"فقد هيبته".. كيف تناولت صحف عالمية المظاهرات ضد السيسي؟

12

طباعة

مشاركة

حذّرت صحف عالمية، من أن الاستعدادات الأمنية لقمع المظاهرات المرتقبة اليوم الجمعة، في مصر، ستضع البلاد مجدداً على "حافة الهاوية".

وقالت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية إن مصر على أهبة الاستعداد للانتفاض في تظاهرات اليوم ضد حكم رئيس النظام عبد الفتاح السيسي. 

وأشارت الصحيفة في مقال لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط، راف سانشيز، إلى أن "قوات الأمن الكثيفة التي تتواجد في شارع محمود بسيوني في قلب القاهرة ترتب أسلحتها ومعداتها استعداداً لمواجهة التظاهرات المزمع حدوثها. 

وأضافت أنه "على بعد بضع مئات من الأمتار على الطريق، يجلس عدد أكبر من الرجال يرتدون الزي الرمادي في عربات مدرعة بميدان طلعت حرب، حيث  يتم لف شاحنات مكافحة الشغب الخاصة بهم في شبكة من الأسلاك الفولاذية لمنع المحتجين من إلقاء الحجارة عليهم". 

ونقل مراسل الصحيفة من القاهرة مظاهر احتشاد رجال الشرطة مرتدين ملابسهم البيضاء يحرسون المباني والمنشآت الحكومية، في حين يجلس ضباط مخابرات على المقاهي، يدخنون الشيشة ويشربون الشاي متنصتين على أية حوارات بين رواد تلك المقاهي.

وأشارت إلى أن الحكومة المصرية مستعدة لمواجهة تكرار الاحتجاجات التي وقعت الجمعة الماضية، حيث تظاهر العديد من المصريين مطالبين بازاحة السيسي من الحكم.

وترجع تفاصيل الأحداث إلى نشر الممثل ورجل الأعمال المصري محمد علي مقاطع فيديو تحدَّث فيها عن أسباب مغادرته مصر، وعن فساد رأس النظام وقادة من الجيش، فاضحاً تبديدهم لأموال الشعب في بناء القصور، وهو ما لم يُنكره السيسي وخرج مؤكداً ما قاله المقاول علي.

ودعا علي من منفاه في إسبانيا، وزير الدفاع محمد زكي إلى إلقاء القبض على السيسي، وحثَّ المصريين على النزول إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط الرئيس يوم الجمعة الماضية. وقد استجاب مئات الشباب لذلك بعد مباراة لكرة القدم بين فريقي الأهلي والزمالك.

اعتقالات استباقية

وقالت "ديلي تيلجراف" إنه "تم اعتقال ما لا يقل عن 1500 شخص في حملة واسعة النطاق في الأيام السبعة الماضية، بالاضافة حظر الحكومة المصرية المواقع الرئيسة مثل هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عربي، وإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بدعايات مضادة للاحتجاجات المتوقعة اليوم".

وداهمت الشرطة منازل الأشخاص الذين لم يشاركوا في الاحتجاجات، واعتقلتهم، بما في ذلك الناشطة الحقوقية ماهينور المصري أثناء دفاعها عن مجموعة من المعتقلين، بالإضافة إلى توقيف السياسي والأكاديمي حسن نافعة، وحازم حسني المتحدث السابق باسم حملة الفريق سامي عنان، رئيس الأركان المصري الأسبق، المحتجز لدى السلطات المصرية بتهمة نيته الترشح لمنافسة السيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية، واتسعت دائرة الاعتقالات لتشمل خالد داود الصحفي ورئيس حزب الدستور السابق.

ومع ذلك يتوقع الكثير أن المتظاهرين سيعودون مرة أخرى اليوم، إما بعد صلاة الجمعة في المساجد أو الانتظار حتى حلول الظلام، حيث تمتلئ الشوارع بالهتاف الثوري، الذي نادراً ما ينطلق علنًا: "الشعب يريد اسقاط النظام".

وقال أمين المهدي، الكاتب المصري والمحلل السياسي: "توجد ديكتاتورية شاملة في مصر تسيطر على وسائل الإعلام، ومع ذلك، هناك أيضًا مستويات غير مسبوقة من الغضب العام (..) من الصعب التنبؤ بنتيجة ذلك. كل الاحتمالات مفتوحة".

وأشارت الصحيفة إلى أن جذور الغضب المتنامي في مصر تعود إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الدعم الذي ترك ثلث المصريين يعيشون في فقر بأقل من 1.17 جنيه إسترليني في اليوم، في الوقت الذي تضاعف فيه معدل الفقر منذ عام 2000، وفقاً للأرقام الحكومية، بينما ارتفع عدد سكان مصر إلى 100 مليون.

وكان محمد علي البالغ من العمر 45 عامًا انتقد السيسي قبل أيام وذكر  بالتفصيل ما يقول إنه أمثلة على الفساد المتفشي داخل حكومته قائلاً: "لماذا نأكل من القمامة عندما يقوم السيسي والأثرياء بإلقاء ما يكفي من الطعام لإطعام أمة بأكملها؟"، مضيفاً "تخيل لو أن الناس في 28 محافظة تظاهروا في نفس الوقت، لم يستطيع الجيش والشرطة مواجهتهم جميعًا".

ويصف محمد علي نفسه بأنه ابن مصر الذي جاء ليحاسب الفاسدين، حيث ذكر أن ضباطا من المخابرات المصرية كانوا قد حضروا إلى فندق ميرامار في برشلونة، حيث يقيم، لتخويفه أو محاولة قتله.

لكن البعض تساءل عما إذا كان محمد علي الذي حقق الملايين على عقود بناء للحكومة قبل أن ينقلب عليها، قد يكون لاعباً في صراع داخلي على السلطة داخل الدولة المصرية الغامضة، حيث يتنافس آخرون على الإطاحة بالسيسي، وفق الصحيفة.

ويقول المهدي: "النظام ليس كتلة واحدة، كثير من الناس لديهم مصالح متنافسة"، بالاضافة إلى إطاحة السيسي بالعديد من القادة البارزين في الجيش المصري، في إشارة ربما إلى أنه كان يعمل على تعزيز القوة والقلق من خصومه الداخليين.

وردت الشرطة على احتجاجات الأسبوع الماضي بالغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وبعض النيران الحية ولكن لم ترد أنباء عن وقوع وفيات. و تخشى جماعات حقوق الإنسان أنه إذا شعرت الحكومة بتهديد خطير، فستتحول المظاهرات إلى عنف فتاك من النوع الذي حدث في أغسطس/آب 2013، عندما قتلت القوات ألف شخص في يوم واحد أثناء تفريق اعتصامات النهضة ورابعة العدوية.

وقال محمد لطفى، المدير التنفيذي للجنة المصرية للحقوق والحريات: "نحن قلقون للغاية من أن الحكومة قد تلجأ إلى القوة الوحشية لسحق الاحتجاجات السلمية".

هوية المتظاهرين

والتقى السيسي الرئيس الأمريكي في أثناء مظاهرات الجمعة الماضية، وألقى باللوم على "الإسلام السياسي"، مما يعني أنه يدعي بأنها "كانت من عمل الإخوان المسلمين"، في الوقت الذي قدم  ترامب، الذي وصف السيسي سابقاً بأنه ديكتاتوره المفضل دعما هائلا، واصفاً إياه بالقائد العظيم. 

وبخلاف ما حدث في ثورة يناير 2011، حيث تصدرها ناشطون وشبان من حركات سياسية ينتمون للطبقة المتوسطة، فإن من يشاركون هذه المرة في الاححتجاجات هم من الطبقة العاملة الكادحة الذين انطلقوا من تلقاء أنفسهم دون قيادة سياسية واضحة.

وقال لطفى، الناشط في مجال حقوق الإنسان: "ليس لديهم أيديولوجية راسخة، إنهم مجرد مصريون متوسطون يحاولون تلبية احتياجاتهم وقد وصلوا إلى مستوى كاف من الإحباط".

وبدورها، قالت صحيفة الجارديان البريطانية إنه في الوقت الذي يتعاون فيه زعماء العالم مع السيسي، فإن شعبه يتحمل بالكاد القمع غير المسبوق الذي يمارسه ضد حقوقهم الأساسية.

وأضافت في افتتاحيتها أن السلطة المصرية القمعية تحتاج إلى شجاعة أكبر لتلبية مطالب المصريين الغاضبين من سياسات القمع التي تمارسها سلطات السيسي، الذي سيطر على مقاليد الأمور في البلاد بعد قيادته لانقلاب عسكري أطاح بأول رئيس مدني انتخبه المصريون في عام 2013، حيث قتل وسجن آلاف المصريين من المعارضين من كافة الاتجاهات الفكرية والسياسية، كما ارتفعت وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام خلال العام الحالي.

وتابعت أن دعوات محمد علي لاقت صدى كبيراً في قطاعات عريضة من الشعب المصري الذي يئن تحت خط الفقر ويقاسي قمعاً غير مسبوق توجهه السطات الأمنية، "وكأن السيسي يعاقب المصريين من خلال خطط التقشف الاقتصادي التي فرضها على الشعب، في الوقت الذي يقوم فيه بناء قصور فارهة له ورجاله".

وتعتقد الصحيفة أن إشادة ترامب بالسيسي ليس مستغرباً حيث يحقق الأخير المصالح المباشرة للولايات المتحدة والغرب ومنها وقف تدفق اللاجئين الفارين من بلادهم تجاه الغرب من خلال البحر المتوسط، كما أن السيسي يدّعي محاربته للإرهاب، الفزاعة التي يستخدمها للإبقاء على دعم الغرب غير المشروط وغض الطرف عن سياساته القمعية غير المسبوقة.

وأشارت إلى العلاقات المتينة التي تربط السيسي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يعتبر السيسي واحدا من أفضل مصادر الدخل الفرنسي من خلال عقد العديد من صفقات التسليح للجيش المصري من فرنسا.

وأكدت الصحيفة أنه يجب على قادة العالم لفت المزيد من الاهتمام لما جرى في مصر، "فمن غير الواضح لماذا باتت أماكن الاحتجاجات التي وقعت الجمعة الماضية بعيدة عن السيطرة الأمنية، ولماذا تسامحت أجهزة الأمن مع المتظاهرين الذين دخلوا إلى ميدان التحرير للمرة الأولى منذ أن قام السيسي بانقلابه العسكري في عام 2013".

ويتسائل البعض عما إذا كان هناك صراع خفي بين أجنحة نظام السيسي غير الراضين عن سياسات السيسي في الآونة الأخيرة، وأرادت أن ترسل رسالة إلى السيسي، "وإذا صح هذا الافتراض فإنه يبدو أن السيسي لم يتقل هذه الرسالة بفهم واعي"، أما التفسير الآخر، الأكثر قبولا وإقناعاً أن النظام بأجنحته قد تفاجئ بهذه الاحتجاجات، وأنهم أدركوا أن القمع المتزايد سيولد انفجارا شعبياً". 

وبدا واضحاً أن أغلب المعتقلين، الذين تخطوا حاجز الـ200 معتقل خلال الأيام القليلة الماضية، أغلبهم من الشباب الذي لم يشارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والذي أصبح المستقبل أمامه يتشح بالسواد وفقدوا أي أمل في أية إصلاحات يمكن أن يجريها نظام السيسي، في الوقت الذي قام أصدقاء السيسي في الخارج بإرسال رسائل خاطئة للمصريين بتأييدهم قمع السيسي وفساده.

انفجار قادم

وتابعت الصحيفة أنه "يجب على قادة العالم أن يدركوا أن أي انفجار قادم في مصر لن يكون بالأمر السلمي وسيكون دموي جراء السياسيات القمعية التي مارها السيسي على المصريين من كافة القطاعات خلال السنوات الماضية، وأن الضغط المتزايد لن يولد سوى انفجارت مدمرة، لن تطول مصر فقط، بل سيمتد تأثيرها للشرق الأوسط والعالم بأسره".

بدورها، قالت صحيفة نيوريوك تايمز الأمريكية إن "مصر على حافة الهاوية" في ضوء الاستعدادت لمواجهة التظاهرات. 

وقالت الصحيفة في تقرير لمراسلتها في الشرق الأوسط فيفيان لي وشاركتها الصحفية ندى رشوان المقيمة بالقاهرة والتي عملت سابقا في بي بي سي، إن رجال الأمن المصريين منتشرون في وسط القاهرة وعلى الكباري مرتدين ملابس مدنية ومسلحين، يعترضون طريق كل المارة ويقوموا بتفتيشهم والاطلاع على محتويات هواتفهم النقالة، "وهم بهذه الطريقة يوصلون رسالة من النظام الحاكم في مصر أن الاحتجاج ممنوع وأيضاً علو الصوت". 

وأضافت الصحيفة أن الحكومة المصرية كانت قد شددت من قبضتها الأمنية في كافة ربوع البلاد بُعيد التظاهرات المفاجئة التي اندلعت الجمعة الماضية ضد سياسات السيسي  والتي تُعد الأضخم منذ توليه السلطة.

وأكدت أن الحملة الحالية التي يشنها السيسي على الذين تظاهروا ضده تُعد الأكثر قسوة حتي بمعايير السيسي نفسه، حيث اكتظت السجون بالمعارضين له، كما أنه قام بإسكات كل صوت يعارضه، بالإضافة إلى إجرائه انتخابات محددة النتيجة سلفاً، مما يجعل معارضته أمراً نادراً.

في سياق متصل، ذكرت الصحيفة أنه بات من غير المعلوم ما إذا كان السيسي سيستطيع قمع الموجة الثانية من الاحتجاجات أم لا.

مستقبل مظلم

وقال مصطفى (20 عاماً)، والذي رفض، كأغلب من سألتهم الصحيفة ذكر اسمه الكامل خشية تعرضه للاعتقال، إنه يرفض العيش في ظل هذا القمع والفشل الاقتصادي والفساد الذي غطى كل جوانب الحياة في مصر، وإنه كان من المفترض أن يعيش الآن أجمل سنوات عمره، إلا أنه اتخذ قراراً بعدم المشاركة في تظاهرات اليوم خشية الاعتقال، كما أنه نصح أصدقاءه بعدم المشاركة.

وأضاف مصطفى أنه يرى أن "المستقبل يتشح بالسواد"، وأنه للمرة الأولى يشعر بالرعب الجمعة الماضية أثناء اشتراكه في التظاهرات، وأضاف قائلاً،" لا أعلم هل أصابتني الشيخوخة أم أن الموقف كان مخيفاً لهذه الدرجة".

وقال المصريون الذين حاورتهم صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع إنهم على حافة الانهيار جراء كفاحهم للحفاظ فقط على أنفاسهم في ظل سياسات السيسي التي أحالت ثُلث المصريين تحت خط الفقر، إلا أنهم يرفضون العودة لعهد الاحتجاجات المتواصلة التي وقعت في عام 2013.

ففي الوقت الذي سئم فيه المصريون من حكومة السيسي التي تفتقر للتسامح السياسي والإدارة السياسية والإقتصادية الجيدة، إلا أنهم في نفس الوقت ترعبهم مجرد فكرة معارضتها.

مثله مثل العديد من الذين شاركوا في تظاهرات الجمعة الماضية، جلس محمد شعبان ذو السبع عشرة عاما وفي يده تليفونه النقال، في أحد الشوارع القريبة من ميدان الدقي بالجيزة، يبيع الخبز، في كشك صغير  ويبدو عليه الإنهاك والفقر. قال إنه يخسر أكثر مما يربح من الكشك الذي يعمل فيه ولا يعلم شيئا عن احتجاجات الجمعة.  

وقال "لا أريد أي شيء من هذا الهراء"، مذكراً بالفوضى التي أعقبت الاحتجاجات في الربيع العربي عام 2011، عندما تم تحطيم كشك الخبز الخاص به. وأضاف "لقد رأيت الناس يُقبض عليهم أمام عيني، أنا خائف على نفسي وأصدقائي"، مضيفاً أنه تم إيقافه وتفتيشه من قبل أفراد الأمن عدة مرات منذ الاحتجاجات.

من جهة أخرى، أكد بعض المعارضين الشباب والمحللين المصريين أنه بغض النظر عن الإقبال يوم الجمعة، فإن حقيقة أن الناس تجرأوا على الهتاف لإسقاط السيسي، الذي فقد سيطرته علي البلاد كما أنه فقد نصيباً كبيراً من هيبته حتى بين مؤيديه.

قطار التغيير

وقال محمد (19 عاماً) إن قطار التغيير قد انطلق بالفعل لإسقاط السيسي، وأنه قد اتضح أن المصريين ضد السيسي ولكن يتم قمعهم. 

وأكدت الصحيفة أنه بالنسبة لقيادات المعارضة المصرية، فعلى الرغم من قيامهم بإسقاط حسني مبارك في عام 2011 ومحمد مرسي في عام 2013، إلا أن الأمر انتهى بهم إلى أن يحكمهم جنرال عسكري بالحديد والنار وحكمه أكثر قمعية من مبارك.

وقال خالد داود، الصحفي والرئيس السابق لحزب الدستور الليبرالي المصري، في مقابلة قبل أيام من اعتقاله: "أعتقد أننا بحاجة لأن نتعلم درسنا، أنه لا يكفي مجرد الدعوة لإقالة الرئيس دون معرفة البديل، هناك بالتأكيد استياء واسع النطاق، لكننا لا نعرف البديل"، مضيفاً أنه لن يدعم "التخلص من السيسي" أو "الخروج عليه". 

وأشارت الصحيفة أن التظاهر بات جرماً بموجب قانون تم تشريعه عقب الانقلاب على مرسي، كما وصفت وسائل الإعلام الموالية للحكومة الإسلاميين المشاركين في التظاهرات بأنهم "يخدمون مصالح دول أجنبية معادية لمصر".

والتقت الصحيفة بقيادي سابق في جهاز المخابرات العامة المصري قال "إن المتظاهرين ما هم سوى مجموعة صغيرة من المخربين ذوي الدوافع الخبيثة، ويجب على الشعب أن يعرف الحقائق بدلاً من تصديق أي اشاعات يسمعونها"، مضيفاً أن الرئيس قام بالعديد من الإنجازات ويبذل قصاري جهده من أجل رفاهية الشعب المصري، وفق تعبيره.

وقال محمد (75 عاما)، الذي التقته الصحيفة في حي الدقي إنه يرى أنه من الأفضل للمصريين أن تكون هناك حكومة مستقرة ويغض المصريون الطرف عن القليل من الانتهاكات هنا وهناك أفضل من مصير سوريا و العراق الذي من الممكن أن تؤدي إليه الاحتجاجات، وفق تعبيره.

وفي حديقة بحي إمبابة في نطاق القاهرة الكبرى، كانت سيدتان تتداولان الحديث عن مصيرهما خلال تظاهرات الجمعة وهل سيتعين عليهما أن تغلق محلهما الذي يوفر الفتات من قوت يومهما؟

على الجانب الآخر فإنه بالنسبة لمحمد، طالب من حي بولاق الدكرور، والذي حضر ثورة عام 2011 عندما كان طفلًا قال إن الثورة ستحقق يومًا آماله في ديمقراطية يقودها مدنيون. وأضاف أنه "في ثورة يناير 2011 علم الناس أن الديكتاتوريين يسقطون في النهاية لأن الشعوب لها الكثير من الحقوق و الآمال ويعلمون كيف ينتزعوها من حكامهم".

من ناحية أخرى ، كانت والدته، صباح فواز  (58 سنة)، شديدة اليأس للانضمام إلى الاحتجاجات لدرجة أنها بكت من الإحباط عندما أجبرتها جراحة القلب الأخيرة على البقاء في المنزل.

وقالت "الحياة أصبحت صعبة الآن، ما زلت أدعو الله، سيخرج الناس ويحتجون. إنه حقنا في العيش بكرامة، من حقنا عدم تناول الطعام من صناديق القمامة أو النوم في الشارع".

وتعيش هذه الأسرة على معاش زوجها المتوفى الذي تبلغ قيمته 25 دولارًا شهريًا، بالإضافة إلى أجر ابنتها من وظيفتها كنادلة والقليل الذي بإمكان ابنها أن يكسبه خلال فصل الصيف، مضيفةً أن  الإيجار وحده حوالي 43 دولارا في الشهر ، إلى الحد الذي يأكلون اللحوم بالكاد مرة واحدة في الشهر.

ويعتزم محمد المشاركة في تظاهرات الجمعة لاستكمال حلمه الذي وأدته ما يسميها "الثورة المضادة".