"يني شفق" تربط بين موقف المعارضة بأمريكا وتركيا من ترامب وأردوغان

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب إبراهيم كراغول، ربط فيه بين معارضي الرئيسين دونالد ترامب داخل أمريكا، ورجب طيب أردوغان في تركيا، مشددا أن معارضة الأخير استلهمت ذات الأساليب الأمريكية من أجل إزاحة أردوغان؛ دون أن يفكروا في اليوم التالي لإزاحته.

وقال الكاتب في مقاله: إن "الكثير من معارضي أردوغان ربطوا وجهات النظر المختلفة بين واشنطن وأنقرة، ودعوا عبر وسائل عديدة للقضاء على تركيا، ومنها فرض الحصار، وإغراق الاقتصاد التركي بالأزمات، وأن يعلم الرئيس أردوغان حده وحددوه في سوريا، وليترك وحيدا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وأضاف: "حتى لو استدعى الأمر، أن يكون هناك طوفان كالذي شهده قوم نوح، فقط من أجل أن تعود تركيا كما كانت ضعيفة هزيلة، وليذهب أردوغان غير مأسوف عليه".

وأكد الكاتب: أن "المعارضة لا تشكل أي قيادة بديلة حقيقية"، مشيرا إلى: أن "هذا هو أمل هؤلاء ليس أكثر، هذه هي نيتهم وبعيدا عن ذلك، لا يوجد لديهم أي مشروع يخدمون به البلاد، ولا حتى اقتراح، أو فكرة هنا أوهناك".

ورأى: أن "المعارضة في تركيا لا تختلف في مواقفها عن مواقف الإرهابيين المنتمين إلى حزب العمال أو فتح الله غولان، ولا سيما أن آراءهم لا تختلف كثيرا عن آراء تلك المنظمات، حتى أن وجهات النظر التي يحملونها وطرق معالجتهم وطرحهم للأمور تبدو في كثير من الأحيان متشابهة".

وتابع الكاتب: "للأسف المعارضة في تركيا لم تشكل أملا للمواطنين في البلاد وهي التي تخوض صراعا مع عدد من الدول والقوى الكبرى، فهي أي المعارضة لا تقرأ- ولن تستطيع- المشهد والتوازنات الإقليمية". وأضاف: "لا يستطيعون قراءة تحولات السلطة على نطاق عالمي، التي تقف فقط من أجل معاداة تركيا بشكل أو بآخر".

من واشنطن لأنقرة

وأشار إلى: أنه "في أمريكا، استخدم معارضو ترامب كل ما بوسعهم من أجل عزله، ومن أهم الأسلحة لذلك هو علاقاته مع تركيا والرئيس أردوغان، فعملوا على محاسبة ترامب من خلال أردوغان؛ ودعموا الإرهابيين، وفرضوا الحصار الاقتصادي وتلاعبوا بالعملة الوطنية، ووقفوا ضد عملية نبع السلام في سوريا، وضغطوا وما زالوا على تركيا لوقف عمليات التنقيب عن الغاز في المتوسط، ودشنوا أخيرا مشروع قرار اعتراف بما يسمى بمذابح الأرمن، إنه عداء كبير لأردوغان".

وبحسب الكاتب: فإن "كلا الطرفين أي المعارضة التركية ومعارضو ترامب في ذات المكانة، وذات المنزلة حيث استخدموا الأسلحة ذاتها بطريقة واحدة وبلغة سياسية متقاربة، في شكل من أشكال التحالف بين الطرفين المعارضين للرئيس أردوغان، واحد في تركيا والثاني في واشنطن".

وتابع: "لكن كل هذا لم يجد كثيرا مع الرئيس أو القيادات المساندة له، فشُنت عملية "نبع السلام" وهنا جاء وفد رفيع أمريكي المستوى إلى أنقرة، وهلل أولئك فرحين بأنه أخيرا جاءت أمريكا لتقول "لا كبيرة" لتركيا، لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، حيث أعلن الأمريكان بالفعل سحب جنودهم من سورية".

ولفت الكاتب إلى: أنه بعد ذلك مباشرة، كان أردوغان في روسيا يعقد اتفاقا مشابها مع الرئيس بوتين، لتحقق تركيا مزيد من الأهداف والانتصارات، بشكل استثنائي ونصر دبلوماسي عسكري "فوق العادة".  وحين رأوا ذلك كله، هذه الانتصارات المتوالية، عمدوا إلى التقليل من هذه النجاحات، عبر الكثير من الزيف والمعلومات المغلوطة، وحاولوا تأليب الشارع وتشكيل رأي عام يخضع لرغباتهم وأهوائهم.

زيارة واشنطن الأخيرة

وبخصوص زيارة أردوغان الأخيرة إلى واشنطن، قال الكاتب: "لقد كانت المعارضة في تركيا تنتظر أن تحدث أزمة، أو حصار، أو عقوبات، أي شيء، حتى لو كانت مشاجرة بين الزعيمين التركي والأمريكي خلال زيارة الأول للثاني في واشطن، إنهم كانوا ينتظرون أن يترك ترامب نظيره أردوغان في موقف صعب لا يحسد عليه".

ونوه إلى: أنه "في الوقت الذي كانت فيه اللقاءات في واشطن مستمرة، كانت حملات التقزيم والتقليل من آثار هذه اللقاءات تجري على قدم وساق، آملا في مزيد من التصدعات بين الطرفين، في مسعى لأن يشكلوا هم تيارا جديدا بديلا، ولذا عملوا كأنهم معارضو ترامب أيضا، وكانت الأفكار والتوجهات هي ذاتها. كيف لا وتلك المعارضة تصب جام غضبها على أردوغان من خلال تركيا ومواقفها الصارمة، لكن ما حدث هو أن ترامب طلب بنفسه من أردوغان أن يقنع أعضاء الكونجرس بالخطوات التركية الأخيرة".

وأردف: "هو ما كان، حيث قبل الرئيس عرض أردوغان بالفعل، وكانوا يستمعون له في مؤتمره الصحفي من داخل البيت الأبيض، لكن موقفا كهذا، لا يمكن للمعارضة هنا في تركيا أن تعقله أو تستوعبه فضلا عن إدراك نتائجه المستقبلية".

واستطرد الكاتب قائلا: "كان أردوغان يناقش النقاط العالقة بين البلدين واحدة تلو الأخرى، ومنها قضية المدعو مظلوم كوباني، أو ما يعرف نفسه بأنه قائد قوات سورية الديمقراطية، حيث عرض أردوغان فيلما أمام الرئيس ترامب، تضمن مشاهد للهجمات التي شنها كوباني في تركيا".

وتأتي هذه الخطوة، بحسب الكاتب: في وقت يعمل البعض على تسويق كوباني داخل أروقة البيت الأبيض بل ويضغطون على ترامب من أجل منحه تأشيرة عبور للولايات المتحدة الأمريكية.

وأكد الكاتب: أن "الزيارة نجحت في التعريف بكوباني وشخصيته الحقيقية أمام صانعي السياسة في واشنطن في الوقت الراهن؛ واستندت تركيا على ذلك بمستند أمريكي كانت قد أعدته وكالة الاستخبارات الأمريكية تصنف كوباني أحد الإرهابيين المطلوبين لديها".

تركيا خارج الوصاية

وبالعودة للمكتوب "الفضيحة"، بحسب الكاتب، الذي أرسله ترامب لأردوغان قبيل عملية نبع السلام، حيث تضمن الكثير من الكلمات غير اللائقة والخارجة عن طور القواعد الدبلوماسية بين البلدين، وضجت وسائل الإعلام وقتها بذلك المكتوب وتناولته بالتحليل جمله تلو الأخرى، لكن المكتوب أعيد إليهم ومن داخل البيض الأبيض، وقد صرح أردوغان بذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب في وقت لم يعلق فيه الأخير أبدا على تصريحات أردوغان التي قالها أمامه والمتعلقة بالرسالة.

ورأى الكاتب: أن "هذا يدل على أن تركيا باتت قوية، وأن قوتها ظاهرة للجميع، للقاصي والداني، وهناك مجموعة واسعة من نقاط الضعف في الداخل، وأولئك الذين يديرونها قادرون تماما على معالجتها سواء على النطاق الجغرافي والعالمي".

وأشار إلى: أنه "هذا هو الاتجاه الذي يعكس تحولات السلطة على نطاق عالمي، حيث يدخل الزعماء الأقوياء حقبة البلدان التي يتم فيها تعزيز منطقة القوة المركزية في العالم ودائما- في مثل هذه الظروف - تهب عواصف كثيرة لدرجة أنه لا يوجد بلد يتخذ موقفا وفقا لبعض المسائل التافهة؛ فهذه هي السياسة وتلك وسائل إدارتها التي تتغير في كل لحظة وآن".

وشدد الكاتب في مقاله على: أن العلاقة بين قادة مثل أردوغان بوتين وترامب، حيث مسار استثمارات الطاقة العالمية تشرح الكثير من الأمور، لكن الذين لا يقرأون أو لا يستطيعون قراءة الخطابات السياسية يفوِّتون الكثير من الأمور عليهم.

وبحسب قوله: فإن قادة تركيا يعرفون أيضا وفقا لفترة الوصاية السابقة أنهم سيعانون، لكن من الواضح أن أولئك الذين يبحثون عن أساليب تعرقل مسيرة البلاد لا يعرفون أي طريقة أخرى؛ فلا سبيل أمامهم سوى الدوران في الحلقات المفرغة، والارتماء في أحضان قطب ما من الأقطاب العالمية كروسيا مثلا أو أمريكا.

وواصل الكاتب قائلا: "لأن تركيا بقيادتها الجديدة تعي ذلك تماما فهي تدرك أن الارتهان لواحدة من تلك القوى ومعاداة الثانية لا يفيد، ولا يغني شيئا ولا يدعم في مسيرة نهوض تركيا ولو بالنذر اليسير، ربما كانت تصلح هذه الأمور في السابق أما اليوم، فهذا الأمر بات من الماضي".

وختم مقاله بالقول: يمكن فهم ذلك من خلال سؤال لعضو في الكونجرس إذ سأل أردوغان حول من هو العدو بوجهة نظره "هل نحن كأمريكا أم روسيا؟" هؤلاء يعيشون في ماضي سحيق حيث الحروب الباردة وصراع القطب الواحد والقطبين، وهو بالفعل كان جواب الرئيس أردوغان الذي أكد: أن "هذه النوعية من السياسة قد انتهت". وفي جملته تتضمن الكثير من الرسائل سواء للأمريكان أو لغيرهم وبالطبع لمعارضيه من الداخل، هذا لمن يستطيع الفهم بالطبع.