خبير فرنسي يرصد أسباب عجز الرياض عن الرد على الحوثيين

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة بالفرنسية، حواراً مع الخبير الفرنسي والباحث في العلاقات الدولية ديفيد ريجوليه روز، سلّط فيه الضوء على الهجوم الذي استهدف المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو السعودية في منطقتي بقيق وخريص، السبت الماضي.

وأدّى هجوم بطائرة بدون طيار تبنتها جماعة الحوثي في اليمن إلى نشوب حرائق، في منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو السعودية، وهو حادث أدانته الولايات المتحدة على الفور، واتهمت إيران بالوقف وراءه.

عواقب هائلة

وعن مدى تأثير الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، قال الخبير في الحوار مع الصحيفة اللبنانية، إن الهجمات التي نفذتها عشرات الطائرات بدون طيار على مواقع جوهرية للغاية في السعودية، تقع بالقرب مما يسمى "المثلث الهيدروكربوني" (الدمام-الظهران-الخبر)، في المنطقة الشرقية.

وأوضح، أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف البنية التحتية النفطية للمملكة، حيث وقعت هجمات في 14 مايو/أيار الماضي، على محطات الضخ لخط الأنابيب بين الشرق والغرب الذي يربط المنطقة الشرقية بميناء ينبع على البحر الأحمر ونفذتها طائرات بدون طيار.

كما أنه في 17 أغسطس/آب وقعت هجمات في حقل الشيبة، وهو ليس بعيد عن حدود الإمارات العربية المتحدة، وقدم هذا الهجوم من الحوثيين على أنه الأكثر ضخامة على الإطلاق.

وأضاف الخبير الفرنسي: "لكن هذه المرة، عواقب هجمات يوم السبت هائلة، فنحن الآن في إطار (حرب الطائرات بدون طيار)، نظراً لكثرة الهجمات".

وأشار إلى أن ما حدث رسالة اقتصادية بقدر ما هي جيوسياسية، حيث لم تقتصر عواقبها على سوق الأوراق المالية فقط، فهذا الهجوم هو أيضاً وسيلة لإعادة النظر في تأمين الإمدادات العالمية وطرح مسألة استقرار عالم الذهب الأسود.

وفي إجابته على سؤال حول ما إذا كان الهجوم جزء من المواجهة الأمريكية الإيرانية أم التدخل السعودي في اليمن؟ أكد الخبير الفرنسي، أنه لا يمكن فصل الحالتين، فعلى أساس واقعي بحت، تبنى الحوثيون الهجوم، لكن هذه الجماعة مدعومة سياسياً من طهران، وقامت بتعيين إبراهيم محمد الديلمي، كسفير لها في طهران، وتم اعتماده في 1 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو اعتراف رسمي بالدعم السياسي لعدم وجود شيء آخر.

ولفت إلى أن هذا يفسر لماذا قام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو باتهام طهران مباشرة -لكن دون "دليل قاطع"- من خلال اعتبار أن الحوثيين هم مجرد وكلاء للإستراتيجية الإيرانية في المنطقة، التي طورها الجنرال قاسم سليماني.

رأى  الخبير الفرنسي، أن التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس أراغشي، في 23 يوليو/تموز الماضي، لها اليوم صدى إلى حد ما، فقد قال: "إذا لم تستطع إيران تصدير نفطها، فلا يمكن لأحد ذلك".

من أين القصف؟

وعن فرضية انطلاق هذه الطائرات من العراق وليس من اليمن، قال ديفيد ريجوليه روز: تشير بعض المصادر - خاصة الإسرائيلية منها - إلى إمكانية انطلاق الطائرات بدون طيار من العراق، مع مراعاة المسافة (1500 كم) بين المناطق الحوثية في اليمن والمواقع المستهدفة، وهذا يثير بالتأكيد الأسئلة من حيث لوجستية المقذوفات.

وأردف "في يوم 7 يوليو/تموز الماضي، قدم الحوثيون في معرض لهم أحدث صواريخهم والطائرات بدون طيار الحربية والتي ضمت صمود 3، و قاصف 2K، وبعضها قد يصل مداها 1500 كم"، منوهاً إلى أن هناك تحسُن تكنولوجي للقذائف في معسكر الحوثي، وهو أمر لا جدال فيه.

ونوّه كذلك إلى أن شائعات انطلاق هذه الطائرات المسيرة من العراق، تأتي أيضاً في ظل ورود تقارير عن قصف إسرائيلي للمليشيات الشيعية في العراق خلال الأسابيع الأخيرة لمنع نقل التكنولوجيا الباليستية الإيرانية إلى الوكلاء الإيرانيين في العراق، وإذا كان من الصعب للغاية معرفة الحقيقة بالفعل، فلا يمكننا استبعاد أي شيء، بالنظر إلى الوضع الأمني المتقلب.

هشاشة الأمن الجوي

أما فيما يخص عدم قدرة الرياض على حماية أراضيها وهو ما ظهر بوضوح من خلال الهجوم الأخير، أجاب الخبير: ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المملكة بطائرات بدون طيار وصواريخ، ولكن عندما يتعلق الأمر بهجوم عميق مثل ما حدث السبت، فإنه يثير مسألة تأمين السماء السعودية.

وتابع "من الناحية النظرية، تمتلك الرياض بطاريات صواريخ باتريوت باك 3، التي حصل عليها السعوديون في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2018 مقابل 15 مليار دولار للنظام الأمريكي المضاد للصواريخ ثاد، والتي كان من المقرر أن يتم نشرها بالقرب من الحدود مع العراق".

وبيّن الخبير الفرنسي، أنه في الأشهر الأخيرة بالصحافة العربية، نشرت تقارير عن أن السعوديين قد طلبوا من الإسرائيليين - الذين نفوا أي نقل لهذا النوع من التكنولوجيا - الاستفادة من الحماية التي توفرها "القبة الحديدية" لهذا النوع من هجمات الطائرات بدون طيار، التي يصعب مواجهتها بشكل خاص، على عكس الهجوم التقليدي.

وشدد على أنه بالتالي هذه الهجمات، تثير قلق كبير لدى السلطات السعودية بشأن هشاشة أمن المجال الجوي للمملكة، وتساؤلات كذلك حول "الحماية" الأمريكية.

خذلان الإمارات

وحول رد الرياض، رأى ديفيد ريجوليه روز، أن الأمر سيكون صعباً لأن الرياض محاصرة الآن بسبب الحرب في اليمن،  فالمملكة العربية السعودية إلى حد ما "مخذولة"، خاصة في جنوب البلاد، من أبوظبي التي أظهرت علامات على الانسحاب قبل عدة أسابيع.

وبحسب قوله، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يجد نفسه بمفرده على نحو متزايد، في هذه العملية العسكرية التي بادر إليها عام 2015، وهي حرب كانت غير منطقية إلى حد ما، بالنظر إلى السوابق، خاصة مع فشل السعودية في حرب صعدة من 2009-2010، حيث لم يثبت الجيش السعودي فعالية عسكرية واضحة.

أما طهران، فمن جانبها، تستطيع الاستفادة من الظروف المواتية للدفاع عن نفسها تجاه الاتهامات الموجهة إليها من خلال الإشارة إلى الحصار الفعلي الذي يفرضه للتحالف العربي السني في البحر الأحمر، والذي لن يسمح لها بنقل هذه الإمدادات العسكرية إلى الحوثيين، حسبما رأى الخبير الفرنسي.