فورين بوليسي: ما تأثير "نبع السلام" على ترامب داخل الكونجرس؟

12

طباعة

مشاركة

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن الكونجرس يستشيط غضبا من الرئيس دونالد ترامب لأنه غض الطرف عن عملية "نبع السلام" العسكرية التركية في شمالي سوريا، بينما تطرقت صحيفة نيويورك تايمز إلى اتهام ترامب للأكراد بعدم مساعدة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.

وبينت المجلة في تقرير للكاتبان إلياس جرول وروبي جرامر أن المشرعين الأمريكيين يتوقعون حصول مشروع القانون المزمع تقديمه إلى الكونجرس بفرض عقوبات على تركيا بأغلبية تتيح إصداره.

وقبل أيام، أطلق الجيش التركي بالتعاون مع الجيش الوطني السوري (معارض)، عملية "نبع السلام" في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لتطهيرها من تنظيم الدولة، و"بي كا كا/ ي ب ك"، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

توبيخ من الكونجرس

أشار الكاتبان إلى أن القانون المزمع تقديمه إلى الكونجرس الأسبوع القادم، من قِبل أعضاء الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، والذي يطالب بفرض عقوبات على تركيا سيطلق مواجهة بين الرئيس الأمريكي والكونجرس الذي يرى أن ترامب قد تخلى عن الأكراد، الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، بموافقته على إطلاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العملية العسكرية.

وأضافت المجلة: أن مشروع القانون يُعد توبيخا قويا يصدره الكونجرس ضد قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من الشمال السوري، فاتحا الباب أمام أردوغان لتنفيذ عمليته العسكرية "العدوانية" التي تهدف لإخلاء المنطقة من المقاتلين الأكراد، ويرجح واضعوا التشريع والمحللون السياسيون أن التشريع، إذا تم المضي قدما، من المرجح أن يمر بأغلبية ضد الفيتو في كل من مجلسي النواب والشيوخ.

وقال السيناتور كريس فان هولين، من الحزب الديمقراطي من ماريلاند وأحد واضعي التشريع: إنهم يهدفون إلى توضيح أن تركيا ستدفع ثمنا باهظا بسبب "عدوانها على الأكراد السوريين"، كما يهدف مشروع القانون إلى فرض عقوبات اقتصادية على أردوغان لتحجيم قطاعي الدفاع والطاقة في البلاد.

وأكدت المجلة أن مشروع القانون المُزمع تقديمه للكونجرس تمت صياغته بالتعاون مع السيناتور ليندسي جراهام، النائب الجمهوري عن ولاية ساوث كالورنيا، والذي يُعد أحد أبرز المدافعين عن سياسات ترامب، مما يشير إلى التصدع بين السياسة الخارجية لترامب وبين حزبه الجمهوري، "حيث أنه أمر نادر، أن يتهم قادة الحزب رئيسهم الذي دائما ما يخشون غضبه، بالتخلي عن الأكراد، الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة".

ويُعد السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، من أبرز منتقدي سياسة ترامب بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، والذي حذر في بيان صدر هذا الأسبوع من وجود أغلبية ضد الفيتو في مجلس الشيوخ تدعم استمرار  الوجود العسكري الأمريكي في شمال سوريا.

وأضاف قائلا: "الانسحاب السريع للقوات الأمريكية من سوريا لن يفيد سوى روسيا وإيران ونظام بشار الأسد. هذا سيزيد من خطر إعادة تنظيم الدولة وغيرها من الجماعات الإرهابية".

مخاطر سياسية

ويأتي هذا التصدع بين ترامب وحلفائه في الكونجرس في لحظة محفوفة بالمخاطر السياسية للرئيس، حيث يطالب الديمقراطيون في مجلس النواب بالتحقيق في ما إذا كان ترامب قد حاول استخدام السياسة الخارجية الأمريكية لصالحه الشخصي وينادون بعزله من الرئاسة.

وقال جوناثان بيركس الذي عمل كمساعد رئيسي لرئيس مجلس النواب السابق بول ريان: إنه في الوقت الذي قدم فيه الرئيس، المهزوم سياسيا الفرصة لأعضاء الكونجرس الجمهوريين للهجوم عليه، يمضي الديمقراطيون قُدما في إجراءات التحقيقات لعزله، ويكشفون أدلة جديدة تدين ترامب، يوما بعد يوم.

ويدرك الجمهوريون في الكونجرس أن ترامب يحتاج إلى دعمهم في مواجهة إجراءات تحقيق العزل والمساءلة، إلا أن الرئيس قد منح الفرصة للجمهوريين لتحدي قراره بسحب القوات الأمريكية من الشمال السوري.

وأضاف بيركس: "رأس المال السياسي دائما شيء محدود، والرئيس ينفق كثيرا منه في الدفاع عن نفسه أمام محاولات العزل".

وأثار قرار ترامب سحب القوات الأمريكية حنق المشرعين الأمريكيين، حيث يعتبر الكونجرس الأقلية الكردية، "المحاصرة في شمالي سوريا"، حليفا إستراتيجيا للولايات المتحدة، كما يتمتع زعماء الكونجرس وأعضاؤه بعلاقات قوية مع المسؤولين الأكراد.

وقال السيناتور الديمقراطي فان هولن عن ولاية ميرلاند الأمريكية إن: "الأكراد السوريين كانوا دوما رأس الحربة في حربنا ضد تنظيم الدولة، بالإضافة إلى كونهم دوما حلفاء مؤثرين، وإن تركهم عرايا أمام الحملة العسكرية التركية الحالية لا يُعد فقط خيانة، وإنما أيضا تقليص للأمن القومي الأمريكي بإرسال إشارات بأننا شركاء لا يمكن الوثوق بهم".

ويرى أليكس كونانت، محلل إستراتيجي جمهوري أن هذا القدر من اهتمام الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، قد يدفع للمضي قُدما في إقرار تشريعات تكبح جماح القرارات المتسرعة والكارثية في السياسة الخارجية للرئيس ترامب، حيث أن هذا القرار (الانسحاب من سوريا) ليس تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي سينساها الأمريكيون خلال أيام قليلة، وإنما يصب في صالح تدمير مصالح الأمن القومي الأمريكي. 

الحرب العالمية الثانية

بدورها، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: إن ترامب يتهم الأكراد السوريين بعدم مساعدة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.

وقالت جيسي فورتن، الكاتبة الصحفية في نيويورك تايمز: إن الجميع لا يجب أن يُصدموا من قرار ترامب "لأن الرئيس الأمريكي قد أعلن أكثر من مرة نيته الخروج من الشرق الأوسط، إلا أنه حتى مؤيدوه كانوا يعتقدون أنه لا يمكنه المضي قُدما في خطته هذه لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي".

ففي الوقت الذي قال فيه ترامب قبل أيام إن الأكراد يحاربون من أجل أراضيهم، نجد أحدهم يكتب مقالا قويا يتهم فيه الأكراد بأنهم لم يساندونا في نورماندي (أكبر غزو بحري في التاريخ)، في الحرب العالمية الثانية.

وكان ترامب يناقش الأزمة الكردية في شمال سوريا مع الصحفيين، واستحضر واقعة الحرب العالمية الثانية، في حين لم يرد البيت الأبيض علي أسئلة وسائل الإعلام عن سبب المجيء على ذكر نورماندي في هذا التوقيت، أو عن المقالة التي أشار إليها الرئيس.

وتدور التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام أن مصدر المقال الذي أشار إليه ترامب هو منشور رأي كتبه كورت شيلشتر الكاتب والمعلق المحافظ.

وبدا أن أنصار الرئيس يتجنبون الخوض في حديثه عن الأكراد في نورماندي، لكن كثيرين أشادوا بجهوده لتقليص الوجود الأمريكي في سوريا كخطوة نحو وقف الحروب التي لا تنتهي، بينما جادل آخرون بأن التخلي عن الحلفاء في المنطقة لن يسمح إلا بمزيد من العنف.

علي الجانب الآخر انتقد معارضو ترامب تعليقه عن عدم مشاركة الأكراد في الحرب العالمية الثانية، مؤكدين أن الأكراد في النهاية أقلية لا تتمتع بدولة تمنحهم جنسيتها، كما أن الولايات المتحدة تتمتع بعلاقات جيدة مع ألمانيا واليابان وإيطاليا، القوى الرئيسة في قوات المحور المعادي للولايات المتحدة في تلك الحرب.