدوما الروسي بالإجماع بعد اجتماع لبضع دقائق على إرسال قوات إلى سوريا.

ورغم أن بوتين تعهد حينها للمجلس بأن روسيا لا تنوي حشر نفسها بما يجري في سوريا، وأن تدخلها سيقتصر على سلاح الجو لاستهداف مواقع تنظيم الدولة دون المشاركة في العمليات البرية، فإن الأحداث أثبتت عدم صحة ذلك، وشكل تدخل موسكو في الحرب لدعم الأسد نقطة تحول في النزاع.  

وتؤكد الأرقام الرسمية للحملة الروسية لدعم الأسد منذ عام 2015، أن 63,012 جنديا روسيا شاركوا في الحملة العسكرية بسوريا، ويشمل هذا الرقم 25738 ضابطا، و434 جنرالا، إضافة إلى 4329 مختصا في المدفعية والصواريخ. 

ومع اقتراب النظام السوري من بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية، أصبحت موسكو، حليفة الأسد في موقع قوة عسكريا وسياسيا، ومع التراجع الأمريكي، فرض الكرملين نفسه كقوة عالمية مخولة لملأ هذا الفراغ.