الخلافات تعصف بأكبر حزب تركي معارض.. توقعات بعزل قيادات

12

طباعة

مشاركة

ضج المجتمع التركي بتصريحات نارية متبادلة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، على إثر حديث الصحافة عن لقاء سري بين شخصية كبيرة من الحزب المعارض وأردوغان، وأن الأخير تعهد بدعمه إذا ترشح لزعامة الحزب.

الصحفي الذي نشر الخبر في صحيفته يدعى رحمي توران، والذي قال إنه استقى المعلومة من الصحفي طلعت أتيلا، وأن الشخص المقصود هو محرم محرم إنجة. لكن أردوغان أكد استعداده للاستقالة مباشرة من رئاسة تركيا، في حال أثبت كليجدار أوغلو، صحة ادعاءات لقائه مع نائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض.

"مؤامرة مدبرة"

أما محرم إنجة، فرد بقسوة أكثر على تلك الأنباء بالقول: "يريدون تصفيتي، حيث الحرب بدأت علي منذ الانتخابات الرئاسية التي نافست فيها السيد أردوغان، يخشون من تصاعد نجمي ويريدون التمهيد لكليجدار أوغلو للفوز مجددا برئاسة الحزب في المؤتمر العام المرتقب".

وشدد على أن "التنظيم الموازي FETÖ)) مخترق لحزب الشعب الجمهوري، بل ومخترق للعدالة و التنمية أيضا، ومخترق من جميع الأحزاب السياسية بلا استثناء، يجب الكشف عمن دبر لهذه المؤامرة من داخل حزب الشعب الجمهوري وطردهم من الحزب".

وأشار إنجة إلى أنه "كسياسي وبرلماني سابق ومرشح رئاسي سابق، وخدم في الحزب 40 عاما، يمكن له أن يلتقي من يشاء، ولكنه يستأذن رئيس الحزب ويعلن عن ذلك قبل القيام به".

ومنذ ذلك الوقت تضغط الأطراف الصحفية والسياسية في البلاد على الصحفيين الذين كتبوا عن الموضوع من أجل كشف مصادرهم والإعلان عن الجهات التي زودتهم بهذه الأنباء من أجل تحديد الأطراف التي دبرت هذه "المؤامرة"، حيث نشر الصحفيون تاريخ وساعة ورقم السيارة وتفاصيل أخرى دقيقة عن اللقاء المزعوم الذي بات يتصدر النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام.

وفي هذا السياق ذاته، قال الكاتب عبدالقادر سيلفي المقرب من دوائر القرار التركية، في مقال نشرته صحيفة "حرييت": إن "الاجتماع الأسبوعي لحزب الشعب الجمهوري على الرغم من أنه كان في موعده المعتاد لكنه بدا وكأنه غير اعتيادي واستثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

وأضاف الكاتب: أن نتائج الاجتماع لا تذهب لإحالة إنجة إلى التحقيق ولا حتى فصله، لكن البعض من قيادات الحزب يوجهون الانتقادات له، وجل هذه الانتقادات تتركز في تصريحات إنجة والتي قال خلالها "هناك عصابة في مقر الحزب".

وتابع: قيادات الحزب يطالبون بالفعل في معرفة من هي تلك العصابة ومن تكون ومن أعضاؤها، وإلا فإن الاتهام يوجه من خلال تصريحات إنجة تلك إلى زعامة الحزب والمجلس القيادي فيه، وعليه لا يمكن للحزب أن يسكت على مثل الادعاءات.

وبحسب سيلفي، فإن مختصر الحديث هنا من أولئك الأعضاء، "إما أن يقول إنجة ما لديه من معلومات ويفصح عنها ويذكر الأسماء التي لمح إلى أنها هي العصابة أو يقصدها بذلك، أو أن يقوم الحزب بما يتوجب القيام به في مثل هذه الظروف".

وعرّج الكاتب على تصريحات زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، التي أدلى بها في الاجتماع العام للحزب، "نحن نعلم أن القصر أراد تشويش حزب الشعب الجمهوري منذ فترة وبالفعل كانت هناك تقارير تفيد بأن بعض أفراد حزب الشعب الجمهوري ذهب إلى القصر الرئاسي في أنقرة، ونحن نحذر من ذلك منذ فترات طويلة".

ويرى زعيم الحزب المعارض، بحسب الكاتب، أن "كل ما يحدث يجري من مؤسسات داخل الدولة، للتشويش على حزب الشعب الجمهوري. من خلال استفزاز عملية المؤتمرات الخاصة بنا". وتابع: "يريدون صورة حزب الشعب الجمهوري حيث تدور المعارك والطاولات والكراسي تطير في الهواء".

ووصف كليجدار أوغلو ذلك بأنه عملية "كي" وعي للجماهير التركية ليجعلهم يتساءلون: "أهؤلاء الذين تريدون منهم أن يديروا تركيا؟ هؤلاء لا يستطيعون إدارة حزب، فهل يستطيعون قيادة دولة عظيمة مثل تركيا". وأضاف: "أنا أعلم أن هناك تعليمات رئاسية مثل تلك من أجل تشويه صورة الحزب مجتمعيا".

وبالعودة إلى الكاتب سيلفي، فأكد أن "اللقاء بين محرم إنجة وكليجدار أوغلو بات مستبعدا بعد مؤتمر إنجة الصحفي في يلوا وسيل الاتهامات التي ساقها خلال المؤتمر".

من المستفيد؟

وتساءل الكاتب، هنا حول تبعات هذه الضجة؟، وقال: "من المعروف أن البرلمان التركي يعكف على سلسلة من القوانين التي يرغب في سن بعضها وتعديل البعض الآخر، ولقد بدأ حزب العدالة والتنمية حراكه في هذا الصدد مبكرا".

وأشار إلى أن خلاصة ما يحدث هو عملية الإطاحة بثلاث شخصيات هي "محرم إنجة، وبعدها كمال كليجدار أوغلو، وأخيرا رجب طيب أردوغان"، مذكرا بحيل قديمة أطيح من خلالها بزعيم حزب الشعب الجمهوري دينيز بايقال، وتسلم مكانه كمال كليجدار أوغلو، غير أن هذه اللعبة كررت مع زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي لكنها لم تجدِ نفعا".

وتابع الكاتب: أن "العام 2023 حيث الانتخابات الرئاسية التركية من المقرر أن تجري في تلك السنة، ومن الآن جاري التحضير لها، وجاري محاولة التخلص من العقبة الكؤود، وحتى تنجح هذه الخطوة وجب التخلص من رؤوس أخرى، ومن بينها زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي يبدو أن غيابه في المرحلة المقبلة مفيد أكثر من حضوره"، مبينا أن "الفائز الوحيد من كل ذلك هو أكرم إمام أوغلو".

ومن جانب آخر، نوّه إلى أن "عملية إنشاء حزب جديد باتت وتيرتها أسرع، ويمكن القول إن حزب أحمد داود أوغلو تقريبا اكتمل، حتى ثمة من يردد اسم الحزب وشعاره، لكن من المفضل هنا هو أن تبت اللجنة القيادية للحزب بذلك كله".

وأردف: "لكن في الجهة الأخرى من المشهد، فإن حزب علي باباجان وعبد الله غل ما زالت الصورة ضبابية والصمت سيد المرحلة"، مشيرا إلى أنه "من المحتمل أن يجري داود أوغلو لقاءات مع علي باباجان وغل ودعوتهما للتحرك سوية والعمل المشترك، لكن في المقابل لا يرحب غل بداود أوغلو ولا يحبذ كثيرا العمل معه في رحلة الحزب الجديد، وعليه فإن لقاء كهذا وإن حدث لا يتوقع منه نتائج إيجابية".

السيناريو الأقرب

وعلى صعيد ذي صلة، تطرق الكاتب محمد بارلاس إلى قضية، محرم إنجة، والصراع الداخل الدائر في أروقة الحزب الجمهوري، متسائلا: "هل يمكن أن يخرج الحزب محرم إنجة من صفوفه؟".

وفي مقال له بحصيفة "صباح" القريبة من الحكومة، أجاب الكاتب على سؤاله بالقول: إن "النتيجة المؤكدة هي بالفعل إخراج إنجة من صفوف الحزب، وهذه النتيجة هي السيناريو الأقرب بعد حدوث ما حدث".

وتابع: ما حدث هي فرصة لإنجة لكيل الاتهامات للحزب الذي أزاحه عن الأضواء فترة من الزمن، مؤكدا في تصريحات أن ثمة شخصيات في الحزب تكيل الاتهامات له، هذه الشخصيات يجب أن تحاسب وتعاقب.

ونقل الكاتب تغريدة لمحرم إنجة كتب فيها: "هذه الواقعة في حقيقتها مجرد افتراء عليّ، والمؤامرة واضحة في كل تفاصيلها، ما يجب على إدارة حزب الشعب الجمهوري القيام به الآن هو إيجاد ومعاقبة هذا المفتري في حزبنا، وإذا لم يعثروا على هذا الشخص، فلن يفاجؤوا بمواجهة نفس الواقعة ونفس الاتهامات مع آخرين".

ورأى  الكاتب، أنه بغض النظر عن تفسيرات كليجدار أوغلو للواقعة، فإن الرد الأقسى صدر من زعيم كتلة حزب الشعب الجمهوري في البرلمان انجين ازوكوتش، والذي رد على سيل من تصريحات إنجة وكتب على "تويتر" قائلا: "إذا كان لديك الدليل فتحدث وإلا فاصمت، ما تحدث به إنجة هو مجرد نميمة وكذب وإذا لم تستطع إثبات ما لديك، فأنت شخص عديم المروءة أو جبان".

بعد هذا كله هل يمكن أن يصمت إنجة على هذه الاتهامات؟ هل يمكن أن يتسامح أعضاء الحزب معه أصلا بعد ما كاله هو الآخر من اتهامات؟ وبشأن هذه التساؤلات يختتم الكاتب حديثه بالقول: إن "تصريحات أوزكوتش قد تكون أولى علامات طرد إنجة من الحزب".