"أتلانتيكو": هل يشن ترامب حربا على إيران للفوز برئاسة جديدة؟

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفي ظل انخفاض شعبيته، عاد ترامب مجددا إلى التهديد بتوجيه ضربة غير مسبوقة إلى إيران حال اتخاذها "إجراءات معينة"، وذلك في ظل تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن منذ انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015.

وقالت صحيفة "أتلانتيكو" الفرنسية: خلال الأشهر الأخيرة كرر ترامب التصريح "لا أريد حربا مع إيران"، فبعد تدمير طائرة أمريكية بدون طيار فوق مضيق هرمز على أيدي إيرانيين في الربيع الماضي، ألغى الرئيس الأمريكي ردا عسكريا في اللحظة الأخيرة مرجعا ذلك إلى منع وفاة 150 شخصا.

هل تحول موقفه؟

وأضافت: ومع ذلك، في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، عاد الرئيس الأمريكي، المصمم على سحب القوات الأمريكية في جميع أنحاء العالم وعدم جر بلاده إلى "حروب لا نهاية لها"، للقول إنه ربما يتعين عليه الدخول في حرب جديدة ضد إيران.

وقال ترامب في تصريح له: "سنضرب بطريقة لم تحدث من قبل في حال قيام إيران ببعض الأشياء، مؤكدا: " لا نريد نشوب أي حرب في العالم، إلا أنه يمكن أن تتطور الأوضاع بصورة ستجبرنا على الحرب".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحول في موقف الرئيس الأمريكي ليس مفاجئا، فقبل أشهر قليلة من الحملة الرئاسية المقبلة، يخضع دونالد ترامب للمحاكمة في مسعى لعزله، كما أنه بعد قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا، فقد الكثير من شعبيته.

ورأت "أتلانتيكو" أن القضاء على زعيم تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي لم يغير الكثير في شعبيته، خاصة أنه من خلال انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ في وقت سابق هذا الشهر، لم يعد الرئيس مهددا بالعزلة في العديد من المدن الأمريكية الكبيرة فحسب، ولكن أيضا برؤية الناخبين الشباب، الذين يعترضون على هذا القرار، يصوتون لمرشح آخر غيره عام 2020.

وأكدت أنه في القوت الحالي لا يوجد أفضل من حرب لتحويل الانتباه، وقد يكون ذلك استنتاجات، لكن مع دونالد ترامب، لا أحد في العالم يستطيع التخمين.

وأوضحت "أتلانتيكو" أنه بين عامي 2011 و 2013، عندما كان باراك أوباما يتفاوض بمرارة مع إيران على برنامجها النووي، تمكن بعض الصحفيين من ملاحظة التغريدات أن الرئيس الحالي كان يعتقد أن الصدام مع طهران كان أمرا مرجحا جدا، لأنه سيسمح لأوباما بتحويل الانتباه ورفع رصيده على الساحة الداخلية.

وغرد دونالد ترامب بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2012 مخاطبا الأمريكيين: "لا تدعوا أوباما يلعب بالورقة الإيرانية ويبدأ قصة حرب لإعادة انتخابه، أيها الجمهوريون، احذروا!". ولفتت الصحيفة إلى: إنه اليوم، يمكن لترامب أن يجد هذه الفكرة جذابة بما فيه الكفاية، بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها والتي لا تتناسب مع ما كان يواجهه أوباما، للقيام بهذه المهمة بنفسه.

وبينت "أتلانتيكو" أنه من ناحية نتائج ولايته فهي متباينة للغاية، الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للهيدروكربون في العالم، وعلى الصعيد الاقتصادي، يشير البيت الأبيض إلى: أن النمو وانخفاض البطالة أدى إلى ارتفاع الدخل المتوسط، وبالتالي حياة أفضل للطبقة المتوسطة، ومع ذلك، على الرغم من انخفاض معدل الفقر، إلا أن عدم المساواة بين الأمريكيين قد زاد.

ونوهت إلى أن 10 بالمئة من أغنى الأسر استحوذت على 70 بالمئة من الثروة لمدة عشر سنوات، بزيادة قدرها 8 نقاط على مدار عشرين عاما، و 50 بالمئة من الأقل ثراء لديها 1.3 بالمئة فقط اليوم. كما تدهور الحراك الاجتماعي، وهو موضوع مهم في النقاش العام الأمريكي، حيث يواجه جيل الألفية صعوبة في الحصول على وظائف ماهرة أكثر من آبائهم.

ترامب والعدو المفيد

وعلى الصعيد الدولي، تعتبر السياسة الخارجية لدونالد ترامب فاشلة إلى حد كبير، فسواء في كوريا الشمالية، أو فلسطين، لا توجد طريقة تلوح في الأفق لإنهاء هذه الأزمات، كما أن التخلي التدريجي عن سوريا يقوض إلى حد كبير المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، دون أن يبدو أن ترامب على علم بذلك، بحسب الصحيفة.

وبغض النظر عن مسرح العمليات، تؤكد الصحيفة أن خطاب "الحرب" المتقلب والمفاوضات المتوقفة ومثل هذه القرارات المفاجئة وغير المتسقة تترك شعورا معينا بالترابط والتقاعس الذي يذهل حتى حاشية ترامب.

وأشارت إلى أن هناك نقطة إيجابية فقط: قد تبدو الحرب التجارية بين الصين و الولايات المتحدة منذ عام ونصف على وشك الحل، مع توقيع اتفاق مبدئي في الأسابيع المقبلة.

ووفقا للصحيفة الفرنسية فإنه كلما مر الوقت، زادت الصعوبات لدونالد ترامب، والعثور على عدو مفيد، ويفضل أن يكون من الخارج، وفي أفضل وقت – أي قبل أشهر قليلة من الحملة الانتخابية- يبدو أمرا محتملا.

وأوضحت أن إيران هي أفضل عدو يمكن اختياره لهذا الأمر، فهذه الدولة تخضع "لأقصى ضغط" منذ مايو/أيار الماضي 2018، لإعادة التفاوض حول اتفاقية فيينا النووية، لكنها لم تنحن بعد، لافتة إلى: أن طهران قلبت هذه الإستراتيجية من خلال ضرب حلفاء الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم السعودية، وحتى الأمريكان بشكل مباشر من خلال تدمير إحدى طائراتهم بدون طيار، دون رد فعل من قبل واشنطن.

ورأت الصحيفة: أن "إيران كانت حصاة في حذاء ترامب منذ بداية ولايته، لكن رغم ذلك لم يتمكن الرئيس الأمريكي من الحفاظ على إستراتيجية متماسكة تجاه طهران، وفي ظل الصعوبات التي يواجهها لن يكون هناك شيء أسهل من الخيار الأكثر عنفا، وهو تأجيج العداء بين البلدين المستمر منذ 40 عاما".

وأكدت أن إشعال حرب بين الولايات المتحدة وإيران سيكون له ميزة وهي إغواء جزء من الناخبين اليهود الأمريكيين المؤيدين لبنيامين نتنياهو والمحافظين الإسرائيليين، الذي يدعمون دائما التدخل العسكري ضد طهران.

وذكرت الصحيفة أنه من ناحية أخرى بالنسبة، للحلفاء التقليديين في المنطقة للولايات المتحدة - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل – تعتبر الأشهر القليلة المتبقية، قبل أي انتخاب محتمل لساكن جديد للبيت الأبيض، هي فرصتهم الأخيرة لإثارة الصراع الذي طال انتظاره مع إيران.

وأكدت أنه إذا كانت إستراتيجية ترامب المحتملة محفوفة بالمخاطر، فقد أصبحت معقولة للغاية بسبب التصريحات الأخيرة لمايك بومبو وبنيامين نتنياهو الخميس الماضي، وكلاهما بلا شك يبحث عن سبب لشن الحرب، فأثناء زيارته لبرلين، اتهم وزير الخارجية الأمريكية إيران بـ"الابتزاز النووي" وتطوير تكنولوجيتها للحصول على أسلحة نووية.

وبعد ساعات من هذه التصريحات، استمر بنيامين نتنياهو في اتهام إيران بانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والحفاظ على موقع سري لإنتاج قنبلة ذرية، فكل منهما يحث الأوروبيين على التخلي عن جهودهم تجاه إيران والخروج من اتفاقية فيينا.

وذكرت الصحيفة أنه بخلاف هذه الذريعة للتدخل العسكري، هناك الكثير من الذرائع التي يمكن استخدامها، مذكرة بحجج الولايات المتحدة قبل غزو العراق عام 2003.

لكن "أتلانتيكو" حذرت في الوقت ذاته من أن الأمريكيين قد ينتهي بهم الأمر إلى الوقوع في فخ نصبوه لأنفسهم، وأنه إذا وقع بالشرق الأوسط صدام جديد، فالنتيجة لن تكون غير مؤكدة فحسب، بل كارثية بالنسبة لواشنطن وحلفائها.