صحيفة تركية معارضة: ما الذي يعيق تطبيق الإصلاحات القضائية؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، عن حزمة إصلاحات قضائية جديدة مرتقبة، ستعمل على تطوير الحياة في تركيا، وتعطي مجالا أكثر رحابة في مجال الحرية والتعبير عن الرأي.

وقال الكاتب "عبد القادر سيلفي" في مقال له بالصحيفة: إن البعض قد يعترض على هذه الإصلاحات، وهؤلاء يجب أخذ اعتراضهم في الحسبان والعمل على تطمينهم والاستماع لهم.

وهذه الحزمة ستُدخل تعديلات على 15 قانونا بينها القوانين الجنائية وتلك الخاصة بمكافحة الإرهاب. ومن شأنها تقوية حرية التعبير واستقلالية القضاء، وإضفاء قانونية أكبر على المحاكمات.

وفيما يخص بعض الأحكام الجنائية لأقل من خمسة أعوام، يمكن قريبا تقديم استئناف لدى المحكمة العليا. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: أن الحزمة ستعزز حقوق المواطنين وحرياتهم.

وقال الكاتب في مطلع مقاله: "ظهر للنور الإصلاح القضائي الأول في تركيا، وبدأت عمليات الاخلاء، وأدى هذا لارتياح جزئي في صفوف الطبقة التي تتحدث عن مبادئ التفكير وحرية الرأي والتعبير، ومن المنتظر أن يصدر الإصلاح القضائي الثاني والثالث". 

ويضيف: "من المهم الانتهاء من مسألة الإصلاحات القضائية، لأنه وطالما بقي الوضع كهذا لن نستطيع الخروج إلى ظروف أفضل، ولهذا السبب أرحب بكل حزمة تحتوي على إصلاح فيها، ولكن في الوقت نفسه، هناك تغييرات كبيرة في قانون التنفيذ، تتعلق عن كثب بأكثر من 319 ألف سجين ومدان في السجون التركية".

وفي هذا الإطار، إذا قبل حزب الحركة القومية MHP تخفيض عقوبة السجن المشروط لمدة 5 سنوات فهذا يعني الإفراج عن 129 ألف شخص في السجون التركية، أما إذا قبله حزب العدالة والتنمية AK Parti، فيعني ذلك الإفراج عن 30 ألف شخص في المرحلة الأولى ولكن عمليات الإخلاء ستكون مستمرة.

وبين الكاتب: أن كلا من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، شكلا لجنة مشتركة من النواب وقدما شرحا للمقترحات الناجمة عن اللجنة أمام الرئيس رجب طيب أردوغان. 

المشمولون بالإصلاحات

وشدد الكاتب: أن أردوغان لديه شيء من الحساسية تجاه كل من له علاقة بالإرهاب أو السجناء بتهم المخدرات، ودائما ما يعترض على المتهمين بهذه التهم، حيث يقول: "هل سنقوم بإخراج القتلة أم إطلاق سراح تجار المخدرات؟".

لكن وبعد الوصول إلى الاتفاقيات النهائية، سيتم تقديم الترتيبات المعدلة إلى البرلمان بعد موافقة أردوغان، حيث سيبلور العدالة والتنمية مقترح الحركة القومية في النهاية.

وتابع الكاتب في مقاله: "لن تطبق عمليات تخفيف الأحكام أو العفو على كل من تجار المخدرات والإرهابيين، والمرتبطين بتنظيمات إرهابية، أو المتورطين بقضايا جنسية، وكذلك السوابق، أي المتهم بتنفيذ جريمتين". 

وبناء على ذلك، فإن الاقتراح الأخير سينفذ على ثلاثة أرباع المتهمين، وعليه فإنه سيتم إعادة ترتيب ثلثي هؤلاء من جديد، وسيتم إخلاء سبيل البعض على سبيل التجربة أو تطبيق تنفيذ إخلاء سبيل مشروط.

هذا الأمر من شأنه أن يساعد على عدم تضرر التجار أو أصحاب المهن الحرة، وألا يفقدوا وظائفهم وأعمالهم. كذلك من المقترحات أن تكون عمليات إخلاء السبيل أسبوعية في العطل، أو أن يتم إخلاؤهم بشرط مكوثهم في البيت.

يقول الكاتب: "جمعيا توجعنا الأنباء التي تتحدث عن إنجاب بعض السجينات داخل السجن أو العودة من المشفى للسجن بعد عملية الولادة، ففي الترتيبات الجديدة، ستعفى السيدة الوالدة من العودة للسجن لمدة عام كامل بعد الميلاد، وكذلك يمكن الحكم على من تجاوزوا 75 عاما بالسجن 5 سنوات أو أقل في المنزل، أما بالنسبة لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 70، فإن المعدل هو 3 سنوات".

بالتأكيد هذه الإصلاحات القضائية تؤلب البعض، فمنهم من يرى أن المجرمين سيعودون للشوارع من جديد، وهم الذين هاجموا المواطنين الأبرياء، أو أماكن العمل عبر تحطيم واجهاتها الزجاجية، "قطعا هذه الشريحة موجودة، بل على العكس، سوف تهز إيمانهم بالعدالة والقضاء".

وهنا يتطرق الكاتب لهذه الشريحة، حيث يؤكد: أن وزير العدل في تركيا له دراية بهذه الفئة من الناس، حيث تنص اللائحة الجديدة على السجن لمدة شهر على الأقل. سيكون لدى مرتكب الجريمة تجربة الشعور بالسجن، وبهذا سيتم المحافظة على ثقة الضحايا في العدالة.

وتطرق الكاتب: إلى قضية جريدة "جمهوريت" التركية، حيث جرى إخلاء سبيل بعض الصحفيين، بعد اعتقال 13 من العاملين فيها بتهم تتعلق بـ"الإرهاب".

تصاعد الجريمة

إذا استمر الوضع على حاله، والحديث للكاتب: "فلن يكفي أن يبنى كل شهر سجن في تركيا، حيث أن معدلات الجريمة في ازدياد، وعلى الرغم من ارتفاع الغرامات، لم تحل المشكلة، هناك زيادات على بعض الغرامات تصل إلى 300 % بل وبعضها وصل إلى 400%".

من الواضح أن البعض يصر على الجريمة، وفي ذات الوقت، لم يتم الوصول إلى الميزة التصحيحية للسجون التركية، حيث لم يتم إعادة تأهيلهم وتحويلهم إلى أشخاص صالحين في المجتمع.

وتطرق الكاتب: إلى المجرمين من المتزوجين حديثا والذين يتعاطون المخدرات في سن صغيرة والمودعون في السجون، مبينا: أن النقاش حول هذه المسألة طبيعي للغاية. وأكد: "نحتاج إلى مناقشة هذه الأمور بشجاعة، مع أخذ ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي في الاعتبار".

وواصل في مقاله: أنه "في تركيا جراء تهم المخدرات والتعاطي ثمة 75 ألف محكوم، وهي أكبر مشكلة في الحقيقة تواجه البلاد، ولكن هناك تساوي في التوصيف، فإذا كان هذا المتهم، لا ينتج المخدرات، فقد يبيعها".

ولفت الكاتب: إلى أن بائع المخدرات قد يلقى مصير "أورفي شتينكايا" وهو رجل أُطلق عليه الرصاص أثناء فراره من الشرطة، وهو من بين البارونات المشهورين الذين ما زالوا يحكمون الاتجار الدولي بالمخدرات وهو الآن على كرسي متحرك. 

هذه المواضيع بحاجة الى إعادة ترتيب من جديد، ثمة بعض العائلات التي تخبر عن أبنائها حتى لا يصيبه الضرر، ومع ذلك، لا يمكننا محاربة المخدرات إلا من خلال زيادة معدل العقوبة. 

وبينما نعمل على تنظيم هذا القانون، من ناحية أخرى، يتعين علينا تقديم حلول تعيد تأهيلهم وتقدمهم للمجتمع وليس فقط بواسطة مراكز علاج الإدمان في تركيا، وفق الكاتب.

ويختم: "الشخص يتعلم الكثير عن تجارة المخدرات وبيعها وتعاطيها في السجن أكثر من أي مكان آخر، ولذلك يجب أن ينتهي الحل الذي يسارع إلى فرض عقوبات بالحبس دون النظر إلى بدائل أخرى".