بتسعة أيام.. هكذا هزمت تركيا "تهديد القرن" وأخضعت دول العالم

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا للكاتب إبراهيم كارغول، رأى فيه أن تركيا باتت قوية بالميدان وعلى طاولة المفاوضات؛ ما ينعكس على الأرض بطبيعة الحال، إذ بات الأمن القومي لأنقرة سالما من البحر الأبيض المتوسط وحتى حدود إيران، وربما أبعد من ذلك.

وقال الكاتب في مقاله، إن: "الجميع أيقن أن خريطة ما، لا يمكن أن ترسم أو أن يخط حدودها بدون وجود لتركيا حضورا وموقفا، والصدمات لمن يعادي تركيا ستكون أكثر في قابل الأيام".

وأضاف: "يجب ألا يحاول أحد أن يقود حملة تشويه أو يختلق الأعذار أو يبحث عن الأخطاء، فتركيا ربحت على الأرض وكذلك على الطاولة، وستواصل حصد المكاسب كذلك مستقبلا".

وشدد الكاتب على أن: "ممر الإرهاب" لم يعد له وجود وهو الذي كانت القوى الغربية وبعض المتعاونين في المنطقة محاصرة تركيا به، انطلاقا من حدود إيران إلى البحر المتوسط بهدف محاصرة البلد من ناحية الجنوب، هذه الخطط باتت من الماضي، ولم يفلح أي من هذا، لا من خلال الخيار العسكري ولا بواسطة "الإرهاب" ولا حتى ممارسة الضغوط السياسي والاقتصادية.

تهديدات القرن

ووصف كارغول التهديدات الأخيرة، بأنها الأكبر في القرن الحالي، وأنها يتم القضاء عليها واحدا تلو الآخر، مضيفا أن: المخطط كان فاضحا مفضوحا، دعائمه تمزيق كيان العراق وكيان سوريا وكيان تركيا.

وتابع: خطط كهذه كان لا يمكن لها أن تنجح في ظل قوة الأتراك المتصاعدة؛ هذا التهديد الأكبر في القرن الحادي والعشرين يستهدف تركيا لكنها نجحت في غلق بوابته الغربية بعمليتي درع الفرات وغصن الزيتون وبوابته الشرقية بعملية المخلب.

وأردف الكاتب: وعليه يجب ألا تتنظر أي دولة أو قوة أو تنظيم من أن تطأطئ تركيا رأسها أمام هذا المخطط. فهذا الأمر لن يتغير مهما كنا نواجه، الولايات المتحدة أو روسيا أو "بي كا كا" أو تنظيم الدولة أو أوروبا أو إسرائيل، فتركيا لن تسمح بذلك لأن لديها القوة والعقلية اللتين تساعدانها على فعل ذلك.

إيقاف تركيا

وأكد أن الكثيرين لم يتوقفواعن محاولة "إيقاف تركيا" فأدخلوها في مناوشات داخلية بدأت في العام 2013 فيما وصفه الكاتب "إرهاب غازي بارك" وصولا لمحاولة الانقلاب في 2016 والذي فشل عن جدارة، وأخيرا، ممر الإرهاب الذي حاولوا أن يكون الضربة القاضية للأناضول.

وربط الكاتب بين كل هذه الأحداث، مؤكدا أن الفاعل واحد ومَن وراءها هو ذات الجهة، وقال: "إن الذين يدعمون هذا المخطط هم الذين دعموا أحداث غيزي بارك و15 تموز/يوليو، وهؤلاء هم الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والأنظمة العربية من بقايا الاستعمار و"المحتلون الداخليون".

ورأى أنه: "مهما اختلفت المسميات والأشكال، أطماع الآخرين في تركيا قديمة قبل نحو مئة عام وربما أكثر، لكن وإن تغيرت الأسماء لاحقا ليحل مكانها في الواجهة تنظيم غولن ومنظمة بي كا كا، غير أنه وفي الحقيقة وراءهم ذات الجهة وهو الغرب والذي يسمي حاليا نفسه بالتحالف الدولي".

دهاء سياسي

وبحسب الكاتب، فإن تركيا لها تاريخ سياسي يمتد ألف عام، ودولة تعمل بذهنية ترسم ملامح المنطقة منذ ألف عام، لا يمكن أن تستسلم أمام أمر كهذا لقد أخطؤوا تماما في تقدير ذلك؛ وعلى الرغم من أنهم أشعلوا فتيل حرب سوريا فقط من أجل هذا "الممر الإرهابي"، غير أن تركيا كانت قادرة على إخماد هذه الحرب وها قد فعلت.

واستطرد: "قاموا بالانقلابات، ومحاولات احتلال داخلي لتركيا، فقط من أجل السيطرة على المارد التركي الوثاب، كل ما بوسعه فعلوه حتى المستحيل، قاموا به، لكن جهودهم هذه ذهبت أدراج الرياح. لقد أخطؤوا تفسير صبر تركيا ورجاحة عقل قيادتها واهتمامها بالرأي العام العالمي، فظنوا أن بإمكانهم تركيع تركيا وشل حركتها من خلال بضع نفر من الجنود الأمريكان ومجموعة من الفرنسيين ومؤامرات إسرائيل وأموال الخليج وإرهاب "بي كا كا" وتنظم الدولة، وهذا كله أثبت فشله تماما.

ولفت الكاتب إلى أن: "تركيا ليست دولة وليدة، بل هي من تصدت للكثير من حملات الاحتلال، ومرت بمختلف العصور بدءا من الحملات الصليبية والدولة السلجوقية والإمبراطورية العثمانية؛ فلم ينظروا إلى الدولة السلجوقية والإمبراطورية العثمانية، أو ذاكرة كل تلك القرون وطموحاتها ونجاحنا في المحافظة على تلك العقلية المؤسسة ونقلها إلى حاضرنا، ولهذا فقد استخفوا بقوتنا القادرة على إفساد كل ألاعيبهم".

وزاد قائلا: ربما ظن الغرب أنهم أعطوا تركيا فرصة للترفيه عن النفس بتنفيذ عمليتي "درع الفرات" و "غصن الزيتون" ربما ظن البعض أن تركيا سترضي غرورها بعمليتين عسكريتين للقضاء على خطر مهم لكنه محدود، تركوها تنشغل بهذا، لينشئوا هم دويلة ما على الجنوب التركي أو قريب منه، وتتفاجأ تركيا به، لكن كانت المفاجأة من نصيبهم هم، والصدمة كانت حليفهم، فوثب الترك للدفاع عن أمنهم القومي ، وقضوا عليه تماما في لمح البصر.

وشدد الكاتب على أنه أصابت صدمة كبيرة كل من ماطلوا تركيا وقالوا "وصلنا إلى المرحلة النهائية ولن تستطيع تركيا فعل شيء" ومن استعرضوا قوتهم عند النقطة صفر من حدودنا ومن صفوا لهم في الداخل ومن وثقوا وعقدوا الآمال على تحريضات جنود الجيش الأمريكي.

بدأت المهلة

ونوه الكاتب إلى البعض حاول امتصاص هذه الصدمة، بفرض العقوبات، بالتحذيرات، بالوعد والوعيد، لكن كل هذا أيضا لم يفت من عضد تركيا، بل إنها أصابتهم مرة أخرى.

وأشار إلى أن هناك من بدأ ينتظر عندما بدأت العملية وهو يقول في نفسه: "حسنا، لقد استدرجت تركيا إلى ذلك المستنقع، والآن ستبادر الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل لتوقفها عند حدها وتدمرها بالحصار والأزمات الاقتصادية"، لكنهم أصيبوا بالصدمة للمرة الثانية عندما توصلت الولايات المتحدة لاتفاق مع تركيا.

وأكد الكاتب، أن التدخل العسكري والاتفاق السياسي يمثلان نصرا لتركيا التي عندما تدخلت وبدأت تدمير البؤر الإرهابية بسرعة، شعر جميع رعاة الإرهاب بخوف وهلع وقالوا: "نرجوكم لا تفعلوا ذلك، سنسحب العناصر الإرهابية". لقد منحناهم مهلة لمدة 120 ساعة لينسحبوا بعدما يتركوا أسلحتهم في مواقعهم. وإن لم ينسحبوا فسنواصل العملية من حيث توقفنا، هذا كل ما في الأمر.

وأوضح: لقد قالت تركيا "لن يبقى هناك أي تنظيم إرهابي في ذلك الممر الواقع على طول الحدود مع سوريا من البحر المتوسط حتى حدود العراق بعمق 32 كم، فتنظيم (بي كا كا/ي ب ج) سينسحب من المنطقة"، وقالت: "سيتحول ممر الإرهاب إلى ممر السلام". وهذا ما قلناه على الدوام، فلم يصدقونا وماطلونا، لنبدأ تطهير المنطقة بأيدينا. ليخبرونا بعدها أن الإرهابيين سيغادرون المنطقة. بقي 4 أيام، وها نحن ننتظر، فهذا كل ما في الأمر.

اللعب مع الكبار

وواصل الكاتب حديثه قائلا: تركيا، لم تعد تسمح لأن يحدث أي شيء في القرب منها إلا بإذن منها، كل ما يحدث الآن هو بموافقة من الزعماء أردوغان وبوتين وترامب، ومن ينكر هذا لا ينظر بعين ناقدة بصيرة، جميع اللاعبين الآخرين غائبون عن المشهد تماما بدءا من الاتحاد الأوروبي ودوله المتعددة مرورا بالدول العربية وليس نهاية بإسرائيل، ضعف هذه الجهات جميعا لا يخفى على أحد.

وأردف: "لقد توصل أردوغان لاتفاق مع ترامب، كما سيلتقي بوتين يوم الثلاثاء المقبل، وهو اللقاء الذي أؤمن بأنه سيسفر عن نتيجة طيبة. فنحن نؤمن بأن بوتين سيفهم حساسية تركيا وأنه لن يضع الصعاب أمامنا في منطقة غرب الفرات وأنه لن يضع العقدة في المنشار أمام أردوغان".

وبخصوص الدول الأوروبية، قال الكاتب إن: "أكثر ما أدرك ذلك، أي قوة أردوغان ومكانته القيادية العالمية هي أوروبا وبالذات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ما انفك يندد بالرئيس أردوغان وبتركيا، في كل خطوة تقوم بها، وبينما كان زعماء القارة العجوز يطلقون تهديدات الحصار بدؤوا الآن يقفون في الصف ليقابلوا أردوغان.

وبيّن الكاتب: إذ صرح الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي كان يطلق تصريحات غير مسؤولة في الماضي القريب، بأنه سيلتقي أردوغان الأسبوع المقبل مع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وأكد كارغول في ختام مقاله، قائلا: هذه القوة لم تأت سدى، بل جاءت من سلسلة طويلة من المكاسب الميدانية العسكرية من جهة ومكاسب الدبلوماسية على طاولة المفاوضات باستخدام ما يلزم من أوراق، لييقن الجميع أنه وبدون تركيا لا يمكن رسم خريطة للمنطقة! وهذا فقط البداية، إنهم الآن "يقبلون ساعد أردوغان" بعدما كانوا يحاولون الإطاحة به.