لماذا منعت الرياض هادي من ترأس وفد اليمن في الاجتماعات الأممية؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تغريدة على تويتر كتبها مستشار وزارة الإعلام اليمنية مختار الرحبي حسمت الجدل حول تمثيل بلاده في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ74 لهذا العام التي تنطلق فعالياتها 25 سبتمبر/أيلول الجاري.

الرحبي قال إن نائب وزير الخارجية الجديد محمد الحضرمي (صدر قرار بتعيينه في 19 سبتمبر/أيلول الجاري) هو من سيرأس الوفد اليمني في الاجتماعات، ما أثار تساؤلات حول سبب غياب الرئيس عبد ربه منصور هادي عن قيادة الوفد الرسمي لبلاده.

كان من المقرر سلفاً أن يرأس هادي وفد اليمن، لكن أنباء أخرى تحدثت عن اختيار رئيس الوزراء في الحكومة الشرعية معين عبدالملك للمشاركة في الاجتماعات، قبل أن يحسم الرحبي الأمر ويعلن مشاركة الحضرمي. 

تزايد الحديث مؤخراً عن الضغوط التي تمارسها السعودية لمنع هادي من حضور جلسات الجمعية العامة. وحسب حديث الناشطة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام لـِ "الاستقلال"، فإن السعودية تفرض الإقامة الجبرية على هادي، ولا تسمح له بالتحرُّك إلا وفق خطة معروفة سلفاً، وتمنع في ذات الوقت مشاركته في جلسات الأمم المتحدة.

لماذا المنع؟

حسب مراقبين، فإن السعودية تخشى من تدويل الانقلاب الذي دعمته الإمارات في عدن جنوبي اليمن، كما تخشى أن يطالب هادي أو يعلن في جلسة الجمعية العمومية عن إنهاء دور الإمارات ضمن قوات التحالف في اليمن، الذي كان قد تدخل بحجة إنهاء استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب الحوثي، متخذاً من القرار الأممي 2216 الذي قضى بانسحاب الحوثيين وتسليمهم السلاح، مظلة قانونية لذلك التدخل.

السعودية ترفض إنهاء دور الإمارات في اليمن، أو الاستغناء عنها ضمن قوات التحالف، وهو ما كشف عنه نائب رئيس مجلس النواب مستشار رئاسة الجمهورية عبدالعزيز جباري في مقابلة تلفزيونية بقوله: "السعودية رفضت مطالب الحكومة الشرعية بضرورة التخلي عن دور الإمارات، الرياض لا يمكنها الاستغناء عن أبوظبي ولا عن دورها في اليمن".

الناطق باسم الحكومة الشرعية راجح بادي صرّح في مقابلة تلفزيونية بأن الحكومة اليمنية بصدد الترتيبات للمطالبة بإنهاء دور الإمارات، وذلك بعد دعمها للانقلاب في اليمن.

وتُسيطر الإمارات، عبر ميليشياتها وتشكيلاتها المسلحة، على أجزاء واسعة من المحافظات اليمنية في الشريط الساحلي الغربي والمحافظات الجنوبية، وفي 11 أغسطس/آب الماضي، دعمت أبو ظبي عملية انقلاب مسلح قام به المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.

خطاب غير مقنع

أستاذ العلوم السياسية الدكتور فيصل الحذيفي قال لـِ"الاستقلال": "عدم ذهاب الرئيس هادي إلى الجمعية العامة له تفسيران: الأول (هو الأرجح) أن الرئيس هادي لم يعُد لديه ما يقدمه، ولا يمتلك خطاباً مقنعاً يُقدمه للشعب، أو يُلبّي مطالبه في إنهاء دور التحالف، لهذا فقد آثر عدم الحضور والمشاركة".

يضيف الحذيفي: "وفي حال شارك الرئيس ولم يُلبِّ مطالب الشعب في إنهاء دور التحالف عموماً والإمارات على وجه الخصوص، بعد تورُّطها بدعم الانقلاب واستهدافها الجيش اليمني، فإنه سوف يصبح في مواجهة مباشرة مع الشعب، ويُتهم بالخيانة، الأمر الذي سيدفعه للسقوط بالضربة القاضية".

السبب الثاني حسب الحذيفي، هو أن هادي لا يريد إثارة غضب السعودية، التي ترفض إنهاء دور الإمارات، أو إضعاف دور التحالف، لهذا آثر أن ينتهج سياسة التماهي مع الرغبة السعودية، فهو ليس لديه نية أو رغبة في فك الارتباط عنها، وإن ظهر بأنه مستاء منها.

الحذيفي تابع: "هادي رئيس جاءت به الصدفة التاريخية في لحظة زمنية لا تتناسب مع قدراته المتواضعة، وفضّل التمسك بالسلطة على حساب السيادة اليمنية، حتى غدت القضية اليمنية شأناً سعودياً خالصاً، وتم تجريد اليمنيين من كل حقوقهم الطبيعية، بما في ذلك حق التصرُّف بثرواتهم الطبيعية".

الأمر سيؤول، حسب الحذيفي، إلى إعلان الشعب ثورة ضد الشرعية نفسها، التي تخلت عن مهامها الدستورية، وضد دول التحالف والانقلابات الداخلية، وسيجد الشعب نفسه مضطراً للقيام بذلك في قادم الأيام.

تمثيل ضعيف

في الوقت الذي يُمثل زعماء الدول بلدانهم في الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، يذهب اليمن بوفد ضعيف لتمثيل اليمن، في وقت حساس، حسبما يقول الباحث في العلاقات الدولية عامر أبو اليسر لـِ"الاستقلال".

أبو اليسر يضيف: "السعودية تنتهج سياسة واضحة تجاه الحكومة الشرعية، منذ تدخلت في حرب اليمن، هذه السياسة تعتمد على إضعاف الشرعية في الداخل اليمني، وفي المحافل الدولية أيضاً".

وتابع "عملت الرياض خلال أكثر من 4 سنوات على إضعاف الشرعية في اليمن، وتقويض سلطاتها، الأمر الذي تسبب بالقيام بانقلاب ثان عليها في جنوب اليمن، وتلك نتيجة طبيعية، لا نستبعد أن تتشظى البلد بأكملها لعدة دويلات".

يُضيف أبو اليسر، "ووفقاً لسياسة الإضعاف الممنهج عملت السعودية على إضعاف تمثيل اليمن في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأرسلت وفداً ضعيفاً يرأسه نائب وزير الخارجية للحيلولة دون قدرة الحكومة الشرعية على المطالبة بقرارات تعامل على استعادة إرادة الشرعية واستعادة قرارها وسيادتها على أرضها، وبالطبع تُبقى السعودية على الشرعية ضعيفة حتى تضمن بقاءها كمظلة قانونية لتنفيذ أجنداتها ومشاريعها في اليمن".

عضو مجلس النواب في الحكومة الشرعية عبدالكريم الأسلمي كان قد حذّر في تصريح تلفزيوني، من قيام السعودية "بتفكيك جبهة الشرعية، وتصفيتها بشكل نهائي"، وطالب مجلس النواب، بصفته المؤسسة الشرعية الوحيدة القادرة على التدخل، بسرعة إيقاف تلك الجهود التي تسعى لتصفية قضية اليمن، وفق رؤية سعودية بحتة، حسب قوله. 

ضغوط شعبية ورسمية

يواجه هادي ضغوطاً حكومية وشعبية من أجل الحديث في جمعية الأمم المتحدة عن انحراف التحالف عن أهدافه، وما تمارسه الإمارات من تجاوزات، وكان عضو مجلس الشورى اليمني صلاح باتيس قد كتب تغريدة دعا فيها الرئيس هادي إلى ضرورة المشاركة في الجمعية العامة وضرورة الحديث عن استعادة الدولة اليمنية وحماية مكتسبات شعبه.

وتتزايد الضغوط الشعبية المطالبة بإنهاء دور الإمارات، وتدويل الانقلاب التي رعته الإمارات في جنوب اليمن، وصدر بيان ثلاثي عن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني، ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري.

المسؤولون الثلاثة دعوا إلى "إنهاء مشاركة الإمارات في تحالف دعم الشرعية، وإنهاء التدخلات الخارجية غير القانونية، ودعم إرادة القرار اليمني المستقل، وتطوير الشراكة مع المملكة العربية السعودية في إطار تشاركي تعاوني".

وأكد البيان الثلاثي، الذي يُعد الأهم حتى اللحظة عن مسؤولين حكوميين، أن اليمن "يتعرّض لمؤامرة تستهدف نظامه الجمهوري ووحدته واستقراره، وذلك جراء استمرار سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على صنعاء وسيطرة الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على عدن".