صحيفة تركية: هكذا تغيرت أولويات أردوغان بشأن اللاجئين السوريين

12

طباعة

مشاركة

قارن كاتب تركي بين خطابين للرئيس رجب طيب أردوغان، الأول في "أكتوبر/تشرين الأول" 2018 والثاني في نفس الشهر من عام 2019، حيث ثمة خطاب سنوي للرئيس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لمجلس الأمة الكبير (البرلمان).

ورأى الكاتب "سيدات إرجين" في مقال نشرته صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، أن أولويات الرئيس اختلفت في عام واحد فقط واتجه تماما من الغرب إلى الشرق وبالتحديد شرق الفرات شمال شرقي سوريا، وباتت المسألة السورية واللاجئين السوريين الموجودين في بلاده هي الشاغل الأهم بالنسبة له.

واعتبر الكاتب إقامة المنطقة الآمنة في سوريا؛ هدفا إستراتيجيا لأنقرة تقدَّم على كافة العلاقات مع العالم الخارجي بما فيها الاتحاد الأوروبي وواشنطن اللتين شغلتا حيزا كبيرا من خطابه العام الماضي.

وبيّن أن خطب الرؤساء السنوية الموجهة في البرلمان، هي النصوص الأساسية التي سيتم اتخاذها كمرجع من أجل قراءة وجهات نظرهم حول الوضع الداخلي والخارجي للبلد، ورؤية أولوياتهم وتسجيل وعودهم للمجتمع.

وقال الكاتب: "عندما قارنت خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان أمام البرلمان يوم الثلاثاء الماضي بخطاب مؤرخ في 1 "أكتوبر/تشرين الأول" 2018، جذب انتباهي اتجاهين".

الأول: القضية السورية

ليس من الخطأ القول إن أردوغان، ترك بصمته كثيرا في القضية السورية، أي أنه ركز على هذه المسألة كثيرا، فما زالت تتعامل تركيا بنفس تاريخها العريض.

وبيّن أن أنقرة اهتمت بقضايا الأخوة والصداقة في دوائر التاريخ والحضارة المشتركة. وركز أردوغان في سياسته الخارجية على المسألة السورية، باستثناء قسم قصير من المبادئ والأهداف العامة والانتقادات فيما يتعلق بالصواريخ الروسية إس 400 والقضايا المشتركة مع الولايات المتحدة.

وقال إن: "ما يقرب من ربع مجمل خطاباته كان حول المشكلة السورية العام الماضي، وقسم الأزمة وفصل بها لكنه ومع ذلك، تطرق إلى العلاقات مع العديد من البلدان واحدة تلو الأخرى وسجل وجهة نظره لكل منها، وإن كان لفترة وجيزة.

لكنه لم يفعل هذه المرة وهنا وباختصار فإن العالم في ذهن أردوغان يتلخص في أن "كل الطرق في هذه الأيام تذهب إلى سوريا". 

وذكر أنه في عام 2018 قال الرئيس أدروغان: "فتحنا أبوابنا وقلوبنا لملايين السوريين الذين اضطروا إلى الفرار لإنقاذ حياتهم".

لكن الخطاب هذه المرة مختلف، حيث قال: "أنا أؤمن أننا بإنشاء منطقة آمنة سنعمل على توسيعها مع الوقت وتسكين اللاجئين السوريين في بلادنا بهذه المنطقة، ومع الوقت سنزودها بكل الخدمات وما يلزم وعندها ستتسارع عودة اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا إلى بلادهم".

وشدد على أن بلاده ليست مع الحرب والصراع وسفك الدماء والموت، بل هي تريد "مستقبلا آمنا وسلميا ومزدهرا للشعب السوري بأسره من العرب والأكراد والتركمان والسريان والإيزيديين والمسيحيين".

والإلحاح هنا على مسألة العودة من قبل أردوغان تبدو واضحة أكثر مما ينبغي وتعطي إشارات قوية على أن تركيا لم تعد تحتمل أكثر في مسألة اللاجئين؛ بحسب الكاتب. 

وانتقل الكاتب إلى خطاب الرئيس الأسبوع الماضي وبالتحديد، فبعد أن قال: "عندما اضطهد إخواننا السوريون من قبل النظام والمنظمات الإرهابية، فتحنا أبواب قلوبنا وحدودنا"، استدرك مشددا على مسألة العودة مرة أخرى.

وأضاف أردوغان: "ندرك التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الناجمة عن وجود 3 ملايين و650 سوريا في أراضينا، ونعلم أيضا عدم وجود أي دولة تستطيع تحمل هذه الأعباء، لكن لا نفكر في مواصلة استضافة ملايين اللاجئين في أراضينا إلى الأبد".

وتابع: "هؤلاء الأشخاص الذين استضفناهم في بلدنا منذ حوالي 8 سنوات لديهم بالفعل منازل وبيوت سكنية ووطن. هدفنا هو خلق مناخ آمن يمكن أن يعيش فيه طالبو اللجوء في بلدانهم في أسرع وقت ممكن".

ويربط أردوغان دائما بين عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وإنشاء المنطقة الآمنة. وزاد أن تركيا تهدف لإسكان مليوني لاجئ سوري في المنطقة الآمنة، وأنهم عرضوا مشروع إسكان اللاجئين السوريين على زعماء العالم خلال المحادثات الثنائية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأشار إلى أنه بدعم المجتمع الدولي سيتم بناء 140 قرية تضم 5 آلاف شخص و50 منطقة تضم 30 ألف نسمة في المنطقة الآمنة، وأنهم بدؤوا بالعمل على تحديد الأماكن ودراسة تكلفة المشروع.

الثاني: العلاقة مع أوروبا

ولفت الكاتب إلى أن هناك فرق حاسم آخر في المقارنة؛ ففي خطابه العام الماضي، كان من اللافت للنظر إلى أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي احتلت مكانا كبيرا وحظيت بتركيز قوي.

في ذلك الخطاب، وجه أردوغان بعض الانتقادات تجاه الاتحاد الأوروبي، لكنه يقول إنه ومع الوقت سنترك تدريجيا هذه الأجواء المضطربة مع أوروبا وراءنا، مؤكدا أن الحوار سيُفتح ويمهد الطريق بين الطرفين.

وأشاد وقتها  بالتطورات في العلاقات مع ألمانيا وبريطانيا، حتى أنه قال إن: "اللهجة الإيجابية الناشئة في العلاقات مع تركيا ومختلف الدول الأوروبية هو نذير مشرق للأيام المقبلة". 

لكن هذه الأمور اختلفت كثيرا في خطاب العام الجاري 2019، حيث لم يتطرق أبدا للعلاقة مع الأوروبيين لا من قريب ولا من بعيد.

وقد أشار ذات مرة إلى الهجمات العالمية للاتحاد الأوروبي على الاقتصاد التركي، قائلا: "مع تصاعد المشكلات داخل أوروبا، ازدادت آثار هذه الهجمات أكثر"، سيما وأن الاقتصاد التركي وفق المعايير الأوروبية يبدو قويا ومتماسكا.

ويومها قال أردوغان: "من خلال إنماء وإغناء تركيا ثلاثة أضعاف ونصف الضعف، ضمنا استفادة كافة فئات شعبنا من ذلك، كما أننا كبلد يعمل ويستثمر وينتج ويصدر ويوظف، وضعنا نموذجا جديدا للتنمية".