لم تأت بأغلبية.. هكذا تبدو مهمة "النهضة" لتشكيل الحكومة

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، الضوء على التحديات التي تواجهها تونس عقب النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، والتي أعلن عنها قبيل أيام من انطلاق الجولة الثانية من الاقتراع الرئاسي، التي جرت يوم الأحد، بين  المرشحين قيس سعيد ونبيل القروي.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، حيث تصدرت حركة "النهضة" الإسلامية النتائج بحصولها على 52 مقعدا في البرلمان، فيما حل حزب "قلب تونس" بزعامة نبيل القروي في المرتبة الثانية بـ38 مقعدا.

كما أسفرت النتائج عن حلول التيار الديمقراطي ثالثا بـ 22 مقعدا، يليه ائتلاف الكرامة المحافظ بـ21 مقعدا ثم الحزب الدستوري الحر الذي حصل على 17 مقعدا وتحيا تونس بـ 14 مقعدا ومشروع تونس سابعا بأربعة مقاعد، فيما لم تتجاوز باقي الأحزاب والقائمات المستقلة ثلاثة مقاعد، حيث تؤكد النتائج تشكل كتل نيابية مشتتة في البرلمان الجديد.

حزب مقاوم

وقالت "لوباريزيان": أسفرت اللعبة السياسية عن بعض المفاجآت في تونس بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول، مشيرة إلى أنه على مدار اليوم، التوافد على مراكز الاقتراع والشائعات المنتشرة على الشبكات الاجتماعية أعطى انطباعا بامتناع كبير عن التصويت، وبعد 18 ساعة من الاقتراع، تم الإعلان عن نسبة المشاركة بأكثر من 40.3 بالمئة، وهي أقل كارثية مما كان متوقعا.

وأضافت: الأكثر إثارة للدهشة أنه مع بداية الأسابيع الثلاثة للحملة الانتخابية، لم يكن الكثير من التونسيين يدركون أنه سيتعين عليهم انتخاب ممثلين جدد لمجلس الشعب بين جولتي الانتخابات الرئاسية، عقب وفاة الباجي قائد السبسي قبل نهاية ولايته.

وتابعت الصحيفة الفرنسية: "يوم الاثنين، ظلت استطلاعات متوافقة مع التقديرات التي قدمها التلفزيون مساء الأحد، ولم تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن مؤتمرها الصحفي لإعلان النتائج النهائية".

ونوهت إلى أنه رغم مجيء حزب "النهضة" الإسلامي في المرتبة الأولى، إلا أن الحزب فقد بهذه الانتخابات 69 مقعدا عن الانتخابات السابقة.

ورأت الصحيفة أنه يجب تعلم العديد من الدروس من هذا الوجه المحتمل الذي سيبدو عليه "باردو" الجديد - مقر البرلمان- أولها: أعاد فك الارتباط المؤسسي توزيع الخريطة، فالحزب التقليدي الوحيد الذي قاوم هذه الموجة هو حزب "النهضة"، كما أن نجاح المتظاهرين المؤيدين للشريعة والمعادية للفرنسة تحت راية الكرامة أضعف مع ذلك معسكر راشد الغنوشي.

عدم الاستقرار

وبحسب "لوباريزيان"، الدرس الأخر هو: حزب اليسار لم ينته كما يقول المعلقون، فـ"التيار الديمقراطي" برئاسة محمد عبّو أثبت وجودا ونفوذا بحصوله على 14 مقعدا، فيما هناك العديد من النشطاء الذين خاب أملهم بسبب انجراف الأحزاب اليسارية التقليدية لقوائم مستقلة عرفت كيف تصنع الفرق هذه المرة.

ورأت، أنه في المجمل فإن تبعثر الأصوات ربما يفتح فترة من عدم الاستقرار في تونس، حيث لابد لأي حزب يريد الأغلبية الحصول على 109 مقاعد، وهو رقم بعيد عن جميع الأحزاب، فضلا عن تشتت أصوات الناخبين التي توزعت على أحزاب صغيرة وشخصيات مستقلة.

ونقلت الصحيفة عن مراقب سياسي قوله: "لسنا في مأمن من الذهاب إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى في الأشهر الأربعة أو الستة المقبلة"، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق حكومي، خاصة من قبل الحزبين الأكثر حصولا على مقاعد "النهضة" و "قلب تونس".

ويمنح الدستور التونسي رئيس الحزب أو الائتلاف الانتخابي الفائز بأكبر عدد من المقاعد الحق في تشكيل الحكومة في غضون 3 أشهر على أقصى تقدير، وفي حال تعثر الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية في مهمة تشكيل حكومة ائتلافية تعاد عملية الاقتراع حتى حصول أحد الأطراف على أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة.

انتخابات الرئاسة

وخلصت "لوباريزيان" إلى أنه في ضوء التصريحات الأخيرة، يبدو من غير المؤكد التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب التونسية لتشكيل الحكومة المقبلة.

ويضيف المراقب السياسي (لم تذكر اسمه)، أنه: "لن يكون هناك اتفاق إلا من اللحظة التي يكون فيها القروي رئيسا، وإذا ساهم الغنوشي في صعوده".

لكن ليلة الاثنين، أكد المتحدث باسم زعيم حزب "النهضة" دعم المحافظين الإسلاميين للمرشح قيس سعيد ما يلوح بحدوث اضطرابات. 

وكان القروي قدّم، الثلاثاء، التماسا قضائيا يطلب تأجيل الدورة الثانية من الانتخابات المقررة في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى حين "انقضاء أسباب عدم تكافؤ الفرص".

والقروي رجل أعمال وقطب إعلام أُوقف في 23 أغسطس/آب الماضي وأودع الحبس الاحتياطي بشبهة تبييض أموال، لكنه نال 15,58 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، مما أهله لخوض الدورة الثانية الحاسمة.

وأعلن حزبه "قلب تونس": أنه تمت مراسلة "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2019 لمطالبتها بتمكين القروي من "التنقل لكافة الولايات أثناء الحملة وإجراء حوارات مباشرة مع وسائل الإعلام، وفي حالة عدم الاستجابة، فقد طالبنا بتأجيل الدور الثاني إلى حين انقضاء أسباب عدم تكافؤ الفرص".

والأربعاء الماضي، قررت محكمة النقض التونسية الإفراج عن القروي الذي غادر سجن "المرناقية" إثر صدور القرار محاطا بمجموعة من أنصاره حملوه على الأكتاف وسرعان ما صعد إلى سيارة سوداء غادرت محيط السجن. عمليا أخذ القروي يومين لإقناع ناخبيه بالتصويت له قبل موعد الاقتراع يوم الأحد.