"حرييت" تكشف تفاهمات روسية تركية بشأن المنطقة الآمنة في سوريا

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، مقالا للكاتب عبد القادر سيلفي، تناول فيه آخر المباحثات الروسية التركية في أنقرة، حيث قدم خلال الأيام الأخيرة وفدان عسكريان لبحث آخر التفاصيل المتعلقة بشمال سوريا عقب تنفيذ عملية "نبع السلام" وصولا لتحقيق منطقة آمنة، مؤكدا: أن "المباحثات تسير بشكل جيد، إلا أن ثمة عدد من النقاط العالقة بين الطرفين".

وأنهى الوفدان العسكريان التركي والروسي جولتهما الثانية من المحادثات؛ قبل أن يعود الوفد العسكري الروسي إلى موطنه لاحقا، فيما لم يتضح بعد ما إذا كان سيتبعه وفد عسكري جديد أم سيجري المفاوضات من خلال مؤتمرات الفيديوكونفرانس، لكن المفاوضات ستستمر؛ لأن هناك آليات يجب تأسيسها بين البلدين.

وقبل ذلك بأيام، جرت مباحثات على مدار يومين بين مسؤولين عسكريين روس وأتراك في أنقرة أيضا، دون الإعلان عن أي تفاصيل سوى تأكيد وزارة الدفاع التركية أن المباحثات ركزت على بحث آليات تطبيق تفاهم سوتشي، وسط أنباء عن تحضيرات لعقد لقاء ثالث بين البلدين.

وذكر بيان صادر عن "الدفاع التركية": أنه "انتهت المباحثات مع الوفد العسكري الروسي الثاني، التي انعقدت في أنقرة يومي 1 و2 نوفمبر الجاري، حول الجوانب التكتيكية والتقنية في إطار التفاهم الذي تم التوصل إليه في سوتشي، يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2019".

ونقل الكاتب عن مصادره، بالقول: إن "الجولة الثانية من المحادثات عملت على تخطيط دوريات مشتركة، ولكن خلال هذه الدوريات كان هناك خشونة في كيفية التعامل مع الإرهابيين الذين قد يتم رصدهم خلال أعمال هذه الدوريات".

ولفت إلى: أن "تركيا كما هو متوقع ترى أن يتم التدخل مباشرة وقتها والعمل على تحييد أي إرهابي يتم رصده، ولكن كان لروسيا إزاء هذا الموقف بعض الاعتراضات، ومع ذلك ومن خلال المباحثات تم حل هذه المشكلة عن طريقة تحييد العنصر الإرهابي، لكن الطريقة حتى هذه اللحظة مبهمة ولم يتم الإعلان عنها".

وفي مقاله، قال الكاتب: ثمة "بعض الآليات المشتركة المطلوب علاجها بين الطرفين العسكريين التركي والروسي، الأولى إنشاء مركز متابعة حركة مشترك، والثانية نقاط المراقبة".

وشدد عبد القادر سيلفي على: أن الوفد العسكري التركي الروسي التقى مرتين ومع ذلك، لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق بشأن هاتين النقطتين، فيما المصادر تشير إلى: تعيين جنراليين أحدهما تركي والثاني روسي بخصوص حل هاتين القضيتين العالقتين في كل من قاعدة "حميم" وقادة "اقجة قلعة التركية" ولكن هذا لا يعني أكثر من حل مؤقت لهذه النقطة، فما زالت قضية إنشاء مركز عمليات مشترك تركي روسي قائم.

ماذا تريد تركيا؟

في موضوع نقاط المراقبة، أشار الكاتب إلى: أن الجميع يعرف أن هذه القضايا حديثة النقاش، ولا  سيما بعد عملية "نبع السلام" ففي حين تريد تركيا إنشاء من 12-13 نقطة مراقبة، لم يحدد بعد الطرف الروسي موقفه من ذلك أو ما الذي يفكر فيه، خاصة وأن ماهية المراقبة ونوعيته أيضا يحمل أهمية كبيرة و الحال كهذا، فإن تركيا تريد أن تنشئ نقاط مراقبة بدءا من إدلب".

وتابع: "هذه النقاط ليست فقط منحصرة في المراقبة، بل تكون للقوات الموجودة شن عمليات عسكرية، وفي الحقيقة هناك شيء من هذا ضمن مباحثات سوتشي ومع ذلك، لم يتم بعد تحديد مسألة موقعها وجودتها و ستشكل هذه الموضوعات بنود جدول الأعمال المهمة للمفاوضات القادمة".

وأوضح الكاتب: أن "المعلومات التي حصلت عليها هي أن المفاوضات مع الروس تسير بشكل إيجابي ولكن هذا لا يعني أن كل شيء يسير على ما يرام". ومع ذلك ثمة ثقة تركية تجاه الموقف الروسي، وتم اختبار هذه العلاقة غير مرة، بدءا من عملية درع الفرات، وصولا لعملية غصن الزيتون وليس نهاية بعملية نبع السلام ولعب الحوار بين أردوغان وبوتين دورا رئيسيا في هذا الأمر؛ فهم من جهة ينفذون ما يتم بينهما من اتفاقيات ومن جهة أخرى يسيطرون على دولتهما والأجهزة المختلفة".

وفي الثاني والعشرين من "أكتوبر/تشرين الأول الماضي" جرت مفاوضات صعبة بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي استمرت لأكثر من 6 ساعات متواصلة نتج عنها "تفاهم سوتشي" الذي تكون من 10 بنود وينص في جوهره على تكفل روسيا بإخراج الوحدات الإرهابية من الحدود السورية مع تركيا بعمق 30 كيلومترا ومنطقتي منبج وتل رفعت، وتسيير دوريات عسكرية مشتركة.

ولفت الكاتب إلى: أن هذا الأمر لا ينطبق في الحقيقة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهو لا يمكن أن ينقذ نفسه وما واقعة "العزل" التي لم تنتهي بعد عنا ببعيد وقد تطرق أردوغان لهذا الأمر بشكل واضح، فقال: إن "تنفيذ القرارات المتخذة من قبل بوتين أسرع من تلك التي تتخذ من قبل ترامب فضلا على أننا لا نعرف إذا ما سيتم تنفيذ هذه القرارات من عدمه".

الولايات المتحدة وروسيا

الكاتب أشار إلى: أن "هناك نقاط نحتاج إلى توخي الحذر بشأن سوريا، لا تهدأ الأمور على الساحة السورية بين كل من روسيا وتركيا وأمريكا، مباحثات في سوتشي وأخرى في جنيف، دوريات مشتركة مع الروس ومثلها مع الأمريكان، ولكن في الحقيقة، في العلاقة بين الطرفين الروسي والأمريكي فيما يخص المسألة السورية، هناك تعاون حثيث بين الطرفين".

وبحسب قوله: فإن ذلك يبدو جليا حين قررت واشنطن الانسحاب من بعض المناطق السورية، مباشرة دخلت مكانها القوات الروسية وقوات النظام السوري، بشكل واضح وجلي، وكما حدث في منبج، ترى أن أحد الفريقين، يسيطر على الجنوب، والآخر يسيطر على الشمال؛ وقد حدث كله بشكل سريع وبدون أي مباحثات تذكر".

وأردف: هذا يثبت بلا شك أن ثمة ما يمكن أن يوصف بتفاهمات سرية بين الطرفين الأمريكي والروسي وهذه كقناعة موجودة عند صاحب القرار في تركيا بشكل أكيد ومنذ فترة ليست بالقصيرة، حيث ينقل عن أحد المسؤولين قوله في عام 2016: إنه "لدى كل من أمريكا وروسيا اتفاقيات سرية بعيدة عنا، وهذا يظهره الميدان بشكل واضح، ولا سيما في سورية التي يتشاركون فيها ما يلزم من مواقف ومعلومات".

ونوه الكاتب إلى أنه "من المفهوم أن الولايات المتحدة وروسيا تعملان بالاتفاق على تقاسم حقول النفط واستخدام وحدات حماية الشعب الكردية والنظام السوري ومن وقت لآخر لا ينبغي أن تكون المناوشات الصغيرة مضللة. وهو ما أكده أردوغان، حين قال: لقد فهمنا أن ما يريده الطرفين الروسي والأمريكي هو البترول، وهذا ما تأكدنا منه خلال مباحثاتنا معهم، الولايات المتحدة لا تريد ترك دير الزور فيما لا تريد روسيا مغادرة القامشلي، وكلا المنطقتين غنية بالنفط وتحوز على حصة كبيرة من النفط السوري. وقد صرح بذلك ترامب بالأساس حين قال: "سنعمل على حماية النفط وأنا في الحقيقة أحبه. أي النفط".

وختم الكاتب مقاله بالقول: إن "السياسية الحقيقة هكذا، ومع ذلك تركيا أثبتت أنها لاعب على قدر التحدي في ظل وجود اللاعبين الأكبر في سورية وهم كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا".