يحملها الآلاف.. هذا مستقبل الإقامات السياحية في تركيا

12

طباعة

مشاركة

مساء الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كان الملايين من أبناء الجاليات العربية المقيمين في تركيا بموجب إقامات سياحية على موعد مع القلق والتوتر إثر توارد أنباء عن صدور قرار من إدارة الهجرة بوزارة الداخلية التركية بوقف صدور أو تجديد هذه الإقامات السياحية.

بعد مناقشات واستفسارات واتصالات بمسؤولين نافذين في الدولة التركية، تبين أنه لم تصدر قرارات جديدة بعد في هذا الشأن، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دراسة تجريها المديرية العامة لإدارة الهجرة يمكن من خلالها صدور قرار بإيقاف تجديد الإقامات السياحية للأجانب المقيمين، ومنحها مرة واحدة فقط لمدة سنة غير قابلة للتجديد، على أن يتم تفعيل القانون الجديد ـ حال صدوره رسميا ـ مع بداية عام 2020.

وحسب تصريحات مسؤولين أتراك على تواصل مع الجاليات العربية، فإن القرار الجديد الجاري مناقشته يبحث إجراء تعديل على مشروع القانون الخاص بالإقامات لكل الجنسيات الأجنبية مع إمكانية استثناء المنتمين لبعض الدول التي تعاني صراعا سياسيا أو حروبا، بحيث يكون التعامل معهم كحالات إنسانية.

ورغم أن القرار لم يصدر بعد، إلا أن مجرد مناقشته أو الحديث عن نية صدوره خلق جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناولته وسائل الإعلام العربية الصادرة من تركيا، وجعل الكثيرين يتسائلون عن البدائل التي يمكن للمقيمين في تركيا غير القادرين على الرجوع إلى بلدانهم بسبب الوضع السياسي اللجوء إليها؟.

وضع استثنائي

في أول تعليق رسمي عن الأخبار المتداولة، قال ياسين أقطاي أحد مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن السلطات التركية تعتزم ضبط منح الإقامات السياحية للأجانب.

وشدد أقطاي، على أن "القرار الجديد لا يشمل من يحمل جنسية أي دولة عربية تعاني من الصراعات، ممن هناك خطر على مصيرهم في حال عودتهم إلى بلادهم".

مشيرا إلى أن الحكومة التركية تقدر ظروف المصريين الموجودين في تركيا، وبالتالي لن تقدم على ترحيل أي منهم إلى بلادهم.

وعن سبب القرار، أوضح مستشار أردوغان أن هناك نحو 500 ألف إقامة غير نظامية في إسطنبول بخلاف المدن التركية الأخرى وهي تحتاج إلى إعادة ضبط.

الأوضاع التي يعيشها العالم العربي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في 2011، جعلت الملايين يلجأون إلى تركيا والإقامة فيها عبر إقامات سياحية بخلاف آلاف الطلاب وراغبي الاستثمار.

ومن أجل هؤلاء جعلت الحكومة التركية منح الإقامة بجميع أنواعها على أراضيها سهلا ودون أية عوائق قانونية، على خلاف العديد من دول العالم. وعملت أنقرة على توسيع الدوائر الحكومية المعنية باستخراج الإقامات للأجانب، بكافة أنواعها، وتوفير موظفين يتكلمون لغات أخرى كالعربية والإنجليزية، لتسهيل التواصل مع الأجانب.

تصويب الوضع

قال البرلمانى والسياسي المصري، عادل راشد، المطلع على الشأن التركي: إن الأمر لا يتعلق بقانون إذ لن يصدره البرلمان بل هو قرار إداري ربما يتخذه وزير الداخلية التركي الهدف منه هو إعادة ترتيب الأمور مشددا -نقلا عن مسؤول رفيع المستوى- على أن القرار وفي حال تطبيقه سيستثني المصريين واليمنيين والسوريين للظروف الاضطرارية الخاصة بهم.

وأوضح المتحدث لـ"الاستقلال" أن الدولة التركية من خلال ماتردد حول هذا القرار وبمراجعة المسئولين تسعى لإعادة ترتيبات وإجراءات منح الإقامات السياحية مراعاة للتوزيع الجغرافي على الولايات والبلديات المختلفة من أجل راحة الأتراك والأجانب وفرص العمل والسكن والمواصلات وغيرها من الخدمات.
 
وأضاف راشد: أن الوضع الطبيعى في معظم دول العالم هو أن يحصل السائح على إقامة أقصى مددها 6 أشهر، وأن يستخرج الطالب إقامة طالب، والعامل إقامة عمل، حتى يكون الوضع داخل البلد سويا. معتبرا أن الكثيرين يسيؤون استخدام ما منح لهم من تسهيلات ويطلبون المزيد باعتبار الاستثناء أصبح أصلاً.

وأردف راشد قائلاً: ومن لم يتمكن من الحصول على إحدى هذه الإقامات فيمكنه أن يطلب إقامة إنسانية وهي نوع من الإقامات لا يوجد في أي بلد آخر غير تركيا، وهي ما بين اللجوء والإقامة السياحية، استحدثتها الحكومة التركية لتسوية أوضاع غير القادرين على العودة إلى بلدانهم ولايستطيعون استيفاء شروط الإقامة السياحية.

وعن عدد الأفغان الذي ناهز 2 مليون مقيم في تركيا شدد المتحدث للصحيفة، نقلا عن مسؤول رفيع من حزب العدالة والتنمية الحاكم، على أن الرقم قد يكون مبالغاً فيه وأن عددهم ربما لا يتجاوز 500 ألف مشدداً مرة أخرى على أن القرار في حال تطبيقه لا يستهدف التضييق على جنسية بعينها إنما ضبط الإجراءات فحسب.

الحل الأمثل

واعتبرت الإقامة السياحية في تركيا هي الحل الأمثل للراغبين في الإقامة لفترة عامين أو أقل. وأصبح الحصول على الإقامة السياحية شرطا أساسيا للراغبين لإجراء عدد من المعاملات داخل البلد.

ومن جهته، أكد نائب مدير إدارة الهجرة العامة "غوغتشاه أوك"، للائتلاف الوطني السوري استمرار التمديد في إقامات السوريين، بحسب وسائل إعلام، موضحا أن القرار لا يشمل السوريين.

وفي تصريح لقناة "التاسعة" العربية قال الباحث والمحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو: إن مسؤولين في وزارة الداخلية أفادوا بأن عدد الأجانب في تركيا 6 ملايين، أغلبهم مقيمون تحت بند الإقامة السياحية.

وأكد المحلل أن هناك توجه لضبط منح الإقامة السياحية وفق معايير من أهمها أنه ابتداء من 2020 لن يتم التجديد إلا لمن يملك عقارا ثابتا. موضحا أن القرار لم يطبق بعد وأنه تجري دراسته لتقييم إن كان مناسبا للتطبيق، ويعني بالأساس من ليس لهم عنوان عقار ثابت وقد يكونوا متورطين في قضايا في بلدانهم، وبالتالي يتعلق الأمر بتأطير قانون الإقامة السياحية، على حد تعبيره.

وأضاف كاتب أوغلو، أن السوريين مستثنون من هذا القرار وأيضا المصريين والعراقيين، الذين يمكن تمديد إقاماتهم بشكل استثنائي. مشددا على أن القرار لم يعمم بعد بشكل رسمي ولم يصدر في الجريدة الرسمية، وأن بعض فروع إدارة الهجرة أوقفت إعطاء مواعيد لإصدار إقامات جديدة أو تجديدها بانتظار إتمام التدارس حول القرار.

ضغط المعارضة

جعلت المعارضة التركية من وقف توافد مزيد من العرب إلى مدنهم وعدا انتخابيا، وتحديدا في إسطنبول التي تعرف وجود أكبر عدد من الأجانب يقدر في 2018 بـ 327 ألفا و871 شخصا. 

وعلى لافتات علقت في منطقة "فاتح" بإسطنبول، خلال الانتخابات البلدية في مارس/آذار الماضي كتبت عبارة "لن أسلم فاتح للسوريين"، اللافتة كانت من الحملة الانتخابية للمرشحة "إلاي أكسوي" عن حزب "إيي" (الجيد) المعارض.

واستخدمت المعارضة التركية في الانتخابات الاخيرة ورقة اللاجئين السوريين للضغط على حزب "العدالة والتنمية".

وتمكنت الأحزاب التي تبنت هذا الخطاب من تحريك الشارع التركي ضد شريحة كبيرة من السوريين في تركيا من الجاليات العربية تصل لخمسة ملايين لاجئ عربي، نجحت تركيا باستقبالهم. 

بعد فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول دشن عدد من الأتراك وسما "ليغرب السوريون عنا"، وتصدر الهاشتاج لائحة الأكثر تداولا في تركيا. وحث من خلاله المغردون رئيس البلدية الجديد على الإسراع بإخراج السوريين من المدينة.

لكن وزير الداخلية سليمان صويلو، أعلن في يونيو/حزيران 2019، أن "هناك حرج على الحكومة التركية التي لن تتخلى عن دعم المهاجرين الذين يقدر عددهم بالملايين".

مضيفا أن "هناك نظام إقامات قصيرة جديد سيتم العمل به في الفترة المقبلة، وأن جميع أماكن العمل الغير مرخص لها سيتم إيقافها وكذلك من يعملون فيها بشكل غير نظامي مشددا على أن ذلك لن يشمل السوريين وأنهم يتمتعون بحصانة خاصة". 

بدائل متاحة

يتطلب التقديم على الجنسية التركية الحصول على إذن عمل لمدة 5 سنوات متواصلة، أو شراء عقار أو الاستثمار بـ 250 ألف دولار، ما يصعب الحصول عليها، لكن بالمقابل توفر تركيا أنواعا أخرى من الإقامات منها:

إقامة الطالب: تمنح للذين يحضرون إلى تركيا للدراسة في الجامعات التركية، ويشترط للحصول عليها ما يشترط في الإقامة السياحية، بالإضافة إلى ورقة "إثبات طالب"، تكون مصدقة رسميا من الجامعة المسجل بها. 

إقامة العمل: تمنح إقامة العمل للأجانب الموظفين في شركات تركية، إذ تقوم الشركة بالحصول على إذن عمل من وزارة العمل للأجنبي المراد توظيفه ومن ثم طلب الإقامـة له.

ويشترط للحصول عليها ما هو موضح مسبقا في الإقامة السياحية، إضافة إلى أنه يتعين على الشركة أن تقوم بتوظيف 5 أتراك لديها مقابـل كل موظف أجنبي، ووجوب حصوله على الإقامة السياحية قبل أن يتقدم بطلب إلى وزارة العمل، ويستغرق استخراج إقامة العمل نحو 40 يوما.

وفي حال حصول الأب أو الأم على إقامة العمل، فيحق لكافة أفراد العائلة (الزوج/ الزوجة/ الأولاد) الحصول على إقامة تكون بنفس مدة إقامة العمل للشخص المرافق.

إقامة إنسانية: يتم منح هذا النوع من الإقامات إلى اللاجئين الموجودين في تركيا، ويستحوذ السوريون على النسبة الأعلى منها.

إقامة عقارية: وهي إقامة متجددة تمنح للأجانب الذين يتملكون عقارا (غير منقول) في تركيا، وتمنح لمدة عام كامل، ويحق للزوجة والأولاد الحصول على إقامة التملك.

إقامة عائلية: في حال الزواج من زوجة تركية/ زوج تركي، يمكن التقديم عليها، ويمكن أن تكون مدة الإقامة سنة أو سنتين أو 3 سنوات، بحسب الطلب المقدم، ويحق لصاحبها التقديم على الجنسية التركية بعد 3 سنوات.