صحيفة تركية: "نبع السلام" حققت التوازن بالمنطقة وأفسدت خطط الغرب

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "يني شفق" التركية أن أنقرة، تواصل منذ سنين طويلة نجاحاتها في الشرق المتوسط، على كافة الصعد وآخرها كان المجال العسكري والدبلوماسي، حيث يسيران بخطان متوازيان وبشكل ثابت، وعملية "نبع السلام" شمال شرق سوريا، كانت مثال حي على ذلك.

وقال الكاتب "راسم أوزدين أوران" في مقال له بالصحيفة إن تركيا واصلت عمليتها برغم كل التحذيرات والتهديدات التي أطلقتها واشنطن والغرب من وراءها.

وأمس الخميس، أعلنت أنقرة تعليق عمليتها العسكرية لمدة 120 ساعة، من أجل انسحاب تنظيم "بي كا كا/ ي ب ك" الذي تصنفه إرهابيا من "منطقة آمنة" بعمق 32 كيلومترا على طول حدودها، وذلك بموجب اتفاق تركي أمريكي.

وأطلق الجيش التركي العملية في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، في شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، كما تهدف العملية العسكرية إلى القضاء على "الممر الإرهابي"، الذي تُبذل جهود لإنشائه على الحدود الجنوبية لتركيا، وإلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

الشرق الأوسط

وقال الكاتب "يواصل البعض تعريف الشرق الأوسط بأنه مستنقع، ولنفترض أنه كذلك، هل يجب أن يبقى كذلك أم يجب تنظيفه والقضاء على ما بداخله من حشرات، وقاذورات؟". 

تركيا دولة تقع في الشرق المتوسط، وبالتالي، هي معنية بكل الحراك السياسي في المنطقة، تؤثر به وتتأثر، والابتعاد عنها أمر مستحيل، هو أشبه بأن تقول "سأعمل على ألا يلتقي الصابون بالمياه"، وبالتالي لا يوجد فرصة للنجاة من تأثير الحراك السياسي هذا بالسلب أو بالإيجاب. 

يتابع الكاتب: "الولايات المتحدة ولسنوات طويلة، لم تتوقف عن دعم  الإرهابيين عسكريا ولوجستيا، سواءً بالشاحنات العسكرية أو بالصواريخ المضادة للطائرات، والسؤال: لماذا كل هذا الدعم، وهذه الكميات المهولة من السلاح، ستوجه لصدور من؟ بالطبع لن تأتي أمريكا من أجل حضور حفل ما وإطلاق بعد الطلقات النارية كمجاملة!".

وكان ترامب قد أقر بذلك حين قال في سلسلة تغريدات على تويتر "الأكراد قاتلوا معنا، لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل لفعل ذلك. إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود". 

وهنا، بدأت دول العالم تقريبًا صغيرها وكبيرها يعزفون من نوتة موسيقية واحدة ويتحدثون بذات اللهجة، ووصفهم الكاتب بـ"عازفي بريمن" (قصص أطفال مكتوبة).

وبالتالي "بما أن الكل يتكلم لنفس السبب، فهل من الممكن ألا يلاحظوا أنهم جميعًا يواكبون توجيه سلطة واحدة؟، وهذا يثبت حقيقة واضحة، وهي أنهم يسعون لوضع تركيا في عش الدبابير".

وما أن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان بدء العملية العسكرية في شمال سوريا حتى تواردت ردود الفعل الغربية المستنكرة والمطالبة بوقفها. وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أدان الهجوم التركي "بشدة" كما طالب رئيس المفوضية الأوروبية بوقفه.

لعبة مكشوفة

ورأى الكاتب أنه "حتى لو كانت هذه الصرخات تختبئ وراء الخطاب القانوني المزعوم، فمن الواضح للعين المجردة أنها لعبة مكشوفة ومفضوحة". 

وأفشلت تركيا من خلال عملية "نبع السلام" كل الخطط والفخاخ التي كانت تحاك ضدها والأكثر من ذلك أن هذه الفخاخ انقلبت عكسًا على عقب بل تحولت لصالحها تمامًا، وهذا بالمناسبة ما يتكرر دائمًا فالأتراك بارعون في تحويل الفخاخ لصالحهم، ومن جهة أخرى هم قادرون على تجاوز كل هذه المكائد والخروج دائمًا أقوى وأكثر عزيمة، بحسب الكاتب. 

ويستدل على ذلك بأمثلة منها "أحداث غازي بارك عام 2013 وانقلاب تموز، وألاعيب البورصة، والتسبب بانهيار العملة التركية، وغير ذلك من الألاعيب؛ وبلا شك كما يحدث في أي واقعة بالعالم، هناك أثر لهذه الفخاخ، حيث تركيا ومواطنوها باتوا يشعرون بالتعب والإرهاق جراء كل هذه المصائد واحدة تلو الأخرى، ناهيك عن أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، والأضرار المادية وتكلفتها الباهظة".

ويتابع الكاتب: "لا يوجد ما هو مجاني في هذه الحياة، ووفقًا للغاية التي تريد تحقيقها ستدفع ثمنها، هذه سنة الحياة، وسواء كان خيرًا أم شرًا ستدفع ثمنه وستجبر الآخرين في المقابل على أن يدفعوا معك هذا الثمن".

ولفت إلى أن تركيا في الوقت الراهن، تمر بمرحلة من التحول بالمجالات السياسية والاجتماعية، وبالتالي ستتأثر هذه التحولات بما يحدث في العالم الخارجي بل والداخلي من معتقدات وتدخلات وتكتلات.

هذه العملية وتبعيتها، ترى الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها، الاتحاد الأوروبي، أنها تفسد الاستقرار والأمن في المنطقة، "وهم محقين في ذلك، لأن العملية بنجاحها وبتحقيق أهدافها تعمل على إعادة تشكيل التوازن العالمي وإفساد خطط الغرب التي لطالما حلم بتحقيقها في المنطقة".

ويعتقد الكاتب أن "العملية تهدف للعودة إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى حيث فقد التوازن العالمي الحقيقي، وهذا الهدف بحد ذاته مخيف للغرب؛ فهي تهدف إلى تحقيق نظام عادل ومنصف للأراضي والدول التي خططت لها الدول الإمبريالية على أساس المصلحة".

وهذا منسجم تمامًا مع تصريحات الرئيس أردوغان حين يردد مقولته الشهيرة "العالم أكبر من خمسة" ويقصد هنا الدول الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن الدولي "وبالطبع في هكذا حالة، فإنه من الطبيعي ألا يكون الوضع مريحًا بالنسبة للغرب".

وختم الكاتب مقاله بأن تركيا تثق تمامًا بنفسها، وهي تسعى لهذه الغاية بخطى ثابتة، على الرغم من كل الجهود التي ترمي لعرقلة مسيرة البلاد، "فقرارها ثابت مؤكد وهذا الأمر ليس فقط في الميدان، ولكن أيضًا في العلاقات الدبلوماسية، على الرغم من كل المواقف المعادية ما تزال الدبلوماسية التركية تتقدم وتعلو، وعلى من يتعثر في مسيره أن ينظر لأسفل قدميه لا أمامه".