120 ساعة.. هل تكون كافية لإنهاء عملية تركيا في شمال سوريا؟

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "يني شفق" التركية أن عملية نبع السلام العسكرية في شمال سوريا، لم ولن تتوقف، وأن مهلة الـ120 ساعة ربما تكون لالتقاط الأنفاس وتحقيق المزيد من النتائج والأهداف بأقل قدر من الخسائر.

ولكن في المقابل، تقول الصحيفة: إن الطرف الآخر لن يجلس ساكنا مستكينا، هو يحيك كل أنواع المؤامرات في تعاون بين مختلف الأطراف سواء الروسية، أو الأمريكية وبجانبها القوات الإرهابية؛ ليس هذا فحسب بل حتى إن عملية نبع السلام هذه ستكون منها نسخة ثانية وربما ثالثة وصولا لتحقيق منطقة آمنة على حدود تركيا بعمق 32 كم وبطول حدود 444 كم. 

وتنقضي اليوم الثلاثاء مهلة الـ120 ساعة، التي منحتها تركيا لانسحاب التنظيمات الإرهابية من شرق نهر الفرات شمالي سوريا، إثر اتفاق لتعليق العملية العسكرية التي بدأتها مؤخرا، يقضي بأن تكون المنطقة الحدودية الآمنة تحت سيطرة الجيش التركي، وانسحاب العناصر الإرهابية من المنطقة، وإلا فإن أنقرة تهدد باستئناف العملية فور انتهاء المهلة المحددة في حال لم تنجح واشنطن في تطبيق تعهداتها.

ورأى الكاتب في صحيفة يني شفق، "بولانت أوراك أوغلو" في مقال له: أن عملية "نبع السلام" واحتمالية تنفيذها من عدمه كان أكثر موضوع طرأ على أجندة الشعب التركي ووسائل إعلامه خلال الأيام العشرين الماضية، ما قبل تنفيذ العملية.

ومن الأسئلة أيضا موقف روسيا وإيران وهما العنصران الفاعلان في مباحثات أستانا، التي كانت في الشهر الذي سبق تنفيذ العملية، لا سيما وأن الموقف المعروف عن الولايات المتحدة هو أنها تعارض شن هجوم شمال شرق سوريا، وعليه ما هي ردة فعل واشنطن، هل ستنشب حرب ما بين البلدين؟.

أهمية العملية

من المعروف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد نوه للجميع، الصديق قبل العدو أن العملية آتية لا محالة، وكل الظروف والأجواء تشي بذلك، فالعملية مهمة من أجل حماية الدولة والحفاظ على أمنها القومي، تركيا لن تسمح بأي حال من الأحوال في أن تتحول الحدود الجنوبية منها إلى وكر للإرهاب بدعم عالمي.

حين بدء العملية، وخلال أسبوع منها، تمت السيطرة على عمق 32 كم من الأراضي السورية بطول حدود 120 كم وذلك من قبل القوات العسكرية التركية وبإسناد من الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة السورية. وتتمثل هذه الأراضي بشكل أساسي في مدينتي رأس العين وتل أبيض.

وجرى خلالها أيضا تحييد ما يزيد عن 700 من الإرهابيين فيما البقية وبسرعة البرق قرروا الهرب من ساحات المعارك، على الرغم من الأسلحة المتقدمة التي قدمت لهم على مدار خمس سنوات ماضية تقريبا، من قبل الغرب الذي واصل بدوره سياسة التنديد والتحذير والاستنكار للعملية العسكرية التركية. 

لم تأبه تركيا بهذا كله، يقول الكاتب: "ومضت في عمليتها وسجلت ملحمة بطولية في التصدي للإرهاب الذي يهدد أمنها القومي، وعلى الرغم من مزاعم حظر بيع السلاح إلى تركيا من قبل عديد الدول الغربية والعقوبات، أصرت أنقرة على مواصلة عمليتها بجنودها البواسل وسلاحها المصنع ذاتيا، وخلال فترة قصيرة لا تتعدى الأيام، كانت السيطرة والكلمة الطولى للأتراك في هذه المواجهة قصيرة المدى، قوية الأثر والتأثير".

هنا، كان لا بد لأمريكا من التدخل، بشكل آخر، كان الخيار الوحيد لها هو الإذعان لتركيا وتلبية شروطها كافة، فأرسل الرئيس دونالد ترامب وفدا باسمه مكونا من نائبه ووزير خارجيته ومستشاره للأمن القومي ومبعوثه فيما يتعلق بسوريا، ونجم عن هذا الاتفاق "تعليق" عملية نبع السلام.

المنطقة الآمنة

هناك نقطة فيها غموض، ففي حين تصر تركيا على أن تكون المنطقة الآمنة على طول الحدود السورية وصولا للحدود التركية العراقية السورية، أعلن نائب الرئيس الأمريكي أن المنطقة التي سينسحب منها الإرهابيون هي بالفعل بعمق 32 كم ولكن بطول حدود يمتد لـ 120 كم وهي مدينتي رأس العين وتل أبيض. 

لكن الرئيس أردوغان كان صريحا من هذه الناحية وأكد على مطالب بلاده المتمثلة بذات العمق ولكن بطول حدود 444 كم وهذا يعني انسحاب القوات التي يتمركز فيها النظام الروسي بمشاركة العسكر الروس، مثل مدينة القامشلي وأجزاء من رأس العين. 

وهذا الأمر بطبيعة الحال لن يكون سهلا، وعليه سيكون هناك لقاء حدد مؤخرا يجمع كل من الرئيس التركي ونظيره الروسي في سوتشي، اليوم الثلاثاء، وفي كل الأحوال، سيتم تنظيف هذه المنظمات الإرهابية في وقت قصير جدا وبدون شك.

وحتى ذلك، شدد الكاتب أنه لا مفر للقوات التركية إلى جانب قوات المعارضة السورية المتمثلة في الجيش الوطني السوري، من المرابطة في المكان وعدم إخلاء الأراضي التي سيطروا عليها البتة، وفي الأساس وفق الاتفاقية الأمريكية هذه الأراضي ستكون السيطرة لها لصالح القوات التركية وهذا منصوص عليه بشكل لا لبس فيه.

ونقل الكاتب عن بعض وجهات النظر العسكرية، أن المنطقة الآمنة ستنشأ ولكن ستأخذ بعض الوقت وربما تُشن عملية عسكرية ثانية وحتى ثالثة من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، وهو في الحقيقة يبدو واضحا جدا على الرغم من معارضة كل من واشنطن وموسكو لأي حراك عسكري تركي على الأرض ثانية.

لكن ذلك سيتكرر في القريب العاجل على الأرجح، سيما وأن تصريحات القيادات رفيعة المستوى في ما تسمى نفسها بقوات سوريا الديمقراطية PYD/PKK وكذلك بعض التصريحات الأمريكية الصادرة عن نائب الرئيس الأمريكي، وما قبل لقاء أردوغان- بوتين في مدينة سوتشي الروسية، يشي بأن تركيا ستواصل إنشاء المنطقة الآمنة وحدها، خاصة إذا لم يترك لأنقرة أي خيار آخر كما كان قبل أيام. 

دخول النظام

قد يكون من المنطقي أن تعلم موسكو ومن قبلها الولايات المتحدة بالمباحثات التي جرت بشكل سريع بين النظام الروسي وقوات PYD/PKK وذلك في 13 من "أكتوبر/تشرين الأول" .

وبموجب تلك المباحثات، دخلت قوات النظام بعض الأراضي التي تسيطر أو التي كانت تسيطر عليها قوات PYD/PKK، ظنا من هذه القوات أن النظام السوري يمكنه أن يسيطر على كافة الحدود مع الأراضي التركية والتي تمتد من مدينة المالكية السورية وحتى منبج على الحدود العراقية التركية السورية.

وبالفعل دخلت قوات النظام السوري إلى جزء من المنطقة التي تريد تركيا من خلالها إنشاء المنطقة الآمنة، حتى حدود الطريقين الإستراتيجيين "M4" و"تل تمر"، حيث تابع جيش النظام السوري عملية انتشاره في عدد من قرى وبلدت ريف الحسكة.

فدخل قصر يلدا شمال غرب بلدة تل تمر وثبت نقاطه في محور تل تمر ـ الأهراس بالريف الشمالي الغربي للمحافظة والذي كانت تتخذه القوات الأميركية قاعدة لها في المنطقة.

هذا كله قد يكون بتعاون مشترك بين القوات الأمريكية والروسية، حيث ينقل الكاتب تصريحات عسكرية صادرة عن البنتاغون ووزارة الدفاع التركية نشرتها صحيفة نيوزويك: أن الولايات المتحدة وروسيا تعاونتا بشكل وثيق وغيرتا القوات المسيطرة في بعض المناطق بشمال سوريا.

وساعد الانسحاب الأمريكي من سوريا مؤخرا، بتعزيز الوجود العسكري لقوات النظام السوري في المنطقة، وعليه فإنه وفقا لهذه المعطيات لا يمكن لتركيا أن توقف العملية وأن تتراجع عن تحقيق أهدافها هناك؛ هذا ما يبدو وهو ما يجب أن يكون.