صحف فرنسية: هذا السر وراء جذب قيس سعيّد لشباب تونس

12

طباعة

مشاركة

أكثر من ثلث الناخبين التونسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما صوّتوا للمرشح قيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري البالغ من العمر 61 عاماً، ما أثار التساؤلات بشأن اكتساح المرشح المستقل لهذه الانتخابات الرئاسية المبكرة التي شهدتها البلاد.

صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية حاولت تسليط الضوء على هذا المرشح المستقل، والأمور التي جعلته محطَّ أنظار الكثير من التونسيين وبخاصة الشباب.

"الروبوكوب"

وقالت الصحيفة: نجح المرشح المستقل قيس سعيّد، وتأهل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية، في حشد شباب البلد خلفه. إذ احتل أستاذ القانون الدستوري، المركز الأول في الجولة الأولى من الاقتراع الذي شهدته البلاد في 15 سبتمبر/أيلول الجاري بحصوله على 18.6 بالمئة من الأصوات.

وأشارت إلى أن الأكثر إثارة من ذلك أنه شخصية استطاعت إقناع 37 بالمئة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، وفقاً لمسح مؤسسة "سيجما".

وتابعت الصحيفة: "ومع ذلك لم يبرُز هذا المرشح خلال المناظرات الانتخابية من خلال برنامج اقتصادي واضح، بل فعل ذلك بالأحرى من خلال عرض شخصية غير قابلة للفساد ومحافظة في بعض الأحيان، رغم أن معدل البطالة بين الشباب الخريجين هو 35 بالمئة".

وأكدت "لوريان لوجور" أن أسباب هذا النجاح ليست مفقودة، فإن قيس سعيد، من المجتمع المدني، يدافع عن اللامركزية في سلطات الدولة، والسعي لتحقيق أهداف ثورة 2011 ومكافحة الفساد. في نظر الشباب، هو نقيض كل ما يُمثل الطبقة السياسية التونسية.

وأوضحت أنه في ظل خيبة أمل وإنهاك لسنوات من التقاعس السياسي، يبدو أن الشباب مطمئنين إلى أستاذ القانون الدستوري الذي برز أولاً أثناء الحملة من خلال لغة غير نمطية. يتحدّث اللغة العربية بطلاقة، مما أكسبه لقب "روبوكوب" أو الإنسان الآلي.

 وقالت سارة يركس، الباحثة في معهد "كارنيجي" إن "طريقة التعبير هذه كانت بلا شك مفيدة للمرشح خلال المناقشات، لأنها لم تجعله يبدو سطحياً للغاية، على عكس العديد من المرشحين الآخرين".

مواقف المحافظين

ونوّهت "لوريان لو جور" إلى أنه قبل أن يجذب غالبية شباب البلاد، كان طلاب الجامعة التونسية للعلوم السياسية هم أول من ألهمهم قيس سعيد،  إذ يقول أشرف قروي، وهو طالب تونسي: "شخصيته الهائلة تحظى بالإجماع بين الطلاب، إنه كالأب الذي يكون دائماً في خدمة الشباب".

وبيّنت الصحيفة، أن الأستاذ الجامعي ظهر من خلال إمكانية الوصول إليه واستماعه إلى الطلاب. فهو لم يتردد في التواصل مع الطلاب عام 2013 عندما أرادت الدولة أن تُشرك الشرطة في تسوية المنازعات بكلية الحقوق.

وأكد أشرف قروي، أن "احتياجات الشباب بسيطة، نريد أن نكون أحراراً في أمان ولدينا وظيفة، لكن السياسيين يُخبروننا بأي شيء". في هذا المناخ من عدم الثقة تجاه المسؤولين المنتخبين، فإن اختيار قيس سعيد يُشبه تصويت العقوبة.

ووفقاً للصحيفة: لم يكن الناخبون الشباب، الذين تتراوح أعمارهم الآن بين 18 و 35 عاماً، في خط المواجهة خلال ثورة 2011، لكنهم تميزوا بهذه الفترة.

ونقلت عن وليد مسعودي، الباحث في الجغرافيا السياسية، والمختص في الشأن التونسي: "لقد نشأ الشباب التونسي مع الثورة، هذه فترة تعني الكثير بالنسبة لهم وتجعلهم فخورين".

وبحسب مسعودي، فإن الثورة التي يدافع عنها قيس سعيد بقوة ومكتسباتها، ترمز إلى الشباب، مضيفاً: "تثمين صوت الشخص والدفاع عن حرية التعبير. أكثر من الاستماع لهم، وأن قيس سعيد يُعيد للشباب كرامتهم".

وذكرت الصحيفة: لم يولِ الشباب اهتماماً خاصاً لمواقف قيس سعيد المحافظة، خاصة فيما يتعلق بالشذوذ الجنسي والاختلافات في الميراث بين الرجل والمرأة.

ونقلت عن سارة يركس: "معظم الشباب لم يُركّزوا على المواقف الاجتماعية، ولكن على قدرته على حماية الثورة. إذا كان قيس سعيد محافظًا فيما يتعلق بمجالات معينة في الحياة العامة، فسيظل شخصية محايدة ومدافعًا قويًا عن الفصل بين الدين والدولة. من ناحية أخرى، تتوافق هذه المواقف مع رأي شريحة كبيرة من السكان وليست صادمة في تونس".

وكانت نتائج الدورة الأولى بمثابة "زلزال انتخابي" بعد صعود قيس سعيد ومرشح حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، الموقوف على ذمة قضية تبييض أموال وتهرُّب ضريبي، إلى الدور الثاني.

ناشط ثوري

من جهتها، وصفت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، قيس سعيد بـِ"المرشح الذي يجذب المحافظين والإسلاميين"، مشيرة إلى أن تأييد حزب "النهضة"، للرجل الذي تصدّر في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية بحصوله على 18.4 بالمئة من الأصوات، يُغذي فرص فوزه في الجولة الثانية التي ستقام يوم 6 أو 13 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ولفتت إلى أن قيس سعيد كان نشطًا للغاية في أعقاب "ثورة الياسمين"، حيث كان جزءاً من "ثوار القصبة 1"، وهي واحدة من أكبر عمليات الاحتجاج الجماهيري، التي استطاعت عبر سيطرتها على ساحة القصبة الإطاحة بأول حكومة انتقالية بعد سقوط زين العابدين بن علي في 2011، وغيّرت الكثير مما سُطّر لتاريخ الشعب التونسي.

وبيّنت الصحيفة أن قيس سعيد ولد في منطقة نابل الساحلية، ونشأ في عائلة من المثقفين المتواضعين، ويحظى بسمعة طيبة وصادقة، وقد بنى برنامجه بالكامل على العدالة واللامركزية ومكافحة الفساد.