العاصمة الإدارية الجديدة بمصر: خريطة الصراع والمصالح

12

طباعة

مشاركة

كشف تحقيق حول "العاصمة الإدارية الجديدة" لمصر عن أبعاد الصراع على المصالح الكامنة والخفية بين أصحاب المصلحة في إنتاج هذا الفضاء الحضري الجديد.

وأوضح التحقيق الذي أعده "بارتيك ليورت" و"كريستيان شينتر"، من الصحيفة التابعة لمركز البحوث والدراسات عن الشرق الأوسط ''Meta"، أن تحليل 3 عناصر مركزية في العاصمة الجديدة أثبت أن علاقات القوة داخل المشروع تشكل مجالا معقدا من المصالح التنظيمية. 

وبحسب الباحثَين، فإن الجهات الفاعلة الحاسمة تحاول تفسير، وأحيانا إخفاء، المعلومات الأساسية حول المفاوضات والتمويل المتصل بالعاصمة الجديدة، بالإضافة إلى موقع وحجم أحد أكبر المشاريع الفرعية وأكثرها حساسية من الناحية السياسية، ألا وهو القصر الرئاسي. 

ونوه التحقيق بأن الإعلانات الرسمية تشدد بشكل متكرر على دور المستثمرين الأجانب والتمويل الخاص، رغم سيطرة وزارة الإسكان والجيش على المشروع. وتابع: "انخرط الكيانان المصريان في صراع على السلطة، وهو ما حسمه رئيس النظام عبدالفتاح السيسي لصالح الجيش". 

تاريخ باء بالفشل

واعتمد التحقيق على بحث ميداني إثنوغرافي لمدة 14 شهرا، من ربيع 2015 إلى أوائل عام 2018، استند إلى 36 مقابلة نوعية مع مختلف المشاركين في المشروع الذين ستظل هويتهم مجهولة، بالنظر إلى حساسية الموضوع. وتم نسخ وجهات النظر البينية وتم إجراء تحليل للمحتوى.

بعد ذلك، تم تجميع المعلومات المستندة إلى المقابلات والبحث الميداني والخبرة العملية والمصادر العامة. ونظرا لأن المعلومات التي تم تجميعها كانت متناقضة جزئيا، فقد خضعت لتحليل تفسيري لإعادة بناء العمليات التي حدثت في هذا المجال إلى أقصى حد ممكن. 

وأشارت الصحيفة إلى أن إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر كان له تاريخ سابق باء بالفشل بداية من مدينة الثورة في عهد الرئيس جمال عبدالناصر في الخمسينيات. وفي ظل خلفائه، الرئيسان السادات ومبارك، بذلت جهود جديدة لنقل مؤسسات الدولة في الصحاري غرب وشرق القاهرة، لكنهم فشلوا جميعا بسبب نقص الأموال ومقاومة موظفي الدولة والظروف السياسية. 

وتابعت: "مؤخرا، في عام 2014 ، استأنفت حكومة السيسي خطط إنشاء عاصمة جديدة، وأصبحت فيما بعد واحدة من أهم المشاريع ذات الأولوية في إستراتيجية التنمية الوطنية مصر-2030".

ونوهت أن تسليط الضوء على العاصمة الجديدة يعود في المقام الأول إلى التقدم المفاجئ الذي حققه المشروع في السنوات القليلة الماضية، مع الأخذ في الاعتبار المحاولات السابقة غير الناجحة لنقل العاصمة الحكومية. 

وأضاف التحقيق، أن: "الأفكار المتعلقة بأهمية العاصمة الجديدة وإحياء الفكرة مفتوحة أمام التكهنات، لكن معظم المحاورين يتفقون على أن من بين الأسباب الحاجة إلى رؤية كبيرة لإضفاء الشرعية على حكم الرئيس والنية لإخلاء المؤسسات الحكومية من وسط الاضطراب الذي عاشته البلاد عقب الثورة". 

موارد هائلة

لفت الكاتبان إلى أن المشروع يمتص موارد هائلة من حيث جهود التخطيط والإنفاق المالي، رغم ما واجهته البلاد من مشاكل اقتصادية حادة في أعقاب الثورة المصرية عام 2011 ضد مبارك وانقلاب 2013 ضد الرئيس محمد مرسي.

على الرغم من ترحيب العديد من الزوار الدوليين في مؤتمر 2015 بالمشروع كرمز لفرص الاستثمار الجديدة، كان هناك أيضا نقد واسع النطاق تركز في ارتفاع تكاليف الاستثمار وحجمه، بالإضافة إلى الشكوك حول المسؤولية الاجتماعية للمشروع، الذي قال البعض إنه: "يهدف إلى استضافة أغنى أفراد المجتمع فقط وخدمة مصالح الحكومة".

على الجانب الآخر، أشار رئيس النظام والوزراء عدة مرات إلى أن العاصمة الجديدة ستشجع الاستثمارات الأجنبية، وتعمق التعاون الدولي، ولن تشكل أي أعباء على دافع الضرائب المصري، ولكن بدلا من ذلك سوف تحقق ربحا للخزانة المصرية. 

وعقبت الصحيفة قائلة:  في ظل هذه الخلفية، فإن الافتقار إلى البحوث التجريبية على الاقتصاد السياسي والخيال المكاني للمشروع أمر مذهل. 

لكن وبحسب التحقيق، تتكشف المصالح الأساسية والمخفية جزئيا للجهات الفاعلة الرئيسية وصراعات السلطة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين عبر تحليل 3 عناصر رئيسية في العاصمة الجديدة: أولا: دور المستثمرين الأجانب، وثانيا: التنصل من المسؤوليات عن تمويل المشروع، والمكان الثالث: للقصر الرئاسي.

دور المستثمرين الأجانب

عبر الخطب والمقابلات الرسمية أشار رئيس النظام والوزراء عدة مرات  إلى أن العاصمة الجديدة هي أحد المشروعات الرئيسية في مصر لتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتعميق التعاون الدولي، في رد على المنتقدين، الذين كانوا يخشون أن يكون المشروع عبئا على الدولة والمجتمع المصري. 

في مارس/ آذار 2015، تم تقديم رجل الأعمال المقيم في دبي محمد العبار للجمهور كمستثمر محتمل. ومع ذلك، فقد بدأت المفاوضات بينه وبين وزارة الإسكان بالفعل في صيف عام 2014. وتم توقيع مذكرة تفاهم، وكان من المفترض أن تتحمل اثنتان من شركات العبار، وهما "Capital City Partners" و"Eagle Hills"، حصة كبيرة من تطوير المشروع. 

في يونيو/ حزيران 2015، تم إلغاء المفاوضات وتوقفت مشاركة رجل الأعمال لأنه رفض مشاركة شركته "إعمار" الإماراتية كضامن للقروض. ونتيجة لذلك، لم يكن من الممكن تأمين التمويل الأجنبي لمرحلة التنمية الأولى. 

على جانب الحكومة المصرية، فرضت اللوائح القانونية قيودا على قدرة العبار في المناورة، لأنه لم يكن مضمونا تطهير منطقة المدينة الجديدة في المستقبل من الوحدات العسكرية. ونتيجة لذلك، لم يكن من المرجح أن يبدأ البناء في المستقبل القريب. 

وقادت وزارة الإسكان ووزيرها حينذاك مصطفى مدبولي، الذي أصبح رئيسا للوزراء فيما بعد، المفاوضات مع العبار بشكل رئيسي. في ذلك القوت، نجح مدبولي في استبعاد الوزارات الأخرى من تطوير المشروع.

في تلك الفترة كانت الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة مسؤولة عن الإشراف على البناء. لكن إصرار الجيش على حقه القانوني في الاحتفاظ بجميع الأراضي الصحراوية، التي بموجب القانون مملوكة لوزارة الدفاع والهيئات التابعة لها، كان بمثابة مقاومة لاستحواذ وزارة الإسكان على المشروع الضخم. 

صراع السلطة

في ديسمبر/ كانون الأول 2015، سمح المرسوم الرئاسي رقم 446 لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بـ"توسيع نطاقه التجاري" من حيث النشاط والشكل من أجل إنشاء شركات ربحية، سواء بمفرده أو بالاشتراك مع مصادر رأس المال الوطنية والدولية. 

من بين أشياء أخرى، مكنت هذه الخطوة الجيش من المشاركة في المفاوضات حول تطوير المشروع الضخم. 

وصدر مرسوم رئاسي آخر في فبراير/ شباط 2016 منح جهاز الإشراف بناء مشروعين تنمويين، أحدهما هو العاصمة الجديدة، وتم تأمين النطاق الدولي للمشاركة العسكرية بالسماح بانضمام ممثلي القوات المسلحة إلى وفود دولية لجذب المستثمرين الأجانب والمطورين.

كما قام الجيش بتوسيع نفوذه على المستثمرين الدوليين في أغسطس/ آب 2016، عندما تم منح شركة مملوكة للجيش سلطة إعطاء تعليمات ملزمة للعديد من رواد التطوير الدوليين. 

وحدثت ضربة أخرى لوزارة الإسكان بالفعل في أبريل/ نيسان 2016، وذلك بتأسيس شركة تدعى "Capital Capital Urban Development" التي تأسست -من بين أمور أخرى- للسيطرة على تنفيذ العديد من المشاريع الفرعية في المدينة الجديدة.

وفي حين أن 3 من أعضاء مجلس الإدارة البالغ عددهم 13 ينتمون إلى وزارة الإسكان، فإن 5 أعضاء كانوا على صلة بالقوات المسلحة.

أخيرا، في أغسطس/ آب 2017 تم تعيين اللواء أحمد عابدين كرئيس تنفيذي جديد للشركة، ليحل محل شخص مدني. 

وهكذا حتى لو استمرت وزارة الإسكان في قيادة المفاوضات مع المستثمرين الأجانب، فإن وزارة الدفاع سيطرت بقوة على تطوير المشروع. 

من خلال مساعدة الجيش في السيطرة على المشروع، خصص السيسي، القائد السابق للجيش، فرصا استثمارية جديدة بشكل غير مباشر للمجمع العسكري والاقتصادي المصري المؤثر. 

لذلك، لم يساعد تأطير العاصمة الجديدة رسميا كمساحة لفرص الاستثمار الدولي في مواجهة النقد العام فحسب، بل ساعد أيضا في إخفاء تخصيص مصادر الريع للجيش المصري، مما يساهم في ضمان ولاء القوات المسلحة، وبالتالي فهو حيوي للحفاظ على استمرار النظام السياسي القائم على التوريث داخل المؤسسة "neopatrimonial" في مصر.

إنكار مسؤوليات تمويل المشروع

أكد وزير الإسكان السابق ورئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي مرارا وتكرارا أن الدولة المصرية لن تتكلف "سنتا واحدا" في إنشاء العاصمة الجديدة، ولكن بدلا من ذلك ستحقق ربحا للخزينة المصرية.

على الرغم من البيانات الرسمية، لم يكن تمويل المشروع بهذه السهولة كما كان متوقعا. حتى وإن كانت العاصمة الإدارية تعتبر مشروعا ذا أهمية وطنية، فإن المفاهيم الأولية المتصورة: أن يمول المستثمرون من القطاع الخاص الجزء الأكبر من المشروع - ما يصل إلى 83 في المائة. 

ومع ذلك، فقد انسحب المستثمرون لأنهم لم يتوقعوا عائدا مقبولا لمشاركتهم في مساع مكلفة مثل مركز مؤتمرات وطني ومبان وزارية. 

على الرغم من أن بعض المطورين المصريين من القطاع الخاص ذكروا أن الشركات الوطنية ستدعم المشروع بشكل شامل، إلا أنه كان على الدولة أن تستثمر أموالا إضافية لدعم المشروع. 

وكان كبش الفداء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهي سلطة فرعية تابعة لوزارة الإسكان التي تأسست أصلا في عام 1979 للإشراف على تطوير مدن جديدة. 

منذ البداية، كان على السلطة ضخ أموال في المشروع الضخم، وخاصة بشكل غير مباشر عبر شركة العاصمة الجديدة، التي تم تمويلها بشكل رئيسي من ميزانيات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والقوات المسلحة، وكلاهما يأمل في تحقيق عوائد على مشاركته في المشاريع العقارية. 

ومع ذلك، كان على هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أن تتنازل عن مسؤوليتها في العاصمة الجديدة لصالح شركة العاصمة الجديدة ومختلف الشركات والشركات المستقلة، ما تسبب في تأثير سلبي لها بخصوص مبيعات العقارات.

وهكذا، أصبحت هيئة المجتمعات تفتقد لإمكانية التحكم في إيرادات العقارات، التي كانت بحاجة إلى تعويض استثماراتها. 

كيانان منفصلان

في الوقت الحالي، يبدو من المحتمل جدا أن تستغل شركة العاصمة الجديدة والجيش عملية إعادة التنظيم هذه من خلال تخصيص عوائد من مبيعات الأراضي، مما يعني أن آلية جديدة لنقل الأصول الضخمة من هيئة المجتمعات إلى شركة العاصمة والجيش قد تم تنفيذها. 

بحلول أبريل/ نيسان 2018، كانت الهيئة قد ضخت قروضا وإعانات بلغ مجموعها 15 مليار جنيه مصري على الأقل -حوالي 720 مليون يورو- في هذا المشروع الضخم، الذي سيوفر لشركة العاصمة والجيش مضاعفات في الإيرادات. 

ووصفت السلطة الفرعية لوزارة الإسكان في عام 2016 مشاركة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بأنها وسيلة لعدم تحميل دافعي الضرائب أي تكاليف، ردا على انتقادات بأن الدولة المصرية تبدد مليارات الدولارات في هذا المشروع.

ومن المفارقات، في الوقت نفسه، أن المشاركة المالية من هيئة المجتمعات تستخدم لتفادي مشاركة المواطنين. 

ومعنى هذا أنه إذا قامت إحدى السلطات الوطنية بتمويل المشروع ولم يتحمل سكان المدينة أية تكاليف، فإنه لا يحق لسكان المدن طلب المشاركة. وهذا يؤكد نظرة الكثيرين إلى "الشعب" و "الحكومة" ككيانين منفصلين عن بعضهما البعض.

باختصار، من خلال تحويل العبء المالي إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، نجحت الحكومة في تحقيق هدفين أولا: هذا جعل من المنطقي حرمان المواطنين من إبداء رأي في المشروع الضخم، لأنهم بزعم الحكومة لا يساهمون في التمويل. ثانيا: حافظ أصحاب المصلحة الرئيسيون على مدينتهم من خلال تجنب مسؤولية تمويل المشروع.

موقع القصر الرئاسي

يعد موقع القصر الرئاسي وحجمه موضوعا لا يتم النظر فيه بشكل شامل من قبل وسائل الإعلام القومية أو الدولية الناقدة ولا من قبل الحكومة في تصوراتها الإستراتيجية للعاصمة الجديدة. وفي مقاطع الفيديو والكتيبات الترويجية للعاصمة الجديدة، لم يتم ذكر القصر على الإطلاق.

في البداية، كان من المخطط أن يكون القصر في قلب المدينة الجديدة. جنبا إلى جنب مع المجلس الاستشاري الرئاسي حول المشروع الضخم، لعب المخططون الصينيون الذين شاركوا في الزيارة التي قام بها الرئيس التنفيذي لشركة "سي إي إس" منذ زيارة السيسي إلى الصين في سبتمبر/ أيلول 2015، دورا رئيسيا في جوانب تخطيط وتصميم القصر. 

لم يتم تحديد الحجم المقرر لفضاء القصر البالغ طوله 9.5 كم مربع عن طريق الصدفة، ولكنه مستمد من فكرة أن القصر يجب أن يكون كبيرا مثل مناطق القصور الخارجية المختلطة التي تضم المجمعات الرئاسية في تركيا والهند في الترتيب لتأكيد أهمية الرئيس المصري. 

في أواخر خريف عام 2015، تم نقل مجمع القصر إلى الحدود الشمالية للمدينة الجديدة بعد أن خلص المخططون إلى أن الموقع البعيد قد يكون أكثر أمانا. كان المجمع الجديد أكبر حجما وقياسه 10.5 كيلومتر مربع. وتم تخطيط منطقة القصر بالكامل لتتضمن القصر وبيوت الضيافة والحدائق الرئاسية والمباني الأمنية. 

وكان من المفترض أن تعمل محطة الطاقة الشمسية على جعل القصر مستقلا عن مصدر الطاقة الحضري. 

ادعى بعض من أجريت معهم مقابلات أنه منذ ذلك الحين، لم يتغير موقع القصر، في حين تقلص حجمه إلى مساحة تبلغ حوالي 6 كم مربع. 

مركز للقوة

ومن المثير للاهتمام أيضا خطط مقرات الحكومة ضمن منطقة القصر (التي تم التخطيط لمعظمها كمنطقتين منفصلتين)، وتم رسمها وتطويرها في التعاون بين الشركات الصينية والمصرية أيضا.

تم الدفاع عن إعادة توطين تلك الوزارات من وسط مدينة القاهرة بحجة أن الوزارات المعنية لم تكن بحاجة إلى التعامل مع المواطنين بشكل يومي، على الرغم من أنها شملت وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة الصحة والسكان، التي تتعامل مباشرة مع شواغل من السكان. 

طالبت 6 وزارات إضافية بالانضمام إلى عملية إعادة التوطين، وسيتم بناء الوزارات بالقرب من الحافة الجنوبية لمنطقة القصر، تشبه المتنزه الموجه نحو مدخل القصر. يقع مجلس الوزراء والبرلمان على الجانبين الأيمن والأيسر من المحور الشمالي-الجنوبي المؤدي إلى القصر، وكأنهما مجرد حراس بوابات، بحيث يكرس القصر نفسه كمركز مكاني للقوة. 

وتشير الخطط المتاحة إلى أن الهدف من سلطات التخطيط منذ البداية هو تقديم فكرة مركزية عن التنمية الحضرية على غرار المدن السياسية في أوروبا في القرن السابع عشر، التي تؤكد القوة شبه المطلقة لرئيس الدولة، تتبعه مؤسسات القوى الثانوية كالبرلمان ومجلس الوزراء ثم الوزارات والمؤسسات الوطنية والدولية ذات الأولوية المتوسطة ثم تلك التي ذات أولوية منخفضة.

مصدر ريع جديد

وخلص التحقيق إلى أن العاصمة الإدارية، التي تشهد صراع نفوذ ومصالح عليها، تعكس فكرة الدولة ذات المفهوم المركزي الذي يوازي نموذج المدن المطلقة في أوروبا في القرن السابع عشر من خلال وضع القصر الرئاسي في قلب المشروع. 

وبحسب الصحيفة، فإن هذا التصور لدولة مصرية حديثة يتناقض مع الأفكار التي غذت التمرد ضد نظام الرئيس حسني مبارك، وأنه من المثير للدهشة أن دور القصر ليس موضوعا للنقاش العام. 

أيضا، يُنظر إلى العاصمة الإدارية الجديدة على أنها نموذج معاكس للتنمية الحضرية التشاركية. على الرغم من ذلك، من المضلل تحديد المسؤولية عن هذه الاختصاصات حصريا في قمة سلسلة القيادة، لأن المخططين الحضريين في كثير من الأحيان لا يرون ضرورة ومشاركة المزيد من مشاركة المواطنين، أيضا. 

باختصار ، يبدو أن تطور العاصمة الجديدة لسوء الحظ يعكس مسار التطور غير الديمقراطي للدولة المصرية بعد الإطاحة بنظام مبارك.  

في حين أن التأطير الرسمي للعاصمة الجديدة باعتبارها مساحة للمستثمرين الداخليين من القطاع الخاص يقاوم النقد العام للأعباء المالية للمشروع على الدولة المصرية، فإن هذا البناء الإستراتيجي للمساحة ساعد أيضا على إخفاء تخصيص مصادر ريع جديدة إلى القوات المسلحة المصرية، التي ينتمي إليها  السيسي نفسه. 

ويمكن تفسير هذا التحول الإستراتيجي باعتباره وسيلة لضمان ولاء القوات المسلحة من أجل الحفاظ على النظام السياسي. وفي هذا النظام، يعد الرئيس هو المصدر الأول للسلطة والثروة.