وول ستريت: الهجوم على "أرامكو" انطلق من هذه الأماكن

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

قال مسؤولون أمريكيون إن القوات العسكرية السعودية وأنظمة الدفاع الجوي المعقدة فشلت في اكتشاف إطلاق غارات جوية على منشآت النفط السعودية، مما سمح لعشرات الطائرات بدون طيار والصواريخ بالوصول لأهدافها.

وقبل أيام، تعرّضت مصفاتين نفطيتين تابعتين لشركة "أرامكو" السعودية، في بقيق وخريص شرقي المملكة إلى القصف من قِبل 10 طائرات مسيرة، ما أظهر عجز السعودية عن التصدي لها رغم صفقات الأسلحة التي أبرمتها مؤخراً مع أمريكا وحصلت عليها بمليارات الدولارات.

من أين انطلقت؟

وأضاف المسؤولون الأمريكيون لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن تركيز السعودية والولايات المتحدة كان منصبّاً إلى حد كبير على الحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن حيث تُقاتل الرياض متمردي الحوثيين الذين تدعمهم إيران في حرب اليمن. ومع ذلك، فقد جاءت الهجمات من الأراضي الإيرانية في شمال الخليج العربي، وفقًا لما قاله بعض المُطّلِعين على التحقيق في الهجمات.

بينما يُراجع المسؤولون السعوديون المعلومات الواردة  إليهم من واشنطن والكويت، فإن ثقتهم تنمو بشكل متزايد من أن الطائرات والصواريخ تم إطلاقها من القرب من الحدود الإيرانية الجنوبية مع العراق، حيث حلّقت على مستوى قريب من الأرض وهي في طريقها إلى قلب صناعة النفط السعودي.

وتحدثت تقارير كويتية عن رؤية طائرة بدون طيار في مدينة الكويت قبل الضربات، مما يُشير إلى أن الهجوم قد شُنّ من الشمال، وهي منطقة تضم جنوب غرب إيران.

وقال بعض المُطلعين على التحقيق إن المحققين وجدوا بقايا من حطام يبدو أنه تقنية صواريخ كروز إيرانية. كما قال مسؤول سعودي "كل شيء يُشير إليهم" أي طهران.

ولا يتوقع المسؤولون الأمريكيون والسعوديون أن الضربة جاءت من داخل إيران، وإنما من إحدى الجماعات المسلحة المدعومة منها أو من قِبل وحدات نخبتها العسكرية. فقد كانت الدفاعات الجوية السعودية تراقب حركة الملاحة البحرية في مضيق هرمز، في خضم الاتهامات الأمريكية السابقة لطهران بالاستلاء على ناقلات النفط المارة وتسيير طائرات بدون طيار بالقرب من سفن الحرب الأمريكية.

كما يعتقدون أن يكون هجوم أرامكو جاء من قاعدة إيرانية على بعد مئات الأميال في المنطقة الشمالية من الخليج العربي. وقالوا إن هناك مؤشرات على حدوث نشاط غير عادي في قاعدة الأمير سلطان الجوية قبل تنفيذ الهجوم مباشرة، لكنهم رفضوا الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

تهميش دفاعي

ومع ذلك، فإن غياب تغطية الدفاع الجوي الأمريكية أو السعودية ترك الجناح الشرقي للمملكة دون حماية إلى حد كبير، في خضم عقوبات أمريكية مشددة على إيران عززت من التوتر في المنطقة. كما تركت هذه النقطة السعودية عُرضة للتهديد رغم إنفاق مليارات الدولارات سنوياً على ميزانيتها الدفاعية.

وقال الجنرال مارين جو دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة للصحفيين بالقرب من لندن في 17 سبتمبر/أيلول "أنتم تعلمون بأنه ليس لدينا اهتمام بالشرق الأوسط بأكمله في جميع الأوقات".

وكانت الولايات المتحدة نشرت نظام صواريخ باتريوت في قاعدة الأمير سلطان الجوية هذا العام، لكن هذا النظام يهدف إلى الدفاع عن القاعدة، حيث يتم نشر أكثر من 500 جندي أمريكي، في تلك المنطقة. وقال مسؤولون أمريكيون إن هذا النظام لم يكن ضمن نطاق الدفاع ضد الهجوم الأخير على أرامكو.

وفي الهجوم، "استخدمت إيران تكنولوجيا صاروخية أكثر تطوراً وصفها مسؤول أمريكي بأنها مناورة للغاية وبالتالي يصعب اكتشافها، في ظل عدم وجود مراقبة واضحة لموقع إطلاق الصواريخ"، وفق المسؤولين.

وأظهرت الهجمات ضعف إمدادات الطاقة العالمية في وقت الأزمات، مما أدى إلى إيقاف أكثر من نصف إنتاج النفط السعودي، والذي أدّى بدوره إلى واحدة من أكبر الزيادات في أسعار النفط.

وأخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة في توفير الأمن لممالك الخليج العربي لعقود من الزمن في جزء من إستراتيجية حماية إمدادات النفط في العالم.

وتقيم مجموعة المدمّرة "يو إس إس أبراهام لنكولن" في المنطقة منذ مايو/أيار 2019. وتُقِلٌّ حاملة الطائرات ما يقرب من 5000 جندي والآلاف الآخرين على السفن الإضافية المصاحبة للمدمّرة لنكولن. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إنه عندما تغادر المدمّرة الموقع، سيتم استبدالها بمجموعة عسكرية أخرى.

جدل الاتهامات

وأثارت الهجمات احتمال تصاعد التوترات الإقليمية إلى صراع عسكري بين الولايات المتحدة وإيران، التي تخوض مواجهة منذ انسحاب إدارة ترامب في العام الماضي من الاتفاق النووي الدولي الموقع في عام 2015 مع طهران.

وأعرب مُشرِّعون في واشنطن عن تحفظاتهم بشأن احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى إيران. وقال السيناتور مارك وارنر لصحيفة وول ستريت جورنال مستهزئاً إنه يريد أن يرى الولايات المتحدة تُنشئ ائتلافًا واسعًا للقيام بالرد.

وأضاف: "أنا مهتم جدًا بقرار الإدارة، التي تحاول على ما يبدو تصعيد هذا الأمر، ليس لدينا حتى اتفاقية دفاع متبادل مع المملكة العربية السعودية، لذا على أي أساس قانوني سيحاول هذا الرئيس مهاجمة إيران؟ نحتاج أن نجمع الحقائق أولاً".

لكنه أبدى عدة تخوُّفات بعد هذه الضربة، حيث أوضح أن "قدرات الدول المارقة والجهات الفاعلة غير الحكومية على استخدام أدوات مثل الطائرات بدون طيار أمر خطير ونذير مستقبل مظلم".

وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم، لكن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألقت باللوم على إيران. وقال ترامب الذي ألغى غارة جوية أمريكية على طهران في يونيو/ حزيران بعد تحفظه على الهجوم، إنه لا يريد الحرب مع إيران، لكنه قد ينفِّذ هجوماً معاكساً إذا لزم الأمر. وتابع "لا أتوقع الدخول في صراع جديد، لكن في بعض الأحيان يتحتم عليك الصراع". 

وأوضح المسؤولون أن لديهم بعض الأدلة التي قد تُشير إلى المُنفذ، وتشمل الاتصالات قبل الهجوم، والأدلة الجنائية، التي تشمل الحطام، وبقايا الصواريخ والطائرات بدون طيار، والمواد الكيميائية وأضرار الانفجار، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.

أدلة مثيرة

وزار قادة عسكريون أمريكيون مواقع الهجوم في السعودية لتفقُّد وجمع الأنقاض بحثًا عن معلومات استخبارية، حيث عثروا على مكونات رئيسية من صاروخ واحد على الأقل لم ينفجر بالكامل. وقال المسؤولون إن المحققين وجدوا حطامًا يبدو أنه تقنية صواريخ كروز إيرانية.

وأضافوا أن هناك مناقشات داخل الجيش وأجهزة المخابرات حول رفع السرية عن بعض الأدلة التي دفعتهم إلى الشك في إيران وعرضها على الإعلام العالمي، لكن الأمر قد يستغرق عدة أيام قبل أن تُشير الولايات المتحدة إلى أدلة قاطعة.

وأعلنت وزارة الدفاع السعودية، في 18 سبتمبر/أيلول أن الهجمات جاءت من الشمال، بدعم من إيران. وقالت إن "لدينا أدلة على تورُّط إيران في أعمال تخريب في المنطقة عبر وكلائها"، وذلك بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى جدة لعقد اجتماعات مع قادة المملكة لمناقشة الأزمة.

وفي وقت سابق، قال مسؤولون سعوديون إنهم عثروا على أجزاء من صواريخ كروز في مواقع الهجوم التي تشبه في تصميمها سلاح جديد، يعرف باسم "القدس"، يستخدمه المتمردون الحوثيون في اليمن لمهاجمة جنوب المملكة العربية السعودية. 

ونفت إيران أنها نفذت الهجمات واتهمت إدارة ترامب بنشر معلومات مغلوطة في محاولة لتقويض حكومتها، وقالت إن الهجوم كان دفاعًا عن النفس من قبل الحوثيين ضد التحالف السعودي الذي يخوض حرباً في اليمن.

في حين قالت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، إنها لم تطلع على أدلة تدعم الادعاءات بأن إيران نفذت الهجمات، وإنها تعارض أي تصعيد وستدعو الجانبين إلى ممارسة ضبط النفس والتعامل بدبلوماسية.