إقالة جون بولتون.. لماذا رحبت إيران وخاب أمل إسرائيل؟

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

السياسات تتغير والساسة تتقلب مواقفهم. حقيقة أثبتتها الأحداث الأخيرة في البيت الأبيض، التي تأخذ منحى مختلفاً عما كانت عليه تجاه أكثر من ملف، أبرزها التعامل مع إيران وكوريا الشمالية وأفغانستان.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُظهر ميولاً تصالحية تجاه هذه الملفات، وهو ما يتعارض مع الميول العدوانية الشرسة التي يحملها مستشاره للأمن القومي (سابقاً) جون بولتون، التي أوصلت الرجلين إلى لحظة تصادم أطاحت بـِ"بولتون" بعد 17 شهراً من ضمه إلى فريق ترامب الرئاسي. 

نبأ الإقالة تعددت قراءاته ودلالاته، إذ رأته طهران أنَّه دليل واضح على فشل إجراءات الحظر الأمريكي ضد إيران، فيما رأى مراقبون أنَّ الإقالة تدل على انقسام الإدارة الأمريكية لفريقين الأول مع اتجاه ترامب نحو التهدئة والتفاوض في الملفات الخارجية كافة، والثاني مع التصعيد والحرب.

متابعون رأوا أنَّ إقالة أشدِّ المتحمسين للمواجهة مع طهران وأحد أبرز صقور إدارته الموالين لإسرائيل، أزالت عثرة كبيرة في طريق إيران إلى البيت الأبيض، وتُعدُّ مؤشراً على فشل جهود نتنياهو لثني ترامب عن التقارب مع طهران.

وربط آخرون بين إقالة بولتون وفشل "صفقة القرن" كونه أحد مهندسيها، فيما ذهبت رؤى أخرى إلى أنَّ قرار الإقالة جاء عقب الفشل في 3 ملفات: أفغانستان، وإيران، وكوريا الشمالية.

ترامب لم ينتظر طويلاً لتصفية حساباته مع مستشاره، ووصفه بأنَّه كان "كارثة" في التعامل مع ملف كوريا الشمالية و"خارج السياق" فيما يتعلق بفنزويلا ولم يكن على توافق مع مسؤولين على قدر كبير من الأهمية.

مروج للحروب

"بولتون" هو ثالث مستشار للأمن القومي خلال أكثر من عام من فترة رئاسة ترامب، في أبريل/نيسان 2018، حل بولتون محل هربرت مكماستر الذي تمَّ استقدامه بعد عزل مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأول لترامب، بعد أن أمضى أقل من شهر في منصبه. 

"بولتون" يميني متشدد وصقر جمهوري وله مواقف حادة في مختلف القضايا، وكان يُجاهر بعدائه لأمم الأرض، ويتخذ موقفاً متشدداً من العرب وخاصة الفلسطينيين ويساند إسرائيل، ويُعدُّ أهمَّ المحرضين على الحرب وتغيير الأنظمة في كوبا والعراق وكوريا الشمالية وفنزويلا، والآن يُبرر قصف إيران ويعتبره الحل الوحيد.

بولتون يرى وجوب الإطاحة بالحكم الثيوقراطي (الحكم الديني) في طهران، واستبداله بنظام حليف للولايات المتحدة، كما يرى أنَّه ينبغي على الرئيس الأمريكي إلغاء الاتفاقية النووية التي وقعها سلفه باراك أوباما عام 2015. 

في 2018 وجَّه بولتون تحذيراً صارماً لطهران وقال "سنلاحقكم إذا لم تُخفف طهران من عدوانيتها"، ووصفته وزارة الخارجية الإيرانية بأنَّه "مروِّج للحروب".

يبرر بولتون ضرب كوريا الشمالية قائلاً: "إنَّه أمر مشروع للولايات المتحدة أن تُبادر بالهجوم رداً على تهديد السلاح النووي من قبل كوريا الشمالية".

المعروف عن "بولتون" الذي شغل سابقًا منصب سفير لدى الأمم المتحدة معاداته للفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم، وموالاته لإسرائيل وصداقته مع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.

‏ويرى أنَّ إسرائيل قوّة اقتصاديّة فعّالة ستؤدّي لازدهار أمريكا، وحصل عام 2017 على جائزة ‏‏"الانتماء" من مركز "إسرائيلي" متشدد لقاء مواقفه الداعمة، حسبما أفادت وكالة "شهاب".‏

بولتون يرفض حل الدولتين، بل إنَّه اقترح حل الثلاث دول، ويقصد أن تلحق الضفة الغربية بالأردن، وقطاع غزة بمصر، وتستولي ‏إسرائيل على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة.‏

رسالة غزل

تُمثِّل إقالة بولتون رسالة غزل أمريكية لإيران، تعكس توجهاً للتقارب معها وتُؤشر إلى استعداد للتعاطي مع المقترحات الفرنسية، إذ قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية إنَّ "بولتون" بنى حياته المهنية على نهج متشدد تجاه إيران، ودعا منذ فترة طويلة إلى ضربات عسكرية وقائية ضدها لتدمير برنامجها النووي.

الوكالة أشارت إلى أنَّ إقالة بولتون المفاجئة أثارت التكهنات – والقلق في بعض الأوساط – بشأن تخفيف إدارة "ترامب" لحملة "الضغط الأقصى" التي تتبناها بحق طهران، في محاولة لجذب القادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات.

مسؤول سابق بالإدارة الأمريكية، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، بأنهما "أقل تشدداً من بولتون" فيما يتعلق بإيران ما يعني أنَّ ثمَّةَ فرصة لعقد اجتماع مع "روحاني" إذا أسقط الإيرانيون شرطهم رفع العقوبات بالكامل أولاً، وفقاً للإذاعة الفرنسية.

فيما اعتبرت صحيفة الجارديان مغادرة بولتون للبيت الأبيض تمهيد الطريق لسياسة خارجية أكثر تصالحية مع الخصوم خلال التحضير لانتخابات العام القادم، إذ يريد الرئيس أن يُطلق حملته وهو يظهر بمظهر صانع الصفقات وليس مثيراً للحروب.

ونقل كاتب التقرير عن زميلة معهد كارينغي للسلام العالمي سوزان ديماغيو، التي شاركت في مفاوضات قنوات خلفية مع كل من طهران وبيونغ يانغ، قولها: "يوفر طرد بولتون فرصة لإدارة ترامب بأن تقوم بإعادة تقييم سياسة الضغط الأقصى، التي فشلت مع كل من إيران وكوريا الشمالية".

وأضافت: "الكثير يعتمد على ما إذا كانت لدى ترامب القدرة على تمكين الدبلوماسيين المخضرمين ليقوموا بدبلوماسية حقيقية على الجبهتين".

وتختم "الجارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول المدير السابق للشؤون الآسيوية في مجلس الأمن القومي فيكتور تشا: "بالتأكيد ستكون هذه ثمرة أقرب للقطف من إيران.. لا تزال هناك أشياء على الطاولة، ومع ذهاب بولتون لا شيء يمكن أن يوقفه".

إيران اعتبرت عزل مستشار الأمن القومي الأمريكي، "فشلاً" للسياسات الأمريكية في مواجهتها، وقال الرئيس حسن روحاني في تعليق غير مباشر له على عزل بولتون:  "على الأمريكيين أن يفهموا أنَّ دعاة الحرب ليسوا في مصلحتهم"، داعياً واشنطن في الوقت نفسه إلى "التخلي عن سياسة الضغط الأقصى والسياسة الداعية للحرب" ضد إيران.

كما علّق محمود واعظي رئيس مكتب روحاني، قائلاً: "نحن سعداء لعزل بولتون لأنَّ ذلك يُؤكِّد وصول أمريكا إلى القناعة بأنَّ أهدافها لن تتحقق، وأنَّ عصر شن الحروب قد ولّى".

انقسام متنامي

إقالة أحد أبرز صقور الإدارة الأمريكية فضحت الانقسام المتنامي داخل إدارة ترامب بشأن عدة ملفات كشفتها صحيفة نيويورك تايمز بالقول: "الرئيس الأمريكي ومستشار الأمن القومي، اختلفا بشأن سياسة ‏واشنطن تجاه 5 ملفات، كان آخرها خطة السلام مع حركة طالبان بأفغانستان".‏

وسلَّطت الصحيفة الضوء على ملفات تتعلق بخمس دول كانت مصدراً للخلاف بين ترامب ‏المتردد في توسيع الوجود العسكري الأمريكي في الخارج وبولتون، وهي أفغانستان وكوريا ‏الشمالية وإيران وروسيا وفنزويلا.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ الملف الإيراني يُعدُّ من أبرز الملفات التي اختلف فيها ترامب وبولتون، المعروف بالدفاع عن فكرة تبني الخيار العسكري ضد إيران حتى قبل توليه المنصب.

وقالت إنَّ ترامب، الذي يسعى لتسوية دبلوماسية مع إيران، رفض خطة قدمها مستشارون بقيادة بولتون لتوجيه ضربات عسكرية لإيران رداً على إسقاط طهران طائرة استطلاع أمريكية مسيّرة في مياه الخليج في يونيو/حزيران الماضي، واعتبر ترامب حينها أنً الردَّ المقترح لم يكن متناسبا مع حجم الاعتداء الإيراني.

وفي الآونة الأخيرة، أكَّد بولتون للأوكرانيين أنهم سيحصلون على الدعم في نزاعهم مع الانفصاليين الروس، لكن نيويورك تايمز ترى أنَّ البيت الأبيض لم يفعل الكثير لتلبية هذا الوعد، بل أخبر ترامب مساعديه سراَّ أنَّه يعتبر أنَّ أوكرانيا لديها حكومة فاسدة.

بيونج يانج

وسبق للصحيفة ذاتها أن سلَّطت الضوء على الخلافات بين مسؤولي الإدارة الأمريكية بشأن المطالب المقدمة لرئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون وذلك قبل الاستعداد لاستئناف المفاوضات حول صفقة نووية.

وقالت الصحيفة، إنَّ "بعض المسؤولين الأمريكيين يدرسون عملية تجميد النشاط النووي لكوريا الشمالية باعتباره خطوة أولى نحو اتفاق أكثر شمولية يقضي بأن يتخلى كيم عن برنامجه النووي بشكل كامل، غير أنَّ بولتون كان يُصِر على ضرورة تفكيك بيونج يانج لبرنامجها النووي والتخلي عن ترسانة كاملة من الرؤوس الحربية قبل الحصول على أي مكافآت من جانب الولايات المتحدة".

وفي 30 يونيو/حزيران 2019 زار "بولتون" منغوليا بينما ذهب ترامب إلى المنطقة الكورية المنزوعة السلاح لإجراء مصافحة تاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وقال محللون إنَّ هذه الخطوة تُشير إلى انقسام متزايد بين بولتون وترامب بشأن عقد محادثات مع بيونج يانج.

أما صحيفة واشنطن بوست، فاعتبرت أنَّ انهيار مفاوضات السلام بين أمريكا وحركة (طالبان) يُسلِّط الضوء على الانقسامات الداخلية لإدارة ترامب، إذ كشفت عن حالة التشويش والارتباك التي سيطرت على خطط انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وتعهَّد ترامب بإنهاء الحرب هناك، وذلك في أعقاب قرار ترامب بإلغاء اجتماع سري مع القادة الأفغان وطالبان للتوصل إلى اتفاق سلام.

وأوضحت الصحيفة، أنَّ الانقسامات الداخلية في إدارة ترامب بشأن هذا الموضوع كان أساسها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وبولتون الذي عارض إبرام اتفاق مع طالبان واختلف مع بومبيو بهذا الشأن.

خيبة أمل

لم يلق عزل "بولتون" قبولاً حسناً في إسرائيل ولدى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو والأوساط المؤيدة له في الولايات المتحدة، إذ صفَّق ساسة إسرائيل لخبر تعيينه في هذا المنصب، واعتبرته حكومة الاحتلال "خبراً ساراً"، نظراً لأنَّه يتخذ موقفاً متشدداً من الفلسطينيين ومسانداً لإسرائيل.

وتُعدُّ إقالة "بولتون" بالنسبة لإسرائيل خسارة كبيرة ومؤشراً على فشل جهود نتنياهو لثني ترامب عن التقارب مع طهران، إذ قالت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل": إنَّ "خروج بولتون من الإدارة يأتي في الوقت الذي يقترب فيه ترامب من إجراء محادثات مباشرة مع إيران، وإنَّه من المحتمل أن يُشير ذلك إلى تحوُّل في إستراتيجية الإدارة نحو خط أكثر ليونة مع طهران".

وكشفت الصحيفة أنَّ بولتون شعر بالاستياء لأنَّ ترامب أشار إلى أنَّه مستعد للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني لإعادة التفاوض على اتفاق نووي.

الصحيفة الإسرائيلية وصفت بولتون بأنَّه أحد أقرب حلفاء "إسرائيل" في البيت الأبيض وأحد مؤيديها البارزين في انتهاج خط متشدد ضد إيران، قائلة إنَّه "يُعتبر واضع سياسة البيت الأبيض المتشددة تجاه إيران"، عازية سبب الإقالة إلى خلافات قوية بشأن عدد من القضايا السياسية.

وكتب مراسل الصحيفة رون كامبياس من واشنطن مقالة قال فيها إنَّ مصدر الخلاف المباشر بين بولتون وترامب هو أفغانستان، حيث حاول بولتون منع ترامب من القفز إلى اتفاق سلام مع "طالبان"، وقِيل إنَّ ضغوطه كانت وراء إلغاء اجتماع كان سيعقد هذا الأسبوع في منتجع كامب ديفيد لإعلان الصفقة.

لكنَّه قال: "كانت هناك توترات أخرى بين الرجلين تهم مصالح إسرائيل تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه إيران، إذ أنَّ بولتون هو الذي قاد الجهود الأمريكية لعزل إيران وهو الذي ضغط من أجل رد عسكري على إسقاط إيران لطائرة أمريكية بدون طيار في حزيران/ يونيو الماضي، وهي ضربة وافق عليها ترامب ثم ألغيت فجأة".

وأضافت "ذا تايمز أوف إسرائيل" أنَّ الأسوأ من ذلك هو قول ترامب إنَّه يتخلى عن بولتون لأنَّ بينهما "خلافات قوية" بشأن السياسة، وتأكيد بومبيو، أنَّ ترامب مستعد للقاء نظيره روحاني من دون شروط مسبقة.

خسارة حليف

بولتون أحد حلفاء إسرائيل المقربين في البيت الأبيض أجرى مطلع العام الجاري زيارة إلى مدينة القدس المحتلة، بما في ذلك حائط "البراق" وأنفاقه المجاورة، ما أثار غضب الفلسطينيين.

وفي يونيو/حزيران الماضي، اصطحب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بولتون، إلى غور ‏الأردن، مؤكِّداً من هناك تمسكه باستمرار الوجود الإسرائيلي في تلك المنطقة.

وتتابعت الأحداث ‏لتُثبت أنَّ نتنياهو كان يسعى لطلب اعتراف أمريكي بسيادة إسرائيل على غور الأردن، إذ أعلن قبل ساعات من مغادرة بولتون ضمها لإسرائيل، لكنَّ ترامب لم يسانده مثلما فعل سابقاً مع مرتفعات الجولان.

صحيفة جيروزاليم بوست الإسرئيلية قالت: إنَّ "إقالة بولتون أثارت قلق الإسرائيليين، وشكلت مفاجأة للأوساط السياسية هناك، إذ جاءت الإقالة بعد دقائق من خطاب لنتنياهو بثه التلفزيون الرسمي، قدم خلاله وعودا بضم مناطق في الضفة إلى إسرائيل في حال إعادة انتخابه، في أقصى مستوى من التنسيق مع الرئيس الأمريكي، مشدداً على إيمان ترامب العميق بأواصر الصداقة التي تجمع البلدين".

منسوب التهور

حاتم رشيد الكاتب السياسي المتخصص في الشأن العربي، توقع تدني منسوب التهور في السياسة الأمريكية بعد عزل بولتون المعروف بالتزامه المطلق بإسرائيل وميله للتطرف، قائلاً: إنَّ دولاً بعينها مثل إيران والسعودية واليمن سوف تتأثر بذلك، بالإضافة إلى "صفقة القرن" وانعكاسها على إسرائيل.

واعتبر في تغريدات له على تويتر، أنَّ إقالة بولتون علامة فارقة فيما يعني ملفات الشرق الأوسط من اليمن إلى فلسطين، مشيراً إلى أنَّ هناك دولاً عربية مجبرة على مراجعة إستراتيجية شاملة، إذ أنَّ إقالة بولتون تعني أنَّ هامش المناورة أمامها بات ضيقاً للغاية.

وأكَّد "رشيد" أنَّ إقالة ترامب لبولتون تقود إلى مرونة متزايدة في العلاقات الإيرانية الأمريكية التي يرجح أن تنتهي بتقاسم وتشارك نفوذ خاصة في الخليج، مع ضمان استمرار أن لا يخرج العداء الإيراني لإسرائيل عن الهجمات اللفظية، وهو أمر متواصل منذ 4 عقود وهو تهديد يمكن التعايش معه بدون أضرار جدية.

ولفت إلى أنَّ ترامب يتطلع إلى تحقيق مكاسب اقتصادية عبر إعادة تفعيل الشركات الأمريكية في السوق الإيرانية، راصداً ملاحظة عن حديث ترامب بحرص واحترام لافت عن إيران الشعب والتاريخ والحضارة، وعلى العكس تماماً من حديثه عن العرب الذي ينضح بالتحقير والسخرية والاستخفاف والابتزاز المالي.

وتابع: "التخلص من بولتون سيضعف مراهنات عربية على موقف أمريكي صلب بمواجهة إيران ويبدو أنَّ الإمارات راقبت اتجاه الرياح في واشنطن فعدَّلت سياستها في اليمن مستبقة نتائج توافق أمريكي إيراني بات متوقعاً بقوة".

وأشار الكاتب السياسي المتخصص في الشأن العربي، إلى أنَّ السعودية لن تحظى بدعم مفترض من واشنطن في اشتباكها الإقليمي مع إيران في اليمن وأقطار عربية أخرى، وهذا الأمر سيجد تعبيره الأوضح في مسار الحرب في اليمن إذ لن تستطيع السعودية أن تؤمن الغطاء الأمريكي الذي ظل مضموناً لفترة طويلة.

وتوقع الباحث أن تظهر أمريكا مزيداً من التقارب مع الحوثيين خاصة وأنَّ واشنطن سبق وأعلنت عن فتحها باباً للحوار معهم، وهو ما يعني مزيداً من الضغط على السعودية بما يعاظم المكاسب الإيرانية.

وجزم "رشيد" بأنَّ نتنياهو ليس بعيداً عن الرذاذ، فقد تناقص أنصاره في دائرة ترامب باستقالة غرينبلات ثم إقالة بولتون، ولم يعد مستبعداً أن يضحي ترامب بصهره كوشنر ليعزز حظوظه الانتخابية، ويعيد رسم صورته كزعيم قوي يستطيع التخلص متى شاء من الحمولات الزائدة.

حسن نية

دكتور أحمد الفراج الأكاديمي والباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، قال إنَّ إقالة ترمب لبولتون تأتي قبل لقاءه المرتقب مع روحاني، وهذه بادرة حسن نية منه تجاه إيران، إن لم تكن جاءت بطلب من الإيرانيين عبر وسطاء (رئيس فرنسا)، قبل الدخول في مفاوضات جديدة.

وأضاف في تغريدة له على تويتر: "يحق لإيران إقامة احتفالات الآن، فإقالة جون بولتون، أشرس خصومهم لها دلالات كبيرة"، لافتاً إلى أنَّ تغريدات ترامب حول إقالة بولتون توحي بأنَّ هناك خلافاً شديداً بين الرجلين.

وأوضح أنَّ الأمر المهم هو أنَّ ترامب "رئيس شركة" أكثر منه "رئيس دولة عظمى"، فهو لا يقيم وزناً للمستشارين، ولا لرؤية أجهزة الأمن والاستخبارات، ويريد موظفين ينفّذون ما يأمرهم به، وهذا هو سبب إقالته لكل من يختلف معه، فقد سبق أن أقال ريكس تيلرسون والجنرال ماتيس واليوم جون بولتون وغيرهم.

وأضاف أنَّ ترامب حاصر إيران ثم تورّط، لأنَّه لا يريد حرباً، وهو الذي وعد ناخبيه بعدم دخول حرب، علاوة على أنَّه أدرك أن معظم حلفائه الأوروبيين لا يريدون حرباً.


المصادر