يني شفق: لهذا لا تستطيع تركيا تأجيل عملية "شرق الفرات"

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالاً للكاتب يوسف كابلان، تحدث فيه عن تعقيدات المشهد على الحدود التركية السورية، حيث عملية شرق الفرات متعطلة حتى نهاية الشهر في فرصة ربما الأخيرة للولايات المتحدة، للانتهاء من إنشاء منطقة آمنة وفق معايير تركية.

ودعا الكاتب إلى الإسراع في تنفيذ هذه العملية، مؤكدا أنها -أي العملية العسكرية- تُفيد تركيا على كافة الأصعدة. وشدد على أن تركيا لا تستطيع تأخير العملية العسكرية في شرق الفرات أكثر من ذلك، ولا سيما بعد اللقاء الأخير الذي جمع كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في أنقرة أخيرًا ضمن مباحثات الأستانة.

وبيّن أن توقيت هذه القمة الثلاثية التي استضافها أردوغان كان في غاية الأهمية وحاسمة للغاية، ولا سيما وهي تأتي بعد المناقشات التي لا تتوقف بين كل من أنقرة وواشنطن بشأن إنشاء المنطقة الآمنة ومحاولات الولايات المتحدة المماطلة في إنشاء المنطقة الآمنة لكسب الوقت بغية الحصول على تغييرات جذرية على الأرض، خصوصاً وإن التمديدات العسكرية واللوجستية لـِ"قوات سوريا الديمقراطية" لا تتوقف وحفر الأنفاق والخنادق من قبلهم متواصل على قدم وساق.

هل يمكن الوثوق بالروس؟

وعلى صعيد الحليف الروسي ومدى الوثوق به، قال الكاتب إن "هذه القمة، أيضاً كانت مهمة لتخفيف الضغط من الأمريكان على تركيا، بمختلف الصعد ومنها أيضاً محاولة تعطيل عمليات التنقيب عن الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط حيث تحاول الولايات المتحدة خنق هذه العمليات، مما يعني أن هذه القمة أيضًا خففت من الضغط النفسي الملقى على كاهل تركيا، وأن هناك حلفاء آخرين إلى جانب تركيا ومنهم على سبيل المثال روسيا".

وشدد الكاتب على أن هذه الضغط تستخدمه واشنطن من أجل خنق تركيا وبالتالي عدم تركها تتصرف بسلاسة في حراكها الإقليمي، وهي سياسة ضغط نفسية ذات إستراتيجية عالية المستوى ولكن على الجانب الآخر الأمر ليس سليمًا.

ولفت إلى أن وجود روسيا في إدلب هو كارثي بالنسبة لأنقرة، فالروس أيضاً يتبنون سياسة شبيهة بالسياسة الأمريكية في المدينة الحدودية؛ وهم يستخدمون كل ورقة ممكنة لحشر تركيا في الزاوية، ومن ذلك تقديم كل التسهيلات الممكنة من أجل بيع الصواريخ الروسية "أس-400" إلى تركيا والموافقة على كل شروط أنقرة سواء التقنية أو المالية.

وأردف: كذلك التعمق أكثر في العلاقة التجارية بين الطرفين بشكل قد يبدو زائد عن الحاجة، ولذلك لا تتردد موسكو في جرِّ تركيا للتورُّط أكثر في تلك الفوضى التي لا تتوقف في إدلب، وسياستها في ذلك خطرة إلى أبعد حد.

وتابع الكاتب: بالطبع، قد يكون تركيا، قد دُفعت دفعًا لتقوية العلاقات مع الروس بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز، حيث استخدم؛ حلف شمال الأطلسي "منظمة غولن" كأداة لتنفيذ أجنداته في المنطقة، وبالتالي الأسباب لتحالف تركي روسي كانت وما زالت كثيرة وذات أبعاد مختلفة؛ ومع ذلك فإن أي اتفاقية مع الروس يجب أن يكون الجانب التركي فيها على أقصى درجات الحيطة والحذر.

وشدد على الأزمة السورية معقدة، فمن جانب هناك الغرب الذي يقول عن حاله إنه "حليف" لتركيا والذي ما فتئ ينصب الفخاخ لها، لإيقاعه فيها، وهو نفسه، هذا الـ"حليف" ترك أنقرة وحدها تصارع الأزمة السورية؛ مضيفاً: إنه لا يجب تجاهل أن تركيا تعقد الاتفاقيات وتتحرك بإستراتيجيات مختلفة منها المعلن ومنها غير ذلك سواءً مع الولايات المتحدة أو مع روسيا، وبناء على هذه الإستراتيجيات والاتفاقيات وتطورها تتحرك وتتخذ الخطوات الأخرى.

واستطرد: تماماً كما تعمل الولايات المتحدة على حشر أنقرة في الزاوية تعمل الأخيرة على حشر واشنطن في زاوية أخرى.

وفصّل الكاتب هذه النقطة بقوله، إن واشنطن تعمل على حشر أنقرة في الزاوية بالموافقة على المنطقة الآمنة مدعيةً أن الاتفاق يسير بشكل جيد، لكنه على الميدان فالأمر غير ذلك، ما دفع بأنقرة للاتفاق مع موسكو على منطقة عازلة في إدلب، حيث مناطق خفض التصعيد وهو اتفاق سري غير معلن إلا ما رشح عن بعض قيادات المعارضة السورية.

وكشف أن موسكو وافقت بالفعل على منطقة عازلة شريطة سحب "هيئة تحرير الشام" من هذه المنطقة تمامًا وتحديد مسار نقاط مراقبة تركية وروسية مشتركة وهو الاتفاق الذي يتم تنفيذه رويداً رويداً؛ وهذا يعني في النهاية حشر واشنطن بالزاوية من أنقرة بالاتفاق مع موسكو؛ وهذا الاتفاق غير المعلن يراه الكاتب "محتمل للغاية".

العلاقة مع الأسد

عند هذه النقطة، قدّم الكاتب اقتراحين، الأول هو إقامة علاقة مباشرة مع الإدارة السورية واستبعاد إيران وروسيا؛ ففي البداية تبنّت كل دول الغرب هذه الإستراتيجية، قبل أن تتخلى عنها فيما لم تفعل تركيا، وحان الدور لتركيا أن تقيّم العلاقات مع الحكومة السورية، وهو مجبورة على ذلك فيما يبدو وفق آخر التطورات لأسباب أمنية.

وأضاف: ولا سيما وهو- أي نظام الأسد- يعرف أن وحدة أراضي سوريا إستراتيجية لتركيا، وفي هذا الموضوع يعي تماماً أن تركيا معنية بذلك أكثر من أي طرف آخر يريد تمزيق سوريا.

ورأى الكاتب، أن إعادة العلاقات مع النظام السوري وإيجاد قناة اتصال مباشرة يعمل على تخفيف الضغط الموجّه من روسيا إلى تركيا، في إدلب وغيرها، وكذلك الأمر ينطق على الإيرانيين.

واقترح الكاتب أيضاً في سياق تدشين "قناة اتصال أو إعادة العلاقات مع النظام السوري"، حيث لا ينبغي البتة تأجيل أو المماطلة في العملية العسكرية شمال شرق سوريا وهو ما يُعرف بعملية "شرق الفرات"؛ ففي الوقت الذي تُماطل فيه واشنطن بخصوص المنطقة الآمنة لكسب الوقت، فإنه من الطبيعي أن تخسر أنقرة هذا الوقت والذي يُعَدُّ كل ثانية منه قيمة لأعلى درجة؛ وقد يكون هناك أولوية لشن هذه العملية اليوم قبل الغد.

وأوضح، أن عملية شرق الفرات تُفسد خطط الإمبريالية، وستعمل على خلط أوراقهم؛ وستتيح لتركيا إلتقاط أنفاسها، سواء في الداخل أو الخارج؛ وخاصة على صعيد حزب العدالة والتنمية، ضد من يقومون بعمليات قلائل من داخل الحزب ضد الرئيس أردوغان.

وأشار إلى أن هذه العملية تسهم في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي داخل تركيا، مشددًا على عدم نسيان، أن هناك أشخاص من الداخل، يعملون على إعاقة هذه العملية، مستخدمين كل حيلة "شيطانية" من أجل ذلك وقالوا ومازالوا كل ما بوسعهم من أجل إفساد هذه العملية والحيلولة دون خوضها في الميدان.