"يني شفق" تقارن بين وعود ميركل وترامب بشأن المنطقة الآمنة

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالاً للكاتب محمد أجاد سلّط فيه الضوء على الفرق بين وعدين تلقتهما أنقرة أحدهما من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والثاني من المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، بخصوص المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شمال شرق سوريا.

وقال الكاتب في مقاله إن فكرة المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إنشاءها ومن ثم توطين ملايين اللاجئين السوريين سواء الذين يعيشون في تركيا أو أولئك الذين لجأوا إلى أوروبا، مؤكداً أن الوعود الامريكية عادة ما تكون غير صادقة بعكس الوعود الأوروبية ذات المصداقية الأعلى بحسب التجربة.

إجراءات تركية

وتطرّق محمد أجاد في بداية مقاله لتصريحات مدير مجموعة العمل في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" كريس ماير والمتعلقة بالتعاون الأمريكي مع أنقرة بخصوص العمل على إنشاء منطقة آمنة في سورية، زاعماً أن بلاده تمكّنت من إقناع تركيا بعدم تنفيذ عملية عسكرية في سورية.

وعلّق الكاتب على ذلك بالقول: "هذا الأمر إن لم يكن أمنية لدى الأمريكان فإنها قناعة أو نتيجة من المبكر الوصول إليها"، مشيراً إلى إن "الإشارات التي تأتي من الميدان وحتى من خلف الستار تشي بعكس ذلك تماماً".

ودلّل الكاتب على ذلك بإجراءات وزارة الصحة الأخيرة ومنها إلغاء الإجازات الخاصة بالأطباء المناوبين في ولاية شانلي أورفة، إضافة لتفعيل خطة الطوارئ في عدد من الولايات المتاخمة لسورية وكذلك إرسال الأطباء إلى أن هناك وأيضاً سيارات الإسعاف وغيرها من الإجراءات المتعلقة بالقطاع الصحي؛ والرسالة من هذه الإجراءات واضحة ولا لبس فيها.

وأوضح: قد تكون هذه الإجراءات من أجل معالجة الجرحى الذين قد يُصابون نتيجة عملية عسكرية محتملة، وهذا ما يُؤكده تصريح الرئيس أردوغان قُبيل توجُّهه إلى نيويورك، حيث صرّح في المطار أن "جميع الإجراءات المطلوبة قد تمت، وجميع القوات جاهزة في مواقعها".

وأردف الكاتب: هذا يأتي بعد أن تبقَّى أقل من أسبوع على نهاية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، حيث صرّح أردوغان مراراً وتكراراً أنه وبنهاية الشهر ستخوض تركيا خططها الخاصة بها في حل لم تنشأ المنطقة الآمنة وفق ما تريده أنقرة وهذا يعني أن الأيام المقبلة ستكون ساخنة ولا شك.

الحراك العسكري

وأشار إلى بعض النقاط التي حصل عليها من مصادر قريبة من الرئيس التركي أدوغان، إذ قال إنه "وبينما تقترب العملية العسكرية التركية في سورية، حيث الإشارات عن ذلك تزيد كثافة، فهل يعني ذلك إبقاء الولايات المتحدة تحت الضغط، والاقتناع بالتنازلات التي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة وتقديم المزيد منها؟ أم العمل من جانب واحد في حال لم يفضِ العمل المشترك مع الولايات المتحدة إلى نتيجة مثمرة؟

وهنا رجّح الكاتب الخيار الثاني، ويعني ذلك أن الحراك العسكري واللوجستي على الحدود هو حراك حقيقي وليس دعائياً فقط، وهذا وفقاً للمصادر القريبة من دائرة صنع القرار التي استقرأها الكاتب وهما مصدران مختلفان وقريبان للغاية من الرئيس أردوغان.

وأضاف محمد أجاد، أنه عندما يُقال المنطقة الآمنة فإن ما يخطر في بيان الرئيس أردوغان هو المقترح الأول والذي يتحدّث عن 20 ميل تماماً مثل ما صرّح به الرئيس الأمريكي ترامب، فيما يعتقد أن المباحثات التي جرت في السادس من الشهر ذاته غير كافية؛ مشدداً على أن اللقاء المتوقع إجراؤه بين الرئيسين ترامب وأردوغان في نيويورك سيُعطي الكلمة الفصل في هذه القضية.

وتابع: قد أعطيت التعليمات إن أتموا التحضيرات آخذين في الاعتبار المماطلة الأمريكية لتركيا، وهذا هو سر الاستعدادات العسكرية واللوجستية والمتصاعدة على وتيرة متسارعة خلال الأيام الماضية.

ولفت الكاتب إلى خطة مختلفة يعكف الرئيس أردوغان على تنفيذها تتعلق بالشمال الشرقي لسورية وإنشاء منطقة آمنة هناك؛ ومن ضمنها إعادة توطين عدد من اللاجئين السورين في تركيا في هذه المنطقة وذلك بعد تنظيفها تمامًا من "قوات سورية الديمقراطية" الذراع العسكري لـِ"وحدات الشعب الكردية" والمعروفة تركيا (YGP) التي تصنفها إرهابية.

هجرة إدلب

وأوضح أنه وفي حال نجاح الخطة الآمنة فإنه سيعمل على توطين من 2 إلى 3 مليون لاجئ سوري في هذه المنطقة سواء من السوريين الموجودين في تركيا أو اللاجئين في أوروبا؛ ومن أجل هذا من الضروري إقامة الآلاف وربما مئات الآلاف من المساكن اللازمة لهذا الغرض داخل المنطقة الآمنة.

وذكّر الكاتب باحتمالية انطلاق موجة هجرة جديدة من إدلب باتجاه الأراضي السورية، حيث كانت التصريحات التركية في هذا الصدد واضحة لا لبس فيها "لن تستطيع تركيا تحمّل المزيد من هذا العبء" ولعل الرسالة كانت واضحة لدرجة أن اتصالاً سريعاً جاء من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتعلق بهذه المسألة للرئيس أردوغان، تعهّدت خلالها بدعم فكرته المتعلقة بالمنطقة الآمنة، بل وبدعم مساكن اللاجئين السوريين فيها.

وبحسب الكاتب، فإنه من المعروف أن تركيا قد دشّنت اتفاقية مع ألمانيا كمُمثل عن الاتحاد الأوروبي، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، تتمثل في دعم اللاجئين السويين في تركيا، بنحو 6 مليار يورو، حيث وصل بالفعل قسم كبيرٌ من هذه الأموال لمستحقيها، وفي هذا الصدد فإن آخر وعود ميركل هو دعم اللاجئين الذين سيتم توطينهم في المنطقة الآمنة شمال شرقي سورية.

واستطرد: ويتزامن ذلك مع قلق أوروبي متصاعد حول طبيعة الهجرة التي تقدم إلى أوروبا سواء من ناحية العدد أو من ناحية العرق، حيث تشعر الدول الأوروبية بالقلق من أنه إذا كان هناك المزيد من تدفق طالبي اللجوء، فإن الحركات العنصرية في البلدان التي يعيشون فيها ستُصبح أقوى وبهذا المعنى يمكننا القول أن وعود ميركل لأردوغان يمكن تحقيقها.

وختم الكاتب من الطبيعي التريّث قبل اختيار الأرض التي سيتم فيها هذه المساكن، ولكن من زاوية أخرى فمن المهم أيضاً التريّث حتى عودة الرئيس أردوغان من الولايات المتحدة حيث سيلتقي كما ذكرنا مع الرئيس ترامب ومعرفة أي القرارات التي سيتم اتخاذها أثناء اللقاء وبعده.