زيارة الحريري لأبوظبي.. ما هو ثمن المساعدات الموعودة للبنان؟

12

طباعة

مشاركة

حصل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، على دعم عربي كبير، خلال زيارته الرسمية الأخيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا واضح من الاستثمارات التي تم التعهد بها لبيروت، ولكن أيضا وقبل كل شيء قيام أبوظبي برفع الحظر المفروض على السفر إلى لبنان الذي تم فرضه منذ فبراير/ شباط 2016.

وبحسب صحيفة "لوريان لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، فإن قرار أبوظبي الأخير يجب أن يكون جزءا من سلسلة "أخبار سارة" أشار إليها الحريري مرارا وتكرارا، لكن وباستثناء قرار رفع الحظر، وعلى عكس التوقعات لم يتم الإعلان عن "أخبار جيدة".

ولفت التقرير إلى أن زيارة الحريري إلى الإمارات جاءت قبل أسابيع قليلة من رحلته إلى المملكة العربية السعودية، والمخطط لها، وفقا لمصادر "لوريان لوجور"، في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. 

وأشارت إلى أن زيارة رئيس الوزراء اللبناني الرسمية لأبوظبي هي جزء من عودة سياسية واقتصادية عربية للبنان، وهذا من شأنه بالتأكيد أن يطوي صفحة التوتر التي مرت بها العلاقات العربية - العربية في السنوات الأخيرة، لأسباب سياسية تتعلق بما تعتبره دول الخليج "قبضة حزب الله على الدولة اللبنانية وقرارتها السيادية".

ما الثمن؟

رجحت الصحيفة أن يثير التأخير في الإعلان عن بقية "الأخبار السارة" الموعودة للبنانيين تساؤلات حول الظروف المحتملة التي يجب على لبنان الوفاء بها، من أجل الاستفادة من المساعدات التي يتوقعها من الشركاء العرب، لا سيما فيما يتعلق بحل القضية الشائكة حول ترسانة "حزب الله" غير قانونية، وكذلك وضع إستراتيجية دفاع وطنية وأهمية التركيز على بيروت بالنأي بنفسها عن النزاعات الإقليمية. 

وذكرت "لوريان لو جور" بتعهد رئيس الدولة ميشيل عون، قبل فترة وجيزة من الانتخابات التشريعية الأخيرة في مايو/ أيار 2018، برئاسة حوار وطني مخصص لهذا الملف بعد الاقتراع، لكنه لم ينفذ.

وأوضح أحد المقربين من قصر بعبدا -مقر الرئاسة اللبنانية ويقع في بلدة بعبدا الجبلية المطلة على بيروت- للصحيفة، أن هناك: "عددا من التغييرات المهمة التي لوحظت على أرض الواقع منذ النقاش الأخير حول إستراتيجية الدفاع، بما في ذلك الحرب في سوريا، على سبيل المثال".

وأضاف المصدر ذاته، أن: "هذه عناصر يجب أخذها في الاعتبار عند مراجعة سياسة الدفاع. لكن في الوقت نفسه، نحن نلتزم بسياسة الابتعاد عن النزاعات الخارجية". 

وبحسب بعض الأوساط السياسية التي استند إليها التقرير، في المقابل، كان سعد الحريري واضحا جدا فيما يتعلق بالبعد والحزب الشيعي، وفي مقابلة مع وكالة الإمارات الرسمية "وام" يوم الاثنين الماضي، قال بصراحة: "لقد اتخذت الحكومة اللبنانية قرارا بالنأي بنفسها عن الصراعات الخارجية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية".

وبالنسبة للإشارة إلى قضية الحزب الشيعي قال الحريري: "يجب إلقاء اللوم على حزب الله كجزء من نظام إقليمي، وليس كحزب لبناني". ومن خلال هذه التصريحات، نفى رئيس الوزراء ضمنيا وجود مشكلة "حزب الله" في معسكر إيران، التي يبدو أن العرب مصممون على الحد من هيمنتها في المنطقة.

وترى الصحيفة من وجهة نظر محلية بحتة، من الواضح أن رئيس الوزراء كرر التزامه بالتسوية السياسية التي تم التوصل إليها في عام 2016 مع ميشيل عون، الحليف القديم للحزب الشيعي، الذي فاز برئاسة الجمهورية مقابل هذا الاتفاق.

الضوء الأخضر

واعتبرت الصحيفة أن تجاه هذا الموقف العملي، يظهر أن الشريك الإماراتي يتفهم الأسباب، لا سيما في الوضع السياسي الحالي في البلاد، كما قال أحد الأشخاص في الدوائر القريبة من الحريري.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه بفضل الجهود التي بذلها سفير الإمارات في بيروت، حمد الشامسي، قررت هذه الدولة العودة إلى لبنان من خلال الاستثمار في القطاعات التي لا يستفيد منها "حزب الله".

ونقل التقرير عن مقرب من رئيس الوزراء -أكد أن المسؤولين الإماراتيين وعدوا رئيس الوزراء بودائع مصرفية قادرة على المساهمة في الانتعاش الاقتصادي للبلاد- قوله إن: "طريقة واحدة أمام العرب: أن لا يتخلوا عن لبنان للجمهورية الإسلامية (إيران)، التي ستنتهز الفرصة لتعزيز وجودها وهيمنتها في البلاد".

لكن وفقا لقناة "إل بي سي اي" اللبنانية، فإن هذا الإيداع المصرفي لا يزال يتعثر بسبب بعض العقبات التي تتفاوض حولها لبنان والإمارات، وفي الأساس سعر الفائدة -الذي قد يصل إلى 13 ٪- وضمان الذهب الذي تطلبه سلطات أبوظبي.

وقالت "لوريان لو جور": "على أي حال يجب أن ننتظر زيارة سعد الحريري للمملكة العربية السعودية لتكون بمثابة برهان على عودة حقيقية لدول الخليج العربية إلى الساحة اللبنانية، بعد مرور ما يقرب العامين عن مسلسل الاستقالة القسرية التي أعلن عنها رئيس الوزراء في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 من الرياض".

لكن داخل الأوساط السياسية، يبدو أنهم واثقون من أن الإمارات العربية المتحدة لن تعقد مؤتمرا حول الاستثمارات المستقبلية في لبنان، دون ضوء أخضر من الرياض، المنخرطة بالفعل في المواجهة مع طهران على عدة جبهات.

وبحسب مصادر مطلعة للصحيفة، فإن زيارة الحريري إلى أبوظبي تشكل مقدمة لسلسلة زيارات سيقوم بها إلى عواصم خليجية عدة إضافة إلى الرياض لترؤس وفد لبنان للجنة المشتركة اللبنانية - السعودية، ومن ثم إلى برلين لحضور مؤتمر لدعم لبنان تنظمه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، وصولا إلى باريس حيث يفترض انعقاد اجتماع لجنة المتابعة الإستراتيجية لمؤتمر في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وسيحاول الحريري من خلال هذه الزيارات حشد دعم دولي ومالي واستثماري، لمساعدة لبنان على تخطي الفترة الصعبة التي يمر بها حاليا، في انتظار إقرار موازنة العام 2020.