على غرار ليبيا.. هل تلعب أنقرة دورا سياسيا وعسكريا في اليمن؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالب يمنيون الحكومة التركية بلعب دور سياسي إيجابي في اليمن، إلى جانب الدور الإنساني والإغاثي الذي تلعبه منذ سنوات، وذلك لتوسيع خيارات الحكومة الشرعية، وخلق حالة توازن، بما يحقق مصالح اليمنيين ويضمن قرار اليمن السيادي.

أتى هذا الطرح في سياق مطالبة الحكومة الشرعية بإعادة رسم خريطة تحالفاتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، بما يحقق مصالح اليمنيين في استعادة دولتهم ووحدة ترابهم الوطني، ورفض كل أشكال الوصاية والهيمنة للتحالف السعودي الإماراتي الذي مارس دورا سلبيا على الحكومة الشرعية وجعلها في حالة ارتهان لا تملك فيه قرارها.

الكاتب والباحث محمد الأحمدي قال لـ"لاستقلال": "تركيا بطبيعة الحال شريك حضاري وتاريخي لليمنيين، ويمكن أن تلعب دورا إيجابيا في خلق حالة من التوازن لتحقيق مصالح الشعب اليمني، ومحاولة العمل على إيجاد حلول مستدامة تصب في صالح اليمنيين كلهم، دون أي وصاية أو فرض مطامع لأي قوة خارجية تحت أي حجج أو ذرائع".

وأضاف الأحمدي: "يجب على  الحكومة الشرعية في اليمن أن تعيد رسم خارطة علاقتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية في ضوء التطورات في المشهد الإقليمي والدولي، وبما يساعدها في التخفف من وطأة الارتهان للقرار السعودي، ويساهم بإعادة امتلاكها قرارها الوطني، والتحرك بأريحية أفضل من الوضع الراهن الذي سلَب من الحكومة الشرعية قرارها، وجعلها رهينة لمزاج الرياض".

في يوليو/تموز الماضي، شن رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، اللواء محسن خصروف، هجوما حادا على الرياض، وانتقد طريقة تعاطي التحالف مع الحكومة، قائلا: "علاقة الشرعية بالتحالف علاقة ارتهان، لا تملك فيه الشرعية قرارها"، الأمر الذي تسبب بإيقافه وإحالته للتحقيق.

طالب يمنيون أنقرة بلعب دور إيجابي في بلادهم بما يضمن مصالحهم

بديل للتحالف

يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، لـ"الاستقلال": "لا توجد مطالبات صدرت عن تكتل سياسي أو عن حزب أو عن جماعة، لكن هناك أطروحات دائما  يضعها بعض الكُتّاب، وهناك تساؤلات حول إمكانية أن تقوم تركيا بدور سياسي بالنظر إلى وزنها الإقليمي لحلحلة الأزمة اليمنية".

مضيفا: "أيضا هناك في الغالب من يطرح تركيا كبديل لتدخل التحالف العربي الحالي، لإحداث توازن وحفظ مصالح الدولة اليمنية، خصوصا بعد أن ظهرت الأجندة الخطيرة لهذا التحالف ضد المصالح اليمنية وضد الوحدة اليمنية".

وتابع: "لكن في المقابل فإن الخطاب الإعلامي والسياسي المعادي، خصوصا الذي يصدر عن الإمارات والسعودية ومصر، وعن قوى محلية يمنية أيضا، كان دائما يضع تركيا في خانة من يساند الربيع العربي، ويدعم حزب الإصلاح على وجه التحديد، وكانت هناك تقارير مواظبة منذ 2011 تتحدث عن تهريب أسلحة تركية إلى اليمن، ويتم حشر اسم حميد الأحمر (قيادي في الإصلاح)، على أنه طرف في استيراد هذه الأسلحة".

يضيف التميمي: "هناك من يشيطن الموقف التركي، اعتقادا من مصدري هذا الخطاب بإمكانية التحام الموقف التركي مع الربيع العربي، لكن موقف أنقرة ظل من حيث المبدأ مع الربيع العربي إجمالا دون دعم مباشر، فأصبحت تركيا هي الملاذ الآمن لهذه الأحزاب والناشطين والمفكرين والإعلاميين، وفي هذا السياق يمكن فهم دور تركيا".

وتابع التميمي: "موقف تركيا واضح في دعمها للسلطة الشرعية في اليمن، وهي إلى جانب الحكومة الشرعية ضمن الدول الـ18 الراعية للعملية السياسية والداعمة للمبادرة الخليجية، ولها دور كبير جدا في الجانب الإنساني، وفي دعمها للجهود الإغاثية للمنظمات الدولية، ومع ذلك فإن هناك من يستمر في الحديث عن دور تركي سيئ أو معادي على الساحة اليمنية".

توازن القوى

لعبت أنقرة دورا دبلوماسيا وعسكريا في ليبيا، وفرضت وجودها بعد التقارب مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، برئاسة فائز السراج.

وأثناء زيارة قام بها السراج، لأنقرة، في يوليو/تموز الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تدعم حكومة الوفاق وتزودها بالأسلحة بموجب "اتفاقية تعاون عسكري"، مؤكدا استمرار دعم الحكومة الشرعية سياسيا وعسكريا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

وأضاف أردوغان أن الدعم التركي سمح لطرابلس "بإعادة التوازن" في القتال ضد حفتر، الذي يحظى بدعم الإمارات ومصر.

الدعم التركي ساهم في منع سقوط العاصمة طرابلس بأيدي التشكيلات المسلحة بقيادة حفتر المدعوم من قوى عربية وإقليمية وغربية، إثر هجوم شنه على العاصمة طرابلس في أبريل/نيسان الماضي.

بسبب فشله في السيطرة على  طرابلس، وجه حفتر اتهامه إلى تركيا، وقال: إن الوحدات التي قاتلت في معركة طرابلس كانت مجهزة بعربات مصفحة وطائرات تركية من دون طيار.

قدمت أنقرة للحكومة الشرعية في ليبيا دعما سياسيا وعسكريا استطاع أن يحقق التوازن ويفشل مشروع الميلشيات

وعلى غرار الحالة الليبية، أنشأت الإمارات تشكيلات مسلحة وأحزمة أمنية منذ تدخلها في اليمن، ودعمت في أغسطس/آب الماضي انقلابا على الحكومة الشرعية، أدى إلى سقوط عدن والمحافظات المجاورة لها بيد المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا والميلشيات المسلحة التابعة لها.

يمنيون طالبوا الحكومة التركية بلعب دور سياسي إيجابي وفعال، ودعم الحكومة الشرعية ضد الميلشيات التي تمولها الإمارات في الجنوب، والتي تقاتل ضد وحدات الجيش الوطني، وتسيطر على مدينة عدن منذ أكثر من 4 سنوات، وذلك للحيلولة دون عبث الإمارات بالجنوب، والسيطرة على موانئ وجزء اليمن وثرواتها.

غير أن افتقاد الحكومة الشرعية للدعم الحقيقي، أدى إلى سقوط عدن بيد الميشليات التابعة للإمارات، ونجاح عملية الانقلاب التي مولتها ودعمتها أبوظبي.

تحركات رسمية

أنقرة أعلنت استعدادها للعب دور يسهم بحل الأزمة في اليمن، وفي مطلع يناير/كانون  الثاني 2019، أشار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تصريحات رسمية، إلى أن حل مشكلة اليمن سيكون ضمن أولويات تركيا للعام 2019، كما نوه إلى أن أنقرة ستواصل مساعيها لإنهاء الحرب في اليمن، منها عقد اجتماع لمجموعة الاتصال الخاصة باليمن.

وبعد نحو أسبوع من ذلك التصريح، التقى نائب وزير الداخلية التركي إسماعيل تشاتاكلى، برئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، في قصر المعاشيق بمدينة عدن اليمنية.

تشاتاكلي أكد خلال اللقاء أن اليمن يحظى دائما بحرص واهتمام القيادة التركية التي تتابع باهتمام التطورات السياسية والميدانية في اليمن. كما التقى تشاتاكلي بوزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، وبحثا سبل تقديم الدعم والتعاون المشترك بين البلدين الشقيقين في المجال الأمني والتأهيل والتدريب والتجهيز وتفعيل اللجنة المشتركة.

من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي التركي فراس أوغلو، أن دور بلاده في اليمن يتوسع أكثر، لأسباب عدة منها "إدراك الرياض الذي تقود عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين، لأهمية نفوذ أنقرة كقوة إقليمية".

وأضاف فراس أن "زيارة نائب وزير داخلية تركيا لعدن قد تقود نحو حضور أمني مساند للسلطة الشرعية، يتجاوز وجود أنقرة القوي في المسألة الإنسانية".

وتابع: "هناك بعض الأمور التي ستوكل إلى تركيا أمنيا، لعل أبرزها تدريب عناصر الشرطة اليمنية، نظرا للباع الطويل لها في هذا الأمر، وعلى غرار ما تقوم به من تدريب الشرطة الأوكرانية والبلقانية".

 أكد نائب وزير الداخلية التركي أن اليمن يحظى دائماً بحرص واهتمام القيادة التركية

دور إنساني

وتقوم أنقرة بجهود إنسانية وإغاثية منذ بداية العقد الجاري، وقد نفذت الحكومة التركية عبر برنامج وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" عدة مشاريع إنسانية وإغاثية في  اليمن، يصل عددها إلى 93 مشروعا، في عدة مجالات، أبرزها الصحة والتعليم والزراعة والبنية التحتية.

وعززت تركيا سياستها الخارجية الإنسانية منذ اندلاع الحرب في اليمن، لا سيما في الجانب الصحي والغذائي. وصرح أردوغان في أحد خطاباته عن اليمن قائلا: "لن نترك شعب اليمن وحيدا"، ووجه بوجود فريق تركي في اليمن بشكل مستمر، لدراسة ورصد أهم الاحتياجات التي تتطلب تدخلا إغاثيا وإنسانيا سريعا.  

وتقدم تركيا، عبر منظمات وهيئات وجمعيات حكومية وأهلية، مشروعات وبرامج إغاثية وتنموية في مختلف المحافظات اليمنية.

وبعد مقتل خاشقجي والتفات الجانب التركي، على المستوى الرسمي والشعبي، للأزمة اليمنية التي تسببت بها حرب السعودية، تم تنظيم حملات شعبية خيرية وتبرعات إنسانية لإغاثة المتضررين من الحرب في اليمن.

وكشفت الوحشية التي قتل بها خاشقجي من قبل عناصر تابعة للنظام السعودي، عن الوحشية التي تمارسها السعودية في اليمن، بنفس القدر ولكن على نحو أوسع، ودفع ذلك الجانب الرسمي التركي للتعاطف مع ضحايا حرب السعودية في اليمن، والهجوم على الرياض التي تشن حربا باليمن منذ نحو 5 سنوات.