قمة ترامب- أردوغان.. أجندة المحادثات بشأن سوريا ونتائجها المتوقعة

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحمل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى واشنطن للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب، الكثير من الملفات المهمة، إلا أن القضية السورية تأتي على رأس المباحثات، ولا سيما المنطقة الآمنة وانسحاب الفصائل الكردية من الشمال السوري.

وبعد تهديده بإلغاء الزيارة بسبب توتر في العلاقة بين البلدين حول الشمال السوري، أعلن الرئيس التركي بعد اتصال هاتفي مع رئيس الولايات المتحدة: أنه سيغادر إلى واشنطن في 13 من الشهر الجاري.

زيارة مهمة

الرئيس التركي قال عن الزيارة: إنها "مهمة للغاية"، مؤكدا: أنه سيناقش المنطقة الآمنة في سوريا وعودة اللاجئين، وأن تركيا لن تخلي منطقة شمال سوريا حتى مغادرة آخر "إرهابي".

وقال أردوغان خلال رحلة العودة من المجر: "نعتقد أنه سيكون من المفيد مناقشة قضايا بعينها تناولناها مع الرئيس الأمريكي من قبل وأخرى لم نناقشها، خلال المحادثات وجها لوجه في 13 نوفمبر/تشرين الثاني".

ولفت إلى: أنهم أعطوا فرصة للتنظيمات الكردية المسلحة، والتي تعتبرها أنقرة إرهابية، بمغادرة المنطقة خلال 120 ساعة ضمن الاتفاق مع واشنطن، وكذلك 150 ساعة ضمن الاتفاق مع موسكو، لكنهم "لم يفعلوا ذلك في كلا الاتفاقين".

وأكد أردوغان: "سنواصل سيطرتنا في تل أبيض ورأس العين"، مستدركا: "تتواجد حاليا وحدات كردية مسلحة في تل تمر جنوب رأس العين ويواصلون تجاوزاتهم من هناك".

وبخصوص عملية "نبع السلام"، أكد أردوغان: أن بلاده "لن تخلي منطقة شمال سوريا حتى مغادرة آخر إرهابي"، مشددا في الوقت ذاته على: أن تركيا "تحترم وتحافظ على وحدة سوريا، ولن تخرج إلا بخروج جميع القوات الأجنبية منها".

على الرغم من التوترات الأخيرة بين البلدين على خلفية عملية "نبع السلام" التركية، والتي صوت بعدها مجلس النواب الأمريكي على قرار لمعاقبة مسؤولين أتراك شاركوا في العملية، إلا أنه لا تزال لدى واشنطن مصلحة قوية في التأكد من استمرار عمليات "مكافحة الإرهاب" في شمال شرق سوريا، فضلا عن معالجة الأسباب الجذرية التي تقف وراء ظهور تنظيم الدولة وإيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب بسوريا.

وتفيد تقارير بأن ذلك يلزم الولايات المتحدة العمل مع تركيا للضغط على نظام الأسد، الذي ستساعد سيطرته المستمرة في سوريا (على نجاح) تنظيم الدولة في تجنيد المزيد من الكوادر كجماعة سرية مسلحة.

وبعدما لبّت الولايات المتحدة مطلب تركيا الرئيسي بفسح المجال أمام العمليات ضد "الوحدات الكردية"، تؤكد تقارير على ضرورة أن تتمثل أولوية إدارة ترامب خلال المحادثات مع أردوغان والمسؤولين الآخرين في القضاء على العناصر الأكثر تطرفا في سوريا، وتصميم هيكليات حكم محلية شاملة في المناطق التي تنشط فيها تركيا، وحماية حقوق الأقليات.

ويقتضي ذلك أيضا تنسيق واشنطن وأنقرة إجراءاتهما الدبلوماسية بشأن أعمال اللجنة الدستورية التي تقودها الأمم المتحدة في سوريا، لأن ترك تركيا تقف بمفردها في دعم المعارضة السياسية من شأنه أن يعطي نفوذا أكبر لنظام الأسد وروسيا، بحسب تقارير.

وتشير التقارير إلى أن ترامب يمكنه الاستفادة من تقاربه الشخصي مع أردوغان، لتحمّل المسؤولية في موضوعين مهمين يمكن القيام بهما بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا، وهما: السيطرة على أي محاولة كبيرة من تنظيم الدولة لمعاودة نشاطه، ومنع نظام الأسد وحلفائه من استغلال الوجود المستمر للتنظيم في سوريا كأداة لتحقيق أهدافهم.

وعلى ما يبدو، فإن أردوغان نجح حتى الآن في إيجاد طرق كفيلة لتأليب ترامب وبوتين ضد بعضهما البعض، لتحقيق أقصى قدر من المكاسب التركية في سوريا. وبعد حصوله على موافقة ترامب للتوغل عبر الحدود، توسط أردوغان في صفقة مماثلة مع بوتين في اجتماع عُقد في سوتشي في 22 أكتوبر/ تشرين الأول.

توقعات عن اللقاء

كثيرة هي التوقعات بخصوص نتائج الزيارة المهمة للرئيس التركي إلى واشنطن، إلا أن بعض التقارير التركية أشارت إلى أن أنقرة قد تستأنف عملياتها شمال سوريا، ضد الوحدات الكردية المسلحة عقب لقاء أردوغان مع ترامب المرتقب.

ولفتت إلى أن التقييمات التركية بعد تسيير الدوريات المشتركة مع روسيا تشير إلى أن "الوحدات الكردية" المسلحة لم تنسحب بموجب اتفاق سوتشي، وخاصة في غرب عين العرب، وشرق القامشلي.

وتشير تقارير أخرى إلى أن ترامب يحرص أيضا على الحفاظ على علاقاته الجيدة مع أردوغان مع إعطائه مظهر الاستجابة للمخاوف التي عبّر عنها صناع السياسة الأمريكيون الآخرون.

ففي أعقاب "نبع السلام" التركية، أصدر البيت الأبيض في 14 أكتوبر/تشرين الأول عقوبات خفيفة إلى حد ما ضد أنقرة، باستهدافه أصول بعض الوزراء. ومع ذلك، رفع الرئيس الأمريكي تلك العقوبات بسرعة في 23 من الشهر ذاته بعد ضمان وقف إطلاق النار التركي في سوريا.

ومع ذلك، يبدو أن العلاقة بين ترامب وأردوغان هي إحدى القنوات الثنائية القليلة التي لا تزال صالحة في زمن يشهد خلافات سياسية حادة وتتناقص فيه الثقة بين المؤسسات في كلا البلدين. "لذلك، يجب على صانعي السياسات النظر في أفضل السبل لمعالجة مخاوفهم عبر هذه القناة"، وفق تقرير أعده "معهد واشنطن".

وسيناقش أردوغان تطبيق اتفاق إبعاد "الوحدات الكردية" مع ترامب في واشنطن يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني بعد أن تأكدت زيارته للولايات المتحدة عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين.

ويرى مراقبون: أن أردوغان رفع سقف خطابه قبيل توجهه إلى الولايات المتحدة، لأنه سيحمل في جعبته الكثير إلى واشنطن، وسيحاول إقناع ترامب بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتحديدا حول إنشاء المنطقة الآمنة.

وقال قبيل زيارة إلى المجر: "بينما نحن نتحدث، لم يف الذين وعدونا بأن وحدات حماية الشعب... ستنسحب خلال 120 ساعة من هنا بوعدهم"، مشيرا إلى موعد نهائي محدد في الاتفاق المبرم الشهر الماضي.

وبعد الاتفاق مع واشنطن توصلت أنقرة إلى اتفاق أيضا مع موسكو تنسحب بموجبه "وحدات حماية الشعب الكردية" لعمق 30 كيلومترا بطول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا.

لكن أردوغان قال: إن هذا الاتفاق لم يتم الوفاء به أيضا، إذ لا يزال مقاتلو "وحدات حماية الشعب" بالشريط الحدودي، مضيفا: أنه سيعقد محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الأمر بعد فترة قصيرة من اجتماعه مع ترامب.

وتصنف أنقرة "وحدات حماية الشعب الكردية" على أنها جماعة إرهابية بسبب علاقاتها بحزب العال الكردستاني "بي كاكا". وتسبب دعم الولايات المتحدة للوحدات الكردية التي كانت حليفا رئيسا في الحرب على تنظيم الدولة في غضب تركيا.

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري: إن قتالا يدور في المنطقة الواقعة جنوب شرقي مدينة رأس العين السورية الحدودية. وأضاف: هناك "خلاف ما" بشأن إذا كانت المنطقة تخضع للاتفاق مع الولايات المتحدة أم روسيا.

وقبل مغادرته إلى واشنطن أيضا، أعلنت الرئاسة التركية: أن أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتن، بحثا العملية العسكرية التركية في سوريا خلال اتصال هاتفي.

وذكر بيان الرئاسة: أن أردوغان وبوتن أكدا التزامهما بالاتفاق الذي أبرماه خلال اجتماع بمنتجع سوتشي الروسي، ويسمح بتسيير دوريات عسكرية روسية وتركية مشتركة داخل سوريا.