لم يحسمها أحد.. خيارات تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة

عدنان أبو عامر | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع بدء ظهور النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، تلوح في الأفق عِدة سيناريوهات لتشكيل الحكومة القادمة، وسط تخوّفات من خوض معركة انتخابية جديدة، حيث جاءت النتائج بلا حسم، ولم تفرز فائزاً صريحاً يمتلك القدرة على تشكيل حكومة مستقرة.

وأظهرت نتائج فرز الأصوات في الانتخابات تعادُل حزب الليكود اليميني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنافسه حزب أزرق- أبيض برئاسة الجنرال بيني غانتس، بحيث حصل كل منهما على 32 مقعداً، وفيما حلّت القائمة المشتركة –التي تضم أربعة أحزاب عربية ثالثاً بحصولها على 13 مقعداً، وحصل حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني برئاسة أفيغدور ليبرمان وحزب شاس الديني على 9 مقاعد لكل منهما.

فهل يُشكّل الليكود حكومة يمينية بحتة؛ ويعود نتنياهو مجدداً ليُشكل حكومته السادسة؛ أم يفوز تيار الوسط برئاسة حزب أزرق-أبيض؛ ويُشكل حكومة انفرادية بعيداً عن اليمين؟ أم يتساوى الحزبان، ويُشكلان حكومة وحدة وطنية بتقاسم رئاسة الحكومة عامين لكل رئيس؛ وماذا لو فشل كلاهما بتشكيل الحكومة؛ هل تذهب إسرائيل إلى دورة انتخابية ثالثة في عام واحد؟

"بيضة القبان"

تُشير النتائج أنه من دون حزب "إسرائيل بيتنا"، فلن يتمكن نتنياهو أو غانتس من تشكيل حكومة جديدة، وقد دعا ليبرمان الرئيس الإسرائيلي للمبادرة بدعوة زعيمي "الليكود" و"أزرق أبيض" لتشكيل حكومة وحدة مشتركة بينهما، بزعم أن إسرائيل تعيش في حالة طوارئ على جميع الأصعدة الاقتصادية والأمنية، ولذلك فهي بحاجة لحكومة موسعة، لا حكومة تصارع من أجل نجاتها، أسبوعاً بعد أسبوع.

علاء الريماوي مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني والإسرائيلي يرى أنه "إذا ظلت النتائج على تقارب المقاعد بين الحزبين الكبيرين، الليكود وأزرق-أبيض، فسيتم تكليف من لديه فائض أصوات، لكن المشكلة الإستراتيجية التي تواجه إسرائيل أن البدائل أمامها ليست متعددة، لا يوجد غير الليكود قادر على الحكم بهذه التركيبة، أما التحالفات الواسعة فهي كفيلة بأن يخسر فيها نتنياهو الأحزاب الدينية، أو تتنازل الأحزاب الأخرى مثل إسرائيل بيتنا أو أزرق-أبيض عن بعض مطالبها مثل قانون تجنيد المتدينين في الجيش، وهو الذي أفشل تشكيل الحكومة السابقة عقب انتخابات أبريل/نيسان". 

ويضيف في حديث لـِ"الاستقلال" أن "نتائج الانتخابات توجّت ليبرمان ملكاً لإسرائيل، لأنه يملك مفتاح ترشيح نتنياهو أو غانتس أو الإطاحة بهما، فمقاعده التسعة هي بيضة القبان، في حين أن خيار إعادة الانتخابات للمرة الثالثة يبدو قائماً، لكن المشهد الانتخابي الإسرائيلي سيكون معقداً أكثر من الدورتين السابقتين، رغم أنه خيار قد يتم اللجوء إليه في حال وقع الحزبان الكبيران في أزمة كبيرة عند تشكيل الحكومة".

الفلسطينيون قلقون

الفلسطينيون لم يكونوا بعيدين عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، فقد أشار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أن "القيادة الفلسطينية لا تُعوّل على نتائج الانتخابات؛ لأن المنافسة قائمة بين مرشحين ليس لديهما برنامج لإنهاء الاحتلال، بل إن المجتمع الإسرائيلي يزداد يمينية، لكن نريد ممن يكون في دفة الحكم في إسرائيل أن يقف ويقول للعالم إنه جاهز لإنهاء الاحتلال، وسيجد الرئيس محمود عباس شريكاً، ودون ذلك سنذهب إلى خطوات أخرى إذا استمرت السياسة ذاتها عند الحكومة الإسرائيلية". 

وأكد سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، أن "نتائج الانتخابات تعني أن "صفقة القرن" الأمريكية، أو ما تبقّى منها، ربما تختفي من المشهد إلى حين، وفي حالة فشل نتنياهو فإن الأوراق في المنطقة ستختلط، وسيُركز القائمون على دعم إسرائيل في البيت الأبيض على الانتخابات الأمريكية 2020، بدل ممارسة الضغوط علينا، وفي هذه الحالة سيكون لدينا فسحة للتنفس، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإنهاء الانقسام الداخلي". 

أما حماس، فقد أشارت على لسان موسى أبو مرزوق عضو مكتبها السياسي ورئيس مكتب علاقاتها الدولية أنه لا ينبغي بناء سياسات خاطئة على الخطابات الاسرائيلية الدعائية المليئة بالكذب والتحريض والأمنيات جذباً لأصوات الناخبين، فبعد إعلان النتائج ودخول أي منهم في موقع المسئولية، لن تتعدّى مساحة تأثيره 15%، لأن عداءهم للفلسطينيين واحد".

سعيد بشارات، الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، يعتقد أن "أياً من الكتلتين الكبيرتين: الليكود وأزرق-أبيض، لن تستطيعا تشكيل أي حكومة دون ليبرمان، ولذلك فهو يُعتبر الفائز الأكبر في هذه الجولة، كما الجولة السابقة، ووفق القانون الإسرائيلي، فإن الحزب الأصغر وهو في هذه الحالة "إسرائيل بيتنا" يُحدد مصير الحكومة القادمة وجميع الكتل النيابية، ويفرض الأجندة التي يريدها، ويقترح كيف ستكون التركيبة الائتلافية والحكومية".

وأضاف لـِ"الاستقلال" أنه "بمجرد تكليف أحدهما من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بتشكيل الحكومة، سيكون أمامه 28 يوماً لإنجاز المهمة، ثم يطلب من الرئيس تمديدها 14 يوماً أخرى، وفي حال فشل المرشحان بتشكيل حكومة سيكون أمام ريفلين خياران: فرض المهمة على أي عضو بالكنيست باستثناء المرشح الذي أُتيحت له الفرصة وفشل، أو الإعلان أنه لا مفر من جولة انتخابية أخرى".

انزياح يميني

الرئيس الإسرائيلي قال من جهته إنه سيبذل كل ما بوسعه من أجل أن يتم تشكيل حكومة، ومنع معركة انتخابية أخرى، بسبب خيبة الأمل التي قد تنتج عن إعادة الانتخابات، وبعد أن يتلقى نتائج الانتخابات الرسمية، سيُجري مشاورات مع مندوبي الكتل في الكنيست.

لكن يتوقع مصطفى إبراهيم، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "يقود نتنياهو الساحر والمشعوذ ملك وسيد العنصرية الأول، إسرائيل مجدداً، بقيادة قبيلة الليكود وشاس ويهدوت هتوراة والمفدال وكهانا ويمينا، ورموز هذه الأحزاب شخصيات يمينية متطرفة، ما يعني أن من سيحكم إسرائيل هو معسكر اليمين".

وأضاف أن "نتنياهو قاد معركة انتخابية على حياته ومصيره، في جولة تركّزت على شخصه كان فيها النجم الوحيد، لم يتم خلالها طرح أي برامج، أو تناول قضية شبهات الفساد ضده، ولم يتم الحديث عن أي برنامج اقتصادي او اجتماعي، بل الردع والقتل والتدمير، وهذا يعني أن نتنياهو سيقود حكومة يمينية عنصرية فاشية متطرفة، ونتائج الانتخابات الإسرائيلية ستكون مفصلية ومرحلة حاسمة ستترتب عليها نتائج خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية".

أخيراً، إن خيارات تشكيل الحكومة الإسرائيلية تتراوح بين أن ينجح غانتس في إعلانها من خلال ضم ليبرمان إليه، أو أن يشكلها نتنياهو شرط إرضاء ليبرمان وتلبية شروطه المتمثلة بإبعاد المتدينين، وهذا يعني أن ليبرمان سيكون طوق النجاة للخصمين اللدودين نتنياهو وغانتس.