موقع أمريكي: لهذه الأسباب وضعت "نبع السلام" إيران في موقف حرج

12

طباعة

مشاركة

قال موقع أمريكي إن المصالح الإيرانية في سوريا تواجه تهديدا عقب عملية نبع السلام التركية في شمال شرق البلاد، التي بدأها الجيش التركي قبل أيام، بهدف إنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية السورية بعد انسحاب القوات الأمريكية منها.

وقال "جورجيو كافيرو" في مقال على موقع "لوب لوج": إن العملية التي تنفذها القوات التركية تمثل هدية للإيرانيين والروس وتنظيم الدولة، "يقوم على ادعاءات بسيطة للغاية ومضللة". 

موقف إيران

وتابع: "إن مصالح طهران في الأجزاء الكردية من شمال سوريا معقدة، وتعارض الحكومة الإيرانية رسميا وبقوة التوغل التركي في شمال سوريا".

وأضاف: "قبل بدء عملية نبع السلام بفترة وجيزة، دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنقرة إلى احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها الوطنية. بعد يومين، بدأ الجيش الإيراني بإجراء تدريبات بالقرب من الحدود الإيرانية التركية".

ووفقا لوكالة أنباء الطلاب الإيرانية (ISNA)، فإن التدريبات كانت تنطوي على طائرات هليكوبتر تابعة للجيش ووحدات رد فعل سريع وألوية متحركة وهجمات.

وأشاد قائد الجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي الذي أشرف على التدريبات، بنتائجها الإيجابية، قائلا: إنها "تهدف إلى قياس مدى استعداد القوات الإيرانية وحركتها وسرعتها".

ولفت إلى أن إلغاء رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، زيارته إلى العاصمة التركية عقب بدء العمليات في سوريا، دليل على أن العملية تمثل معضلة لإيران. 

ومضى الكاتب: "دعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى إنهاء فوري للهجمات وسحب القوات التركية من الأراضي السورية بعد بدء الهجوم التركي، كما أكدت الوزارة أنه بينما تتفهم طهران المخاوف الأمنية لأنقرة، فإن موقف إيران هو أن العمل العسكري لتركيا لن يقلل فقط من المخاوف الأمنية لتلك الدولة، بل سيتسبب أيضا في أضرار مالية وإنسانية".

وتابع: "في النهاية، وضعت حملة أنقرة العسكرية طهران في موقف صعب. فالأخيرة ترغب في رؤية عملية السلام في أستانا (تضم إيران وروسيا وتركيا) تنجح من حيث حل الأزمة السورية، وخاصة في إدلب، وبالتالي تريد طهران استمرار العلاقات الجيدة مع أنقرة. بالمثل، لا تريد موسكو أن يدفع تضارب المصالح مع تركيا إلى إرباك عملية أستانا". 

وأردف: "من ناحية أخرى، تشعر إيران كداعم للحكومة السورية، بالقلق العميق من حقيقة أن عملية نبع السلام في تركيا تعتمد بشدة على القوات المناهضة للأسد من شمال وشرق سوريا. في الواقع، قاتلت القوات الإيرانية وتلك المتحالفة معها هؤلاء طوال الحرب الأهلية السورية".

ونوه الكاتب بأن الجماعات السنية المدعومة من تركيا مثل: فرقة السلطان مراد، فيلق الشام، وأحرار الشرقية وغيرها، التي حاربت نظام الأسد تحت مظلة الجيش السوري الحر تمت إعادة تسميتها بالجيش الوطني السوري، وهي المحور في عملية تركيا في سوريا. 

وأضاف: "بطبيعة الحال، لا تريد إيران أن ترى هذه الجماعات السنية تكسب حياة جديدة في الحرب السورية، بسبب العملية التركية".

علاقة إيران بالأكراد

ومضى يقول: "في 11 أكتوبر، اندلعت الاحتجاجات في كردستان الإيرانية قبل يوم واحد من تجمع المئات من الإيرانيين أمام السفارة التركية بطهران للتعبير عن معارضتهم الشديدة للحملة العسكرية لأنقرة. إن مثل هذه المظاهر العلنية للغضب الموجه ضد تركيا تؤكد على كيفية تأثير السياسات المحلية والإقليمية والدولية على رد طهران على عملية نبع السلام".

وفي سياق الضغط القوي من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، سعى المسؤولون في طهران إلى تحسين علاقة الجمهورية الإسلامية بالمجتمعات الكردية الإيرانية، كما يقول الكاتب. 

وتابع: "خوفا من الوجود العسكري الأمريكي في الخليج وكذلك الجماعات السلفية العاملة في سيستان وبلوشستان، بدعم مزعوم من الولايات المتحدة والسعودية، تريد القيادة في طهران منع القوى الخارجية من استغلال الفرص لاستخدام الجماعات الكردية الإيرانية المتشددة كوكلاء في أي حملة لإضعاف الحكومة الإيرانية".

وتحقيق هذا الأمر: "يتطلب إشراك الفصائل الكردية الإيرانية في حوار يجري في النرويج منذ شهر مايو/أيار الماضي، مع معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في شمال غرب إيران ، والتي أثارت على مدى سنوات عديدة استياء الأكراد من الحكومة الإيرانية".

وتابع: "مما لا شك فيه، مع تعاطف ملايين المواطنين الإيرانيين مع الأكراد السوريين الذين يكافحون من أجل البقاء وسط حملة تركيا، يتعين على إيران احتواء هذا الغضب وعدم إظهار أنها تقف إلى جانب أنقرة في عملية نبع السلام". 

ومضى يقول: "في الوقت نفسه، فإن إيران هي جارة لتركيا، وقد حافظت الدولتان دائما على علاقة متجذرة في البراغماتية حتى عندما لم تتوافق طهران وأنقرة حول القضايا الإقليمية. مع استمرار فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني، تتفهم الجمهورية الإسلامية أهمية الحفاظ على صداقتها مع تركيا".

العلاقات السياسية

وتابع كافييرو: "علاوة على ذلك، لا تريد إيران الابتعاد عن التقدم الذي أحرزته في العمل مع تركيا وروسيا عبر عملية أستانا - على الرغم من إعاقة هذا الترتيب بسبب عملية نبع السلام. تشارك طهران أيضا مصلحة أنقرة في منع وحدات حماية الشعب من إقامة قاعدة في شمال سوريا يمكن أن تزود إسرائيل بموطئ قدم بالقرب من الحدود السورية العراقية، حيث يمكن أن تشن مزيدا من الضربات ضد الجهات المدعومة من إيران في المنطقة".

ويوضح الكاتب أنه: "في هذا المنعطف، وعلى الرغم من بعض الخطوط الفضية التي قد تراها طهران في هجوم أنقرة على شمال سوريا، تسعى إيران إلى الضغط على تركيا لوقف توغلها العسكري بينما تدفع أيضا وحدات حماية الشعب وأنقرة ودمشق نحو تفاهم جديد يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار والأمن على طول الحدود التركية السورية". 

وبحسب الكاتب: "في 12 أكتوبر، عرض ظريف إشراك الثلاثة أثناء الإشارة إلى اتفاق أضنة لعام 1998، الذي منع الحرب التركية السورية من خلال مطالبة حكومة الأسد بإنهاء رعايتها لحزب العمال الكردستاني (PKK)، كأساس لإبرام صفقة يمكن أن تؤدي إلى قيام الجيش التركي والجيش العربي السوري بحراسة الحدود التركية السورية من خلال جهد منسق".

ومع تعهد أردوغان بعدم التفاوض مع الإرهابيين، من الصعب تخيل توصل أنقرة ووحدات حماية الشعب إلى أي نوع من السلام في المستقبل المنظور. لن تخجل طهران من التعبير عن معارضتها لعملية تركيا ضد وحدات حماية الشعب، وفق رؤية الكاتب.

وأضاف: "تبدو التداعيات الإقليمية والمحلية ضد إيران خطيرة من منظور طهران. ومع ذلك، فإنها تدرس بعناية المصالح الأمنية المشروعة لتركيا في هذه العملية بينما تسعى إلى تجنب أي تصرفات قد تخلق مشاكل كبيرة للشؤون الثنائية".

وتابع: "سيتم اختبار قدرة الجمهورية الإسلامية على الحفاظ على علاقات ودية مع تركيا في ظل وقوفها إلى جانب حليفتها في دمشق بشدة مع تزايد قلق العالم من احتمال اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط بين سوريا وتركيا". 

واختتم بقوله: "الآن بعد أن توصلت وحدات حماية الشعب والحكومة السورية إلى اتفاق للسماح لقوات الجيش العربي السوري بدخول الأراضي البرية في شمال شرق سوريا والتي كانت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب منذ عام 2012، يبقى أن نرى ما سيحدث لعملية نبع السلام. ولكن مع إبداء تركيا تصميمها على دفع هجومها إلى عمق سوريا، يشعر المسؤولون في طهران بالقلق إزاء مستقبل عملية السلام في أستانا".