"حرييت" ترصد أبرز التحديات أمام اللجنة الدستورية السورية في جنيف

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، مقالا للكاتب سادات إيرجين، تناول فيه اجتماع اللجنة الدستورية الأول في جنيف، أمس الأربعاء، المكلفة بكتابة الدستور السوري، بعد المباحثات التي يجريها أعضاء اللجنة في العاصمة السويسرية، بإشراف من الأمم المتحدة.

ورأى الكاتب في مقاله: أن "اجتماع اللجنة الدستورية هذا بحد ذاته أمر مبشر على الرغم من أن التفاؤل في إنجاز شيء حقيقي على أرض الواقع قد لا يكون مبشرا كثيرا".

وأعلنت روسيا وإيران وتركيا، الدول الضامنة الثلاث لعملية أستانة، تمسكها بوحدة وسيادة سورية و"استقلالها"، مؤكدة دعمها اللجنة الدستورية لصياغة دستور سورية.

جاء ذلك في بيان مشترك لاجتماع وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، وإيران محمد جواد ظريف، وتركيا مولود تاووش أوغلو في جنيف، الثلاثاء الماضي، حضره المبعوث الأممي الخاص لسورية، غير بيدرسون.

وأكد البيان المكون من 6 بنود، الذي نشرته الخارجية الإيرانية: "التزام الدول الضامنة لأستانة بسيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية سوريا العربية"، داعيا: "جميع الأطراف إلى احترام هذه المبادئ".

وأشار إلى: أن الدول الثلاث تعلن "اهتمامها البالغ بمكافحة الإرهاب في جميع أشكاله ومواجهة الأجندة الانفصالية في الأراضي السورية"، مرحبا بتشكيل اللجنة الدستورية، التي بدأت أعمالها اعتبارا من أمس الأربعاء، ليعتبر ذلك: "نتيجة الدعم المؤثر لضامني أستانة وتنفذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي".

خطوة قيّمة

ووصف الكاتب التركي، اجتماع اللجنة الدستورية السورية في جنيف بأنه: "خبر سار"، عادا إياها بالخطوة "الأكثر قيمة"، حيث ستبدأ أنشطتها تحت رعاية الأمم المتحدة، الخطوة الأكثر قيمة التي اتخذت لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية في عامها التاسع الذي أعقب المظاهرات الشعبية التي اندلعت في عام 2011.

وتابع: لدينا أكبر كارثة إنسانية في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، والتي أدت إلى مقتل نحو نصف مليون شخص، وما يقدر بنحو 6.5 مليون شخص هاجروا وربما نزحوا مع كثير من الناس داخل البلاد؛ وبينما الأمر كذلك، يجتمع أطراف النزاع في سورية على طاولة سلام لأول مرة، ليس بالسلاح ولكن وجها لوجه، في تطور قد يكون سارا، ويبعث بالفعل على التفاؤل".

ورأى الكاتب: أنه "من المهم هنا، ألا يفرط المراقبون في التفاؤل وعدم المضي في الاستبشار في نتائج مثل هذه الاجتماعات"، مشددا على: أن "التفاؤل بالدرجة الأولى قد يكون منحصرا على اجتماع اللجنة نفسها قبل أي تحقيق اختراق أو إنجاز آخر".

وأوضح: "نحتاج أن نلقي الضوء وباختصار على تشكيل هذه اللجنة والنظام الداخلي الضابط لها، الذي سيكون ساري المفعول في عملية صنع القرار قبل البحث عن إجابات لأسئلة من اللجنة الدستورية حول إمكانية التوصل إلى حل أم لا".

تتكون اللجنة الدستورية السورية من 150 عضوا يمثلون أطرافا سورية، بالتساوي تقريبا، 50 من أعضاء النظام السوري و50 من المعارضة، فيما ستختار الأمم المتحدة ال 50 عضوا الآخرين، وهذه المجموعة، التي تسمى "القائمة الوسطى" يمثلها خبراء سوريون وممثلون عن المجتمع المدني ومستقلون وزعماء قبائل وتهدف هذه القائمة إلى تمثيل كاف لجميع الجماعات العرقية والدينية في سوريا، وكذلك النساء.

وتعود مبادرة تشكيل اللجنة الدستورية إلى ما أُطلق عليه مؤتمر "الحوار الوطني السوري" الذي انعقد، في 30 يناير/كانون الأول 2018، بمدينة سوتشي الروسية، ليوافق عليها لاحقا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا. والسبب الأكثر أهمية في توقع عقد الاجتماع الأول للجنة لمدة عامين تقريبا هو عدم وجود اتفاق على الأسماء في قائمة الأمم المتحدة؛ قبل أن تتدخل الدول الضامنة لعملية أستانة وهي بالإضافة الى تركيا كل من روسيا وإيران.

في غضون ذلك، كانت نتيجة القائمة عملية مرهقة، حيث تدخلت الدول الغربية، التي حاولت أن تكون فعالة من خلال الأمم المتحدة ، المعادلة. على سبيل المثال، تم نقضهم من قبل أنقرة على أساس أنهم قريبون من النظام.

متى ينتهي الدستور؟

ومضى الكاتب يقول: "على وجه الخصوص، يعد إعداد القائمة الثالثة مزعجا للغاية ويثير سؤالا مبررا للغاية. إذا استغرق انتخاب الأعضاء مثل هذا الوقت الطويل، فكم سنة ستستغرق لإعداد دستور جديد يتمخض بعد اجتماعات اللجنة؟".

وأردف: في مواجهة هذا السؤال، نحتاج أيضا إلى إدخال الجانب الإجرائي للقضية. بينما تتألف الجمعية العامة للجنة من 150 عضوا، فإن "لجنة الكتابة"، التي سيحضرها 15 ممثلا من كل مجموعة، ستتولى صياغة الدستور الجديد. بعد ذلك يبدأ مشروع النص الذي تم تشكيله هنا في الجمعية العامة.

وأوضح الكاتب: "مرة أخرى، وفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه نتيجة لمفاوضات صعبة؛ سيتم التماس التوافق قبل اتخاذ القرار، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فستكون هناك حاجة إلى 75 في المائة من الأصوات للحصول على اتخاذ القرار أي ثلاثة أرباع المجلس يجب أن يوافق على هذا القرار، وبعبارة أخرى 113 من أصل 150 عضوا في الجمعية العامة، و 34 من أصل 45 عضوا في لجنة الكتابة مطالبون بالتصويت بنعم".

وتابع: "في هذه الحالة، لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق في صورة حيث يقوم النظام والمعارضة بالاقتتال بين بعضهما البعض. من الناحية النظرية، في السيناريو الذي يتفق فيه النظام وقائمة الأمم المتحدة معا هذه المرة من الضروري تحويل قدر معين من الأصوات من المعارضة. وبالمثل، عندما تتوافق المجموعة الثالثة مع المعارضة، فلن يكون من الصعب على النظام منع هذه التسوية".

واستطرد الكاتب قائلا: "كما هو واضح التقارب والتوافق بين القوى الثلاثة أمر ليس فيه الكثير من اليسر والسهولة، ما لم تقدم كل من الأطراف المشاركة في كتابة الدستور النية للوصول إلى حل، وبالطبع إذا كان هناك إجماع، فسيتم تقديم مسودة الدستور إلى الاستفتاء وبعد ذلك سيتم إجراء الانتخابات".

وزاد: "في الواقع، لا يبدو واقعيا انتظار حل من اللجنة وحدها لكن يمكن اعتبار بداية عمل اللجنة بداية للمساومة الكبرى نحو الحل السياسي في الأزمة السورية، ولكن يجب أن ننتبه أنه سيتشكل الحل النهائي في المفاوضات التي ستنفذها الجهات الفاعلة الرئيسية المشاركة في المعادلة السورية فيما يتعلق بميزان القوى في هذا المجال، ثم تنعكس في اللجنة وفي هذا الصدد، ستعمل عمليتان في تفاعل مواز، أحدهما عمل اللجنة والآخر هو مفاوضات الأطراف السياسية الفاعلة في ميادين أخرى".

واستبعد الكاتب: أن "تشارك الأعضاء الفاعلين في مباحثات أستانة وهي: روسيا وتركيا وإيران بقوة في مباحثات كتابة الدستور السوري، لكن تركيا والمعارضة، تدخل في المعادلة من خلال تأثيرها على النظام الروسي وبالمثل، من المحتمل أن تشارك جهات فاعلة كمستوى ثاني من التدخلات مثل الولايات المتحدة والسعودية، التي تنشط حاليا في سورية للاستقرار في حقول النفط".

وأشار إلى: أنه لا يمكن إغفال أن التطورات في الميدان ومسار توازن القوى العسكرية ستؤثر بشكل مباشر على المفاوضات الدستورية في جنيف، فهناك العديد من القضايا الحرجة المعلقة أمام اللجنة الدستورية، فهل مثلا سيتم إنشاء دستور جديد تماما أم تعديل الدستور الحالي، كما أنه من المحتمل أن يكون نظام الأسد، الذي يعتقد أنه خرج منتصرا من الحرب على الأقل في غرب البلاد".

تساؤلات ملحة

ورأى الكاتب: أن "الموضوع الأكثر أهمية الذي سيكون على استعداد لتقاسم السلطة مع المعارضة، أيضا ماذا سيكون مصير الأكراد السوريين؟ وماذا عن حقوقهم التي كانت ضائعة في عهد النظام السابق كمواطنين سوريين من عرق كردي؟ هل يمكن أن يتجه البعض لحكم ذاتي؟ وهذا موضوع خاضع للنقاش أيضا".

وواصل قائلا: "لقد استجيب للاعتراضات التركية، فلم يكن هناك أي من عناصر المليشيات التابعة لقوات سورية الديمقراطية، كما أنه هناك ممثلين أكراد في جناح المعارضة لا ينتمون إلى هذه المنظمة وكذلك في القائمة الثالثة، من المفهوم أنه يوجد عدد قليل من الأعضاء الأكراد الذين لديهم هوية مماثلة".

وبحسب الكاتب: فإن من المسائل المطلوب تحديد مصيرها هي تلك التي وقعت في فيها العمليات العسكرية سواء "غصن الزيتون" أو "درع الفرات" وحتى "نبع السلام"، حيث هذه الأراضي السورية تقع الآن تحت سيطرة المعارضة السورية والقوات التركية، واللجنة الدستورية الحالية من المتوقع أن تبحث أيضا في هذه القضايا وتحدد قرارات بشأنها.

ولفت إلى: أن اللجنة التي بدأت الأربعاء في جنيف ستستغرق وقتا طويلا، ويدل على أن القادم ليس بالأمر الهين، وقد يمكن أن يطلق عليها "المفاوضات السورية الكبرى" وأنها بدأت الآن.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: "رغم كل الصعوبات، فرؤية الطرفين السوريين في جنيف، ببدلات وربطات عنق هو أفضل بكثير من رؤية البنادق والدبابات والقنابل، والزي العسكري"، متمنيا: "ألا يكون قد فات الكثير من الوقت على كتابة نص المصالحة النهائية في سورية".