أفكار سيريجوس.. أسباب استغلال اليونان "نبع السلام" للتصعيد ضد تركيا

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ديريليش بوستاسي" التركية، مقالا للكاتب باتوهان جولشاه، تطرق فيه إلى تصريحات لأحد القوميين اليونانيين والذي عبّر وبشكل واضح عن رغبة بلاده الدخول في عملية "نبع السلام"، ولكن ضد تركيا؛ طمعا في المكاسب "لو رجحت كفة المليشيات الكردية".

وأشار الكاتب إلى أن: "هذه آراء تنم عن موقف يتمناه الكثير في الداخل اليوناني"، منوها في الوقت ذاته إلى أن: "الصراع التركي اليوناني قد طال أمده وأنه من الضروري توفر زعامات لديها الرغبة الجادة في إنهاء هذه الخلافات".

وأعلنت أنقرة، الخميس، تعليق عمليتها العسكرية لمدة 120 ساعة (خمسة أيام)، من أجل إتاحة الفرصة لانسحاب تنظيم "بي كا كا/ ي ب ك" الذي تصنفه إرهابيا، من "المنطقة الآمنة" المحددة بعمق 32 كيلومترا، على طول الحدود التركية، وذلك بموجب اتفاق تركي أمريكي.

وكان الجيش التركي قد أطلق الأربعاء، بالتعاون مع الجيش الوطني السوري عملية "نبع السلام" في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

"النية الحقيقية"

ورأى أنه بينما نشهد واحدة من أكثر العمليات شمولا في تاريخ الجمهورية التركية: "لدينا الفرصة لاكتساب تجارب مذهلة كصحفيين وكعلماء سياسيين. وسواء كان البعض صديقا والبعض الآخر عدوا أو لتكن نيته ما تكن، سيجد أجوبة غزيرة على أسئلته".

وشدد الكاتب على أن مقاله ربما يتعلق بما وصفه بأصحاب "النية الحقيقة"، ولا سيما بعد التطورات المتعلقة بين تركيا واليونان فيما يخص حفريات البحر الأبيض المتوسط، والتي تعارضها اليونان مدعومة بالاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى ومنها مصر.

وطالبت قبرص واليونان ومصر تركيا الأسبوع الماضي "بإنهاء أعمالها الاستفزازية" شرقي البحر المتوسط بما فيها التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية لقبرص، الذي وصفته الدول الثلاث بأنه: "انتهاك للقانون الدولي".

وصدر البيان المشترك بعد اجتماع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة. وبحسب البيان، عبرت الدول الثلاث عن قلقها إزاء: "المحاولات الجديدة لإجراء عمليات تنقيب بشكل غير قانوني في المنطقة الاقتصادية الخالصة" لقبرص.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اتفقت دول شرق البحر المتوسط المجتمعة في القاهرة- ومن بينها الدول الثلاث التي أصدرت البيان اليوم- على إنشاء منتدى لإقامة سوق إقليمية للغاز، وخفض تكاليف البنية الأساسية، وتقديم أسعار تنافسية في نطاق جهود لتحويل المنطقة إلى مركز كبير للطاقة.

بدورها قالت وزارة الخارجية التركية: إنه لا معنى ولا قيمة للبيان الصادر في نهاية الاجتماع بين مصر واليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية، والذي وجه اتهامات لا أساس لها وملفقة ضد تركيا.

وأشارت إلى أن البيان يعد آخر نموذج على قيام الثنائي اليوناني/الرومي بإشراك بلدان المنطقة في سياساتهما القومية المتطرفة المناقضة للقانون الدولي. وأكدت أن سياسات اليونان وقبرص الرومية كانت لها نتائج ضد مصر في السابق، من ناحية مناطق الولاية البحرية، وأنه يبدو أن الأخيرة تغض الطرف عن استغلالهما لهذا الوضع.

ولفتت الخارجية التركية إلى أن تركيا مستعدة لمناقشة تحديد مناطق الولاية البحرية في شرق المتوسط بطريقة منصفة مع جميع بلدان المنطقة، ما عدا قبرص الرومية.

فرنسا واليونان

وتطرق الكاتب إلى تصريحات أنجيلوس سيريجوس نائب عن الحزب الحاكم في أثينا وأستاذ القانون الدولي، وفي تصريحات عند استضافته في أحد القنوات التلفزيونية، حيث كانت تصريحاته "مثيرة للانتباه". وأضاف: "ربما يكون سيريجوس قد شارك بآرائه، لكن لا يمكن أن يتكلم المرء بمثل هذه الآراء وبمسألة جدية وخطيرة، إلا لو كان لديه ما يعرفه".

وتابع: "بينما تشن أنقرة عمليتها العسكرية ضد المليشيات الكردية (بي كاكا، بي واي دي) فإن هؤلاء الإرهابيين من أكبر الداعمين لهم فرنسا، وبالتالي لن تقف باريس موقف المتفرج، وستعمل على الانخراط في هذه الحرب، وفي وضع كهذا فإن اليونان هي الأخرى ستدخل في مرمى النيران".

وأشار الكاتب إلى أن: "سيريجوس يتطرق لموقف بلاده وهو الذي بدأ لتوه في التخلص من تأثير الأزمة الاقتصادية التي كان يعاني منها منذ 10 سنوات؛ لكنه وبسبب مشاكل التمويل، وجد من الصعوبة توفير الوقود داخل المدارس، وعليه ومن أجل ذلك من الممكن أن تدخل اليونان هذه الحرب، وبالطبع الكل يعرف أن حربا كهذه ستكون ضد تركيا".

تصريحات سيريجوس نشرها الكاتب التركي على صفحته في "تويتر"، وسرعان ما تناولتها وسائل الإعلام التركية، بدون ذكر المصدر، الأمر الذي فجر الغضب في البلاد تجاه اليونان.

وأردف الكاتب: "لا يوجد شيء يمكن قوله حول هراء تفسيرات سيريجوس" هذا بالطبع خطأ، ولكن، إنه مثال بسيط على أولية قومية عمياء تهيمن على السياسة اليونانية". وبيّن: "لسوء الحظ، فإن جيراننا ينشطون مثل هذه العقلية السياسية". كما أنه ليس من الصعب تخمين ما يفكر به سيريجوس في النزاع والخلافات في بحر إيجة؛ فهو واحد من أعظم المدافعين عن المطالبة بمياه إقليمية وحدود تصل إلى 12 ميل.

وكان وزير الخارجية اليوناني المستقيل نيكوس كوتزياس، أعلن مؤخرا، اتخاذ بلاده قرارا بزيادة مدى حدودها البحرية من 6 أميال إلى 12 ميل بحري في بعض المناطق، الأمر الذي تعارضه تركيا.

يذكر أن اليونان تخلت مسبقا عن موقفها المتشدد إزاء ترشيح تركيا للاتحاد الأوروبي، إلا أن أثينا اشترطت تخلى قبرص التركية عن الكونفدرالية والجلوس على طاولة التفاوض، وموافقة أنقرة على السماح لأثينا بتحديد حدودها الإقليمية في بحر إيجه لمسافة 12 ميل بحري.

العبرة بالأفكار

وشدد الكاتب على أن العبرة ليست بالأسماء، ولكن ما بما يتم ترويجه من أفكار، حيث وبينما تلقى أفكار سيريجوس رواجا في المجتمع اليوناني؛ لا تلقى الأفكار الأخرى كالتي تقر بحقوق لتركيا في بحري إيجة والمتوسط وأن على الطرفين الركون إلى طاولة المفاوضات وعقد اتفاقية ما وأنه من أجل عقد اتفاقية جيدة يجب على كلا الطرفين التنازل؛ هذه الأفكار لا تلقى أي رواج أو صدى، مثل هذه الأفكار ليست لها مكان في السياسة اليونانية الحالية، وعادة ما يتم إسكات مثل هذه الآراء.

الكاتب ضرب أمثلة على مثل هذه التصريحات المعاكسة، في المجتمع التركي، مثل عملية إنتاج السلاح المحلي الصنع، وكذلك آراء مثل "صهر إردوغان يلعب لعبة" في إشارة إلى وزير المالية والخزانة التركية براءت آل بيرق صهر الرئيس التركي، منوها إلى أن هذه التصريحات غير الجادة قد تسهم في دعم الموقف اليوناني على حساب الموقف التركي.

وختم الكاتب مقاله بأنه: "إذا ما أريد للمشاكل وسوء الفهم وللعلاقات المتوترة والمسائل العالقة بين تركيا واليونان أن تحل، فالخطوة الأولى هي توافر قيادات وزعامات راغبة في ذلك، تأخذ زمام الأمور من القوميين اليونانيين وتباشر في الحل. وأضاف: على الرغم من أن أملي ضعيف، بالنظر إلى تأثير الكنيسة في البلاد، ولكن كما يقول المثل اليوناني "آخر ما يموت هو الأمل".