باستهداف "سابيتي".. ما مصير وساطة التهدئة بين الرياض وطهران؟

12

طباعة

مشاركة

بعد أن أفادت أنباء بأن السعودية أعطت الضوء الأخضر لرئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي للوساطة مع إيران، في خطوة أولى نحو وقف التصعيد بالمنطقة، هوجمت ناقلة نفط إيرانية بالصواريخ، فيما أعلنت واشنطن إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى الرياض.

تساءلت صحيفة "لوريان لوجور" الفرنسية في تقرير لها: "هل ردت واشنطن على طهران؟ في البحر الأحمر - على خلفية التوترات بين إيران والولايات المتحدة - بعد تعرض ناقلة إيرانية تدعى "سابيتي" يوم الجمعة الماضي، إلى ضربتين صاروخيتين مفترضتين قرب ميناء جدة السعودي، ما تسبب بتسرب النفط في البحر، وفق ما أعلنت الشركة المالكة لها.

"هجوم إرهابي"

واعتبر الهجوم بأنه "إرهابي" على الفور من الخبراء الإيرانيين، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "إيسنا"، التي أضافت أن التحقيقات جارية حول سبب التفجيرات، ومن جهتها ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الهجوم وقع "من مكان بالقرب من الممر (البحر الذي كانت تمر فيه الناقلة) في شرق البحر الأحمر"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

كما نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي قوله: "المسؤولون عن هذا الهجوم سيكونون مسؤولين عن العواقب، بما في ذلك التلوث البيئي الخطير الناجم عن هذه الهجمات"، إذ أن هيكل السفينة، الذي تضرر من جراء الانفجارات، نجم عنه تسرب نفطي في البحر الأحمر.

من جهتها، ذكرت شركة ناقلات النفط الإيرانية الوطنية، المشغلة لأسطول ناقلات النفط الإيراني، أن "الانفجارات" ربما كانت ناجمة عن ضربات صاروخية، وقالت: جميع طاقم السفينة آمن ولم يصبه أذى"، بينما كانت السفينة متجهة إلى مياه الخليج، كان من على متنها يحاولون إصلاح الأضرار.

أما علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فقال: "تم تشكيل لجنة خاصة للتحقق من الهجوم الذي استهدف الناقلة سابيتي، بصاروخين وستقدم اللجنة تقريرها قريبا إلى المسؤولين المعنيين لاتخاذ قرار، مضيفا: " القرصنة البحرية والشيطنة في ممرات المياه الدولية التي تستهدف أمن السفن التجارية لن تبقى بدون رد".

فيما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أن السعودية تلقت "رسالة إلكترونية" من ناقلة إيرانية لحقت بها أضرار في البحر الأحمر، لكن السفينة واصلت سيرها وأغلقت نظام التتبع الآلي بها قبل أن يتسنى تقديم المساعدة لها.

مخاوف عالمية

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن "هذا الحادث يأتي بعد حوالي شهر من الهجوم المزدوج على اثنين من أكبر حقول النفط السعودية، في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو هجوم أعلنت المليشيات اليمنية الحوثية التي يعتقد أنها مدعومة من إيران المسؤولية عنه، لكن واشنطن والرياض ألقتا اللوم مباشرة على الجمهورية الإسلامية، التي أنكرت أي تورط لها".

وأوضحت "لوريان لوجور" أن: هذا الحادث أثار مخاوف عالمية من اندلاع صراع مفتوح بين طهران والرياض، وفي الوقت نفسه لم ترد واشنطن، التي تعتبر "حامية" دول الخليج النفطية، على هذه الهجمات، رغم تهديداتها في البداية.

بحسب محللين، فإن الحادث الذي وقع الجمعة ضد الناقلة الإيرانية تقف وراءه واشنطن، وقال علي فايز، أخصائي مجموعة الأزمات الإيرانية، في تصريح للصحيفة اللبنانية: بدا من المحتم أن الولايات المتحدة تشعر بأنها مضطرة للانتقام من الهجمات على أرامكو لردع المزيد من الهجمات ضد الشركة السعودية".

وأضاف المحلل السياسي: "كان واضحا أن الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين يفضلون خيارات غير مباشرة تجاه إيران. حادثة يوم الجمعة، قد تكون رد مبطن".

ماذا عن الوساطة؟ 

وأكدت الصحيفة،  أن الحادثة الأخيرة - التي تسببت في ارتفاع سعر نفط برنت بأكثر من 2 بالمئة - هي الأولى التي تتعرض لها سفينة إيرانية منذ تجدد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في شهر مايو، إذ وقعت العديد من الهجمات على ناقلات النفط الأجنبية - المنسوبة إلى طهران - في منطقة الخليج، بمضيق هرمز، وهو شريان حيوي لمرور المواد الهيدروكربونية في العالم، بينما كانت الناقلات بالبحر الأحمر أقل استهدافا.

ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء عن موسوي قوله: "في الأشهر الأخيرة، وقعت المزيد من أعمال التخريب ضد الناقلات الإيرانية في البحر الأحمر وتجري تحقيقات بشأن مرتكبيها". وفي الثاني من مايو/أيار الماضي، اتهمت الحكومة الإيرانية السلطات السعودية بالاستيلاء على سفينة إيرانية واحتجاز طاقمها كرهائن.

ونوهت "لوريان لو جور" إلى أنه على الرغم من أن الموضوعين ليسا مرتبطين بالضرورة، إلا أن واشنطن قالت، الجمعة، إنها ستنشر 3 آلاف جندي إضافي في المملكة العربية السعودية، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إرسال 200 جندي آخرين. وسيشمل الانتشار سربين من الطائرات المقاتلة وقوة استطلاع جوي وقوات دفاع جوي، إضافة إلى بطاريتين من طراز "باتريوت"، فضلا عن منظومة "ثاد" الدفاعية.

وذكرت الصحيفة، أن: "الدفعة الأولى من الجنود الأمريكيين، كانت أول نشر من نوعه منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2003"، وقال بيان صادر عن البنتاجون: "سيشكل الأمر إرسال ثلاثة آلاف جندي تم تمديد مهمتهم أو إجازة نشرهم خلال الشهر الماضي".

وأكد البيان، أن: "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أبلغ بالانتشار الإضافي الذي يهدف إلى ضمان وتحسين الدفاع عن السعودية".

التهدئة في خطر

وقالت "لوريان لوجور": أن الهجوم على ناقلة النفط الايرانية يأتي في وقت برزت فيه مساع للتهدئة بين طهران والرياض تدريجيا، من خلال وساطة ليس فقط من جانب باكستان، ولكن أيضا من جانب العراق، وهما دولتان لهما علاقات إيجابية مع كل من إيران والمملكة العربية السعودية.

وبحسب الصحيفة، فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد حصل على ضوء أخضر من الرياض في نهاية زيارته إلى المملكة العربية السعودية، في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، لعقد اجتماع بين السعوديين والإيرانيين.

ونقلت عن علي فايز، قوله: "العديد من دول المنطقة تشعر بالقلق إزاء تصعيد جديد في المنطقة وعرضت مساعدتها للتوسط بين إيران والسعودية، لكن  ليس لديهم تفويض واضح".

ويخلص فايز إلى أنه: "لا يبدو أن هناك استنتاجا واضحا في الرياض بأن الوقت قد حان للتصالح مع طهران". فربما يكون "هجوم الجمعة" قد عرّض للخطر هذه المحاولة لجمع الإيرانيين والسعوديين حول طاولة واحدة.