عبد المجيد تبون.. مرشح مستقل أم بديل بوتفليقة لعهدة خامسة؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

السبت 2 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر قبول ملفات 5 مترشحين لسباق الرئاسة من بين 23 متقدما، وذلك بعد انطباق شروط الترشح القانونية عليهم.

هؤلاء المرشحون هم رئيسا الوزراء السابقين عبد المجيد تبون وعلي بن فليس، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، وزير الثقافة الأسبق عز الدين ميهوبي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس حركة البناء الوطني (إسلامي) عبد القادر بن قرينة.

وحسب رئيس سلطة الانتخابات، فإن عدم اكتمال نصاب توكيلات المواطنين كان السبب الأول في إسقاط أغلب الملفات الـ 18 الأخرى.

ووفق قانون الانتخاب، يتعين على الراغب في خوض سباق الرئاسة، تقديم ملف يضم إلى جانب الشروط التقليدية للترشح، 50 ألف توكيل من المواطنين لدى سلطة الانتخابات خلال 40 يوما من صدور مرسوم دعوة الناخبين إلى الاقتراع.

ومع المعارضة الواسعة للانتخابات الرئاسية التي سبق أن نجح الحراك في تأجيلها، يرى ناشطون أن ما سيقع يوم 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل (موعد إجراء الانتخابات) هو مجرد ولاية خامسة بديلة لنظام بوتفليقة.

حسب مراقبين: النتيجة شبه محسومة لصالح عبد المجيد تبون، والذي يتهم بأن ترشحه جاء بطلب من السلطة، خصوصا أنه لم يُصدِر أي موقف سياسي أو تصريح طوال الشهور السبعة للحراك الذي أطاح بالرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة.

ابن النظام

قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي يصفه الجميع باللاعب الرئيسي في الحياة السياسية الجزائرية بعد الإطاحة بنظام بوتفليقة، صرح في 27 سبتمبر/أيلول الماضي: أن "من بين الدعايات التي تروج لها العصابة وأذنابها والتي يجب محاربتها والتصدي لها، هي تلك التي تحاول الترويج إلى أن الجيش الوطني الشعبي يزكي أحد المرشحين للرئاسيات المقبلة"، دون ذكر أسماء. 

إلا أن عددا كبيرا من الناشطين، وشعارات رفعها متظاهرون خلال الاحتجاجات التي مازالت مستمرة، تقول بوجود مرشح للجيش في الانتخابات المقبلة.

رئيس حزب "جيل جديد" سفيان جيلالي، حذر في مقابلة صحفية، من المضي قدما في هذا الخيار، وتزامنه مع ما أسماه: "مناخ الترهيب والاعتقالات بصفوف رموز ونشطاء الحراك الشعبي، ما قد يدفع الحراك إلى التطرف والاصطدام بالسلطة" حسب قوله.

وتابع جيلالي: "يتخوف الجزائريون من أن تكون المؤسسة العسكرية قد حددت بالفعل مرشحها، وهو ما لا نستبعده إطلاقا، وبالطبع هم يدركون مدى نفوذ تلك المؤسسة بالمشهد وإمكانياتها المادية والبشرية، ما يعزز ضمان وصول هذا المرشح إلى قصر المرادية".

عهدة خامسة

ما أن تم الإعلان عن ترشح الوزير الأول (رئيس الحكومة) السابق عبد المجيد تبون، حتى بدأت التصريحات المشككة في الترشح ودوافعه، حيث اعتبر رئيس حزب "طلائع الحريات" علي بن فليس: أن ترشح تبون يعني الدخول في عهدة خامسة بشكل جديد.

وأكد بن فليس، خلال ندوة صحفية  نهاية سبتمبر/أيلول الماضي: أنه عارض النظام السابق بقيادة بوتفليقة، عندما كان في عز قوته وجبروته، وعندما كانت تسانده كل المؤسسات الإدارية والولاة (المحافظون).

وعبد المجيد تبون (74 عاما)  سياسي شغل مناصب وزارية في حكومات مختلفة، يوصف بالرجل المقرب من بوتفليقة، وهو الذي اختاره في مايو/أيار 2017 ليكون رئيسا للحكومة خلفا لعبد المالك سلال، قبل إقالته بعد فترة وجيزة.

وفي حديث لصحيفة الشروق الجزائرية قال تبون: "الحراك الشعبي الذي عرفته الجزائر قبل 8 أشهر كان نعمة بالنسبة للجزائريين الذين أحسوا أن كرامتهم مست أمام العالم، بسبب الوضعية التي آلت إليها البلاد والتدهور الذي وصلت إليه".

إلا أن هذه التصريحات قوبلت باستغراب من قبل ناشطين في الحراك يعتبرون أن تبون ابن النظام وهو موجود في كل العصور من بعد الاستقلال، وهو ما أكده الناشط الحقوقي صلاح الدين يخلف لـ "الاستقلال" قائلا: "تبون شغل جملة من المناصب من السبعينات منها الولائية (جهوية) ومناصب وزارية في مختلف الحكومات المتعاقبة قبل أن يتولى منصب الوزير الأول عام 2017".

وشغل تبون، وهو العضو في حزب جبهة التحرير الحاكم في الجزائر، مناصب ولائية ووزارية عدة في حكومات مختلفة، فمن مسؤول على مستوى الجماعات المحلية بين عامي 1975 و1992، إلى أمين عام للمحافظات ثم تعيينه وزيرا منتدبا بالجماعات المحلية بين عامي 1991 و1992.

وفي عام 1999 تقلد تبون منصب وزير السكن والعمران، ثم منصب وزير الاتصال عام 2000 في حكومة أحمد بن بيتور، فوزير السكن والعمران مرة أخرى بين عامي 2001 و2002 في حكومة علي بن فليس، وبعد ذلك ابتعد عن الساحة السياسية لأكثر من 10 سنوات، قبل أن يعيده بوتفليقة مع أول حكومة لسلال حيث عين وزيرا للسكن والمدينة عامي 2013 و2014.

واختار بوتفليقة يوم 24 مايو/أيار2017 تبون لتولي منصب رئيس الحكومة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 4 مايو/أيار 2017، ولكن بعد أقل من 3 أشهر على تعيينه رئيسا للحكومة، أنهى بوتفليقة مهام تبون في 15 أغسطس/آب 2017.

وأضاف يخلف لـ"الاستقلال": "هذه الإقالة السريعة لتبون ليست كما يروج له على أنها جاءت بسبب حربه على الفساد، إذ يعتبر نفسه أول من تحدث عن ضرورة فصل المال عن السياسية ونتيجة هذه التصريحات دفعت الثمن، إنما هي في إطار صراع الأجنحة الحاصلة في الجزائر طيلة فترة بوتفليقة".

وقال يخلف: "في تلك الفترة كان يؤثر على تبون قوله في مقابلة تليفزيونية: والله إن برنامج بوتفليقة لن يتوقف، ويبدو أن حديثة صحيح فهو الآن يكمل برنامج بوتفليقة".

شبهات الفساد

يثبت صلاح الدين يخلف أن تبون هو أحد المقربين من قائد الأركان قايد صالح ومحل ثقته: "وهو ما يجعل منه الخيار الأول للمؤسّسة العسكرية في الرئاسيات القادمة".

واعتبر: أن "هذا الاختيار سيحافظ على موقع ومصالح قايد صالح كما أن شبهات الفساد والملفات التي يمتلكها صالح على تبون تعد سيفا مسلطا على رقبة الأخير وتجبره على فعل أي شيء يطلب منه".

وكان تبون ضمن مجموعة من الوزراء المشتبه بتورطهم في قضية بنك "خليفة" أو التي درج الجزائريون على تسميتها بـ"فضيحة القرن"، على خلفية إعطائه تعليمات لمدير صندوق التسيير العقاري، بنقل أموال الصندوق من بنك حكومي لإيداعها في هذا البنك الخاص "خليفة".

بنك "خليفة" كان يمنح فائدة أعلى بكثير من تلك التي تمنحها البنوك الحكومية، وتصل إلى 7 بالمائة، لكن تبون نجا من التهمة ومثل أمام المحكمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 كشاهد فقط، نافيا جملة ما وجه إليه أو أن يكون أصدر أي تعليمات مكتوبة في هذا السياق لأي هيئة تابعة لوزارته بذلك.

كما يلاحق خالد نجل عبد المجيد تبون في قضية تهريب مخدر الكوكايين لداخل البلاد فيما بات يعرف بـ"قضية البوشي"، والتي لا تزال أطوار التقاضي فيها مستمرة ولا يزال ابن المرشح الرئاسي موقوفا على ذمتها.