بين التصعيد والمهادنة.. جونسون يسير على نهج ترامب ويلاعب إيران

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"ترامب وجونسون" شخصيتان تتشاركان في العديد من الصفات وزادت مواقفهما الأخيرة تجاه إيران من أوجه الشبه بينهما.

باتت بريطانيا في عهد جونسون تخطو خطوات مماثلة لما تفعله أمريكا في التعامل مع إيران بمبدأ شد الحبل، إذ تعمد إلى التصعيد والتهدئة والمهادنة أو إطلاق التصريحات المتناقضة في آن واحد.

بعد أن صرح بوريس جونسون الذي فاز برئاسة وزراء بريطانيا في 24 يوليو/تموز 2019، بأن بلاده ترجّح إلى حدٍ كبير أن إيران وراء الهجمات على منشآت النفط السعودية، وردّت عليه طهران بمطالبة لندن وقف بيع الأسلحة الفتاكة إلى السعودية بدلا من اتهامها، عاد جونسون مصرحا بضرورة إبرام اتفاق نووي جديد.

وقال في مقابلة لقناة "سكاي نيوز" في 23 سبتمبر/أيلول الجاري، إنه بغض النظر عن آراء الجميع بشأن الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران والقوى العالمية فقد حان الوقت للتفاوض على اتفاق جديد، وهو ما كلّف به ترامب أحد صقور إداراته الشهر الماضي.

ترامب أثنى على فكرة جونسون قائلا: "أتفق مع جونسون أننا بحاجة إلى اتفاق نووي جديد مع إيران".

نفس الدرب

كان أحد السيناريوهات المتوقعة التي قدمها الإعلام البريطاني في تعامل جونسون مع إيران هي انتهاج نفس سياسة ترامب، حيث قالت الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن الرجل سوف يسير على درب صديقه وقدوته ترامب، باختيار الدبلوماسية كطريق أساسي في علاقته مع إيران سواء على صعيد التوتر الأخير في حرب الناقلات، أو فيما يتعلق بالاتفاق النووي الذي تم توقيعه قبل سنوات في سلطنة عُمان.

وأشارت في تحليل لها إلى أن جونسون لا يدعم المواجهة العنيفة مع إيران، وهو نفس خيار ترامب، وأشار جونسون لذلك بوضوح أثناء مناظرة سياسية في إطار انتخابات رئاسة حزب المحافظين، عندما قال: "لمن يقول إن الدخول في حرب ضد إيران يُمثل خيارا معقولا لنا في الغرب، أنا لا أصدق ذلك على الإطلاق، فالدبلوماسية لا بد أن تكون أفضل طريقة لإحراز تقدم".

وأضاف قائلا: إذا سُئلت عما إذا كنت سأدعم إجراء عسكريا ضد إيران حال كوني رئيسا للوزراء، فسوف تكون الإجابة بـ "لا"، إلا أن هذا لم يمنعه بالتلميح لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا استمرت في تخصيب اليورانيوم بمعدل يخالف الاتفاق النووي.

الاتفاق النووي

عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني المُبرم عام 2015، انضمَّت بريطانيا إلى فرنسا وألمانيا، في تصميم خطة للحفاظ على الاتفاق، تهدف إلى محاولة موازنة تأثير العقوبات الأمريكية وتعويض طهران عن الخسائر الناجمة عن تلك العقوبات المفروضة مُجددا.

إلا أن الآن موقف بريطانيا والدول التي انضمت إليها اختلف تجاه إيران، فأصدروا بيانا مشتركا، حمّلوا فيه إيران مسؤولية الهجوم على المنشآت التابعة لشركة "أرامكو" السعودية التي تم استهدافها 14 سبتمبر/أيلول الجاري، مطالبين طهران بالامتناع عن القيام بأي استفزاز جديد في الخليج. 

موقف الدول الثلاث، تناغم مع موقف الولايات المتحدة، التي اتهمت على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، إيران بالوقوف وراء الهجوم، معلنة أنها ستُرسل تعزيزات عسكرية إلى منطقة الخليج استجابة لطلب السعودية، والإمارات.

موقف واشنطن الذي صعّدت فيها ضد طهران التي قابلت الاتهامات بالنفي، شهد تذبذب واضح، إذ عمد الرئيس الأمريكي إلى التهدئة مع إيران، في الوقت الذي وجّه فيه وزير خارجيته، أصابع الاتهام لها مباشرة، حيث أكد البيت الأبيض غداة الحادث، رغبة ترامب ‏عقد لقاء مع نظيره ‏الإيراني، حسن روحاني.

مساعي الرئيس الأمريكي لخطوات جادة في التقارب مع إيران بدت ظاهرة بوضوح منذ تدخل ‏نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد لقائهما على هامش قمة مجموعة السبع التي انعقدت في ‏أغسطس/آب الماضي، ولقائه محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، وإعلان ماكرون عقب اللقاء، أن هناك تقاربا مع ترامب حول إيران.‏

مساعي ترامب في لقاء روحاني رافقها تمسّك بخيار فرض العقوبات، وكان آخرها العقوبات التي فرضها في 20/سبتمبر/أيلول الجاري، والتي استهدفت مؤسسات مالية إيرانية، وهما النظام ‏المصرفي وصندوق التنمية الوطني، قائلا: إنها للرد على الهجمات التي استهدفت أرامكو، وأنها ‏العقوبات الأكبر التي يتم فرضها على الإطلاق.‏

عدوى التناقضات التي يتعامل بها ترامب مع إيران، أصابت شبيهه البريطاني جونسون، إذ حمّل إيران المسؤولية المباشرة عن هجمات أرامكو، قائلاً: على متن طائرة تنقله إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة: "يُمكنني أن أقول لكم إن المملكة المتحدة تنسب إلى إيران وبدرجة عالية جدا من الاحتمال، الهجمات على أرامكو"، وفق ما نقلت عنه وكالة "برس أسوسييشن" البريطانية 23 سبتمبر/أيلول الجاري.

وأشار إلى أن "الصعوبة تكمن في معرفة كيفية ترتيب رد دولي"، مضيفاً: "سنعمل مع أصدقائنا الأمريكيين وأصدقائنا الأوروبيين لتصميم رد يحاول خفض التوتر في منطقة الخليج".

وأضاف: "بالطبع، إن طلب منا السعوديون أو الأمريكيون أن نلعب دوراً، سندرس الطريقة التي يمكننا بها أن نكون مفيدين".

استنكار إيراني

وهنا ردت إيران عبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، بمطالبة لندن بالتوقف عن بيع الأسلحة الفتّاكة للسعودية بدلاً من توجيه التهم لطهران، قائلا: "ذلك مطلب للعدید من شعوب العالم".

وأكد أن "اتهامات بريطانيا تجاه طهران جاءت بهدف تبرئة نفسها من التهم الموجهة إليها بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب اليمني".

يُشار إلى أن تصريحات جونسون جاءت في الوقت الذي كان مرتقبا أن يلتقي جونسون مع روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حسب وكالة "أسوشيتد برس".

وتضارب الموقف البريطاني تجاه الاتفاق النووي أيضاً، حيث أعلن جونسون في تصريح لقناة "سكاي نيوز" البريطانية  في 23 سبتمبر/أيلول الجاري، أن الوقت حان للمُضي قدما لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران.

الدعوة أطلقتها في الأساس إدارة ترامب بداية لدى انسحابها من الاتفاق النووي في مايو/آيار 2018، الذي تُعدّ بريطانيا إحدى القوى الست التي وقّعت عليه عام 2015. 

وذكر جونسون أنه سيعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على استجابة مشتركة تساعد في تخفيف التوترات بمنطقة الخليج.

وعلى الفور، رد ترامب بشكل إيجابي على دعوة رئيس الوزراء البريطاني، وقال: إنه يعرف جونسون جيدا ويحترمه، ولم يفاجأ بطرحه للفكرة.

غير أن متحدثا باسم الحكومة البريطانية قال: إن جونسون يُؤيد الاتفاق النووي، مشيرا إلى أن إيران لم تعُد تلتزم بكافة بنوده وأن هناك حاجة إلى أن تعود للتقيد بها.

ويرى مراقبون أن دعوة "جونسون" لعقد اتفاق نووي جديد بمثابة انسحاب ضمني من الاتفاق النووي القديم، واتفاق في المواقف بين أمريكا وبريطانيا، إذ سبق أن قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت: إن بلاده ستتخلى عن الاتفاق النووي إذا انتهكته إيران، وهو ما تعلنه بريطانيا بين الحين والآخر، مشيرين إلى أن جونسون يريد الحفاظ على علاقته بترامب الذي تعهد بالتوصل إلى "اتفاق تجاري كبير جدا" مع المملكة المتحدة حال خروجها من الاتحاد الأوروبي.

 

موقف جونسون من الاتفاق النووي مهّد له منذ كان مرشحا لرئاسة وزراء بريطانيا، حيث قال إن الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 "يزداد هشاشة على ما يبدو" وحث طهران "وقف المضي في برنامج الأسلحة النووية".

وأضاف جونسون في مقابلة مع رويترز "أحث الحكومة الإيرانية مجددا على التفكير مليا في خرق التزاماتها بموجب اتفاق إيران النووي".

ومضى قائلا: "أعتقد أن عليهم مواصلة الالتزام به، وأعتقد أنه سيكون خطأ فادحا الآن من إيران أن تتخلى عن نهج ضبط النفس، وتختار تخصيب مواد نووية. أعتقد أن ذلك سيكون خطأ جسيما". 

 إعجاب متبادل

"ترامب وجونسون" لهما أهداف اقتصادية في المنطقة، فأمريكا ترامب تُدير سياستها بعقلية التاجر وإصرار أمريكا على استخدام إيران كفزاعة واتهامها باستهداف أرامكو هو لاتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية جديدة ضد إيران.

والأمر ذاته مع بريطانيا جونسون، إذ قالت شبكة "سي بي إن" الأمريكية" إن جونسون يُفضل سياسات ترامب. مشيرة إلى أنه يقود بريطانيا في خضم أزمتها مع إيران، ومن المتوقع أن ينجح في حل أزمة بلاده مع إيران.

كما أن الرجلين لم يُخفيا الإعجاب ببعضهما، فسبق أن أعلن ترامب في لقاء مع الصحفيين إنه انتظر جونسون 6 سنوات ليُصبح رئيسا لوزراء بريطانيا. وقال إنه يعتقد أنه سيكون رئيس وزراء عظيم، لأنه قوي وذكي ومتحمس جدا ولأنه يحب بلده، ووصف وصول جونسون إلى السلطة بالشيء غير المسبوق.

وبعد أن أجرى ترامب أول محادثات مباشرة مع جونسون منذ تولي الأخير مهامه كرئيس وزراء للمملكة المتحدة، وصفه بأنه "الرجل المناسب" لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معلنا عن دعمه لجونسون.

في المقابل، ومنذ أن كان وزيرا للخارجية لم يخفِ جونسون إعجابه بأسلوب ترامب في التفاوض، حيث تحدث في تصريحات لموقع إخباري إلكتروني، في يونيو/حزيران 2018، قائلا: "تصوّروا لو أن دونالد ترامب يصنع بريكست.. سيقوم بذلك بأكبر قدر من القوة".

وأضاف: "ستكون هناك كل أنواع القطيعة وكل أنواع اللحظات الفوضوية.. الجميع سيعتقدون أنه أُصيب بالجنون.. لكن في نهاية المطاف سنصل إلى أمر ما.. إنها فكرة لطيفة جدا".

تبعية لأمريكا

رؤساء وزراء بريطانيا السابقين تبنّوا لغة مؤيدة لحماية علاقة لندن بواشنطن، وهو ما أكده الدكتور عزام التميمي، الناشط السياسي والأكاديمي الأردني، قائلا: إن بريطانيا تتبع أمريكا في السياسة الخارجية على الأقل منذ مطلع السبعينيات، وبالذات عندما يكون المحافظون في الحكومة ويكون الجمهوريون في أمريكا في الحكم.

وأعطى في حديثه مع "الاستقلال" مثالا على ذلك برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر التي كانت على علاقة قوية جدا بالرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، وكذلك علاقة الصداقة التي كانت بين توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، والرئيس الأمريكي جورج بوش، مستطردا: "والآن جونسون وترامب".

وأعرب "التميمي" عن أمله أن يصل جيرمي كوربين -المعارض السياسي وعضو البرلمان البريطاني، إلى الحكم حتى يكسر هذا التقليد.

وأرجع سبب تراجع ترامب وجونسون عن التصعيد ضد إيران إلى الموقف الإيراني القوي مقابل الموقف السعودي المتهافت وتوجيهات العسكريين الغربيين بأن الحرب ستكون كارثية، مشيرا إلى أن ترامب منذ البداية لم يكن يريد حربا، وكان كل همه جلب إيران لطاولة المفاوضات وابتزاز السعودية.

وأكد أن جونسون يريد ما يريده ترامب لا أكثر، وهو التفاهم مع إيران وخفض التوتر، واصفا توجيه الطرفين الاتهام إلى إيران باستهداف أرامكو بأنه فعل سياسي لا يعني الذهاب إلى حرب وإنما مجرد تدافعات.

الدكتور محمد الحساني الباحث في الفكر الإسلامي والدراسات السياسية، قال إن "الترامبية" نسبة إلى ترامب مرض جديد أصبح في الوقت الحالي آفة يُصاب بها الكثير من سياسيي العالم لعل جونسون واحدا منهم، مؤكدا أن هذه الظاهرة تُمثل التيار الشعبوي اليميني المتطرف، وهنا يكمن خطر هذا الترامبي وكل من يريد التماهي معه.

وأضاف في حديثه لـ "الاستقلال" ينبغي ألا ننسى ونحن نتحدث عن هذا التخبط الذي يعاني منه جونسون أن الرجل لا يختلف عن ترامب في كونه ليس سياسيا بأي حال من الأحوال وإنما هو رجل أعمال لا يعرف إلا لغة المصالح ولا يمكن له أن يتقن غير ذلك.

وتابع الحساني: "ينبغي ألا يغيب عن بالنا أيضا الوضع الذي تعيشه بريطانيا الآن فلا هي داخل الاتحاد الأوروبي ولا هي خرجت منه، وهو ارتباك خطير وأخطر منه هو أن الذي يقود ذلك بلا مشروع سياسي ولا رؤية ولا برنامج واضح".

واستطرد: "من ثم فلا عجب أن نرى التصريحات والتصريحات المتناقضة لأنه من جهة حريص على الدعم الأمريكي الذي وعدته بأنها البديل في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي وفي نفس الوقت هناك إدراك تام أن هذا الوعد دونه معوقات واقعية تجعله غير قابل للتحقق".

وتحدث "الحساني" عن اضطراب شخصية جونسون وغياب الرؤية السياسية جعله لا يدرك أي وجهة عليه أن يأخذ، مؤكدا: "هنا في نظري يكمن الإشكال الحقيقي بالنسبة لبوريس جونسون".

دور الخليج

الدكتور أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات بلندن، قال إن سير جونسون على نفس نهج ترامب في التعامل مع إيران له جانبان، الأول هو تقارب السياسات البريطانية في عهده بالسياسات بإدارة ترامب، والجانب الثاني يتعلق بإيران وسياسة رفع الوتيرة ثم بعد ذلك العودة إلى التهدئة.

وأوضح في حديثه لـ "الاستقلال" أن الشق الأول هو أن جونسون يُمثل يمين اليمين، - لا نستطيع أن نقول اليمين المتطرف في بريطانيا- وترامب كذلك هو خارج المنظومة السياسية لكنه بممارساته وخطاباته يُمثل يمين اليمين والبعض يصفه باليمين المتطرف، ولذلك هناك شبه بينهما.

وبين "التكريتي" أن الشق الثاني هو تغليب "ترامب وجونسون" الجانب الاقتصادي على الجانب العسكري، ولذلك يصرح ترامب بأنه لا يريد الدخول في حروب ولا معارك لأنه يعلم أن ذلك سيكلفه كثيرًا خاصًا اقتصاديا، لذلك يصرح أنه إذا يذهب في الحرب للدفاع عن السعودية، فهي التي تدفع لأن الأمر ليس أيدولوجية إستراتيجية مثلا أو مصالح يمكن أن تُحقق من خلال حروب وتموضع على الأرض ولكن هو جانب اقتصادي بحت.

وأضاف أن توجّه "جونسون" قريب من هذا، ليس حد التطابق ولكن قريب، مشيراً إلى وجود فرق بين نظرة أمريكا لإيران على أنها "عدو إستراتيجي"، وبين نظرة بريطانيا لها والتي لا تعتبرها عدو إستراتيجي وإنما هي ربما تهديد أو عامل خطر.

وقال "التكريتي": "بناء على ذلك بريطانيا كانت من ضمن المنظومة الأوروبية التي دعمت وبشدة الاتفاقية النووية التي أُبرمت تحت إدارة الرئيس أوباما بينما ترامب أول ما وصل إلى البيت الأبيض عمل على تفكيك تلك الاتفاقية وخرج منها لأنه كان يرى أنها اتفاقية سيئة بالنسبة للمصالح الأمريكية".

وأشار إلى أن الانسحاب الأمريكي قُبِل بشكل من أشكال الإدانة لأنهم كانوا يعتقدون أنه بدون اتفاقية يكون الخطر الإيراني أعظم بكثير وبأن الاتفاقية بشروطها كانت تفرض على إيران الحد من مشروعها النووي ويبقى المشروع تحت السيطرة الغربية والمراقبة والمتابعة.

وأكد "التكريتي" أن الخروج من الاتفاقية سمح لإيران أن تفعل ما تشاء بدون أي قيد ولذلك أي حديث عن حرب أو معركة أو ما شابه ضد إيران يقابل برفض أوروبي لأنهم يتمنون أن يعودوا إلى الاتفاقية التي أبرمت عام 2015، بينما الأمريكان يردوا أن خيار الحرب أو الهجمة العسكرية يبقى مطروحا على الطاولة. 

وأضاف: أن نظام رفع الوتيرة ثم التراجع فيه عند اللحظة الأخيرة يعود لطبيعة ترامب التي لا يريد فيها خوض معركة، كما أن إيران تمارس اللعبة الدبلوماسية خاصة مع أوروبا بشكل ذكي وناجح، حيث أقنعت كل الأطراف ماعدا أمريكا أن أي مغامرة عسكرية ستكون مغامرة فاشلة حتى وإن أدّت إلى إيذاء إيران ولكنها قطعًا ستؤدي إلى إيذاء المصالح الغربية.

ولفت رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات بلندن، إلى أن "جونسون" الآن مسؤول عن أهم ملف في بريطانيا وهو بريكست "الخروج من الاتحاد الأوروبي"، هذا الملف يمنعه من أن يكون شريكا إستراتيجيا بالنسبة للأمريكان في أي مغامرة عسكرية ويكاد لا يملك السلطة التي تؤهله أن يحظى بدعم البرلمان والشعب البريطاني كي يغامر بالحرب.

وأضاف التكريتي: "لذلك جونسون يعلم أنه حتى في حال رفع وتيرة الخطاب والتهديد لن يستطيع أن يكون شريكا في مغامرة كبيرة مثل هذا هو ليس مثل توني بلير عام 2003 في العراق، وليس من مصلحته أن يخرج من دائرة الوفاق الأوروبي، وليس هناك إلا أمريكا التي تريد أو تهدد بالحرب مع العراق".

وأكد أن هناك ضغطا كبيرا من قِبل السعودية والإمارات على الإدارة الأمريكية وبريطانيا ولكن بدرجة أقل من واشنطن التي تُهدد بإلغاء عقود أو التلويح ببعض المصالح التي يمكن أن تتحقق لأمريكا إذا أقدمت على مهاجمة إيران.

وأشار "التكريتي" إلى أن هذه التهديدات أو الضغوط ليست قوية لدرجة أن تغيير مسار السياسة الإستراتيجية الأمريكية، لأن في نهاية المطاف هناك مؤسسة حاكمة وهذه المؤسسة تُقدّر مثل هذه الخطوات الكبيرة بالنظر إلى المصالح التي تتحقق أو تتهدد بهذه التحركات. 

وأكد أن الذي يتأثر هو الخطاب لذلك فنرى مثلاً رفع الوتيرة عندما يصير اتصال من قِبل الرياض أو أبو ظبي ويصير نوع من التصريح من أجل إرضاء هذه الصيحات أما الذي يتخذ القرار في نهاية الأمر هي المؤسسة العسكرية أو السياسية.


المصادر